اليابان تطلق ثورة كبرى في عالم الروبوت
اقتصاد علوم تكنولوجيا مجتمع- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
بصيص من الأمل يضيء أخيراً صناعة الروبوتات اليابانية الراكدة.
تضمنت استراتيجيات النمو الجديدة التي تبنّتها الحكومة في يونيو/حزيران ٢٠١٤ إحدى الدعائم الهامة وهي ”ثورة صناعية يحركها الروبوت“. وسوف تضع اليابان أيضاً بحلول نهاية العام خطةً خمسية للقيام بتدابير ملموسة لتعزيز التطبيق العملي للروبوتات. وجدير بالذكر أنه في نفس الشهر، قَدَّمت شركة ”سوفت بانك“ الروبوت Pepper وهو روبوت ذو صفات بشرية "هيومانويد" (Humanoid)، سوف يُنتَج في فبراير/شباط عام ٢٠١٥ بسعر منخفض يصل إلى ١٩٨٠٠٠ ين، وقد أحدث هذا الخبر ضجةً واسعة في عالم هذه الصناعة.
اليابان تخطو خطوات سريعة في عالم الروبوتات
يقول ”شيميزو ماساهارو“، كبير الباحثين في مركز تكنولوجيا روبوتات المستقبل في جامعة ”تشيبا“ للتكنولوجيا (fuRo)، إن ”اليابان رائدة عالمياً في مجال تطوير الروبوتات ذات الصفات البشرية " هيومانويد" التي تستطيع المشي على قدمين، وقد كان لـ”لأنيمي“ دوراً فعَّالاً في هذا الأمر حيث تأثر معظم الباحثين في مجال الروبوتات بسلسلة الأنيمي مثل ”استرو بوي“ و”عبقور“. وأنا شخصيّاً حاصل على الدكتوراه في بناء أنظمة الروبوتات ذات صفات بشرية، وأنتمي إلى ”جيل جاندام“ حيث تأثرت بشكل عام في هذه السلسلة. “
وكان روبوت شركة هوندا ”أشيمو“ معلما حاسما في تاريخ تطور الروبوتات البشرية في اليابان سِّيما وأنّ ”هوندا“ بدأت البحث في الروبوتات عام ١٩٨٦، وذلك عندما كانت فكرة سير الروبوتات غير عادية، وبدا من الصعب وبشكلٍ لا يُصَّدق تطوير التكنولوجيا التي من شأنها أن تسمح للروبوت بالسير على القدمين. على الرغم من أنه لم يرفع الستار عن ”أشيمو“ حتى عام ٢٠٠٠، كما أدى عرض نماذج P2 وP3 في النصف الثاني من التسعينيات إلى طفرة في بحوث الروبوتات ذوات القدمين.
فما هو مدى تقدم تكنولوجيا الروبوتات بالسير على القدمين اليوم؟
”في البداية كانت التكنولوجيا لجعل الروبوتات تسير على القدمين صعبة التطبيق، ولكنها اليوم تتقدم بثبات نحو الأفضل. لكن لا تزال - هذه التكنولوجيا - حتى اليوم تقتصر على التجارب واظهار مدى نجاحها على أرض الواقع، ولم تصل إلى مستوى التطبيق كأداة مفيدةٍ فعلياً في حياتنا بحيث تكون قادرة على تقديم خدمات جديرة بالاهتمام في مواقف الحياة الحقيقية.“
المستقبل الذي ستجلبه تكنولوجيا الروبوتات
الروبرت Morph3 (الفيديو) الذي يعمل على تطويره ”شيميزو“ في جامعة ”تشيبا“ للتكنولوجيا، مصمم على فكرة ”رياضي معدني“، أي أنه روبوت خفيف الوزن يتمتع بقدر كبير من المرونة والحركة المفصلية. حيث تٌدمج روبوتات صغيرة في إطار هذه التكنولوجيا وظائفاً متطورة يمكن تطبيقها في المستقبل في مجال الاتصالات عن بعد لتطوير أجهزة بهيئة بشرية.
ومنها: ”على سبيل المثال، يمكن لشخصين في أماكن مختلفة بحوزتهم روبوتات بشرية صغيرة أن يحصلوا على نتائج متعلقة بقوة قبضة المصافحة التي تنتقل عن طريق الروبوتات. ويمكن أن تنتقل المعلومات البصرية والسمعية عبر الإنترنت إلى الهواتف المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر، ولكن نقل المعلومات عن طريق اللمس ضروري لاستخدام تكنولوجيا الروبوت.“
كما أن الروبوتات ذات القدمين الأساسية (الفيديو) - التي يجري تطويرها من قبل جامعة ”تشيبا“ للتكنولوجيا هو روبوت الركوب أو الأمتطاء - القادرة على حمل ما يصل إلى ١٠٠ كيلوغراما، وتعتبر واحدة من الروبوتات ذات القدمين الأساسية الأقوى في العالم. ووفقا لـ”شيميزو“، فإنّ هذا هو ”مشروع بحوث أساسي لإنشاء مركبة في المستقبل من شأنها أن تمكن الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الحركة تنفيذ نشاطات مثل تسلق الدرج أو المشي لمسافات طويلة وحتى تسلق الجبال.“
كذلك ”إن الغرض من الأبحاث على الروبوتات البشرية غالبا ما تتم مقارنتها مع سيارات ”الفورمولا وان“ التي هي صيغة مطورة من سيارات عامة، ولكن هذا لا يعني أن سيارات ذات قدرات أعلى بكثير مثلها تسير في الشوارع العامة. إلا أنه من الممكن ومن خلال البحث والتطوير بأنواع التكنولوجيا المستجدة، الاستفادة من نتائج البحث والتطوير في التكنولوجيا التطبيقية التي تفيد الحياة العامة.“
روبوتات مجابهة الكوارث والمفتاح لإدارة الحوادث النووية
على عكس الروبوتات البشرية ذات الأغراض المتنوعة، فإن الروبوتات الخاصة بمجابهة الكوارث أو بالأحرى المخصصة للإغاثة من الكوارث مُصممةً للقيام بمهامٍ خاصّة ووظائف محددة للغاية لإنجاز مهمتها. وقد أصبحت أهمية هذه الروبوتات واضحة خاصة بعد الحادث النووي الذي وقع في مارس/آذار عام ٢٠١١ في فوكوشيما بعد زلزال شرق اليابان الكبير وكان أول روبوت ياباني الصنع Quince والذي تم تقديمه في محطة ”فوكوشيما - داي إتشي“ للطاقة النووية من تصميم جامعة ”تشيبا“ للتكنولوجيا، ولكن أول من دخل غرفة المفاعل كان الروبوت الأميركي PackBot.
ويتذكر ”شيميزو“ تلك الآونة بالقول: ”كان هناك انتقادات للأسلوب، مثل 'ألا يمكن استخدام الروبوت أشيمو؟' أو 'على افتراض أن اليابان هي بلد الروبوتات المتقدمة، فكيف يتم إدخال روبوت أميركي الصنع؟' ولكن الحقيقة هي أنه في ذلك الوقت كان المستوى الفني للروبوتات البشرية مقتصراً للاستخدام في المظاهر والترفيه فقط.“
و”على الرغم من أن PackBot ربوت على شكل دولاب مصمم للاستطلاع العسكري ومقاوم للإشعاعات، فقد كان Quince في الواقع يتمتع بقدرةٍ أكبر عند التحرك على الأنقاض أو تسلق السلالم بسرعة. وتم تصميمه لاستكشاف الأرض المغطاة بالحطام، بعد زلزال كوبي عام 1995. لكن لم تتوفر لديه وظيفة الحماية من الإشعاع، وقد استغرق الأمر ٣ أشهر فقط للاستعداد أخيرا لدخول المحطة، وصولا إلى الطابق الخامس والتقاط صور للوضع في الداخل.“
”لسوء الحظ، بعد التسلق إلى الطابق الخامس من المركز وتصوير المكان، فشلت المهمة بعد تعثر الروبوت Quince 1 بإحدى الكابلات في الطابق الثالث على طريق العودة. ثُمَّ إثرَ تلك الحادثة، قمنا بتعديل التصميم لتجنب تكرارها، وكان كلا 2 Quince وQuince 3 قادرين على استكشاف الطابق الخامس والعودة بسلام. وحاليا تستخدم في أعمال التنقيب.“
وتمشيا مع Quince، صمم الفريق المختص بجامعة ”تشيبا“ للتكنولوجيا اثنين من الروبوتات المصممة تماما للاستخدام في الكوارث النووية وهما ”ساكورا ١“ و”ساكورا ٢“، حيث أن حجم ربوتات ساكورا ١ أصغر بكثير من Quince، ومصممة للوصول إلى المساحات الصغيرة. أما ساكورا ٢ فتتميز بتواجد ذراع طوله ٢ متر ثُبتت عليه آلة تصوير كاميرا لالتقاط الصور من أعلى، كما يمكن إدخالها في مساحات ضيقة لا يدخلها جسم الروبوت.
فوز شركة تأسست من قبل جامعة طوكيو في مسابقة روبوت الإغاثة من الكوارث
وبينما تتقن اليابان روبوتات الإغاثة من الكوارث بناء على الخبرات المُكتسبة من كارثة مارس/آذار ٢٠١١ وغيرها بدأت الولايات المتحدة بدورِها بتطوير مزيد من البحوث من أجل استخدام روبوتات متعددة الأغراض لإدارة الكوارث. في نهاية عام ٢٠١٣،حيث نظمت وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة (DARPA) في الولايات المتحدة مسابقة الروبوتات (DARPA تحدي الروبوتات) بهدف تعزيز التقدم في تطوير الروبوتات لاتخاذ إجراءات الطوارئ حال وقوع كوارث نووية. وذلك يتطلب ثمانية مهام من الروبوتات المشاركة بما في ذلك قيادة المركبات، وعليه فمن المتوقع أن يكون تصميم الروبوتات قريبا من الصفات البشرية بشكل واضح. وكان ذلك لـ”شيميزو“ فرصةً لزيارة الولايات المتحدة لحضور هذه المسابقة.
وقد ”فازت SCHAFT، وهي شركة صغيرة تم إنشاؤها من قبل جامعة طوكيو. وكان للروبوت الخاص ذراعين وساقين، ولكن على عكس البشر، لم يكن لديه هيئة أمامية أو خلفية مما أعطى مرونة أكبر للعمل في المناطق المتضررة من الكوارث. ومع ذلك، فإن المهمة الأولى للمسابقة، وهي السير فوق حقل من الحطام كان بمعدلٍ أبطأ بكثير من روبوتات الجرارات الحالية.“
و”إذا نظرنا إلى النتيجة العامة، باستثناء المعدات المستخدمة من قبل الروبوت ATLAS الذي قدمته وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة DARPA، فقد تفوقت الفرق التي استخدمت الروبوتات غير البشرية مثل الروبوتات القردية وروبوتات الجرارات التي تسير على الأقدام الأربعة. وكان من الواضح أن الروبوتات البشرية لا تزال تتطلب الكثير من التطوير. ومع ذلك، شعرت بعد مشاهدة الروبوت المتحرك SCHAFT أن تكنولوجيا الروبوتات البشرية في اليابان وصلت إلى مستوىً عالٍ جداً. بيد أن ”غوغل“ سرعان ما استحوذت على شركة SCHAFT وكان ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٣.“
مزايا تطوير الروبوتات بالتعاون مع الولايات المتحدة
اتفقت اليابان والولايات المتحدة على إجراء بحوثٍ مشتركة وتطوير واختبار الروبوتات للإغاثة من الكوارث. ويهدف هذا الاتفاق إلى تشجيع المبادرات اليابانية لتطوير الروبوتات للمنافسة في مسابقة الروبوتات (DARPA تحدي الروبوتات). ويقول شيميزو: ”أعتقد أن الولايات المتحدة تدرك أن لدى اليابان مستوىً عالٍ من تكنولوجيا الروبوتات البشرية وتريد أن تستفيد بأقصى حد من التكنولوجيا اليابانية.“
فبالنسبة للولايات المتحدة هناك استفادة من التعاون مع اليابان في مجال تطوير تكنولوجيا الروبوتات، ولكن ماذا تحقق اليابان من هذا التعاون؟ ويجيب على ذلك بالقول : ”إن أكبر استفادة لليابان هي القدرة على أداء عروض واسعة النطاق والقيام بمجموعة متنوعة من المهام في حلبات سباق مثل مسابقة الروبوتات في الولايات المتحدة. هذه فرص لتسريع تطوير الروبوتات.“
و”بناء على طلب من وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، فنحن نعمل على تطوير روبوت بقدمين وذراعين للمشاركة في مسابقة الروبوتات DRC في الولايات المتحدة في يونيو/حزيران عام ٢٠١٥ وهو مشروع تعاوني بين جامعة تشيبا للتكنولوجيا، وجامعة طوكيو، و جامعة أوساكا وجامعة كوبي. وأعتقد أننا يمكن استغلال المعرفة من روبوتات الإغاثة من الكوارث التي تم الحصول عليها مع تطوير ساكورا ١ ساكورا ٢.“
ظاهرة الاستحواذ من قبل الشركات الأمريكية وبوادر ازدهار سوق الروبوتات
وبدءا من شركة ”غوغل“، التي أخذت باستحواذ الشركات الصغيرة بما في ذلك الروبوت SCHAFT، ازداد الاستثمار في التكنولوجيا الروبوتية في السنوات الأخيرة من شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى والشركات الاستثمارية الأمريكية. ويقول ”شيميزو“، إن الولايات المتحدة تشهد ”طفرة من الروبوتات“.
كذلك ”يبدو أن القطاع الخاص في الولايات المتحدة يعتقد أنه إذا تم دفع التكنولوجيا الروبوتية أكثر، سيكون هناك ازدهار في سوق الروبوتات. في اليابان، وبالتالي تم بذل جهد كبير للاستثمار في هذه الصناعة بدءا من المشاريع العامة والقطاعين العام والخاص. ومع ذلك، فإن حقيقة أن الاستثمارات التي تحققت حتى الآن لم تنعكس في التطبيق العملي والتسويق مما أبطأ من المزيد من الاستثمارات.“
وتدريجيا بدأنا نكتشف أن سوق الروبوتات له تطبيق مفيد في الحياة اليومية أيضا. فَروبوت التنظيف (رومبا) الذي أطلقته الشركة الأمريكية iRobot عام ٢٠٠٢، كان من أكثر الروبوتات مبيعا في العالم. كذلك في اليابان، بدأت شركتي ”توشيبا“ و”شاربر“ أخيرا ببيع روبوتات التنظيف الخاصة بهما.
ويقول ”شيميزو“ إن عملية شراء الـ”دبران ربوتيكس“ الفرنسية عام ٢٠١٢ من قبل السيد ”سون ماسايوشي“ الذي طور Pepper كانت بالطبع دفعة إيجابية للغاية لصناعة الروبوتات اليابانية وسوق الروبوتات المنزلية. وأضاف ”أجد أنه من المشجع جدا أن يشعر المستثمرون ورجال الأعمال اليابانيون بأن هذه نقطة تحول لنمو الروبوتات.“
ويعتقد ”شيميزو“ أنه ”من المهم استعادة الحماس للإبداع في مجال الروبوتات، والذي يسمح بولادة مخلوقات جديدة تتحرك من تلقاء نفسها. ولعل السبب الرئيسي وراء الركود في صناعة روبوتات الخدمة هو أنه لا يمكن تمويل أي مشروع ما لم يكن لخلق منتج مفيد مع التكنولوجيا الحالية وبشكلٍ يلبي احتياجات المستهلكين ليتم توريده بشكل جيد إلى السوق. وعلى الرغم من أن هذا ليس خطأ، فإنه أسلوب يمنع الابتكار كما أنه لأمر رائع أن نظهر للمجتمع الابتكارات التي تثير حماسنا. وانني لاأشعر أن هناك أخيرا اللحظة المناسبة لإحياء الحماس الذي شعرت به عندما بدأت حياتي المهنية في تطوير الروبوتات ومشاركتها مع العالم.“
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية من مقابلة يوم ١٩ أغسطس/آب ٢٠١٤. الترجمة من اللغة اليابانية. صورة العنوان: يامادا شينجي)