إنفوغرافيك اليابان

بسرعة تضاهي سرعة طائرة.. هذا أسرع قطار في العالم

علوم تكنولوجيا

في عام 1973، كان هناك قول شائع في اليابان: ”على الرغم من صغر مساحة اليابان، لماذا الاستعجال في التنقل؟“. هذه العبارة، التي استخدمتها هيئة سلامة المرور، لا تزال تعبر عن تحديات التنقل في اليابان اليوم. ومع ذلك، شهدت اليابان تطورات هائلة في هذا المجال، حيث أعلنت السكك الحديدية اليابانية مؤخراً عن مخطط القطار الجديد ”لينيار“ فائق السرعة. هذا القطار، الذي يسير على خط حديدي أُحادي، سيختصر المسافة الزمنية بين طوكيو وناغويا إلى 40 دقيقة فقط، ومن المقرر أن يبدأ العمل فيه عام 2014 ويكتمل بحلول عام 2027. وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي، تظل هناك تساؤلات حول تأثير هذا القطار على التركز السكاني في طوكيو والتحديات التشغيلية والأمان في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية.

 من طوكيو إلى ناغويا في 40 دقيقة فقط !

تم الإعلان من قبل شركة سكك حديد وسط اليابان عن خطط مفصلة لإطلاق مشروع القطار فائق السرعة ”لينيار“، الذي من المتوقع الانتهاء منه بحلول عام 2027. المشروع يهدف إلى ربط بين طوكيو وناغويا في مدة زمنية لا تتجاوز 40 دقيقة. بعد معركة طويلة مع المحافظات المعنية، تم تحديد المسار النهائي للقطار، الذي سيكون في خط مستقيم بطول 286 كيلومتر، ويتمتع 86% منه بانفاق. من المقرر البدء في المشروع في عام 2014، مع الانتهاء من الخط حتى أوساكا في عام 2045، ليصبح الوقت المتوقع لرحلة القطار بين طوكيو وأوساكا 67 دقيقة فقط، لتغطية المسافة البالغة 438 كيلومتر.

سيسير القطار السريع بفعل مجال كهرومغناطيسي فائق القوة، حيث تعمل القوة المغناطيسية على رفع عربات القطار 10 سم فوق القضبان بفضل المجال الناتج بين المغناطيس الموجود في العربات والمغناطيس الموجود في القضبان. يتوقع أن تصل السرعة وفقًا للتصميم إلى نحو 505 كيلومتر في الساعة.

تعتبر هذه التقنية آمالًا كبيرة في أن يلعب الخط السريع ”لينيار“ دورًا مماثلاً للدور الذي لعبه خط القطار السريع توكاي بعد افتتاحه مع أولمبياد طوكيو 1964، حيث كان أساسًا قويًا لنمو الاقتصاد الياباني في النصف الثاني من القرن الماضي، ويُعد هذا القطار بنية تحتية قوية للقرن الحادي والعشرين.

آبي يقوم بالدعاية للقطار في نيويورك

استعرض رئيس الوزراء آبي خطته الاقتصادية ”أبي نوميكس“ خلال خطابه في بورصة نيويورك خلال زيارته للولايات المتحدة لحضور الجلسة العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي. وتطرق إلى تقنية القطار الفائق السرعة مشيداً بالتكنولوجيا اليابانية ومتحدثاً عن إمكانية ربط نيويورك وواشنطن في ساعة واحدة فقط باستخدام تلك التقنية.

لكن على الرغم من ذلك، من المتوقع أن يستغرق الانتهاء من مشروع القطار الفائق السرعة حوالي 14 عاماً، مما يعني أنه لا يزال في مرحلة التطوير. يُتوقع أن يؤثر هذا المشروع الضخم بشكل كبير على الاقتصاد الياباني، ولكن من الصعب تحديد تأثيره الدقيق على المستقبل الاقتصادي والاجتماعي لليابان.

ستتحمل شركة سكك حديد وسط اليابان جزءاً كبيراً من التكاليف لتنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع السلطات المحلية، مع التركيز أيضاً على الجوانب البيئية والاقتصادية المحتملة للمشروع. قد يشمل تأثير هذا القطار الجديد تغييرات عميقة في المجتمعات المحلية على طول مساره، بما في ذلك ناغويا والمناطق المحيطة بها، مع تأثيرات محتملة على صناعة الطيران المحلية وأنماط السفر بين طوكيو وناغويا.

عمدة ناغويا، السيد تاكاشي كاومورا، يعبر عن قلقه من تأثيرات هذا المشروع، معرباً عن خوفه من أن يؤدي سرعة القطار إلى تبديد السكان إلى طوكيو لمدة قصيرة لحضور أحداث ثم يعودون في نفس اليوم.”

اليابان ستصبح أصغر من ذي قبل 

في عام 1973 كان هناك قول شائع يقول: ”على الرغم من صغر مساحة اليابان، لماذا الاستعجال في التنقل؟“. وقد استخدمت هذه العبارة من قبل هيئة سلامة المرور، ولا تزال صالحة لزماننا هذا. ففي الوقت الحالي، يمكن التنقل بالقطار السريع ”نوزومي“ بين طوكيو وناغويا في ساعة و 40 دقيقة، وبين طوكيو وأوساكا في ساعتين ونصف. وسيؤدي قطار ”لينيار“ فائق السرعة إلى تقليص هذا الوقت لأقل من النصف، مما سيجعل من اليابان جزيرة أصغر من ذي قبل.

ومع ذلك، يستمر تناقص عدد السكان في اليابان، ومن المتوقع أن يقل عن 100 مليون نسمة مع منتصف القرن الواحد والعشرين. وهنا يُطرح تساؤل حول عدد المستخدمين المحتملين حتى إذا أصبح من الممكن قطع المسافة بين طوكيو وناغويا في 40 دقيقة. هناك رأي آخر يزعم بأن القطار سيتسبب في زيادة التركز السكاني في طوكيو، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الحضرية مثل الازدحام والإسكان.

من ناحية التشغيل، تثار أيضاً تساؤلات حول كيفية التعامل مع حالات الطوارئ مثل التوقف المفاجئ للقطار. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل وضع خطط طوارئ فعالة لضمان سلامة الركاب. تُعد اليابان من الدول الرائدة في التكنولوجيا والسلامة، ومن المتوقع أن تقوم بتطوير حلول مبتكرة لمواجهة هذه التحديات.

نتائج البحث والتطوير لأكثر من نصف قرن

 ومقابل ذلك، تدافع شركة سكك حديد وسط اليابان بشدة عن أهمية تنفيذ المشروع وتبرير التكاليف الهائلة للمشروع والتي تصل الى نحو خمسة ترليون ين. الاّ أنَّ الخطوط الحالية والتي تمثل الدجاجة التي تبيض ذهباً للشركة لا تسمح بإضافة قطارات جديدة على الخطوط المزدحمة بالفعل. ولكن كما يدعي البعض يجب البحث عن خطوط بديلة لتفادي ما حدث وقت التسونامي حيث توقفت خطوط شركة سكك حديد وسط اليابان فائقة السرعة والتي تمثل الشريان الحيوي بين طوكيو، أوساكا وناغويا. وجدير القول أنَّه بدأت أبحاث قطار- ليينار عام 1962 أي بعامين قبل افتتاح خط توكاي السريع وذلك من قبل فريق من التقنيين بشركة السكك الحديد السابقة. وفي عام 1972، نجح تسيير قطار الركاب مرفوعاً عن القضبان كما انّهُ في عام 1979 نجح الفريق في الوصول لسرعة قصوى بلغت 517 كيلومتراً في الساعة (أكبر سرعة في العالم). وبعد ذلك تم الاستمرار في اختبارات التسيير على خطوط تجريبية في محافظة ياماناشي. لذا يعد هذا الخط بمثابة نتيجة نصف قرن من الأبحاث التي تمت في القرن الواحد والعشرين.

(المقالة الاصلية باللغة اليابانية، الصورة مقدمة من شركة السكك الحديدية لوسط اليابان)

شينكانسن