
خدمة جليسات الأطفال في اليابان
مجتمع- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
العمل على توفير خدمة منخفضة التكلفة وفي متناول الجميع
يواصل رئيس الوزراء شينزو آبي تأكيد عزمه على جعل اليابان مكاناً تتنشط فيه جميع النساء، لكن هناك العديد من العقبات تقف حائلا أمام تحقيق ذلك المبتغى. حيث لا يزال يُنظر إلى مسألة تربية الأطفال ورعايتهم على أنها مهمة تقع في المقام الأول على عاتق المرأة، ويظل أمر رعاية الأطفال والاهتمام بهم من أكبر العقبات التي تواجهها. ووفقاً لإحدى الدراسات الاستقصائية الحكومية، كان هناك 55,000 طفل على قوائم الانتظار للحصول على أماكن في دور حضانات رعاية الأطفال في الفترات النهارية في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بزيادة قدرها 7600 طفل مقارنة بنفس الشهر من العام السابق. ويعزى ذلك إلى ندرة العاملين في مجال رعاية الأطفال في الفترات النهارية وصعوبة العثور على أراضٍ لبناء مراكز كدور لرعاية الأطفال في طوكيو، وهاتان فقط مجرد مشكلتان يجب على الحكومة التغلب عليهما إذا كانت تأمل في خفض عدد الأطفال المدرجين على قوائم انتظار الالتحاق بإحدى دور حضانات الفترات النهارية إلى الصفر.
وإدراكًا لنقص الدعم الكافي لرعاية الأطفال في اليابان، قامت سيدة الأعمال تسونيزاوا كاهوكو بتأسيس شركة كيدزلاين في عام 2014 بنظام إلكتروني مريح ومنخفض التكلفة يمكن استخدامه عبر الإنترنت لتوفير جليسات أطفال موثوق بهن. حيث بدأت ثقافة جليسة الأطفال في اليابان تحظى بالقبول، وعلى حسب قول تسونيزاوا فلا يزال هناك الكثيرون ينظرون إلى خدمة جليسة الأطفال على أنها أمر مكلف تستخدمها العائلات الميسورة الحال فقط. إلا أن شركة كيدزلاين تغير هذا المنظور بجعل الأمر أكثر سهولة ويسر على الآباء الراغبين في الحصول على جليسة أطفال بتكلفة منخفضة تصل إلى 1000 ين في الساعة الواحدة.
وتقول تسونيزاوا ”من المستحيل إعطاء صلاحيات للنساء في اليابان بشكل كامل عندما يكون هناك قصور في الدعم المقدم من أجل تربية الأطفال، فالشباب عادة ينتقلون إلى طوكيو من أجل الدراسة بالجامعة ويقيمون في المدينة، ويجدون وظائف هنا ويتزوجون. وهذا يعني أن العديد من الأزواج الشباب يعيشون على مسافة بعيدة من والديهم. ويشهد الوضع الحالي عمل المزيد من النساء خارج منزلهن، ولكن مع عدم تواجد الوالدين أو الأقرباء، فلا يوجد أحد يمكنه الاعتناء بالأطفال. وفي حالات كثيرة، تتحمل النساء العاملات عبء رعاية أطفالهن بالكامل. لذلك نحن بحاجة إلى بنية تحتية اجتماعية تتوفر فيها رعاية الأطفال بسهولة، ولكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها. ومن هنا ظهرت فكرتي في تقديم خدمة تلبي هذه الاحتياجات“.
الشرارة التي مهدت الطريق
تخرجت تسونيزاوا من الجامعة في أواخر التسعينيات وبدأت العمل في شركة ريكروت، وهي شركة موارد بشرية متكاملة معروفة بأنشطة التوظيف الاستباقية. وسعت الشركة إلى تحمل جميع الموظفين بغض النظر عن جنسهم نفس المسؤوليات، حيث خضعت تسونيزاوا على الفور لإجراء اختبارات على المكالمات الهاتفية المعروفة بالـ (cold calls) (مكالمة العملاء دون معرفة مسبقة لحثهم على التعامل مع الشركة). وبعد بضع سنوات انتقلت إلى شركة التجارة الإلكترونية راكوتين، حيث عملت على تطوير أعمال جديدة هناك. وفي عام 2000 عندما كانت في السادسة والعشرين من عمرها، لفتت الأنظار لها كسيدة أعمال واعدة عندما أنشأت شركة Trenders، وهي شركة تسويق تستهدف النساء. وسارت الأعمال بها على ما يرام، ولكن عندما وصلت تسونيزاوا للثلاثينات من عمرها واجهت بشكل مباشر عبء كونها أم عاملة.
وتقول ”كان لديّ ثلاثة أطفال في أوائل الثلاثينات من عمري وعلمني ذلك التحدي المتمثل في تحقيق التوازن بين العمل وواجبات الأمومة. إلا أن الأمر كان صعبا للغاية مع طفلتي الأول. حيث ولدت بمرض عضال وتطلبت رعاية خاصة، الأمر الذي جعلني اعتقد أنه في مرحلة ما سأضطر فعلاً للتخلي عن العمل تماماً “.
حدث ذلك في عام 2005. حيث لم تكن تسونيزاوا قادرة على إدخال ابنتها في إحدى دور حضانات الأطفال في الفترات النهارية بسبب حالتها الصحية، الأمر الذي جعلها تفكر في بيع شركتها. إلا أنه وبمساعدة أفراد عائلتها وجليسات الأطفال، تمكنت من رعاية ابنتها إلى أن توفت وهي في سن الرابعة. وفتحت هذه التجربة عيون تسونيزاوا على إمكانيات تحقيق ما تسميه ”تربية الأطفال الجماعية“ والمتعة التي يمكن أن تتحقق من عمل ذلك .
استمرت تسونيزاوا في العمل بدوام كامل أثناء رعاية طفليها الصغيرين بمساعدة والدتها وجليسات الأطفال. وتم إدراج شركتها Trenders في قائمة بورصة طوكيو بقسم الأسواق المتقدمة والأسهم الناشئة في عام 2012، ولكن بدافع من تجربتها الخاصة والرغبة في جعل تربية الأطفال أكثر متعة للأمهات مع الأطفال المرضى أو الذين ينتظرون أماكن في دور حضانات الأطفال بالفترات النهارية، قررت تسونيزاوا ترك العمل بعد ذلك بعامين لتأسيس شركتها الجديدة كيدز لاين.
تسونيزاوا في إحدى النزهات مع طفليها. (الصورة مقدمة من تسونيزاوا كاهوكو)
وتوضح تسونيزاوا بأنها تهدف إلى جعل كيدزلاين جزءًا أساسيًا من المجتمع الياباني. وتقول ”إن العديد من دور الحضانات تعمل فقط من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساءً، وهو أمر غير عملي للعائلات التي يعمل بها كلا الوالدين أو لا يتوافق مع أساليب العمل الحالية الأكثر تنوعا. والوضع الأمثل ينبغي أن يكون الأهل فيه قادرين على حجز جليسة أطفال بسهولة كلما احتاجوا إلى إحداهن. كما هو الأمر في سهولة التسوق عبر البريد حيث خدمات التوصيل التي تجلب الطرود حتى باب المنزل بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه في اليابان، فأنا أرغب في تأسيس شبكة على الصعيد الوطني تقدم خدمات توفر للمواطنين بأريحية جليسات أطفال موثوق بهن. ويجب أن يكون هذا النوع من الخدمات عبارة عن بنية تحتية داعمة يمكنها المساهمة في مواجهة انخفاض معدل المواليد ومساعدة الناس على تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الاجتماعية“.
ضمان الجودة من خلال انطباعات العملاءأدى تأسيس شركة كيدزلاين إلى اقتناع تسونيزاوا أكثر من أي وقت مضى بمدى حرص الناس على خدمات جليسات الأطفال اللاتي يمكن الاعتماد عليهن.
وتقول تسونيزاوا موضحة ”بأن هناك الكثير من الأمهات اللاتي ليس لديهن مكان يلجأن إليه للحصول على المشورة بشأن كيفية تربية الأطفال. فعلى سبيل المثال، يشعر العديد من الآباء بالقلق حيال مسألة أن أطفالهم لا يتطورون بسرعة مقارنة مع نظرائهم. إلا أنه من خلال التعود على التحدث مع جليسات الأطفال المتمرسين، فيمكنهم الشعور بالاطمئنان بشأن أمر تطور أطفالهم وأنهم بذلك على المسار الصحيح“.
وتضيف قائلة ”إن كلمة السر وراء نجاح كيدز لاين هو جودة جليسات الأطفال. ويرجع البعض أحد أسباب تأخر مستوى دور الحضانات التي تعمل في الفترات النهارية في اليابان إلى أن الأفراد الموهوبين لا يلتزمون بالعمل لأن الأجر منخفض. ولكن أعتقد أن هذا يمكن تغييره. فنحن نقوم بإجراء مقابلات مع مربيات الأطفال بعناية ويقدم العملاء ملاحظاتهم وانطباعاتهم في كل مرة يستخدمون فيها خدماتنا. ويمكن الاطلاع على هذه الآراء ومشاركتها من قبل المستخدمين المسجلين. كذلك الأمر بالنسبة لجليسات الأطفال فهن يعرفن أنه يتم تقييمهن من أجل الحفاظ على المعايير، وتساعد إتاحة المعلومات على الحد من الحوادث المؤسفة. كما يعزز استخدام تبادل المعلومات من كفاءة عملية تحقيق التوافق بين المربية ومتطلبات العملاء، حيث نستطيع من خلال ذلك تقليل هامش تدخل الوكلاء والوسطاء. وكلما نجحنا في تحقيق نتائج أفضل، انعكس ذلك بدوره على الناحية المالية لكل من المربيات والشركة، وهو الأمر الذي أسعى لتحقيقه“.
كيدزلاين لديها حاليا 1700 جليسة أطفال مسجلة في الشركة. وعدد المستخدمين المنتظمين في تزايد مستمر وأيضا شبكة دعم وانتشار الشركة في جميع أنحاء البلاد تسير على قدم وساق. ويتم أولاً إجراء مقابلات مع الجليسات المتقدمات للعمل من قبل الموظفين ويتم إعطاؤهن تدريباً أثناء العمل من قبل ”أمهات مدَرِبات“ تابعين أيضا للشركة. وتقدم الشركة خدماتها للأطفال الرضع حتى سن الخامسة عشرة. ويتم التعامل مع الأطفال الأكبر سناً لأن المريبات غالباً ما يعملون أيضاً كمدرسات لمساعدة الأطفال على أداء واجباتهم المدرسية.
وتوضح تسونيزاوا قائلة بأن هذا الجزء الأخير بالتحديد يمثل مسألة رئيسية مهمة لكثير من الآباء والأمهات. وتقول ”لدينا 600 طالبة جامعية مسجلة، وبعضهن يتحدث أكثر من لغة. ويمكنهن أن يقلوا الأطفال من المدرسة، ويساعدوهم في أداء الواجبات المنزلية، ويتناولن العشاء معهم. فالعديد من النساء تشعرن بنوع من الصراع الداخلي حيال مسألة ترك أطفالهن في رعاية أشخاص آخرين، لكن القول بأن أطفالهن مع مُدرسة يجعل من السهل على الأمهات تقبل الأمر، وخاصة أولئك اللاتي تشعرن بالقلق بشأن ما يعتقده أقرانهن، حيث بإمكانهن بذلك استخدام الخدمات المقدمة من الشركة دون التعرض للحرج الذي يصاحب استقدام جليسة أطفال“.
التعاون مع الشركات والبلديات
يبدأ معدل الأجر عن الساعة الواحدة لإحدى جليسات كيدزلاين 1000 ين، لكن الجليسات بإمكانهن تحديد أجورهن الخاصة بناءً على الخبرة والخدمات اللاتي يستطعن توفيرها. إلا أنه من أجل الحفاظ على أسعار معقولة للمستخدمين، فقد استطاعت تسونيزاوا التواصل مع الشركات والبلديات بشأن استخدام الخدمة. وتقول ”يمكن لأي شركة، على سبيل المثال، أن يكون لها عقد معنا بموجبه يقوموا بعرض خدمة مجالسة الأطفال كحافز إضافي لموظفيهم وتقديم دعم مالي لمستخدمي الخدمة. وقمنا أيضاً بالعديد من الترتيبات مع عدة بلديات في طوكيو وما حولها وأماكن متفرقة أخرى لتقديم الدعم المادي لمساعدة مستخدمي خدمات الشركة “
وتضيف تسونيزاوا قائلة ”إن العديد من مستخدمي خدمة مجالسة الأطفال هن أمهات عازبات. وغالباً ما يتم ذكر مشكلة الفقر بين الأمهات العازبات في وسائل الإعلام، ولكن يجب إيلاء المزيد من الاهتمام للعوامل التي أدت إلى ذلك الوضع، مثل قلة دُور الحضانات النهارية، التي تمنع هؤلاء النساء من العمل لساعات كافية للحصول على مستوى معيشي لائق. وبالطبع، هناك العديد من الأمهات العازبات الميسورات الحال، لكن هناك الكثير من غيرهن ممن يكافحن من أجل تحقيق التوافق والتناغم بين كلا الأمرين. لذلك فإن الإعانات التي تقدمها الشركات أو البلديات تجعل من خدمات مجالسة الأطفال أمراً في متناول اليد وفي نفس الوقت تستفيد الأمهات من خلال تمكينهن من التركيز بشكل أكبر على وظائفهن وأطفالهن عن طريق السماح لهم بالتفاعل مع أشخاص بالغين آخرين. فكثير من الأمهات العازبات يشعرن بالضيق من كونهن ليس لديهن وقت أو طاقة للتحرك خارج نطاق روتين الحياة اليومي الذي يفرض عليهن قيودا لا يستطيعن التخلص منها. وأنا آمل أن يساعدهم استقدام جليسة أطفال على توسيع نطاق معارفهم. وأود أن تكون كيدزلاين بمثابة بصيص أمل يفتح لهؤلاء النساء وأطفالهن مزيداً من الفرص في الحياة“.
الاعتناء بأطفال الآخرين مسؤولية كبيرة
ويبلغ عدد الموظفين حاليا في كيدزلاين حوالي ثلاثين شخصاً، من ضمنهم خمسة عشر موظفاً نظامياً. والعديد من الموظفين لديهم خبرات في تكنولوجيا المعلومات في مجالات الإعلانات أو تطوير الألعاب. وتقول ”معظم مهندسينا متزوجون ولديهم أطفال، وكثير منهم أتو إلى كيدزلاين يريدون العمل في وظيفة تستخدم تقنيات مختلفة للمساهمة في تطوير المجتمع“.
عدد متساو من الرجال والنساء العاملين في مكتب كيدزلاين بحي روبونغي في طوكيو.
وبعد أربع سنوات من تأسيس كيدزلاين تأمل تسونيزاوا بالتوسع خارج البلاد وإدراج الشركة في البورصة في نهاية المطاف. وعندما سُئلت عما إذا كانت قلقة بشأن دخول منافسين لها في هذا المجال، ردت بأنها واثقة من أن خبراتها تعطي الشركة قدرة تنافسية. وتقول ”لا يمكن إدارة وتشغيل خدمة كهذه إلا إذا كان رب العمل يشعر بالالتزام بكل كيانه. فنحن نتعامل هنا مع حياة أطفال. ولقد قمت بتأسيس كيدزلاين بناء على خبرتي في إنشاء شركتي السابقة وكأم لثلاثة أطفال. وأشعر أن معظم الناس ينتابهم الكثير من الحذر تجاه المخاطر التي ينطوي عليها القيام بأمر كذلك، ويقوموا بفرض المزيد من اللوائح عوضا عن العمل بشفافية. وهذا من شأنه أن يجعل الخدمة أكثر تعقيدًا وتكلفة وصعوبة على العملاء لاستخدامها“.
فأكبر مزايا شركة كيدزلاين هي جودة الخدمة المقدمة، ويرجع ذلك لخبرة تسونيزاوا كسيدة أعمال واعدة وكأم، ولسمعتها الموثوق بها بين المستخدمين.
(النص الأصلي نشر باللغة اليابانية في الأول من يونيو/ حزيران 2018، الترجمة من الإنكليزية. المقابلة والمادة الحوارية من إعداد إيتاكورا كيمي من فريق عمل Nippon.com. الصور بعدسة ميوا نوريأكي)