
لماذا لا تزال حصائر «التاتامي» جزءًا أساسياً من المنازل اليابانية؟
ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
حصائر التاتامي هي عنصر أساسي في الهندسة المعمارية اليابانية التقليدية، حيث يعود استخدامها إلى فترة هييان (795-1185). كانت في الأصل رمزًا للفخامة مقتصرًا على طبقة النبلاء، لكنها أصبحت مع مرور الزمن جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في اليابان، مستخدمة في المنازل والمعابد وقاعات الشاي وحتى بعض الفنادق التقليدية التي تسعى للحفاظ على الأصالة اليابانية.
تصنع التاتامي من قش الأرز المجفف المنسوج بإحكام، مع طبقة داعمة من الخشب المضغوط، بينما تعتمد بعض الأنواع الحديثة على مواد اصطناعية تعزز متانتها وتجعلها أكثر مقاومة للرطوبة والعفن، وهو أمر ضروري في المناخ الياباني الرطب. تتميز هذه الحصائر بخصائص فريدة، مثل قدرتها الممتازة على العزل الحراري والصوتي، مما يجعلها مثالية للحفاظ على درجة حرارة مريحة داخل الغرفة، ومقاومتها للحريق، فضلًا عن ملمسها الناعم الذي يمنح راحة فريدة عند السير عليها، مما يعزز الشعور بالهدوء والاسترخاء. كما أن رائحتها الطبيعية، المستمدة من قش الأرز، تضفي أجواءً مميزة تعزز الإحساس بالاسترخاء والسكينة.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه المنازل العصرية تعتمد أكثر على الأرضيات الخشبية أو المفروشة، لا تزال غرف التاتامي حاضرة في معظم البيوت اليابانية، حيث توجد غرفة واحدة على الأقل في العديد منها، مما يحافظ على ارتباط الناس بهذا العنصر التقليدي العريق. وتستخدم هذه الغرف غالبًا لأغراض متعددة، مثل الاستقبال، أو كغرفة ضيوف، أو حتى مكان للاسترخاء بعد يوم طويل.
إحدى الميزات الفريدة لحصائر التاتامي هي استخدامها كوحدة قياس للمساحات السكنية في اليابان. فعند وصف حجم غرفة في إعلان عقاري، يُقال مثلًا إنها ”تتسع لست حصائر تاتامي“ بدلًا من استخدام الأمتار المربعة. تختلف أحجام التاتامي قليلًا حسب المنطقة، لكن القياس الأكثر شيوعًا هو حوالي 90×180 سم، مما يعكس مدى رسوخ هذه الثقافة في المجتمع الياباني حتى اليوم.
بنية التاتامي
يكون تاتامي دوكو على شكل لوح سمكه حوالي خمسة سنتيمترات. ويتم صنعه عن طريق وضع قش الأرز فوق بعضه البعض ومن ثم خياطته وشده. وبسبب انخفاض المعروض من قش الأرز في السنوات الأخيرة، وسهولة نمو العث والعفن فيه، يتم كثيرا استخدام ألواح البوليستيرين أو ألواح من الألياف اللينة.
ويتم خياطة قماش على شكل حزام في الحواف يُسمى ”تاتامي هيري“. ويتم صناعة ذلك القماش من القنب أو من الحرير، ومن الممكن اختيار ألوان وأشكال مختلفة. وهناك أنواع من التاتامي ليس لها تاتامي هيري كريوكيو تاتامي (حصيرة تاتامي مربعة الشكل تبلغ مساحتها نصف مساحة التاتامي العادية) وغيرها.
حجم التاتامي
نسبة الطول إلى العرض في التاتامي هي 2 إلى 1 وهي مستطيلة الشكل، ولكن يوجد تاتامي مربعة الشكل. ويختلف حجم التاتامي قليلا باختلاف المنطقة كما هو الحال في كيوتو وأوساكا، وناغويا، وطوكيو وغيرها، ولكن يتم كثيرا استخدام حجم أصغر قليلا في الشقق الحالية. وغالبا ما يتم الإشارة إلى مساحة الغرف في البيوت اليابانية بعدد حصائر التاتامي. والغرف ذات الطراز الياباني تكون عادة غرف مساحتها 3 جو (وحدة عد حصائر التاتامي، وهي عبارة عن 3 حصائر تاتامي)، 4.5 جو، 6 جو، أو 8 جو.
تاريخ التاتامي
انتقلت الكثير من عناصر الحضارة اليابانية من الصين، ولكن تعتبر التاتامي نتاجا يابانيا خالصا. وأقدم تاتامي مازالت موجودة حتى وقتنا الحالي يعود تاريخها إلى منصف القرن الثامن الميلادي، وهي محفوظة في شوصو-إن خزينة كنوز معبد تودايجي الموجود في مدينة نارا.
وفي عصر هييآن (794-1185)، استُخدمت التاتامي في أرضية غرف قصور العائلات الأرستقراطية. حيث كانت تُوضع فوق الألواح الخشبية وفقا للحاجة، واستُخدمت كما تُستخدم الوسائد والأسِرَّة. وانتشرت من نهاية القرن الثاني عشر وحتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي، وأصبحت أرض الغرف مفروشة بشكل كامل بالتاتامي كما هو عليه الحال في الوقت الحالي. وبدأ استخدامها من قبل عامة الناس منذ منتصف عصر إيدو (1603-1868) وانتشرت في كل المناطق الريفية بعد عصر ميجي (1868 - 1912).
التاتامي في الوقت الحالي
بعد الحرب العالمية الثانية، تأثرت حياة اليابانيين بالغرب كثيرا، ولكن استمر عصر المنازل اليابانية التي تشكل غرفة الواشيتسو المفروشة بالتاتامي نواتها لفترة طويلة. ومن عام 1990 ازداد عدد المنازل التي لا يوجد فيها غرفة واشيتسو، وبدأت شعبية الأرضية الخشبية بالانتشار.
ووفقا لجمعية الإنتاج وترويج المبيعات في محافظة كوماموتو والتي تعتبر المحافظة الأولى في إنتاج نبات الأسل في كل اليابان، فإن كمية الطلب على تاتامي أوموتي انخفضت إلى الثلث من 45 ملايين حصيرة في عام 1993، إلى 14.9 مليون حصيرة في عام 2012.
عند النوم يتم مد الفوتون فوق التاتامي. وعند عدم استخدام الفوتون يتم طويه ووضعه في خزانة تُسمى ”أوشي إري“ تكون مركَّبة في جدار الغرفة.
ازدادت شعبية الأرضيات الخشبية في اليابان اليوم، وانخفض عدد الغرف التي تستخدم أرضيات ”تاتامي“. ومع ذلك، لا تزال خصائص حُصُر ”تاتامي“ مرغوبة من الأشخاص الذين يحبون الجلوس والنوم مباشرةً على الأرض، مما أدى إلى ظهور أنواع جديدة ومختلفة من ”تاتامي“ تتناسب بشكل أفضل مع المنازل الحديثة.
في يومنا هذا، تُصنَع حُصُر ”تاتامي“ من الألياف البلاستيكية الاصطناعية وتُشكّل خيارًا عمليًا للغاية، بحيث يسهل تنظيفها وتعدّ أقل عرضةً لالتقاط عث الغبار أو العفن. تتوفّر أيضًا حُصُر ”تاتامي“ نابضة بالألوان يمكن استخدامها لإضفاء لمسات رائعة على التصاميم الداخلية.
في الماضي، كانت حُصُر ”تاتامي“ تغطي في معظم الأحيان أرضية الغرفة بالكامل، ولكن أصبحت الشركات المصنّعة تقدم اليوم أنواعًا جديدة ومبتكرة من حُصُر ”تاتامي“ يمكن وضعها فوق الأرضيات الخشبية، مما يسمح باستخدامها في زاوية واحدة أو قسم واحد فقط من الغرفة للحصول على مظهر بسيط وأنيق.
تتمتّع حُصُر ”تاتامي“ بميزة أخرى مثيرة للاهتمام تم استخدامها بذكاء للحصول على تأثير فني رائع تتمثل في تغيّر لونها اعتمادًا على زاوية النظر، ويعود ذلك إلى كيفية عكسها للضوء. تستخدم بعض التصاميم هذه الميزة لتوهم ناظرها باستخدام ألوان مختلفة ومتعددة، في حين تمتاز كل حصيرة في الواقع بنفس اللون بالضبط. تؤثر الاختلافات في طريقة النسج على انعكاس الضوء وتخلق تأثيرات ظلية تبدو وكأنّها معكوسة بحسب زاوية النظر، وتعطي الانطباع بأن الألوان تتغير دائمًا.
(النص الأصلي باللغة اليابانية. صورة العنوان: غرفة واشيتسو من التاتامي تم وضع زابوتون وطاولة يابانية منخفضة (زاتاكو) فيها)