
عندما تمتزج الهندسة بالإنسانية… جامعة أوساكا تبتكر كرسيًا متحركًا يحصد تقديرًا عالميًا
تكنولوجيا- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تنافس باستخدام الروبوتات
إن ”سايباثلون (Cybathlon)“ هي كلمة تم إنشاؤها من خلال الجمع بين كلمتي ”سايبر (Cyber)“ من الهندسة الميكانيكية و”أثلون (Athlon)“ من المنافسة. ويقوم بتنظيم هذه المسابقة المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ بسويسرا، وتُقام المسابقة كل أربع سنوات منذ عام 2016. ويتنافس ذوو الاحتياجات الخاصة، المعروفون باسم ”الطيارون“، على تسجيل النقاط من خلال تشغيل الأطراف الصناعية، التي تستفيد بشكل كامل من الروبوتات والتقنيات الأخرى، لإكمال المهام.
يتمثل الهدف الأساسي من الألعاب البارالمبية في إعادة تأهيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي عبارة عن مسابقات للقدرات البدنية مع استخدام الأطراف الصناعية. ومن ناحية أخرى، تركز مسابقة ”سايباثلون“ على التنافس في أحدث التقنيات التكنولوجية. وكلاهما له نفس الهدف المتمثل في تحسين نوعية حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن في اتجاهات مختلفة من التطور.
صالة سويس أرينا، مكان إقامة مسابقة سايباثلون 2024، التي جذبت سبعة آلاف متفرج. شارك في المسابقة روبوت بأربعة أرجل.
لقد أُقيمت النسخة الثالثة من المسابقة في الفترة من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2024، بمشاركة 67 فريقًا من 24 دولة تنافسوا في ثماني مسابقات هي: اليد الصناعية الكهربائية، الروبوت المساعد، واجهة الدماغ والحاسوب (BCI)، دراجة التحفيز الكهربائي الوظيفي، الهيكل الخارجي، الدعم البصري، الكرسي المتحرك الكهربائي، والقدم الصناعية الكهربائية. وقد شاهد الحدث 7 آلاف شخص في مكان إقامته، و21 ألف شخص عبر الإنترنت.
السعي وراء صغر الحجم والاستخدام العملي
تشارك الفرق اليابانية في المسابقة منذ النسخة الأولى منها، وكان الفريق الياباني المشارك هذا العام هو فريق جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات الذي شارك للمرة الثانية على التوالي. وتم اختيار فريق ”OECU&R-Techs“ من بين جميع الفرق المشاركة للحصول على جائزة لجنة التحكيم الخاصة ”جائزة جولي“ عن فئة الكراسي المتحركة الكهربائية تقديرًا لمدى استخدامها العملي المستقبلي، حيث تنافست الفرق للحصول على النقاط في عشر مهام مثل المرور على السلالم وغيرها.
كرسي متحرك كهربائي من جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات تمت إضافة خاصية تعديل الارتفاع له. الطيار السيد أوغورا يركب الكرسي المتحرك.
لقد كان السبب الرئيسي للحصول على الجائزة هو صغر حجم الكرسي المتحرك. فقد قامت جامعة كولومبيا البريطانية (BC) في كندا، الفائزة في المسابقة، وجامعات أخرى بجعل هيكل الكرسي المتحرك ضخمًا من أجل مواجهة التحديات الصعبة، بينما ركزت جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات على الجانب العملي، مثل القدرة على المرور من أبواب المنازل اليابانية العادية، وقلصت حجم العجلات إلى نصف حجم عجلات الكرسي المتحرك لجامعة كولومبيا البريطانية أو حتى أقل من ذلك.
ونظرًا لصعوبة تحقيق التوازن لهيكل الكرسي المتحرك الصغير، فقد تم استخدام آلية زاحفة مع أحزمة للإطارات، مما جعله قادرًا على التحرك على الأسطح غير المستوية. وعلاوة على ذلك، تم تعزيز وظائف الكرسي المتحرك من خلال تجهيز العجلات الأمامية بعجلات متعددة الاتجاهات، مما ضاعف قوة القيادة مع نظام الدفع الرباعي المستقل، مع تمكين الانعطاف أيضًا، وبالتالي تم التغلب على التحديات الأربعة.
والميزة الأخرى هي إدخال ”آلية الرافعة“ التي تسمح بتغيير ارتفاع الكرسي. حيث يمكن استخدام ذلك في الحياة اليومية لتغيير ارتفاع المقعد ليناسب المواقف المختلفة، مثل العمل على الحاسوب أو الطهي. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن إمالة المقعد آليًّا، مما يزيل القلق الذي يشعر به الشخص على المنحدرات عندما يكون النصف السفلي من الجسم معاقًا ومن الصعب التحكم به.
جامعة كولومبيا البريطانية في كندا التي فازت عن فئة الكراسي المتحركة الكهربائية. الهيكل الكبير يلفت الانتباه
تحقيق أمنيات الطيارين
لقد تولى الأستاذ الكوري الجنوبي جونغ سونغ هي، المتخصص في هندسة الروبوتات والطلاب في مختبره، مهمة تطوير الكرسي المتحرك. وحتى لو كان الأستاذ هو القائد، إلا أن الطلاب هم من يصنعون الكرسي المتحرك الكهربائي بالفعل. فهم يستمعون إلى آراء الطيارين (ذوي الاحتياجات الخاصة) ويقومون ببلورة التكنولوجيا المتقدمة عمليًّا بعد مناقشة تلك الآراء.
قاد الفريق الأستاذ جونغ من جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات
وقد اقترح هذا المفهوم السيد أوغورا توشينوري، وهو طيار يعاني من إعاقة مزدوجة في الساقين. حيث يقول ”لضمان مواجهة التحدي، قد يكون من الأفضل جعل الإطارات أكبر حجمًا وحمل المزيد من البطاريات. ولكن، في البيئة المعيشية الضيقة في اليابان، فإن جسم الكرسي المتحرك الكبير ليس عمليًّا. وبافتراض إمكانية تسويقه تجاريًّا في المستقبل، فقد طلبت منهم إعطاء الأولوية للأداء المدمج وسهولة القيادة“. ثم تحدث عن حقيقة أن ميزاته الخاصة قد أدت إلى حصوله على تقييم عالٍ قائلًا ”لقد كنت سعيدًا حقًّا بالحصول على جائزة جولي“.
وقبل سبعة عشر عامًا، كان السيد أوغورا حبيس كرسي متحرك بعد تعرضه لحادث في العمل. حيث يستذكر ذلك قائلًا ”لقد انهار الباب فجأة وانحنى جسدي إلى الأمام إلى نصفين، مما أدى إلى تهشم عظمة الورك“. لقد كان يحب ركوب الدراجات، لكن الشلل في الجزء السفلي من جسمه منعه من ركوب دراجته النارية التي كانت هوايته. وعندما كان يشعر بالإحباط، ساعدته كلمات التشجيع من أصدقائه على البقاء إيجابيًّا.
”أنت تركب دراجتك الآن“
لقد بدأت علاقته بالكراسي المتحركة منذ ذلك الوقت. فقد كان معجبًا بـ ”آرون فوثرنغهام“ من الولايات المتحدة الأمريكية الذي يقوم بشقلبات خلفية مثل المتزلجين على كرسي متحرك، ويقفز أكثر من عشرين مترًا، كما قام بأداء حركات بهلوانية في الهواء في دورة الألعاب البارالمبية في ريو دي جانيرو عام 2016. وقد فاقت حركاته ما كان يتخيله السيد أوغورا بكثير، ومنحه الشجاعة لخوض التحدي.
ويتحدث السيد أوغورا عن توليه دور قائد الكرسي المتحرك في مسابقة سايباثلون قائلًا ”فكرت كم سيكون الأمر رائعًا لو تمكنت من صعود ونزول السلالم على كرسي متحرك في حياتي اليومية. وكانت لدي رغبة أيضًا في أن أشارك في تطويره. وأردت أن أساعد بأي طريقة ممكنة في الكرسي المتحرك الكهربائي الذي كان الطلاب يصنعونه“.
ويستذكر الأستاذ جونغ لقاءه بالسيد أوغورا لأول مرة قبل 19 عامًا، ويعبر له عن شكره قائلًا ”هناك حاجة إلى طيار للمشاركة في مسابقة سايباثلون، ولكن بغض النظر عن مدى الاهتمام بالسلامة خلال مرحلة التطوير، فمن المستحيل القول ”إنه آمن تمامًا“. وبينما لم نتمكن من العثور على أي شخص يتخذ قرارًا بأن يصبح طيارًا، رفع السيد أوغورا يده قائلًا ”أريد أن أفعل ذلك“.
أعضاء فريق جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات يحتفلون في حفل توزيع الجوائز
مناقشة مشاكل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وحلها
يقول الأستاذ جونغ إن قيمة مسابقة سايباثلون ليست فقط نتيجة المسابقة. فهناك أيضًا قيمة كبيرة في عملية مناقشة الطلاب مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحسين وظائفهم وابتكار منتجات تحل مشاكلهم اليومية. ويضيف قائلًا ”عندما تتنافس في مسابقة سايباثلون، عليك أن تبني الكرسي المتحرك كفريق واحد قبل الموعد النهائي. إنه أمر محبط إذا لم يتحرك الكرسي في يوم المسابقة، ولكنه مثير للإعجاب إذا تحرك جيدًا في المسابقة. إن تعرف الطلاب على هذين الأمرين تجربة رائعة بالنسبة لهم كمهندسين“.
تستذكر يوميساكي ساكي الطالبة في السنة الرابعة في كلية الهندسة بجامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات مراحل التطوير قائلةً ”عندما درست علم الميكانيكا في الجامعة، لم أستطع أن أتخيل كيف يمكن تطبيقه في التصميم. وخلال عملية تطوير هذا الكرسي المتحرك، أخبرني السيد أوغورا، الذي يعاني من إعاقة، ما يمكنه وما لا يمكنه فعله بوضوح وفقًا لخصائص جسمه، لذلك فهمت أهمية تطبيق معرفتي على التصميم. وقد تعلمت الكثير من ذلك“.
صناعة ستنمو خمسة أضعاف في عشر سنوات
تُعرف تكنولوجيا السايباثلون أيضًا باسم ”التكنولوجيا المعززة للإنسان“، والتي تعمل على توسيع القدرات البشرية. ووفقًا لشركة الأبحاث الأمريكية ”Fortune Business Insights“، كان يبلغ حجم السوق 169.1 مليار دولار أمريكي (حوالي 26 تريليون ين ياباني) في جميع أنحاء العالم في عام 2023. ومن المتوقع أن ينمو إلى ما يقرب من 885.9 مليار دولار أمريكي (حوالي 137 تريليون ين ياباني) بحلول عام 2032، وهو ما يجذب الكثير من الاهتمام.
ومع وضع شيخوخة سكان اليابان في الاعتبار، قامت الحكومة اليابانية بإقرار خطة ”المجالات ذات الأولوية لاستخدام تكنولوجيا الروبوتات في الرعاية التمريضية“ في عام 2012، وهي تمضي قدمًا في دفع التطوير التكنولوجي. ووفقًا لتقديرات القطاع الخاص اعتبارًا من عام 2022 في اليابان، فإن سوق روبوتات الرعاية التمريضية التي تشمل وظائف مثل النقل والتنقل والتخلص من الفضلات، والاستحمام، والمراقبة، قُدّرت بنحو 2.2 مليار ين، ولكن من المتوقع أن ينمو هذا المبلغ إلى 3.6 مليار ين في عام 2025.
يقول الأستاذ ناكاجيما هيديو من جامعة واكاياما، الذي شارك في مسابقة هذا العام في فئة المساعدة البصرية ”في اليابان هناك صورة عن الروبوتات بأنها منتجات عالية التقنية، ولكنها ستصبح في المستقبل بنية تحتية اجتماعية، مثل السكك الحديدية والطرق السريعة. إن مسابقة سايباثلون هي المكان الذي يمكن للمشاهدين فيه الحصول على تجربة مباشرة حول ”ما ستؤول إليه تكنولوجيا الآلات“. ووفقًا للأستاذ ناكاجيما، فإن قدرات اليابان التكنولوجية تتساوى مع قدرات الدول القوية الأخرى في السايباثلون مثل سويسرا والصين، ولكن فيما يتعلق بالمنافسة كفريق مختبر جامعي، هناك عقبات مثل ضمان سلامة ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى ضعف هيكل الموظفين ونقص الموارد المالية.
البروفيسور روبرت راينر، مؤسس مسابقة سايباثلون وهو يشاهد المنافسات
زراعة رقائق في الدماغ أيضًا
لقد اجتذبت فئة واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) اهتمامًا خاصًا في مسابقة هذا العام. حيث يتنافس المتسابقون لمعرفة من يستطيع إكمال المهام مثل تحريك الكرسي المتحرك وتجنب العوائق باستخدام الصور الرمزية على الشاشة، والتي يتم التحكم فيها عن طريق إشارات من أغطية الرأس تقوم بقراءة الموجات الدماغية.
وفاز في مسابقة هذا العام فريق ”Pit Crew“ من معهد إعادة التأهيل والهندسة العصبية في جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة الأمريكية. حيث تنافس الأشخاص المصابون بالشلل من العنق إلى الأسفل بأدوات وشرائح مزروعة مباشرة في أدمغتهم. ويمكن لهذه التقنية، التي لا تزال قيد التطوير ويطلق عليها اسم ”زراعة الدماغ“، إرسال كمية هائلة من المعلومات مقارنةً بنوع غطاء الرأس. وقد فاز هذا الفريق في المسابقة بضعف النقاط التي حصل عليها الفريق صاحب المركز الثاني.
يتم استخدام واجهة الدماغ والحاسوب في المنافسات عن طريق إرسال إشارات الموجات الدماغية عبر غطاء الرأس. فاز بالمسابقة الثالثة فريق أمريكي نجح في زراعة هذه الأجهزة مباشرة في رؤوس المشاركين
قد يبدو هذا وكأنه خيال علمي، ولكن لا توجد وسيلة للتحقق من التأثيرات المستقبلية التي قد تحدثها عملية زرع الأجهزة أو الرقائق مباشرة في الدماغ على جسم الإنسان، كما أُثيرت قضايا أخلاقية أيضًا. ولكن هناك أيضًا توقعات كبيرة بأنها قد تصبح تجارة كبيرة في المستقبل القريب. وفي الولايات المتحدة، يُعد الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة ميتا التي تدير موقع فيسبوك مارك زوكربيرغ، من بين أولئك الذين يستثمرون بكثافة في التطوير. وقد تطورت هذه التكنولوجيا الآن إلى الحد الذي أصبح ما نفكر فيه في رؤوسنا قابلًا للعرض على الشاشة كنص.
ويقول الأستاذ روبرت راينر من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا بزيورخ، والذي خطط وابتكر مسابقة سايباثلون ”تبحث دورة الألعاب البارالمبية عن الرياضيين ذوي القدرات الرياضية العالية، وهو ما يستثني الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة. والفرق الرئيسي هو أن مسابقة سايباثلون تسمح للأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة بالمشاركة في المنافسة عن طريق الآلات التي تتحرك بشكل آلي وغيرها من الوسائل، وتُظهرها كوسيلة ترفيهية. وهناك العديد من الأشياء التي يعاني منها الأشخاص ذوو الإعاقة في حياتهم اليومية، ولدينا حوالي عشرين فكرة لمسابقات جديدة“.
ويبدو أن عالم سايباثلون سيتوسع أكثر من الآن فصاعدًا.
*جميع الصور من تصوير أوتشي تاكاو
(النص الأصلي باللغة اليابانية صورة العنوان الرئيسي: الكرسي المتحرك الكهربائي لفريق جامعة أوساكا للإلكترونيات والاتصالات ”OECU&R-Techs“، الذي ينافس في مسابقة سايباثلون. الشخص الذي يركب على الكرسي المتحرك هو السيد أوغورا)