”تقاليد مذهلة“ مواكبة للحياة العصرية
يوم في حياة مصارعي السومو
ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
من الصعب الجزم بأن السومو لعبة فردية. فتمتلك تلك الرياضة جانبا جماعيا في نفس الوقت يتمثل في صقل اللاعبين مهارة بعضهم البعض من خلال التدريبات. ويطلق على كل مجموعة من تلك التجمعات "هيا" أو إسطبل. فينضم كل مصارع من مصارعي السومو الذين يبلغ عددهم قرابة 700 شخص إلى إسطبل السومو بلا استثناء بداية من المصارعين الجدد وحتى البطل يوكوزونا. ولا يحدث أن يتقابل مصارعين من نفس الإسطبل في البطولات. وحتى وإن حدث ذلك كشيء نادر الحدوث، يكون في المباراة الختامية التي تحدد الفائز بالبطولة بين أقوى الأبطال.
ولا تعد الإسطبلات مجرد "فريق"، بل مكان إقامة تدار بين جنباته حياة مشتركة. ويختلف الأمر عن المعسكرات المشتركة التي قد تستمر لفترة محددة في الرياضات الأخرى، بحيث يقوم أفراد الإسطبل الواحد بشكل دائم بتناول الطعام والمبيت معًا. وفي الكثير من الأحيان يحتوي مبنى الإسطبل على قاعة التدريبات في الطابق الأول، وفي الطابق الثاني مساحة المعيشة الخاصة بالمصارعين. وفي الأغلب يعيش معلم الإسطبل وأسرته في الطابق الأعلى. وفي الأساس، يكون من المسموح، العيش المستقل خارج الإسطبل فقط للمصارعين من مرتبة جوريو أو ثاني أعلى مستوى، أو أعلاه (سيكيتوري) ويكون ذلك عندما يتزوجون. وكل المصارعين الذين يلعبون في ماكوشيتا أو المستوى الثالث بعد جوريو، أو ما دونه يعيشون سويًا بشكل مشترك في غرفة كبيرة معًا، بينما يمنح مصارعي سيكيتوري غرفة خاصة بهم. أي إن عنوان أغلب المصارعين هو إسطبل السومو الملتحقين به ذاته.
يوم إسطبل السومو يبدأ في الصباح الباكر
وتختلف قليلًا المواعيد اليومية من إسطبل لآخر، بينما تشترك جميعها في بداية اليوم المبكرة. وعامة يبدأ اليوم في السادسة صباحًا بالاستيقاظ، وبعد الاستعداد والانتهاء من ارتداء الملابس، يدخل الجميع قاعة التدريب. ولا يتناولون أي طعام في الصباح. وبعد أن ينتهي التدريب يقومون بتناول أول وجبات اليوم في الظهيرة.
ويترك أمر توقيت دخول قاعة التدريب هنا في إسطبل تاكاداغاوا لكل حسب تقديره، ولكن لأن مصارعي سكيتوري يأتون لقاعة التدريب مبكرًا، لا يستطيع زملاءهم الأقل رتبة الاستيقاظ متأخرًا بعدهم. وفي الأغلب يكون أغلب المصارعون جاهزين في السابعة صباحًا، ويبدؤون في تمرينات الإحماء وفرد أجسادهم.
ولا يقوم أحد بدخول حلبة المصارعة بعد عند تلك المرحلة. ويقوموا المصارعون حول الحلبة بتكرار تمرينات السومو الأساسية لتنشيط الجسم بالتدريج عن طريق حركات السومو المعروفة مثل شيكو أو مدّ الساقين ورفع أحداها لأعلى وإنزالها، أو سوري أشي المشي للأمام مع ثني الركبة، أو تيببوه، دفع عمود خشبي بكلتا اليدين. ويساعد تكرار تلك الحركات في عناية وصبر على تقوية القدمين والوسط، واكتساب مرونة وجسد يستعصي على الإصابة. ولا يقوم أحد بالتحدث أثناء التدريبات. فيقوم الجميع بالتركيز العميق للشعور بكل نقاط الجسد وتنفسه، استعدادًا لبدأ التدريب القاسي عبر تجهيز كل من عقله وجسمه في سكون.
احتدام التدريبات مع وصول المعلم
ومع بلوغ الساعة الثامنة، حين يكون المصارعون قد غطى العرق كامل أجسادهم، يصل المعلم تاكاداغاوا (مصارع سيكيواكي السابق أكينوشيما) ويمكن ملاحظة أن الجو يصبح متوتر أكثر في وجوده. ويقوم المصارعون الأدنى مرتبة بدخول حلبة المصارعة يقومون بالنزال وتغيير المنافسين على التوالي تسمى "موشيئاي" تحت متابعة المعلم. ويقوم الرابح في كل نزال باختيار اللاعب التالي لمصارعته ويستمر الأمر على هذا النحو.
وأحيانّا يلقي المعلم بعض كلمات التوجيه. وتتكرر التوجيهات، خاصة فيما يتعلق بحركات الجسد الغير مدروسة التي قد تتسبب في الإصابة.
ولا يكون بالتدريبات فائز أو خاسر. وإنما هي مباراة مع النفس. وحتى وإن خسر المصارع أمام المنافس، حيث يبقى المهم أن يتصل الأمر بالغد. فالإصابة قد تنهي حياة اللاعب كمصارع سومو.
ويقوم المعلم أيضًا بارتداء ماواشي أو حزام ويلقي التعليمات بهمة.
ويتبع كل إسطبل للسومو سلسلة تسمى "إيتشي مون"، ويوجد تواصل بين كل الإسطبلات المنتمية لنفس السلسلة.
وفي هذا اليوم أتى مصارعان من المستوى الرابع أو ساندانمي من إسطبل مينيزاكي المنتمي لنفس سلسلة نيشونوسيكي، للقيام بالتدريب في إسطبل تاكاداغاوا. وقام المعلم تاكاداغاوا بتشجيع المصارعين الآتين من الإسطبل الآخر بحمية كما لو كانا من تلاميذه. وقام بنفسه بتوضيح حركة شيكو التي تعد من حركات السومو الأساسية، وتوجيه الإرشادات بحرارة لهما. "لا يكفي فقط القيام بعدد التمارين المطلوبة، بل يجب خفض الخصر وبذل المجهود بالتدريب بشكل صحيح. فيجب القيام بالتدريبات من أجل أنفسكم. لذا لا يمكن أن يقوم الشخص بخداع نفسه بالاستسهال في التدريب".
وبعد أن يقوم كل مصارع بتكرار نزال موشيئاي مع مصارع آخر أقرب إليه في القوة عدة مرات، من الشائع إنهاء التمرين بالقيام بما يسمى "تدريبات الاصطدام" في النهاية. وينقسم المصارعون بين مهاجم ومتلقي ويقوم المصارع المهاجم بالاصطدام بالمصارع المتلقي بكل قوته في صدره وبعد أن يدفعه بكل ما أوتي من قوة إلى أطراف الحلبة، يقوم بالتدحرج على الأرضية بتقنية السقطات. وفي الكثير من الأحيان يقوم مصارعو المستويات العليا بلعب دور المتلقي، ويسمى هذا "إعطاء الصدر" وبعد خمس دقائق من الاستمرار في ذلك، يصدر صوت نفس حاد من المهاجمين يشبه النحيب، ويصعب عليهم النهوض مرة أخرى.
وتنقسم مستويات المصارعين بشكل عام إلى 6 مستويات. المستوى الأعلى هو ماكوؤوتشي وعددهم 42 شخصًا (حوالي 6% من إجمالي عدد المصارعين)، وتحتهم مستوى جوريو (28 شخصًا). يسمى المصارعون في مستوى ماكوؤوتشي وجوريو "سيكيتوري" ويشكلون فقط أقل من 10% من إجمالي المصارعين وفي نهاية التدريب يقوم مصارعو السيكيتوري هؤلاء بالصعود إلى الحلبة. ويتميزوا بشدة الاصطدام.
وقت الراحة بعد التدريب
ومع نهاية التدريب، يبدأ مصارعو سيكيتوري بدخول غرفة الاستحمام، بترتيب بحيث يتبعهم في الاستحمام المستويات الأقل. ويجب أن يكون طهي الطعام قد اكتمل حين يكون مصارعو سيكيتوري قد أكملوا الاستحمام. لذا يقوم "تشانكو بان" أو المسؤول عن الطهي بإنهاء التدريب مبكرًا قليلًا قبل الآخرين، ويبدأ في تحضير الطعام بعد الساعة الثامنة بقليل.
يشير مصطلح "تشانكو" في عالم السومو إلى الطعام بشكل عام. فإن كانت قائمة اليوم تضم طبق الكاري، يسمى ذلك أيضًا تشانكو. ويوجد العديد من النظريات حول أصل الكلمة، الذي ربما يكون قد أتى من كلمة "تشانكوئو" والتي تعني قدر الطعام الذي وصل ناغاساكي قادمًا من الصين، أو يعود إلى تلقيب المسؤول عن الطهي "تشان" (الوالد) ، أو ربما "تشان" (أو المعلم كالوالد" و"كو" (التلاميذ) حيث يأكلون سويًا. وكل إسطبل يتميز بمذاق خاص به يظهر في طعام النابيه المميز في التشانكو. وتعد تلك قائمة مثالية ذات توازن غذائي جيد سهل الهضم ويقوم بتسخين الجسم لرفع معدل الأيض، مما يجعله مثالي للرياضيين. ويمكننا القول إن هذا الطبق وحده كافي بشكل كبير، ولكن يصاحبه العديد من الأطباق الغنية وعدة أطباق من الأرز. وهكذا يتم ملء البطون مرة واحدة بعد أن تكون قد أصبحت خاوية مع التدريب، ولدى المصارعين عادة القيام بالقيلولة بعد تناول الغذاء لزيادة وزنهم.
بخلاف مصارعي السومو، يوجد في إسطبل السومو كل من غيوجي (الحكم)، ويوبيداشي أو المنادي على المصارعين. وفي إسطبل تاكاداغاوا لا يوجد أي يوبيداشي، ولكن يوجد إثنان غيوجي، وأحدهم هو السيد شيكيموري كاندايو من الجيل الحادي عشر للمحكمين والمتربع على مجموع أكثر من 40 غيوجي موجودين حاليًا كما في يوليو/ تموز عام 2018. وبينما يشتهر غيوجي بتواجده بالحلبة مرتديًا الحلة التقليدية، للتحكيم وتحديد الرابح والخاسر، ولكنه كذلك يقوم في الواقع بالتقديم في مباريات البطولة، وعمل قوائم المباريات، وتنسيق وسائل المواصلات وأماكن الإقامات أثناء جولات المصارعين، أي العديد من الأعمال المتعلقة بإدارة الإسطبل المنتمي إليه ليقوم كذلك بمهام عدة خارج الحلبة. وبحسب السيد كاندايو، إن حوالي 80% من وقت العمل يكون في مهام بعيدة عن الحلبة وفي الكواليس. وفي بعض الأحيان يقوم بدور المستشار للمصارعين، ومعالجة أي مشاكل تؤرقهم. "إن روح عمل الغيوجي تكمن في دور المساندة للمصارعين لممارسة السومو والقيام بأعمال عدة ببذل العرق". ولا يوجد خلاف حول أهمية دور الغيوجي واختلافه عن دور كل من المعلم وزوجته بالنسبة للمصارعين.
السيد شيكيموري كاندايو، "سانياكو غيوجي" ذو أهلية لحكم المباريات لمصارعي سانياكو (أعلى أربع رتب، إذ يوكوزونا، أوزيكي، سيكيواكي، كوموسوبي)، "كتابة حروف السومو هو أحد مهام الغيوجي الكبيرة" ويحمل دورًا في توارث.
يقال إن "التدريب والتشانكو هما سر قوة مصارعي السومو". ويكبر المصارعون على المستوى الرياضي والإنساني على حد سواء وهم يعيشون تحت سقف واحد ويأكلون من نفس الإناء، ويصقلوا مهارتهم بالتدريب، ويؤازرون بعضهم البعض في وقت البطولات. ويبزغ نجم مصارعي السومو على الحلبة ويسحرون الكثير من الناس بفضل تلك الحياة داخل "الأسرة الكبيرة" المتمثلة في إسطبل السومو.
(النص الأصلي باللغة اليابانية بالتعاون مع مجلة الإنترنت المتخصصة في السومو http://osumo3.com/، تصوير: هانائي توموكو، إعداد وكتابة: ماتسوموتو تاكويا)