عام محوري: اليابان في عام ١٩٩٥

الحكم بالإدانة على آخر قادة جماعة أوم شينريكيو المتطرفة

مجتمع

إيغاوا شوكو [نبذة عن الكاتب]

كان تاكاهاشي كاتسويا العضو الأخير من جماعة أوم شينريكيو الدموية الذي يواجه العدالة. وقد جاء الحكم بالإدانة ضده في أبريل/ نيسان ليصبح نقطة تحول في الإجراءات القانونية التي تلت الهجوم بغاز السارين على مترو الأنفاق في طوكيو في عام ١٩٩٥. وهذا بالتالي هو الوقت المناسب للتفكير من جديد حول كيف حولت جماعة أوم شينريكيو الشباب المستقيم إلى مجرمين.

نقطة جذب روحانية على غير هدى

أسس أساهارا جماعة أوم شيريكيو الدينية عام ١٩٨٤ كاستوديو لليوغا ولكنه عدل أوضاعها لتصبح منظمة دينية في عام ١٩٨٧، عندما قام بإعادة تسميتها لأوم شينريكيو. وقد حصلت الجماعة الدينية الوليدة على شهادة رسمية من حكومة مدينة طوكيو كمؤسسة دينية في عام ١٩٨٩.

كانت اليابان في أوج صعودها الاقتصادي في الثمانينات أو ما يعرف بفترة اقتصاد الفقاعة، حيث ارتفعت أسعار الأسهم والعقارات بلا هوادة، وكثرت برامج الثراء السريع، وكانت البلاد غارقة في بحر من النقود. وقد لدت روح العصر المادي أيضا تيارات مضادة، وبدا عدد كبير من اليابانيين يلهث وراء دوامة جني المال في طريقهم للبحث عن السعادة الحقيقية والوفاء. تحول البعض منهم إلى الروحانية التي لا تعوقها المفاهيم التقليدية للواقع أو قلق حيال التحقق العلمي.

المبالغة في تلك الأجواء كانت سببا في استمرار شعبية النسخة اليابانية لكتاب نبوءات نوستراداموس مع الشرح عام ١٩٧٣. حيث تنبأ الكتاب في النص الأصلي له بفناء الجنس البشري في عام ١٩٩٩.

وقد اجتذبت جماعة أوم ببراعة مخاوف الأرواح الحائرة. إن تتوق وحرص الشباب على الرؤية الغير مادية صب في مصلحة دعوة أساهارا لقوى خارقة للطبيعة. الجماعة تروج لسيناريو ”أرمجدون“ أو نهاية العالم ووضعت أنشطتها كخلاص للنفوس التي ستصبح ضحية لكارثة وشيكة الحدوث. أوم أعلنت عن حلولها الزائفة باعتبارها وسيلة للتحرر الذاتي والخلاص الاجتماعي.

وقد لوحظ أن الانضمام لجماعة أوم كان أكثر من مجرد طريق للخلاص الشخصي. كجزء من المنظمة، فإن عملية التجنيد ستعطيك الفرصة لإنقاذ الآخرين. كانت تلك رسالة زائفة ومضللة للشباب الذين كانوا لا يشعرون بالراحة لوجودهم ويسعون لمعنى أكبر في الحياة. لقد وجدت تلك الطريقة جاذبية قاتلة لدى الشاب الذي حصل لاحقا على حكم بالإعدام لدوره في قتل عائلة ساكاموتو والهجوم بغاز السارين في مدينة ماتسوموتو.

”لم أكن أريد أن أصبح مجرد موظف عادي في شركة [مثل والدي]. ذكر الشاب ذلك في وقت لاحق. ”لقد كرهت فكرة أن أعيش حياة عادية. كنت أبحث عن خط عمل من شأنه أن يستحق الالتحاق به حقا [لكن لم يتم العثور على أي شيء صحيح].“

كان هناك صديق لهذا الشاب قد انضم إلى أوم في وقت سابق وهو من دعاه للانضمام أيضا. كان الشاب لا يثق في الدين وانضم إلى أوم في البداية بقصد إقناع صديقه لترك تلك الجماعة. ولكن ما أن انضم للجماعة حتى وجد الحديث عن أرمجدون مقنع وأن فكرة إنقاذ البشرية جذابة. وانتهى به الأمر بالانضمام إلى أوم على الرغم من جهود والديه في لردعه واثنائه عن ذلك.
”كان علي منع حدوث أرمجدون“، رد عليه الشاب. وأضاف ”كان علي دفع ثمن السعادة التي استمتعت بها [عن طريق إنقاذ البشرية]“.

خضوع العقل واستسلام الروح

وقد ذكر أحد المحكوم عليهم بالإعدام لدوره في هجمات السارين على مترو أنفاق طوكيو رواية مماثلة. لقد برع في الفيزياء في الجامعة، حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في هذا التخصص. حتى بعد انضمامه إلى أوم، قال إنه لم يكن لديه نية في البداية ليهب نفسه للجماعة بشكل كامل، بمعنى تسليم جميع أمواله، وقطع العلاقات مع العائلة والأصدقاء، وتكريس نفسه بالكامل لأنشطة الجماعة.

وكان هذا الشاب تلقى عرضا للعمل في معهد أبحاث تابعا لإحدى الشركات. لكنه غير رأيه بسبب اقناع أساهارا له بذلك. ”من سينقذ العالم“، سأل زعيم الجماعة أساهارا بشكل خطابي، ”إذا كان الشباب الصغير مثلك لا يقبل التحدي؟“ وأثار ذلك الشعور بوجود هدف في نفسية الشاب وهو الذي كان يفتقر إليه سابقا. أصبح هذا الشاب عضوا كاملا في أوم، ورفض عرض العمل وابتعد أيضا عن أسرته. بعد ٦ سنوات، كان يقوم بقتل ركاب مترو طوكيو بغاز السارين.

وقد كان الشخص الثاني الموضح أعلاه من عائلة متماسكة، ولكن أصبحت أوم أيضا ملجأ للعديد من الشباب الذين لم يقضوا وقتا طويلا مع والديهم مع والديهم أو الذين لديهم صعوبة في التواصل مع الناس بشكل عام. أوم كانت المكان المريح والصدر الحاني للشباب والشابات الذين لم يشعروا بالراحة في أي مكان آخر.

التحرر من التعقيدات الاجتماعية للعلاقات الإنسانية، المنضمون لجماعة أوم كانوا في حاجة فقط لاستيعاب التفوق المطلق لزعيم الجماعة أساهارا شوكو. كانت كل تعليمات الزعيم صحيحة تماما. عدم القدرة على فهم تلك الحقيقة البسيطة كانت علامة على عدم كفاية الإحرازات الروحية. يحتاج أعضاء أوم للتغلب على التحفظات على أساس العلاقة المستمرة مع الأعراف الاجتماعية، الأخلاق التقليدية، المعرفة العلمية، والقوانين واللوائح.

تعلم أعضاء الجماعة إخفاء أي شكوك لم يتمكنوا من محوها والتخلص منها تماما. تعلموا قبول تعليمات أساهارا بدون تردد وتنفيذها بشكل استباقي. لقد توقفوا عن التفكير بأنفسهم وبدلا من ذلك أصبحوا ملحقات حقيقية وأتباع لقائدهم وزعيمهم الأعلى. كان هذا هو النمط المثالي لتطور أعضاء أوم.

أربعة من الأعضاء الخمسة الذين نفذوا هجمات غاز السارين في قطارات مترو الأنفاق تورطوا في عمليات القتل تلك لأول مرة في حياتهم. كان واحد من ضمن الخمسة طبيبا، وكان الآخرون علماء مؤهلين. وكانوا على دراية بالخصائص السامة لغاز السارين الذي أطلقوه على الأبرياء في مترو أنفاق العاصمة. لم يظهر أحد منهم أي اعتراض أو تحفظ على الإطلاق بخصوص القيام بتنفيذهم لتلك التعليمات بالقتل.

الصفحة التالية: اليوغا، المخدرات، والحرمان من النوم

كلمات مفتاحية

طوكيو قتل مترو الأنفاق أوم شينريكيو

إيغاوا شوكوEGAWA Shōkoعرض قائمة المقالات

ولدت في طوكيو عام ١٩٥٨. تخرجت من كلية العلوم السياسية والاقتصاد بجامعة واسيدا اليابانية. عملت كمراسلة ١٩٨٢-١٩٨٧ في كاناغاوا شيمبون، حيث غطت قصص الجريمة وقامت بتغطية لسلسلة من القضايا ذات الصلة. بعد شرعت في العمل كصحفية مستقلة، كرست نفسها لتغطية جماعة أوم شينريكيو في عام ١٩٨٩، وحصلت على جائزة ”كيكوتشي كان“ المرموقة في عام ١٩٩٥ لتغطيتها. كما خدمت في الحكومة كاستشارية حكومية للوحات أنشئت لدراسة واقتراح الإصلاحات في الإدارة الحكومية والملاحقة الجنائية. من أعمالها Oumu Shinrikyō tsuiseki 2200 nichi (٢٢٠٠ يوم على درب أوم شينريكيو).

مقالات أخرى في هذا الموضوع