سر جمال البشرة البيضاء في الثقافة اليابانية
ثقافة تاريخ اليابان- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
”البشرة البيضاء“ وتقاليد الجمال لدى المرأة اليابانية
لا شك في وجود اهتمام كبير لدى النساء على مر العصور بـ ”الرغبة في الجمال“. وفي اليابان توجد رغبة قوية في الحصول على الجمال الأبيض، ومنذ عصر نارا بدأت اليابانيات في استخدام الأوشيروي وهو عبارة عن مسحوق أبيض إستخدمنه كمسحوق للتجميل يوضع على الوجه. وأصبح هذا المسحوق رمزاً للجمال في عصر (هييان)، حتى ظهرت العبارات التي امتدحت البشرة البيضاء في ”يوميات موراساكي شيكيبو“ و”رواية الأمير جينجي“، وانتشر وقتها الميل إلى تبييض البشرة كصفة مميزة للطبقات العليا في المجتمع.
ومع حلول عصر (إيدو) انتشرت ثقافة البشرة البيضاء بين العامة، وازداد الاهتمام بالحصول على بشرة ناعمة تبدو طبيعية.
وكانَ كتاب ”تقاليد التجميل في العاصمة“ الذي صدر في الفترة المتأخرة من عصرإيدو الذي استمر لأكثر من ١٠٠ عام من أكثر الكتب مبيعا، حيث ورد فيه التعبير عن البشرة الطبيعية بكونها ”هشة“. وتناول الكتاب التعريف بطريقة غسل الوجه بإستخدام مادة تسمى الـ ”ميتسوداسو“، والتخلص من الرؤوس السوداء عن طريق الأعشاب الطبية، ومن خلال العديد من الطرق للحصول على البشرة البيضاء الجميلة.
فوفقا للسيدة توميزاوا يوكو عضو فريق الأبحاث بمركز بولا للأبحاث الثقافية : ”لا يقُصد بالبشرة البيضاء التي ترغب بها اليابانيات، تماما اللون الأبيض ولكن بشرة ناعمة وملساء، خاصة في فترة ما بعد عصر إيدو كان هناك اهتماماً متواصلاً للحصول على بشرة ناعمة“. حيث بدا أن نساء عصر إيدو كن يمضين وقتا طويلا في محاولات للحصول على إحساس بالنعومة عن طريق تكرار وضع وإزالة المساحيق واتباع طرق كتاب ”تقاليد التجميل في العاصمة“ بوضع منشفة صغيرة على الخدود للحصول على إحساس بالشفافية بوضع الأوشيروي. ويعتبر تجمل النساء بالمساحيق طريقة لها تقاليدها وأخلاقها، حيث كانت النساء منذ الإستيقاظ وحتى النوم وحتى في أوقات الاستحمام يضعن المساحيق التجميلية. ولكن كن يعتقدن أنه من غير اللائق أبدا أن يراهن أحد وهن يضعن مساحيق التجميل، وتأصل هذا الفكر بين اليابانيين حتى وقتنا هذا. وتضيف السيدة توميزاوا أنه من المؤكد أن فكرة أن ”وضع مساحيق التجميل في القطار منافٍ لآداب السلوك العام“.
الألوان الأساسية أبيض، أحمر، أسود
اعتُبر اللون الأسود كذلك من الألوان الدالة على الجمال والبهاء فهو اللون الخاص بالنساء اليابانيات ولون أسنان السيدات المتزوجات. أن عادات تسويد الأسنان بعد الزواج وحلق الحواجب بعد ولادة الأطفال، هي عادات خاصة باليابان وحدها.
حيث يعتقد أنها نبعت من اعتبار عدم إظهار المشاعر هو من مكارم الأخلاق. ولكن مع نظرة الغربيين لعادة تسويد الأسنان بانّها تصرف غير حضاري، فقد تم منع اتباع هذه العادة منذ عام ١٨٧٠ وإن ظلت بعدها قليلا بين العوام في عصر (شوا).
وتماشيا مع ذلك مالت النساء اليابانيات للتواضع وتجنب لفت الإنتباه في مساحيق التجميل التي كانت تستخدمنها. وفي المقابل استقرت عادات البزخ من خلال الذهاب لعروض الكابوكي أو لمشاهدة معارض الزهور في ملابس بهيجة في مدن عصر إيدو الشهيرة مثل: أوساكا وكيوتو. ولذلك بدأ الناس في تقليد ممثلي الكابوكي والغانيات في ملابسهم المبهرجة.
وظهرت أدوات التجميل من أحمر الخدود والشفاه، وحول العينين وللأذن. وتعد هذه الألوان الثلاثة (الأبيض والأحمر والأسود) الألوان الثلاثة الأساسية التي كان يستخدمها ممثلو الكابوكي كمساحيق للتجميل. وتزامن انتشار استخدام مساحيق التجميل بين النساء اليابانيات مع النصف الثاني من عصر (ميجي) الذي انتشرت فيه الثقافة الغربية.
بداية الاهتمام بـ ”لون البشرة“ والاحتكاك مع الغرب
وبعد ذلك كان التغير الأبرز في ثقافة التجميل هو ”لون البشرة“. ففي الفترة المتأخرة من عصر ميجي، بدأت السيدات بالتعرف على لون المسحوق الذي يناسب بشرة كلٌّ منهن مع انتشار المساحيق الملونة التي أتت من الغرب. وأكثر من ذلك، وخلال عصر شوا، ظهر تنوع في لون البشرة، وبدأت النساء في اختيار اللون الأكثر تناسباً وملائمة مع لون بشرتهن (على الرغم من إستمرار إستخدام المسحوق الملون).
كما بدأت كل من مستحضرات التجميل الغربية من كحل العين ”آي شادو“ والمستحضرات التي تحتوي على زيوت دهنية والرموش الصناعية بالظهور بعد الحرب العالمية الثانية وحتى ستينات القرن الماضي.
إنتشرت مستحضرات التجميل على الطريقة الغربية متأثرة بانتشار التلفزيونات الملونة. وبما أن كل الأفلام التي ظهرت في تلك الفترة كانت تبدو وردية اللون، يقال أن ذلك تسبب في إنتشار مستحضرات التجميل ذات اللون الوردي. ووفقا للسيدة توميزاوا: ”مع بداية ثمانينات القرن الماضي، أدى عدم الاكتفاء بمجرد النقل عن أمريكا وأوروبا إلى ظهور اتجاهات أخرى والسعي للحصول على مظهر مناسب للشخص نفسه ومناسب للمظهر الياباني بشكل عام“. ومع شهرة السيدة ياماجوتشي سايوكو التي ابهرت الغرب بملامحها الآسيوية وبشعرها الناعم وعينيها الواسعتين، اكتسبت السيدات اليابانيات مزيداً من الشجاعة.
العودة للأصل في تعريف البشرة الجميلة
تطورت مستحضرات التجميل في اليابان منذ ثمانينات القرن الماضي مع تطور وعي النساء اليابانيات للتجميل. منذ النصف الثاني من الثمانينات بدأت ”مستحضرات التجميل تبرز تطور العلوم“، وكان هناك طلب على زيادة فاعلية المواد الأولية والبشرة الجميلة. ومثالاً على ذلك مستحضرات ”مقاومة الشيخوخة“ التي إنتشرت مؤخرا والتي إعتمدت في التجميل على بيانات علمية.
ولكن، وكما تقول السيدة توميزاوا، إنه مهما إنتشرت مستحضرات التجميل فإن السيدات اليابانيات مدركات منذ زمن رواية الأمير جنجي أنه لا يوجد أفضل من البشرة الناعمة الطبيعية.
إن التجميل على طريقة جانجرو (إي جعل الوجه أسودا) والوجه الصغير هي صيحات متعددة في عالم التجميل، لكن الإهتمام بالبشرة حتى مسامها لا يتغير في أي زمان ويبقى ذلك رغبة تتشاركها نساء كل العصور. وخاصة الرغبة في الجمال الأبيض التي عادت مجدداً لتحاكي المفهوم القديم للجمال.
(المقالة الأصلية باليابانية بقلم أوشيجيما ميتيكي)
(الصورة الرئيسية: في منصة عالية داخل قصر تشيودا/ كانيه بو: بين عامي ٢٧-٢٩ حسب تقويم ـ ميجي- (١٨٩٤-١٨٩٦)، من مقتنيات مركز الدراسات الثقافية بولا)