التدخين في اليابان...أماكن خاصة وقواعد صارمة
مجتمع ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
ثقافة التدخين في اليابان تمتد إلى ٤٠٠ سنة
تبلغ نسبة المدخنين من الذكور البالغين في اليابان لعام ٢٠١٤ ٣٠.٣٪ وبالمقارنة مع وقت ذروتها عام ١٩٦٦ والتي كانت قد وصلت فيه النسبة إلى ٨٣.٧٪ نجد أنها قد انخفضت بشكل كبير. أما نسبة المدخنات من السيدات هي ٩.٨٪. فبينما في السبعينات كانت ”السيجارة“ كلمة متكررة في كلمات الأغاني الشهيرة، أصبحنا الآن في عصر يُثار الجدل ويُنتقد فيه ظهور البطل وهو يدخن السيجارة في مشهد في فيلم الأنيمي للمخرج ميازاكي هاياو.
هناك عدة روايات حول بداية دخول السجائر إلى اليابان ولكن أكثر الروايات ترجيحا هي التي تقول إنها جاءت مع دخول البنادق في القرن ١٦ من خلال حركة التجارة مع الدول الغربية مثل البرتغال وإسبانيا. بعد ذلك في عصر إيدو (١٦٠٣-١٨٦٨) أصبحت السجائر من الكماليات المألوفة لدى عامة الشعب. كذلك أصبح التبغ يزرع داخل اليابان في منطقة توهوكو وكيوشو، ليمر الوقت وتأسس الهئية العامة اليابانية المحتكرة لصناعة السجائر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٩. ولكن في عام ١٩٦٥ تمت خصخصت الهئية والتي كانت قد ظلت تخدع لنظام الاحتكار لفترة طويلة وأسست ”الشركة اليابانية المساهمة لصناعة السجائر“. أسعار السجائر الآن يبلغ الرخيص ٢٥٠ ين والغالي حوالي ٤٦٠ ين. وتعد السجائر أحد الموارد المالية الثمينة للحكومة حيث تأتي بعائد ضريبي يتخطى ٢ تريليون (عام ٢٠١٤) مع نسبة عبء ضريبي ٦٤.٤٪. والجدير بالإشارة أنه لا تزال تحدد كمية السجائر الورقية المسموح للزائرين من الأجانب بالدخول بها إلى اليابان دون دفع الرسوم الجمركية بـ ٢٠ علبة فقط.
عاما بعد عام، أجواء أضيق على المدخنين
حتى زمن قريب، كان عدد الأشخاص الذين يدخنون أثناء المشي في الشوارع ليس بقليل كذلك كان التدخين في المطاعم والمقاهي دون الحاجة إلى الانتباه أو القلق بشأن الأشخاص المحيطين. ولكن ولأول مرة في اليابان في عام ٢٠٠٢ أطلق حي تشييودا بطوكيو مرسوما يحدد مناطق يحظر فيها التدخين في الشوارع لتكون الإنطلاقة لبدء التحركات في كل بلدية لوضع تشريعاتها الخاصة لمنع التدخين أثناء المشي أو إلقاء أعقاب السجائر في الطرق إلى آخره.
قام حي ميناتو كو بطوكيو في ١ يوليو/ تموز عام ٢٠١٤ بوضع نظام يسمى ”ميناتو وقواعد التدخين“ والذي أصبح بموجبه التدخين ممنوعا في غير الأماكن المخصصة للتدخين (Smoking Area) في الشوارع والحدائق وملاعب الأطفال وغيرها من المرافق والأماكن العامة. كما تقرر أنه لا ينبغي إلقاء أعقاب السجائر على الأرض في الشوارع. كذلك أصبحت هناك غرامة مالية (غرامة إدارية غير جنائية) يدفعها من يخالف هذا النظام في بعض البلديات. وتحدد قيمة الغرامة التي يدفعها من يقوم بالتدخين أثناء المشي أو يقوم بألقاء عقب السيجارة على الأرض في حي تشييودا بما يقل عن ٢٠ ألف ين (في يوليو/ تموز ٢٠١٥ الحالي محددة بـ ٢٠٠٠ ين).
ومن أضرار التدخين أثناء المشي أنه يمكن أن يسبب حرق لأحد المارة في حالات الحشد والازدحام أو ضرر احتراق واختراق بقعة في الملابس بفعل الرماد المتطاير إلى جانب احتمالية التقاط الأطفال لأعقاب السجائر الملقاه على الأرض ووضعها في فمهم. والأكثر من كل هذا هو خطورة وجود السجائر التي يمسك بها المدخنون أثناء المشي في نفس مستوى وجوه الأطفال الصغيرة. ومع أن مخالفة منع التدخين في الشوارع تنتهي بدفع الغرامة المالية إلا أنه إذا تم التعرض لأذى بسبب لهب السيجارة فإنك قد تتسائل في جريمة الإهمال الجسيم المُسبِّب لأضرار جسديّة.
أماكن للمدخنين وأخرى لغير المدخنين
في البلديات التي تطبق نظام حظر التدخين في الشوارع تكون هناك أماكن مجهزة وبها مطفئات للسجائر وذلك في الأماكن المحيطة بالمحطات الرئيسية وفي الحدائق العامة.
كذلك تجهز غرف للتدخين في القطارات السريعة وقطار الرصاصة (شينكانسين) والتي تقطع مسافات طويلة وذلك داخل عربات القطار وعلى الأرصفة. أما في المطاعم العائلية والمقاهي فقد ازدادت الأماكن التي تكون مقسمة إلى قسم الطاولات التي يسمح بها بالتدخين وقسم آخر لا يسمح به ومنها ما تكون فيها جميع الطاولات غير مسموح بها بالتدخين ولكن تكون مجهزة بمكان أو غرفة خاصة فقط للتدخين. كما يكون وقت الغداء غير مسموح بالتدخين وفي العشاء مسموح في بعض المطاعم التي تحدد السماح بالتدخين حسب الأوقات. وهكذا فإن المعيشة تتقسم ما بين المدخنين والغير مدخنين من أجل أن يستمتع الجميع بأوقات أفضل.
بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل منع التدخين السلبي في أماكن العمل فإن الحكومة بموجب قانون تعزيز الصحة لعام ٢٠٠٣ تحث على بناء وتجهيز أماكن وغرف خاصة للتدخين وذلك عن طريق تقديم جزء من التكلفة كدعم منها.
ولم تتوقف مجريات الأمور عند هذا الحد بل أصبحت الأجواء تضيق أيضا على المدخنين داخل المنازل. فقد تزايد عدد المدخنين الذين ينتبهون ويراعون من حولهم ولكي لا يتضايق باقي أفراد الأسرة من غير المدخنين الذي يسكنون معهم يقومون بالتدخين فقط أسفل مروحة التهوية أو يذهبون للشرفة ويدخنون بالخارج (ويطلق على ذلك ”هوتالو زوكو“ حيث أن شكل شعلة السيجارة في الليل تشبه ضوء حشرة اليراعة ”هوتارو“ التي تضئ في الليل) وكذلك هناك من يحمل مطفأة أنيقة للسجائر معه أينما يذهب. وهكذا فإن الوعي بآداب التدخين قد ارتفع لدى المدخنين بشكل كبير.
لا يمكن شراء السجائر من آلات البيع الذاتي بدون بطاقة ”taspo“
يوجد في اليابان آلات البيع الذاتي لبيع السجائر ولكن منذ أن ظهرت البطاقات الذكية ”taspo“ للتعرف على البالغين في يوليو/تموز عام ٢٠٠٨ أصبح لا يمكن شراء السجائر من هذه الآلات بدونها. ولكي يتم استخراج بطاقة taspo يكون من الضروري تقديم رخصة القيادة أو غيرها من بطاقات تحقيق الهوية وصورة شخصية، ولا يتم استخراجها إذا لم يتقدم الشخص بنفسه أو لم يتمكن من تحقيق الشخصية والبيانات الخاصة به. حوالي ٩٨٪ من الآت البيع الذاتي في اليابان لا تتعامل إلا ببطاقات taspo وذلك للمساعدة في منع التدخين لمن هم أقل من ٢٠ سنة.
صورة العنوان: علامة ممنوع التدخين في الشوارع: Martin Abegglen