نارا مدينة الغزلان اليابانية (صور)
ثقافة سياحة وسفر- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
مدينة الغزلان
لقد عثرت على وجه فريد لتجمعات غزلان نارا الشهيرة في ٢٤ مارس/ أذار ٢٠١١ بينما كنت في زيارة عمل للمدينة القديمة، فقمت بالخروج والتقاط بعض الصور خلال وقت فراغي. كان الوقت لا يزال مبكرا ولم تكن المنطقة قد ازدحمت بعد بالسائحين. لذلك حملت الكاميرا واتجهت للخارج. وبدأت في التجول في المكان، حيث اكتشفت بالمدينة مشاهد غير متوقعة مثل غزالتين واقفتين بلا مبالاة عند مفترق طرق، وزوج أخر وقد شبكا قرونهما في نزال، وقطيع صغير يقطع الطريق فيما يشبه الاستعراض بالشارع. وبدا الأمر كما لو أن الغزلان أصبحوا السكان الوحيدين للمدينة.
لقد زرت نارا بعد أسبوعين من كارثة الزلزال والتسونامي المدمرين والتي أودت بحياة أكثر من ١٠ آلاف شخص ودمرت الساحل الشمالي الشرقي لليابان. فبينما يظن الإنسان إنه سيد هذا الكون، وباسم التطور والتنمية أزال الإنسان جبال بأكملها وصنع سواحل واسعة. ولكن مع قيام الطبيعة بنفض كتفيها بهزة خفيفة أعادت في لحظة تأكيد هيمنتها على المشهد بأكمله، فاجتاحت المنازل، المصانع، الطرق، والموانئ. وانتهى وتبدد حلم الإمدادات اللانهائية للطاقة الرخيصة مع الضربة القوية التي أصابت محطة فوكوشيما النووية للطاقة الكهربائية بسبب الكارثة وانصهار الوقود النووي ومشكلة التسرب الإشعاعي والتي حولت حقولا خصبة إلى أراض مهجورة لا يمكن الحياة بها.
ازدحم رأسي بتلك الأفكار حين قطعني الغزال بنفس مسترخي.
تعد غزلان نارا رسلا من الجنة لمعبد كاسوغا تايشا وتم تكريمها باسم شينروكو، وهو اسم يدمج حرف الكانجي الخاص بكلمة إله 神 وكلمة غزال 鹿. وقد جابت هذه الحيوانات شوارع وطرق نارا منذ أن كانت عاصمة البلاد قبل حوالي ١۲ قرنا من الزمان. ويقدر حالياً عدد سكان نارا من الغزلان بحوالي ١۲٠٠ غزال. يعتبر معظم هذا العدد حديقة نارا والمناطق المحيطة بها بيتا له.
عادة ما تتبع الغزلان نمط متراخ في أكل العشب والتجول في طرقات المدينة. حيث أن هذا الروتين يبدأ مبكرا مع خروج غريب للحيوانات من سباتها طوال الليل في الغابات خلف معبد كاسوغا، حيث تتسكع في التقاطعات الفارغة وتتهادى في وسط المدينة. ثم تعود أدراجها في المساء عائدة للغابات بعد يوم حافل من تقليم الحشائش وتسميدها إلى التأمل أثناء مضغ طعامها المجتر.
حيوانات ضارة أو مقدسة؟
لقد تبدلت علاقة اليابان بالغزلان بنمو عدد السكان مع مرور السنوات. حيث قامت البلديات في المحافظات المختلفة بإدخال إجراءات لتقليل عدد القطعان لمواجهة الضرر المتزايد للمحصولات الزراعية. وقتل الصيادون في عام ۲٠١٣ ما يقارب الـ ١٨٠ ألف غزال مع ٣٤٠ ألف حيوان آخر تم تصفيتها كحيوانات ضارة. ولم يتم استهلاك لحوم معظم هذه الحيوانات، لكن تم دفنها أو حرقها.
يعد هذا تناقض صارخ مع حال غزلان نارا المرفهة التي تقضي يومها في كسل مكتسبة وزنا زائدا بفضل المقرمشات التي يقدمها لها الكثير من السائحين من زائري المدينة. فمن السهل إدراك الميول الأنانية والمتناقضة للإنسان للتمييز بين بني نفس الجلدة الواحدة من الفرق بين مصير كل من غزلان نارا وأقرانهم من ساكني الجبال.
إن الإنسان يقوم بشن الحروب من أجل قيم نبيلة تنتهي بالدمار ويصنع تقنيات لا يقدر على التحكم بها لتخرب نفس تلك الطبيعة التي تدعم وجوده على هذا الكوكب. كما يمكن أن تؤدي تلك الطريقة لفناء الإنسان من على وجه الأرض.
لو قدر لهذا أن يحدث يوم ما، أتخيل أن الغزلان في نارا ستظهر كالعادة من بين الغابات التي تختبئ بها لتسير في الشوارع الخالية. لقد حاولت من خلال عملي بناء تصور لمثل ذلك العالم من القطعان المتهادية حول حديقة نارا بدون وجود الإنسان. وأتمنى كمصورة أن تنقل صور تلك الرسل الأزلية إلى المشاهدين رسالة إلهام لتحقيق التغيير الاجتماعي.
(نشر النص الأصلي باللغة اليابانية في ١ فبراير/ شباط ٢٠١٧. تصوير وكتابة: إيشيي يوكو.)