المهرجانات اليابانية.. تقاليد متوارثة تربط الماضي بالحاضر والمستقبل!

ثقافة

هاغا هيناتا [نبذة عن الكاتب]

في قلب الريف الياباني، حيث تتردد أصداء الماضي في كل زاوية، تواجه المهرجانات التقليدية تحديًا وجوديًا يهدد استمرارها. تلك الاحتفالات، التي كانت يومًا محور حياة المجتمعات، باتت الآن على شفا الانقراض، مع تقلص أعداد السكان وشيخوختهم. لكن السؤال الذي يثير الفضول: هل ستُترك هذه الكنوز الثقافية لتختفي تحت وطأة الزمن، أم ستجد طريقها إلى البقاء من خلال تجديد روحها وتكييفها مع متغيرات العصر؟

العلاقة بين المهرجانات المحلية والكوارث الطبيعية

تعد الكوارث الطبيعية التي تشهدها اليابان من حين لآخر تذكِرةً لليابانيين بأن الطبيعة لم تكن أبدًا مأمونة الجانب. لكن رب ضارة نافعة، حيث كانت تلك الكوارث سبباً في تعظيم الجانب الروحي لدى اليابانيين من خلال حرصهم على ممارسة العديد من الطقوس الروحانية التي تبجل آلهة الشنتو والآلهة البوذية سعياً منهم للتغلب على المحن التي تجلبها الزلازل والفيضانات والأوبئة عبر التاريخ الياباني.

على سبيل المثال، في محافظة إيشيكاوا يعد حمل الفوانيس التي يبلغ ارتفاعها 15 مترًا بغية طرد الأرواح الشريرة جزءًا أساسياً من احتفالات الصيف في شبه جزيرة نوتو. لقد دُمرت هذه المنطقة بفعل زلزال ضربها في رأس السنة الجديدة في عام 2024، مما دفع البعض إلى اقتراح إلغاء بعض المظاهر الاحتفالية المرتبطة بالمهرجانات خلال أشهر الصيف حيث كانت آثار الكارثة لا تزال مستمرة. ومع ذلك، قررت نصف المجتمعات المحلية التي يبلغ عددها حوالي 300 والتي تمارس طقوس مهرجان كيريكو منذ قرون المُضي قدمًا في تنظيم الفعاليات إيماناً منهم بأن هذا هو الوقت المناسب على وجه التحديد للسعي إلى التغلب على الصعوبات التي فرضتها الطبيعة على مجتمعاتهم.

يعتبر مهرجان كودا للنار أحد أهم مهرجانات كيريكو، وقد أقيم في 27 يوليو/ تموز 2024، في ناناو، بمحافظة إيشيكاوا. وذلك على الرغم من أن المنطقة هي إحدى المناطق التي تأخر فيها التعافي من زلزال يوم رأس السنة الجديدة. (مكتبة هاغا)
يعتبر مهرجان كودا للنار أحد أهم مهرجانات كيريكو، وقد أقيم في 27 يوليو/ تموز 2024، في ناناو، بمحافظة إيشيكاوا. وذلك على الرغم من أن المنطقة هي إحدى المناطق التي تأخر فيها التعافي من زلزال يوم رأس السنة الجديدة. (© مكتبة هاغا)

بعد زلزال شرق اليابان العظيم وتسونامي 11 مارس/ آذار 2011، في توهوكو، تم طواعية إلغاء العديد من المهرجانات وحفلات الوداع والترحيب المختلفة التي كانت تقام في أوائل أبريل/ نيسان في أماكن العمل على مستوى اليابان. ومع ذلك، بعد شهر واحد من الكارثة، أعلن عمدة مدينة هاشينوهي، بمحافظة أوموري، بجرأة أن مهرجان هاشينوهي سانشا تايساي سيقام من 31 يوليو/ تموز إلى 4 أغسطس/ آب كما هو الحال في كل عام. وقد ركز مهرجان 2011 على موضوع إعادة الإعمار، واجتذب مليون شخص إلى مدينة أوموري.

على نحو مماثل، أقيم مهرجان سوما نوماوي (مهرجان الخيول اليابانية) في محافظة فوكوشيما في أعقاب كارثة مارس/ آذار 2011. رغم أن العديد من الأسر المحلية شهدت نفوق خيولها التي احتفظت بها للمهرجان حيث ابتلعها تسونامي، لكن عمدة المدينة قرر أن قوة التقاليد تلعب دوراً مهماً في التغلب على الشدائد. وبالرغم من تأخر إقامة هذا الحدث في عام 2011 حتى يوليو/ تموز، وتركيزه بشكل أساسي على طقوس الشنتو، وتقليصه إلى حد كبير، إلا أن المهرجان الذي أعيد إحياؤه بالكامل في عام 2012 شهد حضوراً هائلاً بلغ 160 ألف شخص وساهم بشكل كبير في إعادة الإعمار الإقليمي.

مراسم توديع مهرجان سوما نوماوي في 23 يوليو/ تموز 2011 (عادة ما تقام في أواخر مايو/ أيار). (مكتبة هاغا)
مراسم توديع مهرجان سوما نوماوي في 23 يوليو/ تموز 2011 (عادة ما تقام في أواخر مايو/ أيار). (© مكتبة هاغا)

لقد دُمرت مدينة ريكوزينتاكاتا في محافظة إيواتي بسبب تسونامي بلغ ارتفاعه 17 متراً خلال كارثة 11 مارس/ آذار. ورغم ذلك، حرصت المدينة على إقامة مهرجان أوجوكو تاناباتا خلال فترة مهرجان أوبون الصيفي التقليدي كما جرت العادة. كانت المجسمات التي تُستخدم عادة في المهرجان قد دُفنت في الوحل بسبب تسونامي، ولكن بمساعدة 5000 متطوع، تم ترميمها في الوقت المناسب لتشارك في المهرجان، وكانت صلاة المتطوعون لأسلافهم على النحو التالي: ”بينما جرف تسونامي مدينتنا، نأمل في عودتها سالمة“.

بعد جولة في منطقة توهوكو، أقمت معرضًا للصور الفوتوغرافية في طوكيو بعنوان ”المهرجانات الصيفية في مناطق الكوارث“، وكانت مشاعر السكان المحليين مختلطة بين تأثرهم بصور بلداتهم التي دمرتها الكارثة، وسعادتهم لرؤية صور المهرجان الذي لم يتغير تقريبًا، مما منحهم شعورًا بأنهم ”خطوا خطوة إلى الأمام نحو التعافي“ لمجرد أنهم استطاعوا إقامة المهرجان. لذا أدركت أن هذه الاحتفالات تربط الناس بمدنهم الأصلية وتمنحهم القوة للبقاء على قيد الحياة في مواجهة الكوارث الطبيعية.

مجسمات محمولة عبر حطام مدينة ريكوزينتاكاتا خلال مهرجان أوجوكو تاناباتا الذي أقيم في 6-7 أغسطس/ آب 2011. (© مكتبة هاغا)
مجسمات محمولة عبر حطام مدينة ريكوزينتاكاتا خلال مهرجان أوجوكو تاناباتا الذي أقيم في 6-7 أغسطس/ آب 2011. (© مكتبة هاغا)

جائحة كورونا وتداعياتها على المهرجانات اليابانية

كان لجائحة كورونا التي بدأت في عام 2020 تأثير مختلف. حيث أثرت سلباً على الروابط المجتمعية التي غالبًا ما تعززها المهرجانات. وشرع الجميع في تجنب التجمعات التي تضم أعدادًا كبيرة من الناس في مكان واحد أثناء الجائحة، كما تم تعليق بعض الأحداث لأول مرة منذ مئات السنين. ومع ذلك، كانت بعض البلدات عازمة على المضي قدمًا في ممارسة تقاليدها، وعقدت فعالياتها السنوية بحضور السكان أو منظمي الفعاليات فقط.

مهرجان آخر ضارب في القدم لأكثر من 500 عام، هو مهرجان شيتشي، الذي أقيم في جزيرة إيريوموت في محافظة أوكيناوا للترحيب بالآلهة الزائرة من البحر، وقد تم فرض قيود صارمة على الدخول إلى الجزيرة خلال تلك الفترة. كما أقيم مهرجان أوجي دينجاكو (Ōji Dengaku) بدون متفرجين، وهو حدث راقص مرتبط بزراعة الأرز يقام سنويًا في ضريح أوجي في كيتا، طوكيو. لدرجة أنه تم إخفاء التاريخ والوقت عن الجمهور، وتنكر منظمو الحدث والمشاركون في زي عمال بناء أثناء تجمعهم في الضريح.

إلى جانب ذلك، أقامت مدينة فوجيدا في محافظة شيزوكا مهرجان أساهينا ديريوسي (Asahina Dairyūsei)، وهو عرض للألعاب النارية الصاروخية يعود تاريخه إلى فترة الدول المتحاربة اليابانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. تم إغلاق موقع الحدث أثناء الجائحة، ولكن تم اعتباره ضروريًا لإقامة الحدث لأن تقنية البارود المستخدمة هي تقليد سري من المفترض أن ينتقل من جيل إلى جيل.

أقيم مهرجان أوجي دينجاكو (Ōji Dengaku) بدون متفرجين في أوائل أغسطس/ آب 2020. في الواقع، نشر الضريح إشعارًا يفيد بأنه سيتم إلغاء المهرجان إذا حضره أي من الجمهور حتى وإن كان شخصاً واحداً فقط. (© مكتبة هاغا)
أقيم مهرجان أوجي دينجاكو (Ōji Dengaku) بدون متفرجين في أوائل أغسطس/ آب 2020. في الواقع، نشر الضريح إشعارًا يفيد بأنه سيتم إلغاء المهرجان إذا حضره أي من الجمهور حتى وإن كان شخصاً واحداً فقط. (© مكتبة هاغا)

يقام مهرجان أساهينا ديريوسي (Asahina Dairyūsei) كل عامين في فصل الخريف. وقد أقيم في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بدون جمهور. (© مكتبة هاغا)
يقام مهرجان أساهينا ديريوسي (Asahina Dairyūsei) كل عامين في فصل الخريف. وقد أقيم في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بدون جمهور. (© مكتبة هاغا)

بالنسبة لتلك الأحداث التي لم تقام خلال فترة الوباء، فقد أبرزت الفجوة التي دامت ثلاث سنوات قضايا البقاء على قيد الحياة على خلفية انخفاض معدلات المواليد، وشيخوخة السكان، وانخفاض عدد السكان على مستوى اليابان. لقد جعلت هذه القضايا من القيادة والتنظيم ونقل المعرفة حول المهارات والفنون المسرحية قضية تحتاج إلى اهتمام عاجل.

في فبراير/ شباط 2024، بعد انقطاع دام أربع سنوات، أقامت منطقة ميزوساوا-كورويشي في أوشو، بمحافظة إيواته، أحدث مهرجان سومنساي (Sominsai)، أو ”مهرجان العراة“ في معبد كوكوسيكي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام. لكن هذه ستكون آخر مرة يقام فيها هذا التقليد الموقر. في حين يجذب الحدث حوالي 3000 شخص - أي حوالي ثلاثة أضعاف سكان المدينة - فإن حوالي 10 أسر محلية فقط من السكان المسنين تنظم المهرجان. وفقًا للتقاليد، يُطلب منهم الذهاب إلى الجبال الثلجية لقطع الخشب المستخدم في صنع التعويذات التي يتم حشوها بدورها في أكياس السومين والتي يقاتل الرجال العراة من أجل الحصول عليها أثناء الحدث لجلب الحظ السعيد في العام المقبل. لم يعد المسؤولون عن تنظيم هذا الحدث قادرين على الاستعداد له بشكل صحيح، وبدأوا يتساءلون عن المغزى من مواصلة هذا التقليد ولأجل من. هذا هو أشهر مهرجانات سومنساي في محافظة إيواته، كما اغتنمت المناطق المجاورة الأخرى التي تعاني من تحديات مماثلة الفرصة لإنهاء هذا التقليد.

حوالي 270 رجلاً عارياً و400 عضو من الصحافة في نهاية آخر مهرجان سومنساي، وهذا العدد يتجاوز أعداد المشاركين في السنوات السابقة. (© مكتبة هاغا)
حوالي 270 رجلاً عارياً و400 عضو من الصحافة في نهاية آخر مهرجان سومنساي، وهذا العدد يتجاوز أعداد المشاركين في السنوات السابقة. (© مكتبة هاغا)

تواجه أكثر من 20 ألف قرية صغيرة في اليابان تحديات خطيرة نتيجة شيخوخة السكان وتراجع عدد الأسر. مع تجاوز متوسط أعمار السكان 65 عامًا في معظم هذه القرى، اختفت العديد من الأحداث التقليدية التي كانت تعزز الروابط الاجتماعية. تشير نظرية إلى أنه إذا قل عدد الأسر عن 25، يصبح من الصعب إقامة المهرجانات بسبب نقص المال والموارد البشرية.

رغم ذلك، تبذل بعض القرى جهودًا للحفاظ على تراثها من خلال مبادرات مجتمعية مثل إشراك الشباب، وجذب الزوار عبر السياحة الثقافية، وتنظيم مهرجانات صغيرة تعزز الهوية المحلية. هذه الجهود تُظهر أهمية الروابط الاجتماعية والثقافية في مواجهة التحديات السكانية والاقتصادية.

الشباب يتولون مسؤولية المهرجانات

المثال الأول هو لتلقي منظمي الأحداث التقليدية و ujiko(أبناء الرعية الرسميين) المساعدة من الخارج لمواصلة تقاليد المهرجان والأحداث ذات الصلة.

لمدة 700 عام، أقامت المناطق الثماني في توياما-غو في إيدا، بمحافظة ناغانو، مهرجان شيموتسوكي (Shimotsuki Matsuri) في نوفمبر/ تشرين الثاني. تشمل الاحتفالات ممارسة طقس يوداته كاغورا (yudatekagura)، حيث تعني يوداته ”غلي الماء“ أما كاغورا فهي رقصة مخصصة لآلهة الشنتو. يقام هذا الحدث في وقت الانقلاب الشتوي، حيث يرقص الناس حول مرجل يغلي بالماء الساخن لجذب الآلهة ثم يسكبون الماء الدافئ على الناس لإحياء أرواحهم بعد مصاعب الشتاء. لكن بسبب الانخفاض الشديد في عدد السكان في منطقة كيزاوا، انخفض عدد أسر ujiko المشاركة في إدارة المهرجان إلى 17 أسرة فقط منذ حوالي عقد من الزمان. ولمواصلة المهرجان، كان على هؤلاء المتقاعدين المساهمة بمبلغ 100000 ين من جيوبهم الخاصة.

ولعجزهم عن التعامل مع الموقف الذي وجد هؤلاء المتقاعدون أنفسهم فيه، شكل الشباب والشابات من توياما-غو جمعية Shimotsuki Matsuri Yarō Kai، وهي جمعية مخصصة لتعلم عادات المهرجان والرقصات من كبار السن في البلدة لنقل التقاليد إلى الأجيال القادمة. في الأساس، تولى الشباب - الذين يعيش العديد منهم في أماكن أخرى طوال العام – مسؤولية تنظيم المهرجان باعتبارهم ujiko.

يقام مهرجان شيموتسوكي (Shimotsuki Matsuri) في ثاني يوم سبت من شهر ديسمبر/ كانون الأول في منطقة كيزاوا. وقد انتقلت مسؤولية إقامة المهرجان ببطء إلى أشخاص تتراوح أعمارهم بين سن المراهقة وحتى الأربعينيات. (© مكتبة هاغا)
يقام مهرجان شيموتسوكي (Shimotsuki Matsuri) في ثاني يوم سبت من شهر ديسمبر/ كانون الأول في منطقة كيزاوا. وقد انتقلت مسؤولية إقامة المهرجان ببطء إلى أشخاص تتراوح أعمارهم بين سن المراهقة وحتى الأربعينيات. (© مكتبة هاغا)

يتمحور أحد التحديات حول حقيقة أن العادات والتقاليد تستوجب أن يكون الأشخاص الذين ينظمون هذه المهرجانات من ujiko، أو أبناء الرعية الرسميين الذين يستوفون معايير معينة. لا شك أن توياما-غو طورت هذا المفهوم، لكن بعض البلديات لا تزال متمسكة بتقاليدها التي لا تسمح إلا لـ ujiko بإدارة الأحداث. يتطلب البعض الآخر أن يكون منظمو المهرجان من السكان المحليين، وفي بعض الحالات تتولى الحكومات المحلية مسؤولية إقامة الأحداث إذا لم يكن ذلك قابلاً للتطبيق.

ومع ذلك، فإن المساعدة الخارجية هي أحد الخيارات للحفاظ على التقاليد. في عام 2023، أنشأت محافظة فوكوكا وحدة مخصصة لمساعدة المجتمعات الإقليمية على القيام بذلك. تعمل هذه الوحدة على ضم الأشخاص الذين يرغبون في المساعدة أو المشاركة في تنظيم المهرجانات وربطهم بالمجتمعات التي تفتقر إلى الداعمين اللازمين لدعم إقامة أحداثها التقليدية.

الاستعانة بدماء جديدة لإحياء المهرجانات

وهناك مثال ثانٍ يتمثل في ضم الوافدين الجدد إلى إحدى البلديات للمشاركة في تنظيم الأحداث التقليدية.

على سبيل المثال، لأكثر من 300 عام حرصت منطقة إيتشيكي في كوشيما، بمحافظة ميازاكي، على إقامة مهرجان للنار في اليوم الخامس عشر من الشهر القمري الثامن. ومع ذلك، فقد عانت المنطقة لبعض الوقت من انخفاض عدد السكان وشيخوخة المجتمع، فكاد المهرجان أن يندثر تمامًا.

ولحل لهذه المشكلة، تمت الاستعانة براكبي الأمواج الذين انتقلوا من خارج المنطقة للاستمتاع بأمواج ساحل نيتشينان. كان هؤلاء الراكبون يعاملون في البداية باعتبارهم غرباء عن المجتمع، ولكن مع مرور الوقت بدأوا يلعبون دوراً هاماً في إحياء المهرجان. يُعرف الحدث الرئيسي في مهرجان الأضواء باسم Ichiki Koshiki Jūgoya Hashiramatsu Shinji، ويتم خلاله رمي القش المحترق في سلال في نهاية أعمدة الصنوبر ورفعها لخلق مؤثرات ضوئية. بالتالي لا يقتصر دور هذا المهرجان المتجدد على مواصلة تقليد قديم فحسب، بل يساهم أيضاً في تسهيل اندماج الغرباء في المجتمع.

مشاهد من مهرجان Ichiki Koshiki Jūgoya Hashiramatsu Shinji، أو مهرجان أعمدة الصنوبر على الطريقة التقليدية في إيتشيكي في مساء اليوم الخامس عشر
مشاهد من مهرجان Ichiki Koshiki Jūgoya Hashiramatsu Shinji، أو ”مهرجان أعمدة الصنوبر على الطريقة التقليدية في إيتشيكي في مساء اليوم الخامس عشر“. (© مكتبة هاغا)

دور النساء في ضمان استمرارية المهرجانات التقليدية

أما المثال الثالث فهو عندما يوسع المهرجان نطاق المشاركة من خلال كسر الحواجز الثقافية التقليدية بين الرجال والنساء.

مهرجان هانا ماتسوري (Hana Matsuri) في الأقاليم الأربعة عشرة في منطقة أوكوميكاوا بمحافظة آيتشي هو مهرجان آخر من مهرجانات يوداته كاغورا. ينتقل المهرجان من جيل إلى جيل منذ أكثر من 700 عام، ويبدأ في منتصف الليل برقصة هانا نو ماي، أو رقصة الزهور، التي يؤديها تشيغو أو الأطفال الذين تم تصنيفهم كمنحدرين من سلالة الآلهة. طبقاً لتقاليد المهرجان في جميع أنحاء اليابان، يقتصر هذا على الأولاد الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات. وعلاوة على ذلك، ففي طقوس هانا نو ماي، غالبًا ما تقتصر المشاركة على الأبناء الأكبر سنًا للعائلات التي تعيش محليًا.

لكن في منطقة ميسونو في توي، آيتشي، لا يوجد سوى 34 أسرة. على مدار عشرين عامًا، تم السماح للأطفال من خارج المجتمع بالمشاركة في فعاليات المهرجان. وبعد فترة وجيزة من إجراء هذا التغيير، شهدت المنطقة ولادة أول طفلين في ميسونو منذ أكثر من عقد من الزمان - فتاتان توأم. في سن الرابعة، ظهرت التوأمان لأول مرة باعتبارهما تشيغو وجذبتا انتباه المتفرجين. في هذه الأيام، أصبحت رقصة هانا نو ماي حدثًا مختلطًا متكاملًا بين الجنسين.

عادةً ما تقام الرقصات التي يؤديها أطفال تشيغو حول الماء الساخن في مهرجان الزهور في منطقة أوكوميكاوا بمحافظة آيتشي من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى يناير/ كانون الثاني. (© مكتبة هاغا)
عادةً ما تقام الرقصات التي يؤديها أطفال تشيغو حول الماء الساخن في مهرجان الزهور في منطقة أوكوميكاوا بمحافظة آيتشي من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى يناير/ كانون الثاني. (© مكتبة هاغا)

في سياق آخر، يمكن تتبع أصول موكب Kashima no Kaineri oar التقليدي في منطقة هوغو في ماتسوياما، بمحافظة إيهمي، وصولاً إلى صلوات النصر التي كانت تؤدى من أجل انتصار القوات البحرية/القراصنة التي كانت تعمل في بحر سيتو الداخلي قرب نهاية فترة هييان (794-1185). ولأنه مهرجان لرجال البحر، فقد كان دور حاملي المجاديف في الموكب الذين يرقصون عند مقدمة القارب مقتصرًا تقليديًا على الأولاد من عائلات ujiko.

لكن في عام 2023، أصبح خطر الإيقاف يهدد هذا الحدث بسبب نقص المشاركين المؤهلين. وبعد الكثير من المداولات، قرر رئيس المهرجان على مضض إجراء تغيير كبير وسن سنة جديدة من خلال السماح لابنتيه بالمشاركة. ورقصت الفتاتان مرة أخرى في العام التالي، مما أشعل حماس الجمهور.

مشاهد من البحر خلال عرض مجاديف كاشيما، الذي يُقام عادةً في يومي 3-4 مايو/ أيار. (© مكتبة هاغا)
مشاهد من البحر خلال عرض مجاديف كاشيما، الذي يُقام عادةً في يومي 3-4 مايو/ أيار. (©مكتبة هاغا)

لكن لم يُسمح بمشاركة النساء في جميع المهرجانات والطقوس. فعلى سبيل المثال، تقام طقوس السومو في ضريح هاتشيمان بمدينة ناغازاكي في تاكاهاما، بمحافظة ناغازاكي، خلال مهرجان شوكي تايساي (مهرجان الخريف الكبير) منذ أكثر من 200 عام. تبدأ هذه المسابقة بمباريات السومو الطقسية التي يشارك فيها الأولاد في سن المدرسة الابتدائية والأولاد الأصغر سنًا. ومع ذلك، في عام 2018، لم يتمكن منظمو الحدث من العثور على عدد كافٍ من الأولاد للمشاركة في الجزء الطقسي من المهرجان. وبينما يمكن للفتيات المشاركة في مباريات السومو بعد الطقوس، ناقشت جمعية تاكاهاما للسومو مشاركة الفتيات في الطقوس أيضًا – لكنها توصلت في النهاية إلى قرار مفاده أنه ”لا يزال الوقت غير مناسب“ للنظر في مشاركة الفتيات، وبدلاً من ذلك قررت تقليل عدد الأولاد المطلوبين.

تشارك الفتيات في مباريات السومو خارج الحلبة الرئيسية خلال مهرجانTakahama Hachiman Shrine Shūki Taisai. (© مكتبة هاغا)
تشارك الفتيات في مباريات السومو خارج الحلبة الرئيسية خلال مهرجانTakahama Hachiman Shrine Shūki Taisai. (©مكتبة هاغا)

تكافح كل هذه المجتمعات بطريقتها الخاصة لضمان بقاء عاداتها مع احترام أسلافها والتراث الذي توارثته الأجيال. سواء من خلال التكيف مع هذه التقاليد أو التمسك بها، آمل أن يظل أكبر عدد ممكن من المهرجانات قائماً حتى يستمتع الناس بها ويساهموا في دعم وتنشيط شتى المناطق في اليابان.

(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: معركة أكياس السومين في مهرجان سومينساي الأخير في معبد كوكوسيكي-جي في أوشو، بمحافظة إيواته، 17 فبراير/ شباط 2024. تستند تواريخ المهرجان إلى الجداول الزمنية للسنوات الماضية. © مكتبة هاغا)

    كلمات مفتاحية

    اليابان تاريخ المهرجانات

    هاغا هيناتاHAGA Hinataعرض قائمة المقالات

    مصور مهرجانات في اليابان وحول العالم. من مواليد عام 1956. رئيس مكتبة هاغا وهي أرشيف للصور والمواد المتعلقة بالمهرجانات والفنون المسرحية الشعبية. عضو في جمعية المصورين المحترفين في اليابان وفي رابطة كتاب السفر اليابانيين وفي الجمعية اليابانية للفنون المسرحية الشعبية. نشر سلسلة في ’’موسوعة أساهي الأسبوعية: المهرجانات اليابانية‘‘. كما نشر العديد من الكتب من بينها ’’المعرفة ممتعة! موسوعة مصورة للمهرجانات اليابانية‘‘، حيث كان أشرف على التحرير.

    مقالات أخرى في هذا الموضوع