العلاقات اليابانية السعودية
مجتمع ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
يقوم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال زيارته للشرق الأوسط بزيارة كل من المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وتركيا في العطلة الممتدة من نهاية شهر أبريل/ نيسان إلى أوائل مايو/ أيار. ومواكبةً لهذا الحدث قمنا بإجراء هذا اللقاء الحصري مع سعادة السفير عبد العزيز تركستاني سفير المملكة العربية السعودية باليابان.
وفي أثناء ذلك سألنا سيادته عن رأيه الشخصي في ثورات الربيع العربي بعد مرور عامين على اندلاعها في كل من تونس، مصر، ليبيا، اليمن. كما تحدث لنا أيضاً عن العلاقات بين المملكة العربية السعودية واليابان، وشدد على بناء شراكة استراتيجية وليس فقط الاعتماد على ”سياسة الموارد“ التي سادت العلاقات بين البلدين حتى الآن. كما أشار لرغبة سيادته في توطيد وتعزيز العلاقات والتبادل بين الدولتين على مستويات متعددة ومختلفة مثل التبادل الرياضي والثقافي.
تعزيز التبادل على مستوى القاعدة
تأتي زيارة رئيس الوزراء آبي للشرق الأوسط بعد حوالي سبع سنوات، ترى ماهي التحديات المستقبلية أمام كل من المملكة العربية السعودية واليابان؟
إن العلاقات بين المملكة العربية السعودية واليابان لها تاريخ طويل منذ عام ١٩٥٥. وقد تم التوافق على تعزيز الحوار والشراكة الاستراتيجية بين الدولتين أثناء الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الحالي آبي في فترة ولايته السابقة عام ٢٠٠٧ وها نحن نرحب به من جديد في المملكة العربية السعودية.
لقد ارتكزت العلاقات بين الدولتين على التعاون في مجال النفط وتكنولوجيا البتروكيماويات فقط. ولكن أتمنى أن يأخذ التعاون بيننا شكلا أخر مرتكزاً على شراكة استراتيجية قوية على مستوى القاعدة بين دولتينا، إن ما أتمناه في المستقبل هو أن يتم إدخال التكنولوجيا الصناعية والصناعات التحويلية اليابانية إلى المملكة العربية السعودية.
تعد اليابان شريكاً هاماً واستراتيجياً للمملكة العربية السعودية، إذ تبلغ نسبة النفط الذي يتم استيراده من المملكة العربية السعودية ٢٧٪ إلى ٣٠٪ من إجمالي الواردات. لا يقتصر التعاون بين البلدين على الدعم التكنولوجي الذي تقدمه الحكومة اليابانية من خلال مساعدات التنمية الرسمية، بل هناك رابطة قوية من الجانب المالي والنقدي باعتبار أن كلا البلدين عضو في مجموعة العشرين G20. ونحن نأمل في بناء علاقات مربحة ومفيدة للجانبين في المستقبل بإذن الله تعالى.
السعودية وشعار ”صنع في اليابان“
أنا أعشق كلمة ”صنع في اليابان“ ولكني آمل أن أرى: ”صنع في اليابان وفي المملكة العربية السعودية“ في المستقبل. وكجزء من هذا، تعمل القيادة السياسية في الدولتين على تعزيز برامج الشراكة الاقتصادية. ويضم هذا البرنامج خمس مجالات هي: السيارات، قطع الغيار، مشاريع المياه، البنية التحتية، الطاقة. أتمنى من ناحيتي الاستمرار في الحفاظ على علاقات تعاون وثيقة ليس في مجال الطاقة والنفط فحسب بل أتمنى أن يمتد ليشمل العلاقات الإنسانية التي تساهم في تنمية الموارد البشرية.
كما أننا نعطي أيضاً أولوية خاصة للتعليم، حيث يوجد لدينا على سبيل المثال في مجال ”التدريب المهني“ منشأة للتدريب في خاص بالسيارات بجدة، كما يوجد لدينا أيضاً منشأتين بالرياض. أما في مجال تنمية الموارد البشرية من الشباب، لدينا نظام التدريب الياباني ”إدارة الجودة الشاملة TQM“، برنامج ”مراقبة الجودة الشاملة“ TQC، برنامج ”الصيانة الإنتاجية الشاملة“ TPM. ونعتقد أنه ينبغي أن نعلم أيضاً وبشكل متوازي ”الأخلاقيات اليابانية“ و”الفكر الياباني“ في ذات الوقت.
وبالإضافة إلى ذلك، لدينا برنامج المنح الدراسية الخاص بالملك عبد الله والذي يستفيد منه ما يزيد عن ١٨٠ ألف طالب سعودي يدرسون في ٤٠ دولة مختلفة حول العالم. ويوجد من بينهم ما يقرب من الـ ٥٠٠ طالب في اليابان. وعندما ينتهي هؤلاء الطلاب من دراستهم في اليابان ويعودون للسعودية بالعقلية والأخلاق والتكنولوجيا اليابانية يساعدون على وجود تلك الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين.
أريد شخصياً تعميق العلاقات الثقافية، الرياضية، ووسائل الإعلام بين الدولتين. حيث يوجد هناك صورة مغلوطة وخاطئة عن الإسلام في اليابان، حتى وصل اعتبار أي مسلم إرهابي أو أن ”الإسلام“ = ”الإرهاب“ بسبب التأثير القوي للإعلام الغربي. لذلك أرى أنه يجب أن يوجد شكل ما من أشكال الاتصال المباشر والتعاون الإعلامي بين المملكة العربية السعودية واليابان من أجل تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة التي تم وصم الدين الإسلامي الحنيف بها.
الربيع العربي لم يأتي بعد!
بعد مرور عامان على انطلاق ثورات ”الربيع العربي“ كيف ترى الأمور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما هي توقعاتك للمستقبل؟
حتى أكون صريحاً معك أنا لا أرى ما يسمى بالربيع العربي. بعبارة أخرى ”الربيع العربي“ لم يأت بعد في اعتقادي الشخصي. فمن وجهة نظري الشخصية البحتة لم تستقبل أياً من الدول التي قامت بها الثورات والتي أطاحت بالأنظمة الحاكمة الربيع بعد.
أرى أن الإصلاح هو المهم في هذا الموضوع. فبالنسبة للملكة العربية السعودية فقد بدأ الإصلاح ابتداء من عام ١٩٩٣، وقامت المملكة بعملية الإصلاح خلال ١٠ سنوات. حيث بدأت بجهود وإصلاحات من أجل تعديل القانون، ومشاريع البنية التحتية كبناء الطرق، وتنمية الموارد البشرية، لذلك فالمملكة العربية السعودية تنعم بالأمن والاستقرار. وبالإضافة إلى ذلك، يوجد المسجد الحرام أقدس البقاع لدى المسلمين بالمملكة، مما يعطيها مكانة خاصة وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى يحميها كما ذكر في آياته المحكمات بالقرآن الكريم لكننا وفي نفس الوقت مهتمون نراقب عن كثب الوضع في بلدان ”الربيع العربي“. ونتمنى أن تبدأ الدول الأخرى باتخاذ خطوات عملية نحو الإصلاح كما فعلنا نحن تدريجياً.
الإجابة ”كرة القدم“ و”المانغا“
للثقافة اليابانية شعبية واسعة في العالم العربي، مثل مسلسل الأنيمي ”الكابتن ماجد“، وأصبح هناك نوع جديد من التبادل الثقافي المتبادل. نريد أن نتعرف في ظل تلك المعطيات عن مدى اهتمام الشباب السعودي باليابان، وكذلك وضع دراسة اللغة اليابانية بالمملكة.
عندما كنت طالباً بجامعة واسيدا، وأنشأت الملتقى السعودي الذي كان أعضائه وقتها أنا وثلاثة يابانيين فقط. وقمنا بجولات للتعريف بالمملكة العربية السعودية، وحينما كنت أسأل الطلاب اليابانيين عن مدى معرفتهم بالمملكة العربية السعودية كانت الإجابة دوماً ”الصحراء، الجِمال، النفط“. ولكن عندما قمت بزيارة جامعة واسيدا للمرة الأولى بعد مضي ٣٠ عاماً، سألت نفس السؤال وتفاجأت أن الإجابة كانت في هذه المرة ”كرة القدم!“.
من ناحية أخرى، وفي آخر مرة عدت فيها للسعودية، سألت الشباب ”ماذا تعرف عن اليابان؟“ كانت الإجابة ”المانغا“. وهناك علامة ومعنى كبير لذلك، حيث لم يكن هناك علاقات أو أي تفاعل على الصعيد الإنساني بين الدولتين. فحتى وقت قريب كان اسم اليابان مرتبطاً بالماركات والمنتجات اليابانية الشهيرة مثل ”SONY“ و”SUZUKI“، بمعنى آخر كانت معروفة من خلال شعار ”صنع في اليابان“، أما الآن يولد اتصال وتفاعل إنساني بين الطرفين من الناحية الثقافية. فالأشياء تنتهي وإلى زوال في يوم من الأيام، ولكن العلاقات الإنسانية تبقى وتستمر. وأتمنى أن يتم تعميق العلاقات بين اليابان والمملكة العربية السعودية أكثر فأكثر، وأن يكون الشباب أساس ومحور هذا التعاون.
اليابان دولة عظيمة
يقال ان اليابان انكمشت للداخل بسبب الركود والانكماش الاقتصادي.
بصراحة، اليابان بلد رائع جداً، عندما جئت إلى اليابان قبل ٣٠ عاماً، كان الشباب ينهضون من مقاعدهم داخل القطار ليفسحوا المجال لكبار السن لكي يجلسوا. وهذا الجزء في الثقافة اليابانية من احترام للكبير وتلك المشاعر النبيلة شيء رائع للغاية.
في السنوات الأخيرة، يقال أن اليابان قد فقدت جزء كبير من تلك الثقافة الرائعة بسبب تأثير العولمة، لكنني لا أعتقد ذلك. لا يزال الإحساس بالأخر موجود وآمل المحافظة على هذا في المستقبل. أريد أن أقول للشعب الياباني: ”من فضلك، حافظ على ثقافتك الرائعة ولا تفرط فيها“.
الرجاء واحد متر من المعكرونة!!
السؤال: إذا كان لديك أي من المواقف الطريفة التي تعرضت لها أثناء فترة دراستك والتي لا يمكن نسيانها.
في الحقيقة هناك الكثير من المواقف الطريفة التي تعرضت لها أثناء فترة دراستي. فمثلاً ذات مرة عندما ركبت الحافلة يقول السائق قبل أن يدخل يميناً أو يساراً ”يرجى توخي الحذر“ باللغة اليابانية بالطبع، لكني كنت أسمعها ”٥٠ ينا لو سمحت“ فتخيلت أنه مع كل مرة يدخل السائق يميناً أو يساراً يجب أن أدفع ٥٠ ين! فذهبت للسائق وسألته ”كم مرة ستدخل يميناً او يساراً وأعطيته ٥٠ ين“.
وفي موقف أخر أتحدث عنه للمرة الأولى، عندما ذهبت ذات مرة لأكل المعكرونة اليابانية ”السوبا“ في مطعم أمام المحطة. كانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها السوبا. إن من عادة اليابانيين أن يرفعوا المعكرونة لأعلى مرات عدة قبل أكلها فاعتقدت وقتها أنهم يقيسون طولها قبل الأكل، فذهبت لصاحب المطعم وقلت له: ”من فضلك أعطني ١ متر سوبا“ (ضاحكاً).
العلاقات المميزة بين العائلة المالكة السعودية والعائلة الامبراطورية
الكثير من الناس في الخارج لديهم اهتماماً كبيراً بالعائلة الامبراطورية اليابانية. بالطبع العلاقات بين العائلة الإمبراطورية والعائلة المالكة بالمملكة العربية السعودية قوية وتتميز بالحميمية، ما هو شعور سيادتك تجاه العائلة الامبراطورية اليابانية؟
منذ بدأت العلاقات اليابانية السعودية كان هناك دائماً علاقة قوية وعميقة بين العائلة المالكة والعائلة الإمبراطورية. فقد حضر ولي العهد الياباني جنازة ولي العهد السعودي رحمه الله من قبل. ونحن من جانبنا نقدر هذا الشعور النبيل من جانب اليابان ونتمنى من الله أن تستمر العلاقات الطيبة بين الدولتين في المستقبل.
بعد تفجيرات ١١ سبتمبر/ أيلول الإرهابية بالولايات المتحدة الأمريكية أصبح مفهوم ”الإسلام مخيف“ أمراً سائداً ومتجذراً في المجتمع الياباني، كيف تنظر لهذا الأمر؟
أتمنى أن يتفهم الجميع المعنى الحقيقي للإسلام والمسلمين. وأعتقد هنا أنه يوجد دور ومسؤولية ملقاة على عاتق وسائل الإعلام المختلفة. لذلك، أتمنى أن يكون هناك تعاون في المجال الإعلامي بين كلا البلدين بطريقة مباشرة من أجل نقل المعلومات الصحيحة. فلابد من تقوية التعاون في المجال الإعلامي عن طريق الحلقات الدراسية أو الندوات، على كل حال يجب أن نجد طريقة لإيصال المعلومة الصحيحة عن طريق توثيق التعاون المشترك.
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، المصورأوكوبو كيزو، أجرى المقابلة ”هارانو جوجي“ المدير التنفيذي لمؤسسة نيبون للاتصالات، التغطية بالتعاون مع سفارة المملكة العربية السعودية باليابان)