
الفاكهة اليابانية: السعي نحو الكمال
فقط في اليابان.. فاكهة بسعر المجوهرات
لايف ستايل- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
الفاكهة مثل السلع الفاخرة
إن اليابانيين لديهم تاريخ طويل في التعامل مع الفاكهة على أنها ترف ورفاهية. في تقليد أطباق الكايسيكي، التي طورت بالتزامن مع مراسم تقديم الشاي، صنفت على أنها حلوة وأشير إليها بـ mizugashi (حرفيا، ”حلوة رطبة“). قيمت الكمثرى الآسيوية، العنب، وثمرة الكاكي بشكل خاص لطعمها الحلو ورائحتها العطرة. العرف المتمثل في إرسال الفاكهة الفاخرة كهدية موسمية خصوصا في نهاية السنة seibo والصيف chūgen بدأ خلال السنوات الأولى من فترة إيدو (١٦٠٣-١٨٦٨).
حتى نهاية الخمسينات كان المستهلكون اليابانيون ينظرون إلى الفاكهة كشيء مخصص للمناسبات الخاصة. لكن منذ فترة الستينات فصاعدا عندما ارتفع مستوى الدخل وتأثرت عادات الأكل بالغرب بدأت الأسر اليابانية إدراج المزيد من الفاكهة في النظام الغذائي. وحتى مع ذلك فقد كان استهلاك الفرد الياباني للفاكهة ٥٠.٩ كيلوغرام فقط في عام ٢٠١١، مقارنة مع ١١٦.١ كيلوغرام في فرنسا و١٤٩ كيلوغرام في إيطاليا (وفقا لتقديرات وزارة الزراعة والغابات ومصائد الأسماك).
يقدم الباحث ساساكي شيغيوكي من شركة تاكاساغو الدولية بعض السياق التاريخي لهذه الفجوة، موضحا أن في العصور الأولى كان عدد قليل نسبيا من الأوروبيين يحصلون على مياه شرب جيدة أو محاصيل زراعية مغذية على مدار السنة، بحيث اعتمدوا على الفاكهة باعتبارها مصدراً هاما للمياه والفيتامينات والمعادن (تاكاساغو تايمز، ٢٠٠٨). على النقيض من ذلك، في اليابان، بمناخها الرطب، توفرت المياه الصالحة للشرب. وقد ساهم ذلك إلى الميل للتعامل مع الفاكهة المزروعة على أنها ترف. هيغاشينو أكيهيرو من مكتب الصناعات التسويقية والتحويلية في وزارة الزراعة والغابات ومصائد الأسماك يتفق على أن ”الموقف الثقافي تجاه الفاكهة مختلف جدا في أوروبا، حيث ليس لديهم تقاليد تقديم الفاكهة كهدية.“
إن حجم العمليات الزراعية والبساتين هو عامل مهم في المعادلة، وفقا لهيغاشينو. في أوروبا، الزراعة الأحادية هو الاتجاه السائد، مع تركيز المزارع الكبيرة نسبيا على الزراعة المكثفة لفاكهة معينة. في فرنسا اليوم، فإن متوسط مساحة المزرعة هي حوالي ٢٩ هكتارا (اعتبارا من ٢٠١٠)، وعدد متزايد من المزارع يتجاوز ١٠٠ هكتار. العديد من من هؤلاء المزارعين يعملون على إمداد المكونات المستخدمة في النبيذ والمربى والفواكه المجففة، وغيرها من الأطعمة المحفوظة، مما يجعل المظهر الخارجي للفاكهة غير ذي أهمية إلى حد كبير.
في اليابان، اضطر المزارعون على التكيف مع الطبوغرافية المختلفة وكذلك الظروف الثقافية. مع تغطية ما يقرب من ٨٠٪ من الأرخبيل الياباني الطويل والضيق بالجبال، فإنه من الصعب الحصول على مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة. في عام ٢٠١٠، كان متوسط المزرعة اليابانية ٢.٢ هكتار فقط، وكان ٨٥٪ من مزارع الفاكهة ٢ هكتار أو أصغر. كما تتطلب زراعة الفاكهة في اليابان عمالة مكثفة، نظرا لأن الكثير من العمل يجب القيام به يدويا، والعمليات مثل التقليم تتطلب قدرا كبيرا من المهارة.
وقد وجدت العديد من المزارع في اليابان الصغيرة التي تديرها العائلة على أن الطريقة الوحيدة لجعل زراعة الفاكهة مجدية اقتصاديا هو استهداف سوق الهدايا ذات القيمة المضافة العالية، واختيار أصناف متميزة والعناية الإضافية في زراعتها. مزارعو الكانتالوب الياباني ”مسك ملون“ (نوع من الشمام ذي رائحة مسك) على سبيل المثال، يسعون إلى تحقيق أقصى قدر من رائحة الفاكهة عن طريق التخلص من جميع الحبات ما عدا حبة واحدة في النبتة.
وقد بدأت هذه الأعمال أن تظهر نتائجها في سوق السلع الفاخرة في الخارج فضلا عن الداخل. فقد وصلت قيمة بيع الصادرات اليابانية من التفاح الفاخر والكمثرى الآسيوية والدراق والفراولة والعنب، وثمرة الكاكي إلى أكثر من الضعف خلال العقد الماضي، لتصل إلى ١٨ مليار ين في عام ٢٠١٥ وفقا لهغاشينو.
بالطبع، لا يشعر الجميع بالسعادة تجاه طريقة تطور صناعة الفاكهة في اليابان. ويقول كثير من المستهلكين اليابانيين إنهم سيتقبلون بكل سرور فواكه أصغر غير متجانسة إذا كان ذلك يعني شراءها بسعر أرخص.
تعرض عائلة هاشيموتو سلة من الفاكهة الفاخرة من دار فاكهة يوشيدايا الذي يفتح أبوابه منذ أكثر من ١٠٠ سنة.
في يوشيدايا، بلغ سعر ٦ تفاحات فوجي مؤخرا ٨٥٠ ين، في حين بلغ سعر ٥ حبات من البرتقال ٦٠٠ ين. ولكن حتى مع هذه الأسعار المنخفضة نسبيا، لدى المستهلكين اليابانيين ميل للتعامل مع الفاكهة كمنتجات الحلوى، وليس كوجبة طعام خفيفة. يقول هاشيموتو، ”عدد غير قليل من عملائنا ترغب في شراء حبة واحدة من الفاكهة مقابل ٢٠٠ أو ٣٠٠ ين. تماما مثل طريقة الشراء الفردي للحلوى.“
المواقف المتطورة يمكن أن تمهد الطريق تدريجيا إلى فاكهة أرخص للاستهلاك اليومي. ولكن كما أشار الكاتب الفكاهي الأمريكي ديف باري في كتابه Dave Barry Does Japan في عام ١٩٩٣، الناس الذين يشترون الكانتالوب الياباني في محلات مثل سيمبيكيّا أو المتاجر ليسوا مطلعين على الصفقات.
كما يكتب، ”اليابانيون مولوعون بإعطاء الهدايا…. وفكرة إهداء الكانتالوب تستند إلى أن المتلقي سيقدر ذلك، لأنه أو لأنها يدرك ثمنها. ومع ذلك، عند تقديم هدية في اليابان، آداب السلوك تتطلب منك الاستخفاف بالهدية…. وهذا بالطبع عكسنا تماما نحن الأمريكيون في حال أهدينا حباية كانتالوب ثمنها ٧٥ دولار. حالما ينزع متلقي الكانتالوب الغلاف من حولها، فإننا سنشير بإصبعنا ونقول: ”هل لديك أي فكرة كم تكلف ثمرة الكانتالوب هذه ؟“
في النهاية، الثقافة قد تكون أكبر عامل يدعم أسعار الفاكهة الجنونية في اليابان.
(المقالة الأصلية كتبت باللغة اليابانية من قبل دوي إيمي من nippon.com ونشرت يوم ٢٤ أغسطس/آب ٢٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: موظف يعرض الكانتالوب الياباني الفاخر في صندوق خشبي جميل في متجر سيمبيكيّا الرئيسي في نيهونباشي. الصور: كوديرا كي.)