«كابتن ماجد»... يستعيد اسمه الحقيقي على يد شاب سوري!
ثقافة مانغا وأنيمي- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
عاشق كابتن ماجد يترجم تسوباسا
عندما عرض مسلسل الأنيمي الياباني الشهير الكابتن ماجد في الوطن العربي، حقق شعبية طاغية بين الأطفال حتى أن الشوارع كانت تخلو تماما من الأطفال مع بدء كل حلقة. وبعد أن يشاهد الأطفال بطلهم اللطيف الكابتن ماجد يذهبوا ليحاولوا تقليد المهارات والحركات التي بدعها ماجد أو أقرانه في المسلسل. أحيانا ينجح الأطفال في التقليد وأحيانا تكون المهمة مستحيلة، لكن تظل المتعة في المحاولة في حد ذاتها. عبادة قسومة الطالب السوري بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية كان أحد هؤلاء الأطفال الذين كانوا يستمتعون بمشاهدة الكابتن ماجد.
”كنت أقوم بتقليد حركات الكابتن ماجد، حتى أني فقدت الوعي في إحدى المرات التي كنت أقوم فيها بذلك. وقد حدث ذلك عندما كنت أحاول ضرب الكرة وأنا في الهواء مثل الكابتن ماجد، لكني سقط على رأسي وفقدت الوعي. لقد كنت من عشاق الكابتن ماجد“.
يقوم عبادة حاليا بترجمة المانغا الأصلية لأنيمي كابتن ماجد واسمها الياباني ”الكابتن تسوباسا“ من اللغة اليابانية للغة العربية لأول مرة. وقد بدأ نشر سلسلة مانغا الكابتن تسوباسا باللغة العربية في الدول العربية المختلفة في شهر يناير/ كانون الثاني ۲۰۱٧. وهي الآن تحقق أعلى المبيعات في مكتبة كينوكونيا اليابانية في دبي. وقد قامت مؤسسات دولية بتوزيع النسخة المترجمة على الأطفال من اللاجئين السوريين الذين يعانون بسبب الحرب الدائرة في سوريا، فكانت وسيلة بسيطة للتخفيف عن معاناة هؤلاء الأطفال.
يقول عبادة ”عندما طلب مني القيام بالترجمة كنت سعيدا، خاصة عندما علمت أن اسمي سيوضع على المانغا كمترجم لها“.
مقابلة مع مبتكر شخصية كابتن تسوباسا تاكاهاشي يوئيتشي: بطل كرة القدم الذي أسر القلوب حول العالم
اخترت اللغة اليابانية لصعوبتها
لقد بدأ اهتمام عبادة باللغة اليابانية بعد التحاقه بجامعة دمشق بسوريا. وقد فكر في البداية دراسة اللغة الإسبانية لكنه سمع أن اللغة اليابانية أكثر صعوبة، فبدلا من الخوف من دراستها قرر قبول التحدي وخوض تجربة دراسة اللغة اليابانية!
”أنا أعشق التغلب على الصعاب والأمور الغير مألوفة. وقد تدربت عامين مع فريق الجيش المحترف لكرة القدم في سوريا حتى وصلت للمستوى الذي يرضيني. بعد ذلك قررت خوض تحدي اللغة اليابانية“.
وقد استطاع عبادة أن يدرس اللغة اليابانية ويجتاز عقبة الكانجي الذي اعتبره مثل الرسوم التوضيحية، وهو ما سهل عليه عملية الحفظ. ونتيجة لمجهوده الشاق في الدراسة استطاع أن يحصل على منحة دراسية للدراسة بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية في اليابان.
”عندما كنت طفلا صغيرا كنت أعتقد مثل غالبية الأطفال أن كابتن ماجد عربي وليس يابانيا، خاصة وأن الدبلاج كان مصنوع بحرفية وكان لكل لاعب أو شخصية في المسلسل اسم عربي. وها أنا الآن حاليا أدرس في اليابان وأترجم مانغا الكابتن تسوباسا محتفظا بأسماء الشخصيات اليابانية لأعرّف العربي بها، وهو أمر يبدو كالحلم بالنسبة حتى الآن ولا يمكنني تصديق كيف وصلت بي الحياة إلى هذا الطريق“.
الترجمة تحافظ على النكهة الأصلية
”كابتن تسوباسا“ هي سلسلة مانغا يابانية تدور أحداثها حول البطل تسوباسا ولعبة كرة القدم والمنافسة مع الأقران والفرق الأخرى. وعند تحولها لمسلسل أنيمي عام ١٩٨٣ وعرضها فقد سلبت الحركات الأكروباتية الرائعة التي كان يقوم بها أبطال المسلسل أثناء المباريات قلوب الأطفال الصغار، وتسبب عرض هذا المسلسل في رواج وازدهار لعبة كرة القدم في اليابان.
لقد تم عرض أنيمي كابتن تسوباسا في أكثر من ٥٠ دولة مختلفة على مستوى العالم، وقد تم تغيير أسماء الشخصيات وفقا لكل دولة لأن الأنيمي موجه للأطفال بشكل خاص، فقد عرض في فرنسا تحت اسم ”أوليفييه“ وفي إسبانيا أطلق عليه ”أوليفر“ وفي الوطن العربي اتخذ اسما عربيا وهو ”ماجد“، حيث تم عمل الدبلاج للمسلسل في سوريا أيضا وهو ما يفسر بطبيعة الحال الأسماء العربية التي أطلقت على باقي شخصيات المسلسل.
والآن تقوم مكتبة كينوكونيا بنشر النسخة العربية المترجمة لمانغا كابتن تسوباسا بعد حصولها على حقوق النشر من شركة شوئيشا التي تملك تلك الحقوق، وتم طباعة المانغا في شركة داي نيبون للطباعة. وقامت مكتبة كينوكونيا ببيع نسخ المانغا في فرعها الموجود بإمارة دبي، وستواصل توزيع ونشر المانغا في ١٩ دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد تم ترجمة هذه المانغا مع الحافظ على الروح الأصلية لها ودون المساس بأسماء الشخصيات ومنحها أسماء محلية كما حدث في الأنيمي، وتؤكد على يابانية القصة وأبطالها شكلا وموضوعا. ويقول عبادة ”أريد تعريف القراء العرب بالثقافة اليابانية والأنشطة المدرسية وغيرها من أشكال الثقافة اليابانية“. وبعد نشر وبيع المانغا هذه المرة في مكتبة كينوكونيا، فهناك خطط لتوسيع الأعمال التجارية الخاصة بترجمة الأعمال اليابانية ونشرها باللغة العربية.
الأنيمي واللغة العربية
قام آوياما هيرويوكي البروفيسور بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية بترشيح وتزكية عبادة لترجمة المانغا. في الواقع كان البروفيسور آوياما نفسه يشاهد بشغف أنيمي كابتن ماجد.
”كان هذا عندما كنت أعيش في سوريا في تسعينات القرن الماضي. كنت أشاهد أنيمي الكابتن ماجد المدبلج للغة العربية لمساعدتي على دراسة اللغة العربية، لأن الحلقات كانت مدبلجة باللغة العربية الفصحى. وقد كان المسلسل مفيد للغاية لباحث مثلي عليه أن يقرأ أبحاث مكتوبة باللغة العربية“.
”لقد رشحت عبادة لترجمة المانغا لأنه يمتلك قدرات لغوية عالية ومميزة. في البداية لم تكن قضية مساعدة اللاجئين مطروحة، لذلك أود أن أؤكد أنني لم أختره للقيام بهذه المهمة لأنه سوري“.
لقد كانت خطط توزيع مانغا كابتن تسوباسا على اللاجئين السوريين منفصلة عن مشروع ترجمة ونشر المانغا. حيث قام البروفيسور نايتو ماسونوري من جامعة دوشيشا باقتراح هذا الأمر على شوئيشا والتي بدورها أبدت موافقتها الفورية على القيام بهذه الخطوة الإنسانية، ومن ثم قررت شراء ١٠٠٠ نسخة من ٣٠٠٠ نسخة تم طباعتها في الطبعة الأولى والتبرع بها.
في الواقع سمع عبادة عن موضوع مساعدة اللاجئين السوريين ودعمهم بعد شروعه في ترجمة المانغا. يقول البروفيسور آوياما ”إن مساعدة اللاجئين أمر رائع“ لكنه أبدى قلقه تجاه بعض وسائل الإعلام اليابانية التي ربطت بين ترجمة عبادة للمانغا ومساعدة اللاجئين السوريين فقد صور بعضها الموضوع بأن عبادة لاجئ سوري يترجم مانغا يابانية للغة العربية من أجل أطفال اللاجئين السوريين“.
ربط اليابان بالعالم العربي
هناك صعوبة في عملية ترجمة المانغا اليابانية للغة العربية، وقد اصطدم عبادة في البداية بمشكلة الخطوط المستخدمة في المانغا، فهناك العديد من أنواع الخطوط المستخدمة في المانغا اليابانية. وقد أراد عبادة أن يمشي على نفس النهج الذي تسير فيه المانغا اليابانية، فقام بالبحث عن ٣ أنواع من الخطوط يمكن استخدامها في المانغا وتتناسب مع طبيعة اللغة العربية، وبالفعل وجدها وحصل على إذن من مالك الحقوق الفكرية في استخدامها.
كذلك كانت هناك صعوبة تتمثل في التعامل مع اللغة العربية ومحاولة إمساك العصا من المنتصف حتى لا تكون المانغا بلغة عربية صعبة الفهم وفي نفس الوقت بعيدة عن اللهجات المحلية لكل دولة، لكن أحيانا يتم التغلب على تلك المشكلة عبر استخدام مفردات بسيطة ومفهومة قدر الإمكان. وأحيانا يستعين عبادة بأصدقائه العرب الذين يدرسون معه بنفس الجامعة للتأكد من لفظ ما ومعناه في اللهجات المختلفة.
يقول عبادة ”أقوم الآن بالعمل ووصلت حتى المجلد السابع في السلسلة، وقد تعلمت من الخبرة التي اكتسبتها كيفية استخدام الخطوط بشكل جيد. وكما قال البروفيسور آوياما إذا استخدمنا وفعلنا القوة الناعمة للمانغا، يمكننا الربط والوصل ليس فقط بين اليابان وسوريا بل بين اليابان والوطن العربي كافة. وأنا أبذل قصارى جهدي لأنه إذا استمريت على هذا المنوال أعتقد أن المانغا القادمة التي سيتم نشرها بعد الكابتن تسوبسا ستفعل ذلك“.
يقوم عبادة حاليا بالدراسة في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية وفي نفس الوقت يترجم كابتن تسوباسا ويبحث عن عمل له في اليابان. وأعرب عن أمله في العمل باليابان بعد تخرجه في العام القادم.
”لقد حصلت على فرصة عن طريق الصدفة للمساهمة في مساعدة وطني هذه المرة. ولكن، والمرة القادمة أريد أن أقوم بنفسي بشيء ما وأخذ زمام المبادرة من أجل مساعدة سوريا. لقد استطاعت اليابان أن تنهض من كبوتها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، وقامت بإعادة الإعمار في فترة قصيرة من الزمن، وشهدت نموا سريعا. يجب أن نتعلم من ذلك جيدا ونفهم الدرس، وأنا سأركز في عملي جيدا وأتقنه حتى يمكنني أن أفيد وطني بعد نهاية الحرب الأهلية في سوريا. وفي المستقبل أريد أن أكون جسرا بين اليابان والعالم العربي. الطريق الصعب جدا ولكن أريد أن أستمر في قهر الصعاب وتحديها مثلما كان يفعل بطل المانغا تسوباسا أو ماجد“.
(النص الأصلي باللغة اليابانية. الصور والفيديو: ميوا نوريأكي. قام بالتغطية والكتابة قسم التحرير من nippon.com)