من جهاز ثوري إلى أيقونة عالمية.. كيف صنعت سوني أسطورة «بلاي ستيشن»؟
لايف ستايل- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
استمرار شعبية بلاي ستيشن في جميع أنحاء العالم
استمتع جيل الشباب في مطلع الألفية بجهاز بلاي ستيشن، الذي حقق شعبية واسعة آنذاك. وبعد مرور ثلاثين عامًا على إطلاقه الأول، وصل الجهاز الآن إلى جيله الخامس، محافظًا على مكانته كواحد من أبرز أنظمة الألعاب في العالم. رغم التطورات التقنية الكبيرة التي شهدها الجهاز على مدار السنوات، إلا أن هناك عناصر مميزة بقيت ثابتة، مثل تصميم وحدة التحكم ذات الألوان البسيطة وأزرارها الشهيرة التي تحمل رموز ”△○×□“. ومع ذلك، لم يقف الجهاز عند هذا الحد، فقد تم تحديثه باستمرار ليواكب التغيرات في عالم الألعاب ويستجيب لتطلعات اللاعبين العصريين.
على الرغم من هيمنة ألعاب الهواتف الذكية في عصرنا الحالي، لا يزال جهاز بلاي ستيشن يحافظ على مكانة خاصة بين اللاعبين المتحمسين. يعود ذلك إلى مجموعته الواسعة من الألعاب الحصرية والجودة العالية للبرامج التي تصدرها شركات الطرف الثالث. منذ إطلاقه الأول، تم بيع أكثر من 500 مليون وحدة من الإصدارات الخمسة المختلفة في جميع أنحاء العالم، مما يرسخ مكانته كأحد أعمدة صناعة ألعاب الفيديو. بلاي ستيشن لا يمثل فقط منصة للألعاب، بل رمزًا للتجربة الترفيهية التي تجمع بين الابتكار والتقاليد. سنستعرض في هذا المقال تطور الأجيال المتعاقبة من جهاز بلاي ستيشن، ونكتشف العناصر التي جعلته يحافظ على جاذبيته وتفرده في عالم الألعاب على مر السنين.
جهاز بلاي ستيشن (تم إطلاقه في عام 1994): رائد أجهزة الألعاب ثلاثية الأبعاد المتكاملة
لقد كان عام 1994 كان محطة تحول حاسمة في تاريخ الألعاب، حيث شهد انتقالًا نوعيًا من عصر الألعاب ثنائية الأبعاد إلى عصر الرسومات ثلاثية الأبعاد. كان هذا التحول بقيادة جهازين أساسيين: سيغا ساترن (Sega Saturn) وبلاي ستيشن (PlayStation)، اللذين تم إطلاقهما في وقت متقارب، مما أشعل معركة تنافسية شرسة بين المعسكرين.
تميزت شركة سيغا بطرح لعبة القتال ثلاثية الأبعاد الشهيرة ”فيرتشوا فايتر (Virtua Fighter)“، التي لاقت شعبية واسعة بين عشاق ألعاب الفيديو وكانت في طليعة المنافسة. ومع ذلك، تمكن جهاز بلاي ستيشن من قلب الموازين لصالحه بفضل عناوينه الحصرية القوية، وعلى رأسها ”فاينل فانتاسي 7 (Final Fantasy VII)“ و”دراغون كويست 7 (Dragon Quest VII) هاتان اللعبتان كانتا أحدث الإصدارات في سلسلتي ألعاب تقمص الأدوار الأكثر شهرة، وساهمتا في تعزيز مكانة بلاي ستيشن كخيار مفضل للاعبين، ليحسم الصراع لصالحه في النهاية.
لقد شكل هذا الفوز نقطة انطلاق لبلاي ستيشن في السيطرة على سوق الألعاب، حيث أصبح رمزًا للابتكار والجودة في صناعة الترفيه الرقمي.
وكانت الرسومات ثلاثية الأبعاد في بلاي ستيشن مذهلة. ففي غضون ثلاث سنوات وصل عدد البرامج المتوافقة معها إلى ألف برنامج، وتجاوز إجمالي عدد الوحدات التي تم بيعها عشرة ملايين وحدة.
بلاي ستيشن 2 (تم إطلاقه في عام 2000): شهرة كبيرة خلال طفرة أقراص الفيديو الرقمية (DVD)
لقد شهد جهاز بلاي ستيشن 2، الذي تم إطلاقه عام 2000، تطورًا كبيرًا في وظائف الرسومات ثلاثية الأبعاد، حيث أصبح قادرًا على إجراء حسابات فيزيائية في الوقت الحقيقي، مما أتاح له ”إعادة إنتاج حركة الأجسام الواقعية بتفاصيل مذهلة“. بفضل قوته التقنية، تفوق الجهاز على معظم أجهزة الألعاب التجارية والحواسيب الشخصية ذات التكلفة العالية في ذلك الوقت. علاوة على ذلك، تم تصميمه ليكون متوافقًا مع ألعاب الجيل السابق، مما أتاح للمستخدمين تشغيل ألعاب بلاي ستيشن 1.
لكن الميزة التي جعلت بلاي ستيشن 2 يبرز حقًا كانت دعمه لتشغيل أقراص الفيديو الرقمية (DVD-Video)، وهي تقنية حديثة آنذاك. بفضل سعره المنافس، حيث بلغ حوالي 40,000 ين مقارنة بالمشغلات المخصصة التي تجاوزت تكلفتها 50,000 ين، جذب الجهاز عشاق الفيديوهات إلى جانب اللاعبين. كما أن النجاح الكبير لفيلم ”المصفوفة (The Matrix)“، الذي أُصدر على أقراص DVD في العام نفسه، عزز الإقبال على الجهاز، مما ساعد على توسيع السوق بسرعة. لذا، استحق بلاي ستيشن 2 لقب ”جهاز الألعاب الذي ساهم في نشر أقراص الفيديو الرقمية“.
إلى جانب مكتبته الغنية من الألعاب وأسعاره المناسبة، نجح بلاي ستيشن 2 في تحقيق مبيعات هائلة. وبحلول نهاية إنتاجه في عام 2012، تجاوزت مبيعاته العالمية 155 مليون وحدة، ليصبح بذلك أحد الأجهزة الأكثر مبيعًا في تاريخ الألعاب، ومسجلًا علامة فارقة في صناعة الترفيه الرقمي.
بلاي ستيشن بورتبل وبلاي ستيشن فيتا (تم إطلاقهما في عام 2004 وعام 2011): أحدثت النسخة المحمولة الأولى أيضًا طفرة في عالم الألعاب
أطلقت شركة سوني أول جهاز ألعاب فيديو محمول لها، وهو بلاي ستيشن بورتبل (PlayStation Portable - PSP)، ليحدث نقلة نوعية في عالم الألعاب المحمولة. على الرغم من حجمه الصغير، قدم الجهاز رسومات تضاهي تلك الموجودة في بلاي ستيشن 2، مما جعله محط إعجاب عشاق الألعاب. وقد تم تطوير ”القرص الضوئي (UMD)“ كوسيط مستقل لتخزين البرامج، مما مكّن الجهاز من أن يكون أكثر من مجرد وحدة ألعاب، إذ تحول إلى مشغل محمول للموسيقى والفيديوهات.
لعبت سلسلة الألعاب الشهيرة ”مونستر هنتر بورتبل (Monster Hunter Portable)“ دورًا كبيرًا في تعزيز شعبية الجهاز، حيث حفزت ازدهار الألعاب التعاونية بين الأصدقاء الذين استخدموا أجهزة بلاي ستيشن بورتبل للعب سويًا، مما أضاف بُعدًا اجتماعيًا قويًا لتجربة الألعاب.
وفي عام 2011، أطلقت سوني الجيل التالي من الأجهزة المحمولة، بلاي ستيشن فيتا (PlayStation Vita)، الذي جاء بقدرات تقنية فائقة. لكن بحلول ذلك الوقت، كانت تطبيقات الألعاب على الهواتف الذكية قد بدأت بالانتشار بشكل كبير، مما أدى إلى تناقص الطلب على أجهزة الألعاب المحمولة المخصصة. ومع قلة عدد الألعاب المطورة خصيصًا له، لم يتمكن بلاي ستيشن فيتا من تحقيق النجاح التجاري الذي حققه بلاي ستيشن بورتبل، على الرغم من تفوقه من حيث القوة والإمكانات التقنية.
جهاز بلاي ستيشن 3 (تم إطلاقه في عام 2006): مواصفاته عالية، ولكن انتشاره بطيء
وبفضل المعالج الذي تم تطويره بالاشتراك مع شركتي آي بي إم وتوشيبا، والقدرات الشبكية المحسّنة، ودعم أقراص بلو راي Blu-ray)، بالإضافة إلى أقراص الفيديو الرقمية (DVD)، تميّز جهاز بلاي ستيشن 3 بأداء استثنائي. ولكن بالمقابل، كانت تكاليف التصنيع مرتفعة، وارتفع سعر أرخص إصدار بسعة عشرين غيغابايت بشكل كبير عن جهاز بلاي ستيشن 2، ليصل إلى أكثر من ستين ألف ين. وعلاوة على ذلك، تأخر الإنتاج في الأيام الأولى، مما أدى إلى ”ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات“.
وعلاوة على ذلك، كان من الصعب برمجة المعالج عالي الأداء والمصمم بشكل فريد، مما أدى إلى نقص في برامج الألعاب. ومع ذلك، كان سعر الطراز المعدل أقل، ومع ازدياد شعبية أجهزة التلفاز عالية الدقة، انتعشت مبيعات بلاي ستيشن 3. كما أدى الأداء القوي للعبة ”غراند ثيفت أوتو 5 (Grand Theft Auto V)“، الإصدار الجديد من لعبة الجريمة المفضلة في العالم، إلى زيادة المبيعات.
جهاز بلاي ستيشن 4(تم إطلاقه في عام 2014): تعزيز التقارب مع وسائل التواصل الاجتماعي والواقع الافتراضي
لقد مثل بلاي ستيشن 4 نقطة تحول في تاريخ منصات الألعاب، حيث تم تصميمه ليشبه جهاز حاسوب شخصي عادي، مما جعل تطوير الألعاب أكثر سهولة ومرونة للمطورين. بفضل المواصفات التقنية العالية والتنوع الكبير في مكتبة الألعاب، تفوق الجهاز على منافسه إكس بوكس ون (Xbox One) من شركة مايكروسوفت، وسجل زيادة كبيرة في المبيعات مقارنة بجهاز بلاي ستيشن 3.
كانت أبرز مميزات بلاي ستيشن 4 هي تكامله مع شبكات التواصل الاجتماعي وخصائص بث الألعاب عبر الإنترنت. قدم الجهاز ميزات متطورة مثل إمكانية ”مشاركة“ مقاطع الفيديو الخاصة بالألعاب مباشرة، مما عزز من تجربة اللعب الجماعية والتواصل بين اللاعبين.
أحد الإضافات البارزة للجهاز كانت دعمه لتقنيات الواقع الافتراضي عبر ”بلاي ستيشن في آر (PlayStation VR)“، الذي يُباع بشكل منفصل، حيث أتاح للمستخدمين الانغماس في تجارب لعب غامرة وغير مسبوقة.
وفي عام 2016، طرحت سوني إصدارًا مطورًا يُعرف بـ ”بلاي ستيشن 4 برو“، والذي يدعم دقة عرض 4K ويقدم أداءً محسّنًا ليواكب التطورات في الرسومات البصرية. بفضل هذه الابتكارات، رسّخ بلاي ستيشن 4 مكانته كواحد من أكثر أجهزة الألعاب تأثيرًا في تاريخ المنصات الترفيهية.
جهاز بلاي ستيشن 5 (تم إطلاقه في عام 2020): تطورت جميع الوظائف، ودخلت عصر تنزيل الألعاب
ويحتوي الجيل الحالي من بلاي ستيشن 5 على رسومات وأداء آخر يفوق عدة مرات أداء بلاي ستيشن 4، كما تم تقليل وقت التحميل بشكل كبير. وأيضًا تمت ترقية وحدة التحكم بوظيفة اهتزاز أدق وأكثر تنوعًا، والتي كانت ميزة رافقت الإصدارات الأولى من وحدة التحكم، وتم تجديد سماعات الصوت والميكروفون المدمج. ويتوفر أيضًا إصدار رقمي بدون محرك أقراص. وتحولت الألعاب إلى عصر المبيعات القابلة للتنزيل.
ولكن، نظرًا لأنه تم إطلاقه في ذروة جائحة كورونا، فقد تأخر إنتاجه، وتراكمت الطلبات، الأمر الذي جعل من الصعب وصوله إلى المستخدمين. وتم حل مشكلة النقص أخيرًا في بداية عام 2023، وانتشر الجهاز في اليابان وجميع أنحاء العالم.
ومن العلامة التجارية ”بلاي ستيشن ستوديوز (PlayStation Studios)“، وهي شركة برمجيات أمريكية تابعة لشركة سوني، حققت لعبة ”شبح تسوشيما (Ghost of Tsushima)“، وهي لعبة مغامرات تستند إلى الغزو المنغولي في فترة كاماكورا (1185-1333)، ولعبة الخيال العلمي ”هيل دايفيرز 2 (HELLDIVERS 2)“ نجاحًا كبيرًا. وفي السابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024، تم طرح إصدار بلاي ستيشن 5 برو، وتم بيع العدد المحدود من الإصدار الخاص والبالغ 12,300 وحدة من خلال الحجز المُسبق في الحادي والعشرين من نفس الشهر، وقد تم طرحه بمناسبة الذكرى الثلاثين لإطلاق بلاي ستيشن، ولا يزال الجهاز محبوبًا بشكل كبير من قبل المعجبين.
التوسع في الخارج والاهتمام بالدول الناشئة
وقد حظيت الأجيال المتعاقبة من جهاز بلاي ستيشن بقبول واسع النطاق، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت شركة سوني أكثر تركيزًا على الأسواق الخارجية. وجاءت نقطة التحول في عام 2016 عندما اندمجت شركة ” سوني كمبيوتر إنترتينمنت (Sony Computer Entertainment)“، التي كانت تسيطر على أعمال سوني للألعاب في اليابان، مع قسم خدمات الشبكة التابع لها لتشكل شركة ”سوني إنتراكتيف إنترتينمنت (Sony Interactive Entertainment)“، ونقلت مقرها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، وهي ساحة معركتها الرئيسية.
ويمكن القول إن التغيير في مواصفات وحدة التحكم هو كلمة سر التحول إلى الخارج. ففي اليابان، كان رمز زر التأكيد هو ”○“ منذ الجيل الأول، ولكن بدءًا من بلاي ستيشن 5 فصاعدًا تم تمييزه بالرمز ”X“ تماشيًا مع المعايير العالمية.
وعلاوة على ذلك، أطلقت مجموعة سوني في عام 2023 مشروع ”هيرو بروجيكت (Hero Project)“ لدعم شركات الألعاب والمبدعين الذين يعملون على تطوير البرمجيات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند والصين. ويتمثل الهدف من ذلك في اكتشاف المواهب في البلدان الناشئة في مجال الألعاب، وربطها بالألعاب الناجحة عالميًا، وبالتالي توسيع نطاق انتشار بلاي ستيشن.
(النص الأصلي باللغة اليابانية. صورة العنوان الرئيسي: بلاي ستيشن 1 (© أ ف ب/ جيجي برس)، بلاي ستيشن 2 و3 (© رويترز)، بلاي ستيشن 4 (© جيجي برس / سوني كمبيوتر إنترتينمنت)، بلاي ستيشن 5 (© نيكوس بيكياريديس عبر رويترز كونيكت)، مع معالجة في قسم التحرير)