«أوبنتو»... ثقافة علب الطعام المحمولة
مجتمع ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
علب طعام يمكن تناولها في أي وقت ومكان
”بِنتو“ أو علب الطعام تُعدّ وجبة محمولة يمكن تناولها في أي وقت وفي أي مكان، حيث يمكن ببساطة استخراج العلبة من الحقيبة، وفك اللفة، وفتح الغطاء، وبدء تناول الطعام. وفي حال وجود عيدان الطعام ”هاشي“ أو شوكة بالقرب، يمكن استخدامها لتناول الطعام، وهذا كل ما يلزم. تم تطوير علب الطعام في السابق لتلبية احتياجات الصيادين والمزارعين، حيث كانوا بحاجة إلى وجبات سريعة يمكنهم تناولها أثناء العمل، أو لتخزين الطعام لفترات طويلة خلال رحلات الصيد والحروب وغيرها من المواقف التي تتطلب توافر الطعام المحمول بشكل سهل ومريح.
يُقال إن أول ظهور لعلب الأوبنتو أو تلك الصناديق المخصصة لوضع الطعام في اليابان كان في النصف الثاني من القرن السادس عشر خلال فترة أزوتشي موموياما. ومع بداية عصر إيدو (1603-1867)، أصبح منتشرًا استخدام علب الطعام للاستمتاع بها في الهانامي (نزهات في الطبيعة)، وأثناء رحلات التنزه بالسفن، وأثناء مهرجان هينا-ماتسوري. كما ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر علب الغذاء ”ماكونوؤتشي أوبنتو“، وتعني حرفيًا ”بين الستار“. كان مشاهدو العروض المسرحية يتناولون هذه الوجبات أثناء إسدال الستار في الفواصل، حيث كانوا يستمتعون بالمسرحيات طوال اليوم، من الصباح حتى المساء.
في الوقت الحالي، يمكن استخدام علب حفظ وتخزين الطعام لحمل الحساء الساخن والفواكه المثلجة، بفضل الخواص التي تحافظ على الحرارة أو البرودة وغيرها من الخصائص. فهناك علب الطعام التي تُصنع معها حلقات خشبية من شجرة الأرز، والتي تتمتع بقدرة على التعقيم ضد الجراثيم. وتوجد أيضًا العلب التي يمكن تجهيزها بمبردات، وهي أكياس صغيرة تحتوي على ثلج أو جل مثلج للحفاظ على البرودة والطازجة، مثل ”Get-Cool“ وغيرها من الخيارات والبدائل.
بالإضافة إلى ذلك، ينتشر وجود متاجر متخصصة في بيع علب الطعام والمنتجات المتنوعة للطبخ وتحضير الطعام، مثل متاجر ”هاكويا (HAKOYA)“، وفي محافظة كيوتو يدير السيد بيروتوراند توما متجره المتخصص في علب الطعام تحت اسم ”Bento & Co (BERTRAND)“.
وجبة صحية
يعتمد الأطفال على علب الأوبنتو عند حضورهم الحضانة أو المدرسة، وأثناء الذهاب في نزهات أو مهرجانات رياضية. يُحضّر بعض الأوبنتو بعناية وحب من قبل الزوجة أو الزوج ليكون غداءًا في العمل أو الشركة، ويُطلق عليه اسم ”أوبنتو الزوجة أو الزوج الحبيب“. أما ”أوبنتو دانشي“، فيشير إلى الرجال الذين يعدون أوبنتو بأنفسهم ويأخذونه معهم إلى المدرسة أو العمل.
يبدأ اليوم بالاستيقاظ باكرًا في الصباح لإعداد علبة الأوبنتو، حيث يتم تحضير الأرز مع الأطباق الجانبية ووضعها في علبة الطعام، ثم لف العلبة بقماشة التغليف وحملها بعد ذلك مع استعداد عيدان الطعام أو الشوكة والانطلاق.
هناك أيضًا علب طعام ”كِيارابين“، حيث تُصمم الأصناف والمكونات بأشكال الشخصيات الشهيرة أو الحيوانات، وتُنشر بعض الأمهات صور علب طعام الكِيارابين التي تصنعها في مدونات على الإنترنت لجذب الانتباه وتبادل الاهتمامات. وفي الوقت نفسه، تعبر بعض الأمهات عن تجربتهن في إعداد علب طعام الأطفال بشكل متزايد في مواقع التواصل الاجتماعي، مما يسبب ضغطًا معينًا بالنسبة لهن.
وبالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة في إعداد وتجهيز علب الطعام، فقد زادت توافر علب الطعام في متاجر الكومبيني والسوبرماركت، بالإضافة إلى أكشاك الطعام وأقسام المنتجات الغذائية في مراكز التسوق، وعند مداخل المطاعم. ويمكن تسخين علب الطعام في الميكروويف المتوفر داخل المتاجر، مثلما يحدث في متاجر الكومبيني. كما توفر بعض الخدمات توصيل علب الطعام خاصة للاجتماعات في الشركات، على سبيل المثال.
هناك أيضًا سلاسل متاجر متخصصة في إعداد علب الطعام، حيث يمكن طلب تجهيز العلبة على الفور، حيث يتم اختيار الأصناف المختلفة وإضافتها إلى الأرز الساخن الطازج، ويتم تقديم حساء الميسو مجانًا. تحظى هذه المتاجر بشعبية كبيرة أيضًا.
تتنوع وتتعدد مكونات علب طعام الأوبنتو بتشكيلة غنية بين الأصناف التقليدية والمستوحاة من الثقافة اليابانية، مثل ”شوكادو أوبنتو“، ”شاكي أوبنتو“، و”كارا أجي أوبنتو“. كما تتضمن مكوناتها الأرز الأبيض بجانب الأصناف الجانبية التقليدية.
وتحتوي أيضًا على أنواع تعتمد على ستيك اللحم أو أصناف غربية أخرى كصنف رئيسي، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من السندوتشات، والمأكولات الصينية، والمعكرونة، والسوشي، والكاري، وغيرها من الأصناف المتنوعة.
”الأونيغيري“ على رأس الوجبات الخفيفة
يُعتبر الأونيغيري (كرات الأرز) من أبرز الأطعمة النموذجية لعلب الأوبنتو في اليابان، وهو سهل التحضير. يتم تشكيل ولف الأرز على شكل مثلثي أو كروي، وتُوضع الحشوات المختلفة بداخله. الحشوة التقليدية تتكون من الأومه المخلل، الذي يُعتبر مضادًا للتلوث بالبكتيريا أو الجراثيم، ويُوضع داخل الأرز للحفاظ عليه والحفاظ على نضارته خلال الأوقات الحارة في فصل الصيف.
أما من بين الحشوات الأخرى المشهورة، فتشمل لحم سمك التونة بالمايونيز، الجمبري المقلي، السلمون، الأعشاب البحرية ”كونبو Kombu“ المطبوخة بطريقة ”تسوكوداني Tsukudani“، وهو طبخ الأعشاب أو السمك الصغير في صلصة الصويا والميرين وغيرها من التوابل، بالإضافة إلى بيض سمك القُدّ المتبل، وغيرها من المكونات المتنوعة. تُلف كرات الأونيغيري برقاقات من الأعشاب البحرية ”نوري Nori“ الغنية بالمعادن، ومن ثم تُغلّف كل كرة لتصبح جاهزة للحمل بسهولة، ويمكن تناولها في أي مكان وزمان.
إذا كان من الصعب إعداد الأونيغيري باليد، يمكن شراء أدوات الطهي والإعداد المخصصة لصنعه. وتتوفر هذه الأدوات في أسواق كبرى متخصصة في أدوات الطهي مثل مدينة الأدوات كابّاباشي (Kappabashi) في العاصمة طوكيو، وسوق نيشيكي (NISHIKI MARKET) في محافظة كيوتو.
وفي الآونة الأخيرة، ظهر نوع جديد من الأونيغيري يُعرف بـ ”أونيغيرازو“، ويُراعى في إعداده الجانب الخاص بالنظافة والصحة، حيث يتم تفادي التعامل المباشر باليد. يُلف الأرز بالنوري مع الحشوة باستخدام ورق التغليف، ويُقطع بالسكين إلى نصفين، مما يتيح رؤية ما بالداخل من حشوات مختلفة.
”إيكيبن“ تشكيلة مميزة من الأصناف الخاصة بكل منطقة
تمتد جزر اليابان على مساحة تقارب 3000 كيلومتر بشكل رفيع من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وفي هذا البلد المشهور بشبكته الواسعة من القطارات، تُعتبر علب طعام ”إيكيبن“ التي تُباع في المحطات أحد أبرز عناصر تجسيد سمات كل منطقة وإقليم.
على سبيل المثال، تشتهر مدينة يونيزاوا في محافظة ياماغاتا بلحم البقر، بينما تشتهر محافظة فوكوي بالسلطعون. وبهذا الشكل، يقوم الكثيرون بشراء علب وجبات المحطات ”إيكيبن“ لتجربة ما تشتهر به كل منطقة.
وهناك أيضًا اختلاف وتميز في شكل العلب أو الأواني التي يُقدم فيها الإيكيبن. على سبيل المثال، يُستخدم في تقديم وجبات الأرز المسلوق مع المكونات المتعددة ”توغي نو كاماميشي“، وهي مأكولات محلية خاصة بمحافظة غونما، إناء ”دوغاما“ المصنوع من الفخار، وتعتبر وجبة إيكيبن معروفة بشكل كبير.
إن للأوبنتو أو الأُأوبنتو جاذبية خاصة حيث يصاحبه شعور من الإثارة والتشوق حتى لحظة فتح غطاء العلبة ورؤية ما بداخلها. ومما جاء رسم الأوبنتو في قصص المانغا أو في مشاهد الأنيمي كمشهد الاستمتاع بتناول الأوبنتو مع الأصدقاء في المدرسة ومشهد إعطاء الحبيبة علبة الأوبنتو الخاصة التي صنعته بنفسها لحبيبها وغيرها من المشاهد التي ارتبطت بالأوبنتو“ وجعلت الكلمة تنتشر في أنحاء العالم وأخيرا يبدو أن كلمة ”BENTO“ أصبحت تظهر في القاموس الفرنسي.
وصل ”أوبنتو BENTO“ الآن إلى العالم، باستخدام المكونات الطازجة التي تتميز بها كل منطقة إلى جانب الأفكار الإبداعية في التحضير والتصميم وفوق هذا جاذبية فكرة أنه يدوي الصنع وهو لا يزال يتطور يوم بعد يوم.
(النص الأصلي باللغة الإنكليزية، الصورة العنوان: أكثر من 170 نوع مختلف من وجبات الإيكيبن معروضة أمام المحل المتخصص في وجبات القطار ”ماتسوري“ في محطة طوكيو)