سبع نكهات مختلفة من شاي الماتشا الياباني الشهير
ثقافة المطبخ الياباني- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
إن عشاق الحلويات المصنوعة بنكهة الماتشا لديهم سبب وجيه للقيام برحلة خاصة إلى متجر نانايا في فوجيدا التابعة لمحافظة شيزوكا، إحدى المناطق الرئيسية لزراعة الشاي في اليابان. أُنشئ متجر نانايا في عام 2010 على يد سوزوكي شيغيهيكو مالك ماروشيتشي سيتشا لتجارة الجملة المنتمي للجيل الثامن، حيث يعرض الجيلاتي والشوكولاتة التي تتميز بنكهة ورائحة ماتشا فوجيدا الفريدة من نوعها.
يتذكر سوزوكي الإحباط الذي تعرض إليه في بادىء الأمر والذي كان حافزاً لتشجيعه على خوض المغامرة. قال بحزن: ” يعتقد الجميع في كيوتو أن هناك علاقة بين الماتشا وأوجي“، ” إن ماتشا فوجيدا هو بنفس جودة وسعر أوجي تشا، ولكنه فقط لا يحظى بنفس الاعتراف. لم يعترف السكان المحليون بجودة الماتشا التي أنتجناها هنا. وفي خلال عملية التجربة والخطأ، وقع اختياري على الحلويات المصنوعة بنكهة الماتشا باعتبارها أفضل طريقة لتعريف زبائني بهذه النوعية عالية الجودة “.
سبعة ظلال من الماتشا
لقد استطاع سوزوكي أن يحقق وضعًا جيداً في مشروعه الجديد بفضل خبرته في مجال الإعلان (عندما كان طالبًا في الجامعة شارك في دورة للدعاية والإعلان وأكمل دورة تدريبية في وكالة إعلانات). لقد أدرك حاجته إلى تقديم عرض قيمة متفرد من أجل بناء علامة تجارية مهيمنة، خاصة في عالم اليوم الذي يتسم بفيض المعلومات. يقول ”من الصعوبة بمكان أن تبرز بين الحشود في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ما لم يكن بمقدورك ادعاء أفضليتك في شيء ما“. ومن ذلك المنطلق، شرع في ابتكار أنواع من الجيلاتي بنكهة الماتشا الأكثر تركيزاً.
في الواقع، يقدم متجر نانايا سبع درجات من الجيلاتي، مرقمة من 1 إلى 7، من الأخف إلى الأكثر تركيزاً. (العددان 1 و 2 هما تقريباً نفس تركيز آيس كريم الماتشا المعبأ والمتوفر تجارياً). ومع ذلك، فإن عملية تركيز نكهة الماتشا قد واجهتها بعض التحديات التقنية، استطاع سوزوكي الوصول حتى الدرجة رقم 5 قبل أن يخبره أحد خبراء الجيلاتي بأنه ربما قد وصل إلى الحد الأقصى، وذلك ببساطة لأن آلة خلط الجيلاتي لا يمكنها تحمل المزيد من الماتشا.
لكن سوزوكي لم يبالي بذلك. فبالنسبة له كان الرقم سبعة هو الرقم السحري: فبالإضافة إلى كونه يعبّر عن اسم شركة العائلة، كان أيضاً يرمز إلى سلسلة كاملة من الخيارات مثل ألوان قوس قزح. وبعد القيام بأنشطة تجريبية مكثفة، استطاع الوصول إلى رقم 6، ثم أخيراً الدرجة رقم 7 الفاخرة (المعروفة بكونها الدرجة الأكثر تركيزاً من درجات جيلاتي الماتشا على مستوى العالم).
اشتهر الجيلاتي الذي يتميز بنكهة قوية من الماتشا في متجر نانايا بالمذاق الطيب وهذه شهادة على جودة ماتشا فوجيدا الشهيرة. تظهر نكهة الماتشا في الجيلاتي بشكل أوضح من الآيس الكريم التقليدي، وذلك لاحتوائه على جيلاتو مصنع بألبان قليلة الدسم، ولا شك أن الجيلاتي عالي التركيز مثل رقم 7 سوف يطغى مرارته على المذاق ما لم يتم صنعه من أجود أنواع الماتشا. الدرجة رقم 7 الفاخرة تضاهي في اخضرارها نبات السبانخ وهي ناعمة وغنية، بنفس التعقيد النباتي والمذاق الحلو الذي يبقى في الفم الذي يتمتع به الماتشا الناعم، وقد أصبح الآن المنتج الأكثر مبيعاً والعلامة المميزة لنانايا.
حققت استراتيجية سوزوكي التسويقية نجاحًا باهرًا. وكَثُر الحديث عن " الآيس كريم بنكهة الماتشا الأكثر تركيزاً في العالم" على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد كان منذ فترة طويلة موضوع التلفزيون والمجلات. يصطف الزبائن الآن بشكل روتيني لتذوق المنتج، ليس فقط في المتجر الرئيسي لفوجيدا، ولكن أيضًا في فروع أخرى لنانايا تم افتتاحها مؤخراً في طوكيو وكيوتو.
الهدف التالي لسوزوكي هو الهيمنة على السوق الدولية للشوكولاتة المشبعة بنكهة ورائحة الشاي وتوسيع هذه السوق. في سبتمبر/ أيلول عام 2018، فاز كل من الشاي الأخضر هوجيتشا وألواح الشوكولاتة بنكهة ورائحة الماتشا بالميدالية الفضية والبرونزية على التوالي في مسابقة آسيا ومنطقة المحيط الهادئ لجوائز الشيكولاتة الدولية. في أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، عرضت نانايا مجموعة جديدة من الشوكولاتة الخالية من الألبان (المصنوعة فقط من زبدة الكاكاو والسكر والشاي) في صالون دو شوكولا في باريس، الذي يعتبر أكبر معرض تجاري للشوكولاتة في العالم، ويضم ثمانية أزواج من ألواح الشوكولاتة بنكهة ورائحة الشاي الأخضر (سبع درجات من الماتشا ودرجة واحدة من هوجيتشا)، لقد حقق هذا المنتج نجاحًا منقطع النظير رغم أن بطاقة السعر كُتب عليها 20 يورو لكل 72 غرام من الشيكولاتة.
لمحة تاريخية عن ماتشا فوجيدا
في الماضي كانت فوجيدا تشتهر بشاي غيوكورو الخاص بها، وهو عبارة عن درجة عالية خاصة من سنتشا الذي يزرع في الظل (أوراق الشاي خضراء). لكن بحلول السبعينيات، أدى التغير في تفضيلات المستهلك بالإضافة إلى المنافسة السعرية التي سببتها المجتمعات الزراعية التي تتمتع بموقع أكثر استراتيجية، إلى تقويض صناعة الغيوكورو المحلية الحيوية. منذ حوالي 30 عامًا، لجأ المزارعون المحليون إلى سوزوكي ماسامي، والد شيغيهيكو، لطلب المشورة. كان ماسامي رئيس ماروشيتشي سايتشا، الشركة المتخصصة في معالجة الشاي المحلي وبيعه بالجملة الذي يشتري معظم الشاي الخام الذي يتم إنتاجه في فوجيدا. ولأنه كان منتبها إلى ميول السوق، فقد دعى ماسامي إلى التحول من الغيوكورو إلى تنتشا، الشاي المستخدم لصنع مسحوق الماتشا.
يُصنع تنتشا من نفس تنويعة الشاي التي يُصنع منها سنتشا العادي. إلا أن الفرق يكمن في طريقة الزراعة والحصاد والمعالجة. فكما هو الحال مع غيوكورو، تتم تغطية تنتشا لمدة لا تقل عن 20 يوما قبل الحصاد لحماية الأوراق من أشعة الشمس المباشرة. حيث أن وجود الأوراق في الظل يجعلها تنتج المزيد من الكلوروفيل (الذي ينتج عنه لون أخضر داكن) ويزيد من تركيز ثيانين الحامض الأميني. مباشرة بعد الحصاد، يتم تعريض الأوراق للبخار لفترة وجيزة لمنع الأكسدة وتجفيفها بالهواء، ثم يتم تجفيفها بلطف بواسطة الحرارة في أفران خاصة. كما يتم أيضاً تخزين أوراق الشاي المجففة بعناية وتشذيبها وخلطها، وأخيرا سحقها بالحجر لتتحول إلى مسحوق ناعم يُصنع منه الماتشا.
لم يتم إنتاج تنتشا في مقاطعة شيزؤكا من قبل، وقد كانت عملية التحول أكثر صعوبة مما كان متوقعًا. ماروشيتشي سيتشا أخذت زمام المبادرة، حيث قامت بتنظيم المنتجين المحليين في أكثر من 100 جمعية تعاونية صغيرة، وتدريب موظفيهم وشراء إنتاجهم من تنتشا، وحيث أن الأمر استغرق منهم عدة مواسم إلى أن نجحوا في إنتاج أوراق الماتشا ذات الجودة العالية، فقد عانت ماروشيتشي في السنوات القليلة الأولى تحت وطأة الديون المتراكمة.
صناعة في تدهور
في الوقت الحاضر، توجد حشود من محبي الشاي الأخضر بشكل عام وماتشا بشكل خاص، سواء في اليابان أو في شتى أنحاء العالم. فالمقاهي تقدم ماتشا لاتيه والمطاعم تقدم ماتشا تيراميسو ومحلات المعجنات الراقية تقدم كعكة الماتشا والقائمة تطول. لقد نجح سوزوكي في مواكبة هذه الموجة العالمية بمهارة عالية. ولكن بشكل عام، فإن صناعة الشاي في اليابان لم تحقق النجاح المرجو في التكيف مع عالم متغير.
فقد انخفض الإنتاج المحلي من الشاي الأخضر في السنوات الأخيرة على الرغم من نمو الطلب العالمي. استمر تقاعد مزارعي الشاي من كبار السن بأعداد متزايدة دون أن يخلفهم أحد. لعل أحد أسباب هجرة المزارعين الشباب هو المنافسة في الأسعار الخارجية. ومع تزايد شعبية الشاي عالمياً، سارع المنتجون والتجار من الخارج إلى دخول السوق بمنتجات أرخص، منها الماتشا منخفض الجودة وحتى مسحوق سنتشا المتنكر فى صورة ماتشا.
يقول سوزوكي: ”إن اليابان لديها هذه المنتجات عالية الجودة التي يجب أن تكون قادرة على الاحتفاظ بها في السوق العالمية، لكن دون وجود علامة تجارية حقيقية، لن ننجح أبدًا في إقناع العالم بأن هذه المنتجات تستحق السعر الأعلى“.
على الرغم من التزامه بالجودة والتقاليد، إلا أن سوزوكي يحذر من أن العمل الشاق والحرفية التقليدية وحدهما لا يكفيان للحفاظ على صناعة الشاي اليابانية في القرن الواحد والعشرين. لقد تغيرت أنماط الحياة والأذواق. وبالتالي فإن الاستمرار في هذا المجال، يحتم على الصناعة أن تتبنى تقنيات جديدة مثبتة علمياً وأن تقوم بملاءمة منتجاتها لكي تتماشى مع الاحتياجات والأذواق المتغيرة لمستهلكي هذا العصر. يرعى سوزوكي ورش عمل منتظمة لتعليم المنتجين وتشجيع الابتكار الإبداعي.
مع المنافسة القوية في الأسعار التي تقوض ربحية زراعة الشاي، يعتقد سوزوكي أنه يجب أن تتغير الصناعة ككل للابقاء على الجيل القادم من المزارعين. وهذا يعني التركيز بقدر أقل على الشاي غير المعبأ من أجل البيع المباشر للمستهلكين والتركيز أكثر على الشاي لأغراض التصنيع، وتركيز الجهد والإبداع لتطوير وتسويق منتجات الماتشا ذات القيمة المضافة العالية.
وكمثال على ذلك، يعتزم سوزوكي تقديم خط إنتاج جديد من الشوكولاتة المشبعة بنكهة الماتشا القوية جداً يستهدف بها الموظفين في المكاتب وغيرهم ممن يريدون فترة راحة لطيفة من السباق المحموم. يشرح قائلاً: ” يحتوي الشاي الأخضر على مادتين تأثران في الجسم بشكل عكسي"، " حيث يحتوي على الكافيين كمنبه ولكن أيضاً يحتوي على الثيانين كمهدئ “. ”أعتقد أن الماتشا ساعد محاربي فترة سينغوكو على السيطرة على خوفهم من الموت والذهاب للمعركة بهدوء ولكن بتأهب“. يعتقد سوزوكي أنه يمكن للماتشا أن يقدم فوائد مماثلة ”لمحاربي الشركات“ في العصر الحديث المنهمكين في الاجتماعات الهامة أو العروض التوضيحية.
مستقبل الماتشا
لقد تغير تكوين سوق الشاي المحلي بشكل ملحوظ على مدى العقود القليلة الماضية. فيما مضى، كان كل مكتب ياباني يحتفظ بمخزونه الخاص من الشاي الأخضر غير المعبأ، والذي يتم بعد ذلك تحضيره بواسطة الموظفين ذوي الرتب المنخفضة (من النساء بشكل عام) في إبريق الشاي ليقدم طازجًا في الاجتماعات. يضحك سوزوكي قائلاً: ”هذا شيء يصعب طلبه في الوقت الحاضر“. من ناحية أخرى، يستمر تنامي الطلب على الشاي الأخضر عالي الجودة المعبأ في زجاجات.
يرى سوزوكي أن ثمة فرص كثيرة. يشير قائلاً: ”نحن نعيش في زمن تستطيع فيه أي من الشركات الإقليمية الصغيرة الترويج لمنتجاتها عبر الإنترنت“. ”بصفتي شخص وُلد وترعرع في هذا المجتمع، أفكر باستمرار فيما تملكه المنطقة من أصول فريدة وكيفية التعريف بها إلى بقية العالم“.
غالباً في الصباح، يمكن العثور على سوزوكي في المصنع الرئيسي لماروشيتشي سيتشا، وهو يتفحص ويتذوق عينات من أوراق الشاي المجففة (أكثر من 100 درجة ونوع) التي يتم إرسالها هناك من العديد من المرافق الأخرى حتى تتم معالجتها. وبالاعتماد على ذاكرة الشاي الخاصة به وخبرته الواسعة في مجال الشاي، قام شخصيًا بتحضير مجموعة واسعة من الخلطات المُعدّة خصيصًا لتلبية جميع الأذواق والأغراض. لقد حدث تكامل بين خبرته والتزامه بالجودة وبين روح المبادرة الإبداعية والذكاء التسويقي الحديث والالتزام تجاه المجتمع المحلي، نتج عنه جيلاتي وشوكولاتة لا مثيل لهما بنكهة الماتشا.
(كتب النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: سبع درجات من الجيلاتي بنكهة الماتشا في متجر نانايا. المقابلة والنص بواسطة دوي إيمي. جميع الصور بواسطة كاواموتو سييا ما لم يُذكر غير ذلك)
شركة ماروشيتشي سيتشا المحدودة
نانايا فوجيدا
- العنوان: 141-1 أوتشيسيتو، فوجيدا،شيزوكا 426-0076
- ساعات العمل: 10 صباحًا إلى السادسة مساءً
- مغلق أيام الأربعاء، باستثناء العطلات القومية