إعادة ”توكيوا سو“ مهد ثقافة المانغا اليابانية للحياة
مانغا وأنيمي- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
لوكاندة من الزمن الغابر
’’لقد وصلنا إلى توكيوا سو. يبدو مكانا رائعا وإن كان قديما وباليا نوعا ما. سمعت أنه شُيد قبل عامين أو ثلاثة أعوام فقط لذلك لا يوجد ما يستدعي أن يعطي هذا الانطباع، ربما ذلك عائد إلى أن الجدران الخارجية مطلية بلون بيج باهت. عند المدخل في الأسفل توجد خزائن لوضع الأحذية على الجانبين، الخزائن على الجانب الأيسر يستخدمها المقيمون في الطابق الأول وعلى الجانب الأيمين مخصصة لسكان الطابق الثاني. وأنا أستخدم واحدة الآن. كانت غرفتي في الطابق الثاني. عندما صعدت على السلم العريض أول ما وقع عليه نظري المرحاض المشترك. وإلى جواره مباشرة يوجد المطبخ المشترك. كانت القاعة مظلمة وواسعة ما جعلني أفكر أن القاعة أحد الأسباب التي تجعل المكان يبدو باليا وقديما أكثر مما كان عليه. أسفل القاعة على اليمين كانت غرفتي هي الثانية من الخلف. مساحة الغرفة أربع حصائر ونصف من حصير التاتامي وهي مساحة أكثر من كافية بالنسبة لي. وتحتوي الغرفة على أماكن لفراش الفوتون وقدر الطبخ والغلاية ومكتبي الدراسي وحقيبة كبيرة وحقيبة يد، ومع ذلك لا يزال هناك متسع كاف من المساحة في الغرفة. نعم هذه الغرفة جيدة...‘‘ كان ذلك فقرة من ’’شبابي في توكيوا سو‘‘ بقلم إيشينوموري شوتارو.
هكذا دوّن إيشينوموري سعادته بالانتقال إلى توكيوا سو من غرفة صغيرة مساحتها 2.5 حصيرة تاتامي في نيشي أوتشيآي بحي شينجوكو كان قد استقر فيها لمدة شهر بعد وصوله إلى طوكيو قادما من محافظة ميياغي. لو قدر للراحل إيشينوموري أن تطأ قدمه متحف المانغا اليوم، لكان بالتأكيد سيعتقد أن الزمن عاد به للوراء إلى العصر الذي ألهم تلك الإثارة.
كل شيء لا يزال في مكانه: السلم الذي يصدر صريرا عند الدوس عليه، والمرحاض المشترك المصنوع على شكل حفرة، والمطبخ المشترك بحوض الغسيل المزود بأربعة صنابير والذي استخدم مرتين كحوض اغتسال مؤقت. هذا هو المكان الذي قضى إيشينوموري وزملاؤه شبابهم فيه.
عمليات البحث والتقصي لاستنساخ المبنى
افتتح توكيوا سو في 6 ديسمبر/كانون الأول من عام 1952 في 5-2253 شيئيناماتشي بحي توشيما في طوكيو (في الوقت الحالي العنوان هو مينامي ناغاساكي 3-16). في ذلك الوقت كان منزلا متواضعا إلى حد كبير مكونا من طابقين ومشيد من الخشب والملاط. وكان الإيجار الشهري للغرفة 3 آلاف ين فقط لا غير.
في عام 1953 انتقل الفنان تيزوكا أوسامو إلى المبنى بعد أن علم بشأنه من غاكودوشا دار نشر مجلة مانغا شونين. وسرعان ما تبعه الكثير من فناني المانغا. فقد جاء تيرادا هيروؤ – مؤلف كينتارو الرياضي – بتقديم من غاكودوشا، ومن ثم لحقه كل من فوجيكو إف فوجيو (مؤلف سلسلة الأنيمي الشهيرة دورايمون ’’عبقور‘‘) وفوجيكو فوجيو إيه (مؤلف كايبوتسو كون) وهما تلميذان نجيبان لتيزوكا، ولحقهم إيشينوموري (لاحقا ابتكر كايمن رايدر ’’الدرع المقنع‘‘)، وبعد ذلك جاء أكاتسوكا فوجيو (مبتكر تينساي باكابون) وآخرون. وفي عام 1954 انتقل تيزوكا إلى نزل ناميكي هاوس في زوشيغايا ولكن الآخرين بقوا في توكيوا سو ليلتفوا حول قائدهم تيرادا هيروؤ فيما أصبح يعرف باسم مجموعة ’’شين مانغا تو (حزب المانغا الجديد)‘‘. وقبل أن يمضي وقت طويل، كان الجميع يطلقون على توكيوا سو اسم ’’شانغري لا‘‘ فناني المانغا.
يقع متحف المانغا على قطعة أرض مساحتها 300 متر مربع تقريبا في منتزه مينامي ناغاساكي هاناساكي العام، والمعروف أيضا باسم منتزه توكيوا سو. استخدمت تقنيات لمحاكاة العوامل الجوية بهدف جعل هذا البناء الجديد تماما يبدو مثل توكيوا سو عندما كان إيشينوموري وزملاؤه يعيشون هناك بعد حوالي عقد من الزمن من تشييد المبنى الأصلي.
الجدران الخارجية ملطخة بالأمطار والأوساخ. حصائر التاتامي باهتة اللون جراء أشعة الشمس. سلطانية رامين فارغة في منطقة المطبخ، لتكتمل المحاكاة بوضع ماتسوبا عليها وهو اسم المطعم الصيني الذي اعتاد النزلاء طلب طعامهم منه. أهدى مطعم ماتسوبا للمتحف سلطانية من السلطانيات الثلاث المتبقية من تلك الحقبة.
أشرف على المشروع تانسييشا وهي ذات الشركة المعمارية التي أشرفت على تجديد متحف إيشينوموري للمانغا في إيشينوماكي بمحافظة ميياغي ومتحف يوكوتي ماسودا للمانغا في يوكوتي بمحافظة أكيتا. بدأ معهد تانسيي التابع للشركة وهو معهد بحثي مختص بالأماكن الثقافية، بحوثه الخاصة بالمشروع في عام 2010. وقد استخدم ما تم التوصل إليه من نتائج كأساس لمشروع الترميم.
قال مدير الابتكار في الشركة كاتو تسويوشي ’’إن مخططات المبنى الأصلي مفقودة، لكننا وجدنا صورا تم التقاطها أثناء الهدم، ما أعطانا لمحة عن هيكل المبنى. ساعدت الصور الداخلية والخارجية التي التقطها السكان في التحقق من الحالة الرثة للمبنى، لكنها كانت بالأبيض والأسود، لذلك دعّمناها بالعديد من المقابلات للوصول إلى درجة دقيقة من الشكل للمبنى.
صرير السلم يطرب فناني المانغا
كان توكيوا سو عبارة عن مبنى من الخشب والملاط. بينما تعين استخدام الخرسانة في تشييد الهيكل الحالي للالتزام بقوانين البناء الحديثة، لذلك تم استخدام هيكل مزدوج الجدران لإخفاء الدعامات الفولاذية وجعلها تبدو ’’خشبية‘‘ وفق شكلها الأصلي. التصاميم على ألواح السقف الخشبية تم استنساخها من لوح انتشله تيزوكا أثناء هدم المبنى عليه رسمة تصوره وتصور شخصية ’’ياقوت‘‘ من أنيمي ’’الأميرة ياقوت‘‘، وهو مُهدى لنادي الصحافة المحلي. دعّم كل ذلك بصور عالية الدقة ملتقطة لألواح السقف المحفوظة في متحف الفلكلور المحلي.
تمثلت إحدى أصعب المهام في استنساخ صوت صرير السلم. يقول كاتو ’’تشكل لدى فناني المانغا مشاعر قوية مع صوت صرير السلم لأن الصوت كان يعني أن أحد المحررين قادم ومعه عمل لهم أو ليأخذ الصفحات التي انتهوا منها قبل المواعيد النهائية. لذلك حرصنا على إعادة محاكاته. لقد كرسنا جهودنا لتكرارها لدرجة أننا أدرجنا هذا المفهوم في التصميم منذ البداية‘‘.
لقد جربوا باستخدام مواد أساسية يمكن حشرها بين الدرجات والأساس الفولاذي بحيث تنثني عند الدوس عليها، وبعد ذلك أضيفت فراغات بين الدرجات والمساحات القائمة بين درجات السلم، وطليت بعد ذلك بالراتينج الصنوبري ليتشكل صرير مميز عند صعود السلم.
غرف صغيرة بأحلام تتجاوز جدرانها
ما الذي دفعك لتكبد عناء استنساخ التفاصيل؟ يجيب كاتو قائلا ’’توكيوا سو هو مكان خاص لعشاق المانغا، ولم نكن نريد أن نخذلهم. على سبيل المثال، أردنا أن يعطي شعورا بأن المبنى مأهول كما لو أن المانغا كانت تنتج هنا بالفعل حتى لحظة افتتاحه كمتحف‘‘. ويستطرد كاتو قائلا وهو يضحك ’’لذلك عندما قرأنا على تويتر أن ’’المرحاض يبدو وكأنه كريه الرائحة حقا‘‘ اعتبرنا ذلك إطراء كبيرا‘‘.
لكن متحف توكيوا سو للمانغا هو أكثر من مجرد شقة تعود لعصر شووا، أو بقايا أحلام فنانين شباب. وهو أمر شددت عليه ساتوناكا ماتشيكو رئيسة الجمعية اليابانية لفناني الرسوم المتحركة، أثناء ترؤسها اجتماع مراجعة إدارة المتحف.
’’تحظى المانغا والأنيمي اليابانيين الآن بالاحترام في جميع أنحاء العالم، ولكن حتى في يومنا الحالي إن مجرد إعلان شخص عن طموحه في أن يصبح فنان مانغا من المرجح أن يجعله يبدو وكأن شخص غريب الأطوار بعض الشيء. أما في ذلك الوقت، فقد كان الأمر يتطلب قدرا لا يُصدق من الشجاعة للفنانين في توكيوا سو لاتخاذ قرار بدخول عالم المانغا. هذه الغرف صغيرة الحجم، لكن أحلام ساكنيها كبيرة. بين هذه الجدران قاموا بتحفيز ودعم وتشجيع بعضهم البعض أثناء تطوير أنماطهم الشخصية. بغض النظر عن مدى حبهم لعمل أولئك الذين شكلوا مصدر إلهام لهم، إلا أنهم كانوا يتحدون أنفسهم لصنع شيء مختلف، شيء أصلي تماما. إن جوهر ثقافة المانغا والأنيمي اليابانية خضع للتنقية في توكيوا سو، ويتعين علينا نقل ذلك إلى الأجيال القادمة في جميع أنحاء العالم عن طريق إقامة المعارض هنا‘‘.
بارقة أمل لاستعادة حيوية المكان
يأمل السكان المحليون أن يساعد متحف توكيوا سو للمانغا في تنشيط أروقة التسوق المحلية الخاصة بهم.
تطورت منطقة شيئيناماتشي بسرعة أثناء فترة النمو الكبيرة التي شهدتها اليابان في فترة ما بعد الحرب بفضل موقعها المركزي بالقرب من منطقة إيكيبوكورو والقدرة على الوصول إلى الحافلات والقطارات بشكل ميسر. شهدت المنطقة تشييد لوكاندات للقادمين من الريف على نحو سريع. في وسط كل ذلك كان هناك شارع تسوق مزدحم يمتد لمسافة نصف كيلومتر ويضم حوالي 200 متجر. ولكن في الوقت الحالي لا يوجد إلا حوالي 10 متاجر مفتوحة، ولذلك أصبح شارع توكيوا سو يدعى ’’الشارع المغلق‘‘.
وبالتزامن مع افتتاح متحف المانغا، أقدم كويدي ميكيو رئيس قسم العلاقات العامة بجمعية مشروع تعاون توشيما مينامي ناغاساكي توكيوا سو بإغلاق متجر الساعات الذي ورثه عن والده وانضم إلى شركة الكتب المستعملة ’’تي تو‘‘ لفتح متجر يسمى ’’فوروئيتشي فرع شارع توكيوا سو‘‘. يضم المتجر نحو 7 آلاف كتاب وسلعة أصلية مستوحاة من أعمال فناني المانغا الذين سكنوا توكيوا سو، ويحتوي على مقهى يدعى ’’إيدين‘‘على اسم المقهى المفضل لإيشينوموري وأصدقائه.
يقول كويدي: ’’لقد اتخذت الخطوة الأولى. أعلم أن الأمر سيستغرق بعض الوقت، لكن حلمي هو السعي وراء المشاريع المحلية التي تعيد تنشيط واجهات المتاجر الفارغة بشكل خلاق وتجذب الشباب للعودة لتنشيط المنطقة‘‘.
أدى تفشي فيروس كورونا الجديد إلى تأخير افتتاح المتحف من 22 مارس/آذار إلى 7 يوليو/تموز، ولا يزال المتحف مفتوحا للزوار الذين يقومون بالحجز فقط، ولكن بدأ الشعور بالفعل بـ’’تأثير توكيوا سو‘‘. حيث يستقبل المتحف في نهاية الأسبوع والعطلات أكثر من 400 زائر، لتصبح مشاهدة العائلات أمرا مألوفا في شارع توكيوا سو. حتى أن هناك طوابير من الزبائن تصطف خارج مطعم ماتسوبا الصيني تحرص على تذوق أطباق الرامين بنكهتها ’’القديمة‘‘ الخاص به.
ولادة شخصية كويكي المهووس بالرامين
عند الحديث عن توكيوا سو فلا بد من تذكر ’’كويكي المهووس بالرامين‘‘ وهي شخصية ظهرت كثيرا في أعمال مانغا مثل ’’Q-Taro the Ghost‘‘ وعبقور والكثير من سلاسل المانغا الأخرى التي ابتكرها فوجيكو.
السيد كويكي موجود بالفعل! الرجل الذي كان النموذج الذي رسمت على أساسه الشخصية يدعى سوزوكي شينئيتشي وهو يعمل حاليا مديرا لمتحف سوغينامي للرسوم المتحركة. وكان قد انتقل إلى طوكيو قادما من شيمونوسيكي في أغسطس/آب عام 1955 وعاش في توكيوا سو لمدة 10 أشهر. بعد ذلك بوقت قصير دخل صناعة الرسوم المتحركة، حيث افتتح ’’استوديو زيرو‘‘ مع فوجيكو فوجيو وأشرف على أعمال حققت نجاحات مثل أسوماتسو كون وبارمان.
يروي سوزوكي قصة ولادة الشخصية بينما يستعيد مشاهد من ذكرياته وراء الكواليس حول علاقات الصداقة الحميمة في توكيوا سو.
’’في ذلك الوقت كان لدينا القليل من العادات والتقاليد من بينها أنه عندما كان يأتي عيد ميلاد شخص ما كنا نرسم صورته على شكل رسوم كاريكاتورية. وعندما اقترب عيد ميلادي قام الجميع برسم صور لي، لكن أيا منها لم تكن تشبهني. عندها فقط رسم أحدهم – لا أتذكر من هو بالتحديد – صورة بشعر مجعد وقد أعجب الجميع بها. بعد فترة صُدمت لرؤيتها في حلقة من Q-Tarō. فوجيكو كان دائم التذكر لها! وأنا ما زلت أستخدمها في وقتنا الحالي كرسمة كاريكاتورية لي‘‘.
السبب وراء تسمية الشخصية باسم كويكي وليس سوزوكي هو أنه بعد مغادرة توكيوا سو، سكن سوزوكي في منزل مملوك لرجل وزوجته من عائلة كويكي، وكان الجميع يفترض خطأ أن اسم عائلته هو كويكي، وهكذا اقترن الاسم بالشخصية.
كان سكان توكيوا سو فنانين فقراء في بداية حياتهم المهنية، لذلك لم يكونوا ينفقون الكثير من المال على الطعام أو الملابس أو الحمامات العامة. لكنهم لم يكونوا يترددون أبدا في الإنفاق بسخاء أثناء اللقاءات مع الأصدقاء أو على الأفلام أو الكتب أو أي شيء آخر كان يعتقدون أنه قد يكون ذا قيمة تعليمية أو ترفيهية.
’’لم نكن نتحدث تقريبا أبدا عن المانغا. كان حديثنا يدور دائما عن أي فيلم أو قصة خيالية أو كتاب غامض قرأناه مؤخرا. لكن كل محادثاتنا وألعابنا ورحلاتنا تحولت إلى مصادر لأعمالنا. عندما كان أحدنا يحقق إنجازا ما كنا نشجعه جميعا، وكلما احتاج أي شخص إلى المساعدة كنا نمد له يد العون. إذا تمكن الزائرون من استشعار ذلك عندما يجلسون هنا في هذه الغرف الصغيرة التي لا تتجاوز مساحة إحداها 4.5 حصيرة تاتامي، أعتقد أن أكاتسوكا أو إيشينوموري سيكونان في غاية السعادة‘‘، يختم سوزوكي حديثه بذلك بينما تلمع في عينيه بارقة حنين للماضي.
متحف توكيوا سو للمانغا في مدينة توشيما
- ساعات العمل: 10 صباحا حتى 6 مساء (آخر موعد للدخول 5:30 مساء)
- العطل: أيام الاثنين (أو اليوم التالي إذا وافق الاثنين عطلة رسمية) وعشية رأس السنة وأول يوم في السنة الجديدة أو عند التجهيز للمعارض.
- رسم الدخول: مجاني (بعض المعارض قد تفرض رسوما)
- العنوان: 3-9-22 مينامي ناغاساكي، توشيما، طوكيو (منتزه مينامي ناغاساكي هاناساكي)
- الهاتف: 0369127706
- الوصول: محطة أوتشيآي مينامي ناغاساكي على خط تويي أويدو (5 دقائق سيرا على الأقدام)
- محطة هيغاشي ناغاساكي على خط سيئبو إيكيبوكورو (10 دقائق سيرا على الأقدام)
- محطة شيئيناماتشي على خط سيئبو إيكيبوكورو (15 دقيقة سيرا على الأقدام)
- الموقع الإلكتروني: https://tokiwasomm.jp/en
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: واجهة متحف توكيوا سو للمانغا. تجدر الإشارة إلى أن العمود المربع وعليه اسم المبنى وشجرة النخيل الوحيدة هما نسخة طبق الأصل عن الشكل الأساسي. حقوق جميع الصور لأمانو هيساكي باستثناء صورة سوزوكي شينئيتشي)