صفوق الشمري.. رحلة جراح قلب سعودي مع الخلايا الجذعية في اليابان!
مجتمع- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
هناك العديد من الأمثلة الناجحة لأطباء عرب برعوا سواء في الوطن العربي أو في أوربا وأمريكا في كافة مجالات الطب، الذين اجتهدوا ونحتوا في الصخر ليصلوا إلى ما وصلوا إليه من شهرة عالمية. فمن منا لا يعرف الدكتور مصطفى السيد
عالم الكيمياء المصري الذي يعد أول عربي يحصل على قلادة العلوم الوطنية الأميركية لإنجازاته في مجال النانو تكنولوجي وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان.
وجراح القلب الشهير مجدي يعقوب الذي لا يزال يخدم الإنسانية بعطائه الدائم والمستمر والذي حصل على لقب ”فارس“ عام 1966، وعلى جائزة ”فخر بريطانيا“ عام 2007.
لكن من الجيل الجديد هناك أيضا أطباء نجحوا في إيجاد مكان لهم في اليابان. تحدثنا مع دكتور صفوق الشمري وهو جراح سعودي حصل على الدكتوراة في الطب والخلايا الجذعية من جامعة أوساكا اليابانية.
دكتور صفوق وجدنا في التعريف الخاص بكم ”مدير الشؤون الصحية الشاملة ومسؤول في قسم استراتيجيات التطوير في كلية الطب في “جامعة أوساكا”، منذ يوليو 2015، اليابان“ فهل من الممكن أن تعطينا نبذة عن بداية قصتكم مع الدراسة في اليابان؟
صفوق الشمري: ”قبل عدة سنوات، دعاني عميد كلية الطب في جامعة أوساكا، وكانت لديه قناعة أني سأكون مناسباً للمنصب، وجهة نظره كانت، بما إني عايشت عدة ثقافات سواء الثقافة اليابانية، الثقافة العربية، الثقافة الغربية، وأمضيت عدة سنوات أتنقل بين عدة دول مختلفة، وفي نفس الوقت أملك خبرة في الإدارة، حيث أني حاصل على شهادة عليا في الإدارة السياسية، كما كنت أعمل كمستشار لبعض الجهات فيما يخص التعاون والمشاريع الدولية، وكنت شاكراً له جدا لثقته وحسن ظنه بي“.
لماذا اخترت دراسة الخلايا الجذعية؟ ولماذا اليابان؟
صفوق الشمري: ”كان لدي قناعة سابقة، والآن أصبحت شبه حقيقية ليس فقط لدينا ولكن لكثير من العلماء والأطباء حول العالم، أن أحد أهم مجالات الطب في المستقبل هو الطب التجديدي والخلايا الجذعية، ليس فقط لأن له دور في جميع التخصصات الطبية الأخرى ولكن لأنه من الممكن أن يلعب دور حيوي في علاج كثير من الأمراض المستعصية، بل أيضا حتى علاج الأمراض المزمنة التي ليس لها علاجات جذرية، والخلايا الجذعية ستقدم علاجات ناجعة تشفي أصل المرض، فالخلايا الجذعية هي الخلايا الأصلية للجسم البشري والتي تستطيع تتكاثر وأيضا تستطيع التخصص إلى عدة أنسجة أخرى وتقوم بإصلاح الأنسجة المتضررة والمعطوبة، أما لماذا اخترت اليابان تحديداً ، فالموضوع واضح، حيث أن اليابان واحدة من ضمن أكثر الدول تقدمًا في العالم في مجال الطب التجديدي والخلايا الجذعية، فهناك شبه إجماع عالمي أن اليابان في المراكز المتقدمة في هذا المجال، وكثير من أهم اكتشافات الخلايا الجذعية حدثت في اليابان“.
هل مارست الطب في اليابان؟ أو قمت بعمل عمليات جراحية سواء لعرب أو يابانيين؟ هل حصلت على رخصة مزاولة الطب في اليابان؟
صفوق الشمري: ”أعتبر نفسي من الذين وفقهم الله أن درسوا وعملوا في قسم جراحة القلب في جامعة أوساكا، التي تعد من الجامعات اليابانية العريقة والتي لها تاريخ في مجال دراسة الطب. حيث أن أول عملية جراحة قلب مفتوح، و أول عملية زراعة قلب في اليابان، تمت في قسم جراحة القلب في جامعة أوساكا، كما أن أول عملية قلب صناعي مساعد في اليابان أيضا تمت في هذا القسم. وإذا تحدثنا عن تطورات جراحة القلب في اليابان عبر التاريخ وحاليًا فاننا سنجد أن كثير من التطورات تمت في هذا القسم، لذلك أنا سعيد جدًا كوني درست وعملت في هذا القسم الفريد من نوعه. وخلال الفترة السابقة قمنا بالعديد من العمليات سواء لمرضى عرب أو يابانيين، وهدفنا في القسم دائمًا مساعدة الناس بغض النظر عن عن جنسياتهم أو خلفياتهم، والحمد لله يعد القسم من أنجح الأقسام حتى على المستوى العالمي من حيث نجاح العمليات وقلة المضاعفات والوفيات، وكنت من الأطباء الذين حصلوا على رخصة مزاولة الطب في اليابان بشكل استثنائي عام 2009.
هل يمكن أن تحدثنا عن مستقبل الخلايا الجذعية والطبي التجديدي في الشرق الأوسط وكيف يمكن تطبيق ما درسته وتعلمته في اليابان؟
صفوق الشمري: ”طب الخلايا الجذعية والطب التجديدي الان بدا ينتشر في كل العالم واصبحت اقسام الطب التجديدي والخلايا الجذعية اقسام رئيسية في اكبر المستشفيات والجامعات من شرق الارض الى غربها ، وطبعا منطقة الشرق الأوسط جزء من العالم، وأستطيع القول إن هناك حماس في الشرق الأوسط للطب التجديدي والخلايا الجذعية، ولا شك أن منطقة الشرق الأوسط بما لديها من أمراض مزمنة، وكذلك نقص في التبرع وزراعة الأعضاء، فإن المنطقة بحاجة ماسة للطب التجديدي والخلايا الجذعية. وحاليًا نؤسس لبرامج ومراكز في الشرق الأوسط لنشر العلم في هذا المجال وأيضا لمساعدة المرضى“.
ما هو نشاطك الحالي؟
صفوق الشمري: ”نشاطي الحالي هو تأسيس مراكز للأبحاث والعلاج بالطب التجديدي والخلايا الجذعية في منطقة الشرق الأوسط وأيضا إنشاء برامج دراسات عليا لتعليم الطب التجديدي بالتعاون مع الجانب الياباني، وكذلك تركيزي على الأبحاث وتطوير التقنيات للجيل الجديد من الطب، وأعتقد أن طب المستقبل يرتكز على أربعة أعمدة رئيسية تتمثل في الذكاء الصناعي، الروبوتات، الطب التجديدي والخلايا الجذعية، والعلاج الجيني والطب الشخصي. لذلك تركيزي منصب حاليا على هذه الأعمدة الأربعة وأحاول إنشاء برامج لها حول العالم“.
ما هو الإنجاز الأبرز في مسيرتك حتى الآن من وجهة نظرك؟
صفوق الشمري: ”الحمد لله أني التحقت بقسم جراحة القلب في جامعة أوساكا في العصر الذهبي لهذا القسم بقيادة الأستاذ العظيم يوشيكي سوا، حيث قاد هذا القسم الطب في العالم من خلال أول برنامج علاج في تاريخ العالم لمرضى الفشل القلبي يتم اعتماده، وكما يعرف البعض أن مرض الفشل القلبي ليس له علاج إلا عن طريق عمليات زراعة القلب وأن 50٪ من المرضى يفارقون الحياة خلال 5 سنوات، وهناك نقص كبير في المتبرعين، لذلك قسم جراحة القلب في جامعة أوساكا قدم خدمة للبشرية باستخدام العلاج بالخلايا الجذعية لعلاج الفشل القلبي. وكان العلاج ذو نسبة نجاح مميزة، وتم اعتماده رسميا كأول علاج في العالم للفشل القلبي، ولي الفخر أني عضو في هذا الفريق بقيادة الأستاذ سوا“.
كيف كانت علاقتك مع زملاءك وأساتذتك في الجامعة؟
صفوق الشمري: ”العلاقة ممتازة بيني وبين أستاذي وزملائي وتعلمت منهم الكثير، وحاليًا بعد أن أصبحنا زملاء ما زال الاحترام والتقدير بيننا كما هو بل وأفضل“.
ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء دراستك في اليابان؟
صفوق الشمري: ”في البداية من الطبيعي أن تواجه بعض الصعوبات البسيطة لأن المجتمع الياباني يختلف عن المجتمعات الأخرى، ومهما سافرت حول العالم فإن المجتمع الياباني له خصوصيته واختلافاته عن المجتمعات الأخرى، لذلك تحتاج بعض الوقت للتاقلم ومن بعدها تصبح الأمور سلسة وسهلة“.
ما هو في رأيك الاختلاف بين المواطن السعودي والياباني على مستوى العمل والحياة؟
صفوق الشمري: ”هناك اختلاف بالطبع من ناحية طريقة العمل بين الشخصية اليابانية والعربية بشكل عام،
كما أن ثقافة العمل في اليابان تحتم البقاء لساعات طويلة في العمل تمتد غالبا إلى ساعات متأخرة من الليل، بينما ساعات العمل في الدول العربية محددة وأقصر من اليابان. كما أن الموظف في اليابان لا ينهي عمله ويعود للمنزل قبل رئيسه حتى لو تأخر الرئيس في العمل، بينما الدول العربية ساعات العمل محددة و معروفة ولا توجد مثل تلك الحسابات والعادات التي يتميز بها مجتمع الأعمال في اليابان”.
ما هي الصفة التي أعجبتك في الشخصية اليابانية؟ وأوجه التشابه بين الشخصية اليابانية والسعودية؟ هل يمكن أن تذكر أمثلة؟
صفوق الشمري: ”أحب في الشخصية اليابانية روح الفريق ودائما ما يعتمد العمل على “المجموعة” وليس “الفرد”،
كما يتم نسب النجاح للفريق بالكامل، وروح الجماعة غالبًا مقدمة على روح الفرد. أيضا التواضع صفة أحبها جدًا في اليابان، و”الاحترام“ صفة مميزة لليابانيين وضف إلى ذلك ”الالتزام“، عندما يقوم الياباني بعمل شيء فإنه يقوم به بمنتهى الإخلاص، ويعتبر إتقان عمله شي أقرب إلى التقديس”.
”هناك تشابه كثير بين الشخصية اليابانية والعربية، حتى أنني أتفاجأ بعض الاحيان من بعض العادات والتقاليد وطريقة التفكير، كلاهما الياباني والسعودي فعلاً شخصيات شرقية، تعتز كثيرا بتراثها وحضارتها، كلاهما يحترم الكبير ويجله، وكلاهما يهتم كثيرا بالعائلة، وحتى وهناك بعض العادات التاريخية القديمة التي نتشابه فيها، مثلا وقت غروب الشمس فالآباء يطلبون من الأطفال البقاء في البيت، أيضًا إعطاء العيدية أثناء الأعياد للأطفال، وهناك الكثير من العادات التاريخية المتشابه إلى حد كبير“.
موقف لا يمكن أن تنساه حدث لك في اليابان؟
صفوق الشمري: ”في بداية قدومي لليابان، لاحظت أن الناس تشحن هواتفهم المحمولة في الأماكن العامة وتتركها وتعود لها لاحقا وهي تشعر بالأمان، ولا يضيع شي أو يختفي، وقتها كنت لا أعرف أي مكان أخر ربما في العالم يمكن أن تترك فيه أغراضك بكل امأن دون أن تخشى ضياعه أو سرقته! وبعدها علمت مدى الأمان الذي تتمتع به اليابان، لذلك تتصرف بكل أريحية فيما يخص أغراضك أو متعلقاتك ولا تشعر بالقلق أبدًا“.
هل وجدت عنصرية تجاهك في اليابان؟
صفوق الشمري: ”بالعكس وجدت كل المودة والصداقة، وكان كثير من الزملاء يقولون عني من أهل أوساكا المحافظة التي كنت أعيش بها، فأنا أحب أوساكا وأهلها بشكل كبير، فهم مميزين، مرحين، وودودين“.
لكن اليابان مثل أي بلد في العالم يوجد الكثير من الناس الطيبين وبعض السيئين، لا تستطيع أن تعمم، ولا تستطيع أن تقول لا يوجد عنصرية بشكل كامل، لكن إذا وجدت العنصرية فهي قليلة نسبيا مقارنة ببقية دول العالم وتكون عادة من ضيقي الأفق والذين لا يعرفون العالم ولم يخالطوا الأجانب”.
ما هي طموحاتك للمستقبل؟
صفوق الشمري: ”كانوا يقول لي بعض الزملاء والمسؤولين اليابانيين أني أعد جسر بين العالم والعرب، وأتمنى أن أصنع ليس جسرًا واحدًا، ولكن أكثر من جسر بين اليابان والعرب في شتى المجالات العلمية، الطبية، التكنولوجية، والثقافية. اليابان لديها الكثير لتقدمه، لكن اليابانيون بطبعهم خجولين بخصوص تسويق أنفسهم، وأيضا يحتاجون بعض الوقت والتفكير الطويل نسبيًا قبل التقدم بأي خطوة. لذلك نحتاج للوصول إلى أرضية مشتركة وشرح الموضوع بطريقة يفهما كلا الطرفين“.
رسالة أو نصيحة توجهها للشباب السعودي الطامح في الدراسة في اليابان بشكل عام؟
صفوق الشمري: اليابان بلد جميل وشعب ذو حضارة عريقة، ولديه مقومات التقدم والتطور والتكنولوجيا وفي نفس الوقت مجتمع شرقي يفهم الشخصية الشرقية.
(المقابلة من إعداد nippon.com، صورة العنوان الدكتور صفوق الشمري)