رحلة عبر الزمن… كيف تعكس مواقع التراث العالمي في هاغي نشأة اليابان الحديثة؟

ثقافة

تتميز مدينة هاغي، الواقعة في محافظة ياماغوتشي، بسحرها التاريخي الفريد، حيث كانت يومًا ما قلعةً لإقطاعية تشوشو، وأصبحت اليوم نافذة على حقبةٍ حاسمة من تاريخ اليابان. بفضل دورها في مسيرة التحديث الصناعي، حُجز لها مكان في قائمة التراث العالمي، مما يجعلها وجهة لا غنى عنها لعشاق التاريخ والثقافة.

رحلة عبر التاريخ

ازدهرت مدينة هاغي في محافظة ياماغوتشي كمركز مزدهر لإقليم تشوشو خلال العصر الإقطاعي، وكانت شاهدة على تحولات كبرى في تاريخ اليابان. فمع اقتراب نهاية فترة إيدو (1603-1868)، برزت هذه الإقطاعية كقوة محورية في الإطاحة بشوغونية توكوغاوا، التي حكمت البلاد لقرون، وساهمت في إعادة السلطة إلى الإمبراطور عبر الإصلاح التاريخي المعروف بـ ”إصلاح ميجي“. أدت النخب الفكرية والسياسية في تشوشو أدوارًا قيادية في حكومة ميجي الناشئة، وأسهموا في تحديث اليابان، مما جعل هاغي مهدًا لمبادراتها الصناعية.

رغم تغير الزمن، لا تزال هاغي تحتفظ بسحرها التاريخي كمدينة قلعة سابقة. ففي منطقة جوكاماتشي، حيث كانت تتمركز القلعة، تصطف جدران الطين والجص الأبيض التي تحيط بمساكن الساموراي الواسعة، مما يمنح المدينة هوية معمارية أصيلة. ويساهم الطابع التقليدي العريق للمدينة في جعلها وجهة ساحرة لمحبي التاريخ الياباني. وعند التجول في شوارعها الضيقة، سيكتشف الزوار أن الخرائط القديمة للمنطقة لا تزال تحافظ على دقتها، تمامًا كما رُسمت لأول مرة قبل أكثر من قرن، مما يمنح تجربة غامرة تعيد إحياء أجواء الماضي.

كانت منطقة كيكويا يوكوتشو في هاغي موطنًا للعديد من شخصيات عصر ميجي، بما في ذلك تاكاسوغي شينساكو. (© Nippon.com)
كانت منطقة كيكويا يوكوتشو في هاغي موطنًا للعديد من شخصيات عصر ميجي، بما في ذلك تاكاسوغي شينساكو. (© Nippon.com)

يُعد مبنى هاغي ميرين غاكوشا نقطة انطلاق مثالية لاكتشاف المعالم التاريخية للمدينة. فالمبنى، الذي كان في الأصل مدرسة ابتدائية قديمة، شُيّد على أرض مدرسة ميرينكان، التي كانت مخصصة لتعليم الساموراي في مقاطعة تشوشو. ومنذ عام 2017، أعيد توظيفه ليصبح متحفًا ومركزًا للزوار، حيث يقدّم معلومات قيّمة عن مواقع التراث العالمي المنتشرة في أرجاء هاغي.

تحتضن هاغي العديد من المواقع التاريخية المهمة، وعلى رأسها منطقة جوكاماتشي، المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي كان لها دور محوري في تحديث اليابان وتطورها الصناعي. وفي هذه الجولة السياحية، سنستكشف خمسة مواقع رئيسية تعكس سحر هاغي وتسلّط الضوء على ملامح النهضة الصناعية التي شهدتها اليابان في أواخر حقبة إيدو.

المبنى الرئيسي لمدرسة ميرين غاكوشا هو ملكية ثقافية مادية مسجلة وطنياً. (© Nippon.com)
المبنى الرئيسي لمدرسة ميرين غاكوشا هو ملكية ثقافية مادية مسجلة وطنياً. (© Nippon.com)

عرض توضيحي داخل مركز زوار التراث العالمي (© Nippon.com)
عرض توضيحي داخل مركز زوار التراث العالمي (© Nippon.com)

كان يوبيكان جزءًا من مدرسة الدومين الأصلية لتعليم فنون السيف والرماح. (© Nippon.com)
كان يوبيكان جزءًا من مدرسة الدومين الأصلية لتعليم فنون السيف والرماح. (© Nippon.com)

قلعة هاغي

تقع مدينة قلعة هاغي القديمة على جزيرة دلتا عند مصب نهر أبو، وتضم ثلاث مناطق رئيسية: منطقة جوكاماتشي المحيطة بأطلال القلعة، والتي كانت المركز الإداري والثقافي، ومنطقة الساموراي التي أقامت فيها عائلات المحاربين في مساكن تقليدية محاطة بجدران من الطين والجص الأبيض، ومنطقة التجار التي ازدهرت كمركز للتجارة والحرف اليدوية. أما قلعة هاغي، فقد شُيّدت عند الطرف الشمالي من جزيرة الدلتا، عند سفح جبل شيزوكي الذي يبلغ ارتفاعه 143 مترًا. ورغم أن القلعة فُكِّكت بأمر حكومي عام 1874، إلا أن موقعها الجغرافي الاستراتيجي كان مصدر قوة دفاعية، حيث وفّر جبل شيزوكي حماية طبيعية من جهة، بينما أحاط بها البحر من ثلاث جهات، مما جعلها حصنًا منيعا في زمنها.

أصبحت أطلال قلعة هاغي اليوم جزءًا من منتزه هاغي شيزوكي، حيث تحتفظ بتاريخها العريق وجمالها الساحر. (© Nippon.com)
أصبحت أطلال قلعة هاغي اليوم جزءًا من منتزه هاغي شيزوكي، حيث تحتفظ بتاريخها العريق وجمالها الساحر. (© Nippon.com)

منظر لجبل شيزوكي وخندق القلعة القديم من بقايا برج القلعة. (© Nippon.com)
منظر لجبل شيزوكي وخندق القلعة القديم من بقايا برج القلعة. (© Nippon.com)

يقع ضريح شيزوكياما داخل الحديقة، ويرتبط بعائلة موري، التي تولت زعامة إقليم تشوشو. (© Nippon.com)
يقع ضريح شيزوكياما داخل الحديقة، ويرتبط بعائلة موري، التي تولت زعامة إقليم تشوشو. (© Nippon.com)

تمتد منطقة الساموراي حتى جنوب شرق أطلال القلعة، حيث كانت تضم مساكن الساموراي وتشكّل مركزًا للعمل السياسي والإداري في المقاطعة، بالإضافة إلى دورها كخط دفاع خارجي للقلعة

تتميز المنطقة بوجود قصور فخمة لعائلات من الطبقة العليا، كما تصطف على جانبي شوارعها أسوار ترابية عالية تتخللها بوابات مهيبة. ولا تزال بعض الشوارع المحاذية للنهر تحتفظ بمنعطفات يمينية حادة تُعرف باسم ”كايماغاري“ (المنعطفات الرئيسية)، التي كانت تُستخدم في الماضي كوسيلة دفاعية، حيث اندمجت مع الأسوار الشاهقة على كلا الجانبين لمنع أي قوة غازية محتملة من الحصول على رؤية واضحة.

وتضم المنطقة العديد من المعالم التاريخية، من بينها بوابة كيتا نو سومون، التي تتميز بتصميمها على طراز كوراي التقليدي، بالإضافة إلى متحف هاغي، الذي يعرض جوانب مهمة من تاريخ المدينة وتراثها العريق.

العقار السابق لعائلة فوكوهارا، التي خدمت لفترة طويلة مقاطعة تشوشو كخدم رئيسيين. (© Nippon.com)
العقار السابق لعائلة فوكوهارا، التي خدمت لفترة طويلة مقاطعة تشوشو كخدم رئيسيين. (© Nippon.com)

ينحني الطريق بشكل حاد عند طريق هيياكو كايماغاري. (© Nippon.com)
ينحني الطريق بشكل حاد عند طريق هيياكو كايماغاري. (© Nippon.com)

تجاور منطقة التجار مساكن الساموراي من الجهة الشرقية، وتتميز بمزيج من قصور الساموراي من الطبقة المتوسطة والفقيرة، إلى جانب بيوت التجار التقليدية. وتضم هذه المنطقة منازل تاريخية لشخصيات بارزة من عصر ميجي، مثل كيدو تاكايوشي وتاكاسوغي شينساكو وغيرهما، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق التاريخ. ومع ذلك، حتى من لا يهتمون كثيرًا بالتاريخ سيجدون فيها ما يجذبهم، حيث تنتشر المطاعم التي تقدم المأكولات البحرية الطازجة، والمقاهي الصغيرة، والمتاجر المتخصصة التي تضفي على المكان طابعًا مميزًا.

تطل مدينة القلعة على البحر، وقد لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن سواحل مقاطعة تشوشو، خاصة بعد وصول السفن السوداء التابعة للعميد البحري الأمريكي ماثيو بيري عام 1853. ونتيجة لذلك، سارعت المقاطعة إلى تبني الأسلحة الغربية، بما في ذلك السفن الحربية وإنشاء مواقع المدافع لحماية شواطئها من أي تهديد محتمل.

المنزل السابق للمهندس المعماري كيدو تاكايوشي، أحد مهندسي عصر ميجي، في حي إيدويا يوكوتشو بهاغي. (© Nippon.com)
المنزل السابق للمهندس المعماري كيدو تاكايوشي، أحد مهندسي عصر ميجي، في حي إيدويا يوكوتشو بهاغي. (© Nippon.com)

تمثال لتاكاسوغي شينساكو يقف في احد الحدائق في الطرف الجنوبي من كيكويا يوكوتشو. (© Nippon.com)
تمثال لتاكاسوغي شينساكو يقف في احد الحدائق في الطرف الجنوبي من كيكويا يوكوتشو. (© Nippon.com)

مبانٍ تاريخية تضم متاجر تبيع فخار هاغياكي وغيرها من المنتجات المحلية. (© Nippon.com)
مبانٍ تاريخية تضم متاجر تبيع فخار هاغياكي وغيرها من المنتجات المحلية. (© Nippon.com)

جبل شيزوكي، كما يُرى من شاطئ كيكوغاهاما. (© Nippon.com)
جبل شيزوكي، كما يُرى من شاطئ كيكوغاهاما. (© Nippon.com)

شوكا سونجوكو

يُعد المفكر والمربي يوشيدا شوين (1830-1859) أحد الشخصيات المؤثرة في حركة الإصلاح في عصر ميجي. كان رجلاً مثقفًا بدأ مسيرته التعليمية مبكرًا، حيث عمل مدرسًا مساعدًا في مدرسة ميرينكان وهو في التاسعة من عمره، ثم أصبح مدرسًا متفرغًا في التاسعة عشرة.

في سن العشرين، انطلق في رحلة عبر اليابان للدراسة دون الحصول على إذن من حاكم المقاطعة، مما أدى لاحقًا إلى تجريده من منصبه. وعند بلوغه الخامسة والعشرين، حاول التسلل إلى إحدى السفن السوداء التابعة للعميد البحري الأمريكي ماثيو بيري، لكن محاولته باءت بالفشل.

بعد اعترافه بجريمته، سُجن في هاغي، ثم خُففت عقوبته في سن السابعة والعشرين ليخضع للإقامة الجبرية في منزل عائلته. هناك، بدأ بإلقاء المحاضرات، ثم أسس مدرسته الخاصة (شوكا سونجوكو)، حيث درّس الفكر الكونفوشيوسي، والعلوم العسكرية، والتاريخ، مؤكدًا ولاءه للإمبراطور وساعيًا إلى مقاومة النفوذ الإمبريالي الأجنبي.

يقع مبنى شوكا سونجوكو على أرض ضريح شوين في منطقة جوكاماتشي، على طول نهر ماتسوموتو. وإلى جانبه، يوجد المنزل الذي نشأ فيه يوشيدا، بالإضافة إلى المبنى الذي احتُجز فيه خلال فترة إقامته الجبرية، وكلاهما مدرج في قائمة التراث العالمي.

ضريح شوين، مُكرّس ليوشيدا شوين. (© Nippon.com)
ضريح شوين، مُكرّس ليوشيدا شوين. (© Nippon.com)

تأسست شوكا سونجوكو في عام 1857. (© Nippon.com)
تأسست شوكا سونجوكو في عام 1857. (© Nippon.com)

المبنى الذي احتُجز فيه يوشيدا خلال فترة إقامته الجبرية. (© Nippon.com)
المبنى الذي احتُجز فيه يوشيدا خلال فترة إقامته الجبرية. (© Nippon.com)

كان يوشيدا شوين في الثلاثين من عمره فقط عندما تم إعدامه في إيدو خلال حملة التطهير التي وقعت عام 1858والمعروفة باسم (حملة تطهير أنسيه) نسبة إلى الفترة التاريخية المعروفة باسم أنسيه الواقعة في حقبة ايدو. وقد جاءت هذه الحملة كجزء من محاولة الحكومة المركزية للقضاء على المعارضين، وخاصة أولئك الذين أبدوا ميولًا مؤيدة للإمبراطور ومعادية للنفوذ الغربي.

مدرسة شوكا سونجوكو كانت منبعًا لآمال الشباب الوطنيين المثاليين، حيث أرسلت العديد منهم إلى العالم ليحملوا لواء التغيير والإصلاح. في قاعات هذه المدرسة، تأسست أفكارهم، التي تأثرت بتعاليم يوشيدا شوين، لتكون دعامة للنهضة الوطنية في اليابان. (© Nippon.com)
مدرسة شوكا سونجوكو كانت منبعًا لآمال الشباب الوطنيين المثاليين، حيث أرسلت العديد منهم إلى العالم ليحملوا لواء التغيير والإصلاح. في قاعات هذه المدرسة، تأسست أفكارهم، التي تأثرت بتعاليم يوشيدا شوين، لتكون دعامة للنهضة الوطنية في اليابان. (© Nippon.com)

حمل العديد من طلاب يوشيدا شوين مبادئه، وأصبحوا قوة دافعة دفعت باليابان نحو العصر الحديث. وكان من أشهر هؤلاء إيتو هيروبومي، الذي وُلِد في عائلة فلاحية فقيرة. تم تبنيه من قبل عائلة عسكرية ذات رتبة أدنى، مما جعل إيتو يُعتبر اسميًا عضوًا في طبقة الساموراي. ومع ذلك، فإن مكانته الاجتماعية المتواضعة كانت تجبره على الوقوف خارج شوكا سونجوكو أثناء استماعه للمحاضرات.

في عام 1863، أصدر زعماء المنطقة أمرًا لإيتو ومجموعة من الشباب الآخرين بالسفر إلى بريطانيا للدراسة. وعندما عاد إلى وطنه، وجه إيتو أفكاره نحو فتح اليابان أمام التغريب، متطلعًا إلى تحديث البلاد ومواكبة التغيرات العالمية. بمساعدة تاكاسوغي شينساكو وآخرين من الوطنيين، ساعد في تكوين جيش من المتطوعين، وأصبح شخصية بارزة في المجال. وأظهر مهاراته الفائقة في التفاوض عبر استيراد الأسلحة وفتح التجارة مع العالم الخارجي.

شغل إيتو مناصب هامة في إدارة ميجي التي تشكلت حديثًا، وفي عام 1885، تم اختياره ليكون أول رئيس وزراء لليابان. ولا يزال مسكن إيتو وقصوره السابقة، الواقعة إلى الجنوب من ضريح شوين، شاهدة على إرثه الكبير في تاريخ اليابان.

يوجد تمثال هاغي يكي المصنوع من الفخار لِـ إيتو بجوار مسكنه السابق، ليظل شاهدًا صامتًا على حياة هذا الرجل الذي كان له دور محوري في تاريخ اليابان الحديث. (© Nippon.com)
يوجد تمثال هاغي يكي المصنوع من الفخار لِـ إيتو بجوار مسكنه السابق، ليظل شاهدًا صامتًا على حياة هذا الرجل الذي كان له دور محوري في تاريخ اليابان الحديث. (© Nippon.com)

تم نقل فيلا إيتو السابقة إلى هذا المكان من موقعها الأصلي في شيناغاوا، طوكيو، لتظل شاهدًا حيًا يتحدث ببلاغة عن حياة هذا الرجل العظيم وإرثه العميق في تاريخ اليابان. (© Nippon.com)
تم نقل فيلا إيتو السابقة إلى هذا المكان من موقعها الأصلي في شيناغاوا، طوكيو، لتظل شاهدًا حيًا يتحدث ببلاغة عن حياة هذا الرجل العظيم وإرثه العميق في تاريخ اليابان. (© Nippon.com)

فرن هاغي لصهر الحديد

هو أحد المواقع الثلاثة المتبقية من التراث العالمي، التي تم إنشاؤها بواسطة مقاطعة تشوشو لإعداد الأسلحة على الطراز الغربي.

على بعد حوالي كيلومتر واحد شمال ضريح شوين، في منطقة تشينتو، يقع فرن هاغي. فبعد هزيمة بريطانيا لسلالة تشينغ في حرب الأفيون ووصول السفن السوداء، أصبحت الحاجة إلى بناء الدفاعات الساحلية أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لمملكة تشوشو. تم بناء الفرن في عام 1856 كاختبار لمعرفة ما إذا كان بإمكان المقاطعة تصنيع مدافعها المصنوعة من الحديد الزهر. لكن هذه التجربة انتهت بالفشل.

على الرغم من أن قادة تشوشو تخلوا عن فكرة بناء مجمع أفران كاملة النطاق، إلا أن الموقع لا يزال يمثل بقايا هامة تعكس جهود التجربة والخطأ المكثفة التي جرت في تلك الفترة، والتي كانت تهدف إلى تحديث الأسلحة على الطراز الغربي.

فرن هاغي لصهر الحديد. (© Nippon.com)
فرن هاغي لصهر الحديد. (© Nippon.com)

صُنعت الطوب المستخدمة في الأجزاء العلوية من المدخنة باستخدام تقنيات هاغياكي المحلية في صناعة الفخار. (© Nippon.com)
صُنعت الطوب المستخدمة في الأجزاء العلوية من المدخنة باستخدام تقنيات هاغياكي المحلية في صناعة الفخار. (© Nippon.com)

حوض بناء السفن إيبيسوغهانا

في عام 1856، شهد حوض بناء السفن إيبيسوغهانا افتتاحه على طول ساحل تشينتو، في محاولة لبناء سفن على الطراز الغربي. وفي نفس العام، نجح الحوض في إطلاق سفينة هيشين مارو، التي كانت تُستخدم للتدريب والنقل البحري. وفي عام 1860، تم الأنتهاء من بناء سفينة كوشين مارو، لكنها غرقت في معركة شيمونوسيكي على يد السفن الأمريكية. ومع ذلك، تم إنقاذها بنجاح، واستخدمت لاحقًا لصد هجوم الشوغونية العقابي على تشوشو.

تم بناء هيشين مارو باستخدام تقنيات بناء السفن الروسية، بينما صُنعت كوشين مارو باستخدام التقنيات الهولندية. وباعتبارها حوض بناء السفن الوحيد المتبقي من أواخر عصر إيدو، فإن إيبيسوغهانا تتميز بميزة فريدة تتمثل في دمج تقنيات دولتين مختلفتين في صناعة السفن.

جدار الحماية الحجري هذا في إيبيسوغاهانا يعود تاريخه إلى ما قبل بناء حوض بناء السفن. (© Nippon.com)
جدار الحماية الحجري هذا في إيبيسوغاهانا يعود تاريخه إلى ما قبل بناء حوض بناء السفن. (© Nippon.com)

الموقع الذي بُني فيه كوشين مارو. (© Nippon.com)
الموقع الذي بُني فيه كوشين مارو. (© Nippon.com)

مصنع أويتاياما تاتارا للحديد

كان مصنع أويتاياما تاتارا للحديد المصدر الأساسي للحديد المستخدم في صناعة المسامير والمراسي وغيرها من المواد اللازمة لبناء هيشين مارو. اعتمد إنتاج حديد التاتارا التقليدي على فحم الخشب لصهر رمل الحديد، وهو أسلوب قديم يتطلب كميات هائلة من الخشب. ومع مرور الوقت، أدى تشغيل المصنع إلى استنزاف الغابات المحيطة بشدة، حيث استغرقت حوالي 50 عامًا لتتعافى بشكل كامل بعد نحو اثني عشر عامًا من العمل المستمر.

ولضمان استمرار إنتاج الحديد، قامت مقاطعة تشوشو ببناء أفران التاتارا في عدة مواقع، حيث كانت تشغّلها بشكل دوري. كان هذا المصنع هو الذي حافظ على استمرار بناء السفن العسكرية اليابانية، وتشهد هذه الآثار على كيفية تكيف التقنيات اليابانية التقليدية مع التكنولوجيا الغربية، في سعيها نحو تحديث صناعة السفن الحربية.

أطلال مصنع أويتاياما تاتارا للحديد. (© Nippon.com)
أطلال مصنع أويتاياما تاتارا للحديد. (© Nippon.com)

معرض بالقرب من موقف السيارات يقدم معلومات عن صناعة الحديد في أواخر عصر إيدو. (© Nippon.com)
معرض بالقرب من موقف السيارات يقدم معلومات عن صناعة الحديد في أواخر عصر إيدو. (© Nippon.com)

إن جولة في مواقع التراث العالمي في هاغي تمنحنا شعورًا عميقًا بتاريخ مقاطعة تشوشو، حيث نلمس مستوى التعليم والمهارة التي تمتع بها المحاربون والتجار في تلك الحقبة. كما نُدرك براعتهم في استخدام هذه المهارات في مختلف جوانب الحياة، من التجارة إلى الحرب، مما يعكس تميزهم في ميدان الفنون العسكرية وصناعة السفن، بالإضافة إلى قدرتهم الفائقة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية التي طرأت على اليابان في تلك الفترة.

يمكن لزوار متحف ميرين غاكوشا التقاط صور تذكارية مع تمثال (خمسة رجال من تشوشو) وهم الخمسة الذين سافروا إلى بريطانيا، مما يتيح للزوار التواصل مع جزء من تاريخ اليابان الغني. (© Nippon.com)
يمكن لزوار متحف ميرين غاكوشا التقاط صور تذكارية مع تمثال (خمسة رجال من تشوشو) وهم الخمسة الذين سافروا إلى بريطانيا، مما يتيح للزوار التواصل مع جزء من تاريخ اليابان الغني. (© Nippon.com)

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. التقرير والنص والصور من Nippon.com. صورة العنوان الرئيسي: أطلال قلعة هاغي هي موقع تاريخي وطني مُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. © Nippon.com)

    كلمات مفتاحية

    اليابان ثقافة سياحة

    مقالات أخرى في هذا الموضوع