كوبو تاكيفوسا: ميسي اليابان يتألق في إسبانيا

رياضة

اللاعب الياباني المعجزة كوبو تاكيفوسا هو حديث عالم كرة القدم اليابانية. فبعد أن أمضى بعض الوقت في أكاديمية الشباب في نادي برشلونة لكرة القدم قبل العودة إلى اليابان لقضاء فترة في اللعب بالدوري الياباني، لكن في عام 2019 انتقل مرة أخرى إلى إسبانيا، بعد أن وقع لفريق ريال مدريد.

تم تسليط الضوء على معجزة كرة القدم اليابانية اللاعب كوبو تاكيفوسا والملقب بـ "ميسي اليابان" في إسبانيا، وأصبح حديث الصحف في عالم الساحرة المستديرة. في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، سجل وكوبو البالغ من العمر 18 عامًا هدفه الأول الذي طال انتظاره منذ انتقاله إلى الدوري الإسباني، حيث حقق فريق مايوركا الفوز على فياريال 3-1. بعد المباراة قال كوبو لصحفي بلغة إسبانية طليقة "لقد حلمت بالتسجيل في دوري الدرجة الأولى منذ فترة طويلة"، "والآن بعد أن فعلت ذلك، أريد أن أسجل المزيد من الأهداف".

أصبحت مايوركا بين عشية وضحاها تزخر بأخبار كوبو لاعب خط الوسط منذ تم إعارته من النادي الملكي ريال مدريد في الصيف. وصعد أر سي دي مايوركا، إلى دوري الدرجة الأولى في نهاية الموسم الماضي. ويأمل المشجعون وطاقم الإدارة الخاص بالفريق في أن تساعد براعة النجم الياباني الشاب في تسجيل الأهداف في الحفاظ على الفريق في الصدارة. ومثل صعود فريق مايوركا لدوري الدرجة الأولى قصة شبيهة بقصة سندريلا، فقبل موسمين فقط كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة. وكوبو، الذي عاد إلى كرة القدم الإسبانية بعد 3 سنوات، يتطلع إلى كتابة فصل جديد خاص به يضاهي القصص الخيالية.

في بؤرة الأضواء

تصدر كوبو الأخبار في اليابان وإسبانيا في يونيو/ حزيران عام 2019، عندما قرر أن يودع فريقه في الدوري الياباني، نادي إف سي طوكيو، بعد أن وقع لفريق ريال مدريد. وكان قد أثار شرارة إعلامية أخرى عندما وصل في شهر أغسطس/ آب إلى مايوركا على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد على أمل الحصول على مزيد من وقت اللعب. وكان المشجعون المحليون يشعرون بالفرح، حيث استقبلوا لاعب الوسط الشاب بترحاب حار.

في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول، ازدادت الإثارة قبل مباراة كوبو الأولى ضد ريال مدريد منذ هذا الانتقال. ففي اليوم السابق للمباراة، أجرت صحيفة "ماركا"، أكبر صحيفة رياضية في إسبانيا، مقابلة من 4 صفحات مع اللاعب الشاب التي ظهر فيها بصورة مبهجة، وظهر مادًا ذراعيه ممسكًا بالقميص الأبيض لريال مدريد بيد وبالقميص الأحمر لمايوركا في اليد الأخرى.

ومع بداية المباراة، ركزت الكاميرات على كوبو، الذي كان جالسًا على مقاعد البدلاء. وتقدم فريق مايوركا محرزًا هدف السبق في بداية الشوط الأول، مما أشعل المدرجات في ابتهاج محموم. وفي الشوط الثاني، تم التبديل ودخل كوبو  إلى الميدان، حيث تولى مركزًا بين لاعبي ريال مدريد والمنتخب البرازيلي فينسيوس جونيور ومارسيلو، الذين زاملهما في الفريق قبل أسابيع قليلة فقط. وأطلق كوبو تمريرة علوية، اعترضها دفاع الخصم بسهولة. 

شعر كوبو تاكيفوسا أنه يمكن أن يكون له تأثير أكبر من خلال الانضمام إلى فريق أر سي دي مايوركا. الصورة مقدمة من كاواموري موتسو.
شعر كوبو تاكيفوسا أنه يمكن أن يكون له تأثير أكبر من خلال الانضمام إلى فريق أر سي دي مايوركا. الصورة مقدمة من كاواموري موتسو.

حافظ فريق مايوركا الضعيف على الفوز بنتيجة 1-0، فيما يعد نتيجة مفاجئة بحصد النادي ثلاث نقاط عززت من ثقة لاعبيه. وعلى الرغم من دوره المحدود، ساهم كوبو في الفوز. وصفق فرحًا، وانضم إلى زملائه في الاحتفال بالفوز مع حشود مشجعي الفريق. ومن المؤكد أنه كان يدرك أنه سيحتاج إلى عروض أفضل بكثير في المستقبل لتأمين نقطة انطلاق مشوراه الكروي.

قرارات مصيرية

بالانتقال من ريال مدريد، ترك كوبو نادي يمتلك قائمة لاعبين تقدر قيمتها بحوالي 641 مليون يورو، في المرتبة الثانية بعد نادي برشلونة، إلى فريق إقليمي تبلغ قيمة لاعبيه 30 مليون يورو فقط، وهي أقل قيمة لفريق في الدوري الإسباني. ومع ذلك، فإن مايوركا ليس نادٍ هين، حيث يشتهر باكتشاف وتطوير أفضل المواهب، فقد بنى المهاجم الكاميروني الأسطوري صمويل إيتو مجده باعتباره هدافًا هائلاً أثناء لعبه مع الفريق الذي يعرف كذلك باسم "لوس برميلونيس". ويثق الفريق الآن أنه يقف على حافة حقبة جديدة، بعد عودة طال انتظارها لدوري الدرجة الأولى إثر 6 سنوات قضاها بعيدا عن الأضواء.

لم يقرر كوبو المجيء إلى مايوركا لمجرد التغيير. ففي مقابلة مع صحيفة ماركا، أعرب عن أسفه لعدم حصوله على البداية التي كان يأملها لمشواره، ولكنه يصر على أنه سوف يستمر في التحسن وتكريس مجهوداته لمساعدة الفريق بكل السبل الممكنة. ومع ذلك، يصر على أن العلاقة ستكون مفيدة للطرفين، وصرح بثقة "يمكنني المساهمة بشكل أكبر في مايوركا، ويمكن أن يساعدني الفريق في تطوير مهاراتي. على الرغم من أن النادي قد صعد لدوري الدرجة الأولى حديثًا، إلا أنه له تاريخ طويل في اللعب بنفس الدرجة. أعتقد أن المجيء إلى هنا هو فرصة عظيمة للنمو والتحسن".

كان اللعب ضمن الفريق الرديف في ريال مدريد، يتيح لكوبو إمكانية التدريب مع الفريق الأول. ومن المحتمل أنه كان قد تم الاستفادة من وجوده أيضًا للمشاركة في منافسات بطولة كأس إسبانيا ومرحلة المجموعات في دوري أبطال أوروبا، مما أتاح له فرصة الاقتراب من الفريق الأول، كما بزغ نجم اللاعب الشاب فينيسوس جونيور بنفس الطريقة في ريال مدريد بالمستويات العليا الموسم الماضي.

ومع ذلك، فضل كوبو اكتساب الخبرة بالدرجة الأولى كواحدة من أهم أولوياته. وكان هذا خيار محفوف بالمخاطر. فبينما يتفوق كوبو كلاعب خط وسط مهاجم، يعد اللعب ضمن صفوف فريق يكافح في عامه الأول مع الفرق الكبرى، فإن فرصه تسجيل الأهداف ربما نصبح محدودة. وكان هذا، في الواقع، هو ما حدث معه في المباراة ضد ريال مدريد، حيث أجبر مرارًا الضغط الهجومي الذي مارسه لاعبي الريال، كوبو على ملازمة منطقة جزاء فريقه للدفاع.

كما سيحتاج كذلك إلى وقت للتكيف مع ناديه الجديد. فالأمر ليس مجرد وجود القدرة لديه من عدمه، فقد أظهر أنه قادر على الاعتماد على نفسه أثناء اللعب لريال مدريد خلال الصيف. لكن كوبو سيكون عليه الآن اللعب في ظل نظام جديد وأجواء مختلفة بفريقه الجديد.

وهناك علامات على أنه يتكيف بسرعة. وتجدر الإشارة بوجه خاص إلى تمكنه من التواصل مع زملائه في الفريق بسلاسة. فلا يدع كوبو صغر سنه أو التحاقه المتأخر بالفريق يقف عقبة في طريقه، لكنه يعبر عن أفكاره بشكل علني، وأحيانًا بشكل صارخ. فبدلاً من الاعتماد على مترجم شفهي، يتفاعل باللغة الإسبانية بطلاقة. وأشاد فيسنتي مورينيو مدرب مايوركا بقدرة كوبو اللغوية، قائلاً إنه بعد أن تعلمها في سن صغيرة، يتحدث التحدث بها كما لو كانت لغته الأم، ويضيف ضاحكًا "ربما يتحدثها أفضل مني".

عودة إلى الدوري الياباني

بدأ كوبو في دراسة اللغة الإسبانية أثناء تواجده في المدرسة الابتدائية ممتلكًا حلم اللعب يومًا ما في إسبانيا. وحين جاءته هذه الفرصة في عام 2011، عندما كان في التاسعة من عمره، تلقى دعوة للالتحاق بأكاديمية صغار اللاعبين الشهيرة في برشلونة، لا ماسيا. وفي ذلك الوقت، كان برشلونة، تحت قيادة بيب غوارديولا ، في قمة كرة القدم الأوروبية. وقبل كوبو هذا العرض الذي يمثل فرصة تأتي مرة واحدة في العمر. وبعد التجربة التي استمرت أسبوعين، عُرض عليه مكان في البرنامج ليقضي السنوات الثلاث ونصف السنة التالية في الأكاديمية.

كوبو خلال فترة وجوده في أكاديمية شباب برشلونة. الصورة من أفلو.
كوبو خلال فترة وجوده في أكاديمية شباب برشلونة. الصورة من أفلو.

لقد عمل بثبات وهو يشق طريقه داخل أكاديمية لا ماسيا. ولكن في عام 2014، حلّ سوء الحظ عليه وعلى العديد من لاعبي كرة القدم الشباب الآخرين في الأكاديمية عندما وجدت الفيفا أن برشلونة قد انتهك في وقت سابق قواعد الانتقال الدولي للاعبين تحت سن 18 عامًا. ليعود إلى اليابان بعد أن أصبح غير مؤهل للعب في أوروبا، حيث انضم إلى فريق إف سي طوكيو بالدوري الياباني.

كان هذا الحكم بمثابة التجربة المريرة التي كان عليه تجاوزها. ويتذكر كوبو ذلك في حواره مع ماركا: "بالنسبة لصبي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، فإن الأمر كان صعبًا للغاية، لأنك تريد أن تلعب كرة القدم ولا تعرف سبب ابعادك من البلاد بهذه الطريقة. وفي الواقع، ما زلت لا أعرف لماذا حدث ذلك. إذا أراد أحد الأطفال لعب كرة القدم في نادٍ جيد، فلن أرى سبب لعدم تمكنه من ذلك. فلماذا لا يسمح له بذلك؟".

ولكن سرعان ما واصل كوبو عمله الدؤوب، وألقى بنفسه في خضم عالم كرة القدم اليابانية. وعلى الرغم من أن مستوى اللعب كان أقل من الدوري الإسباني، فقد بزغ نجمه في الدوري الياباني، وكانت موهبته الطبيعية قد أصقلتها ثلاث سنوات التدريب في برشلونة لتخدمه بشكل جيد. وفي عام 2017، سجل أول مشاركة له في دوري الدرجة الأولى عندما كان عمره 16 عامًا، وهو إنجاز يكاد يكون مستحيلًا إذا ما كان قد ظل في إسبانيا. وأمضى جزءًا من موسمه الثاني على سبيل الإعارة إلى فريق يوكوهاما إف مارينوس، حيث سجل هدفه الأول في دوري الدرجة الأولى الياباني. ثم عاد إلى فريق طوكيو في عامه الثالث بالدوري الياباني، مما ساعد الفريق على تسلق قمة المنافسة. وأثناء لعبه في اليابان، تم الاستعانة به كذلك ضمن صفوف المنتخب الياباني، حيث ظهر لأول مرة مع فريق الساموراي الأزرق على مقاعد البدلاء في مباراة ودية ضد السلفادور في يونيو/ حزيران.

وخلال هذه الفترة، رغم ذلك، لم تنس إسبانيا كوبو. فقد تابعت وسائل الإعلام عن كثب أهدافه ومآثره الأخرى في الدوري الياباني. وعندما بلغ الثامنة عشر من عمره وأصبح مؤهلاً للعودة إلى كرة القدم الأوروبية، تنافس برشلونة مع فرق أخرى في القارة للحصول على توقيعه. وفي النهاية، قرر كوبو عدم العودة إلى ناديه القديم، وفي المقابل قرر الانضمام إلى منافسه ريال مدريد. لقد لخص قراره هذا في حواره مع ماركا، قائلاً ببساطة أن ريال مدريد "أوضح لي الخطة التي لديهم لحياتي المهنية، وقد أحببت ذلك".

آمال كبيرة

كان يتوجب على كوبو أن يظل محافظًا على تركزيه وأن يتدرب بقوة إذا كان يأمل في تحقيق هدفه في واحدة من أفضل الدوريات في العالم. لكن المدير التنفيذي لنادي مايوركا ماهيتا مولانغو لديه اقتناع بأن اللاعب الياباني الشاب لديه كل ما يلزم ليكون نجمًا. ويقدر الرجل بشكل كبير كوبو وقدرته على الحفاظ على قدميه ثابتتين بحزم على الأرض وسط كل اهتمام وسائل الإعلام بالنظر إلى أنه لا يزال في الثامنة عشرة من عمره. ويري مولانغو أن نبوغ اللاهب الشاب يرجع الفضل فيه بشكل كبير لالتزامه ولدعم عائلته له.

كوبو في مباراة ودية ضد الباراغواي. منذ استدعائه في مايو/ أيار، انتقل كوبو بانتظام من مقاعد البدلاء للعب ضمن صفوف المنتخب الوطني. جيجي برس.
كوبو في مباراة ودية ضد الباراغواي. منذ استدعائه في مايو/ أيار، شارك بانتظام وبشكل أساسي مع المنتخب الوطني الياباني. جيجي برس.

وأكسبت سنوات كوبو في أكاديمية لا ماسيا، مقارنات مع لاعبين آخرين مشهورين من خريجي نفس الأكاديمية، ولا سيما ليونيل ميسي وأندريس إنييستا. حيث يتشارك كوبو في العديد من السمات مع هذه النجوم، بما في ذلك الطريقة التي يستغل بها المساحات المفتوحة، وقدرته الطبيعية كصانع ألعاب، وسيطرته الرائعة على الكرة.

وتوجد تطلعات لرؤية تلك المقارنات تتحقق وإنها كانت في محلها. ويعد هدف مايوركا الرئيسي هذا الموسم ضمن الفرق متصدرة الدوري، وحتى مع المواهب التي يمتلكها، يجب على كوبو كسب نقطة انطلاق في الفريق بتسجيله أهداف ومساعدة على صنعها. إذا تمكن من إيجاد إيقاعه وبناء علاقة مع زملائه في الفريق، فهناك كل الأسباب للاعتقاد بأنه سيصبح لاعبًا نجمًا بناديه.

وينظر مشجعو مايوركا بشكل متفائل لمشاركة كوبو. وتتكرر نداءات "كوبو" بشكل منتظم في المباريات، حيث ينطلق النشيد الهادر من المدرجات في كل مرة ينزل فيها لاعب خط الوسط الشاب أرضية الملعب.

ويتواجد فريق مايوركا في مكانة بعيدة عن العالم الذي عرفه كوبو في ريال مدريد. لكن مع تجنب التشتيت عن اللعب في نادٍ كبير، يستطيع كوبو قضاء الموسم بالتركيز على تطوير طريقة لعبه. وسيثبت هذا العام بلا شك أنه عاملاً محوريًا في حياة النجم الشاب.

(النص الأصلي باللغة اليابانية. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: اللاعب كوبو يقوم بالتلاعب بالكرة خلال مباراة تلت انتقاله لفريق ريال مدريد بفترة قصيرة. الصورة مقدمة من تاغوتشي يوكيهيتو)

    كلمات مفتاحية

    كرة القدم الرياضة رياضة

    مقالات أخرى في هذا الموضوع