آفاق صناعة السيارات اليابانية

اقتصاد

لطالما شكل محرك الاحتراق قلب صناعة السيارات منذ ابتكارها قبل أكثر من 130 سنة. ولكن في مواجهة المخاوف البيئية ظهرت السيارات الكهربائية لتتحدى هذه الهيمنة. وتناور شركات تصنيع يابانية مثل نيسان لقيادة التحول الجاري حاليا نحو تبني تقنية السيارات الكهربائية.

مفتاح التنسيق

إن الاعتقاد السائد بأن السيارات الكهربائية أقل تعقيدا وبالتالي أسهل تصنيعا مضلل. مما لا شك فيه أن تلك السيارات تحتاج أجزاء أقل بـ40% من تلك التي تحتويها السيارات التقليدية والتي تبلغ نحو 30 ألف قطعة. ولكن حتى بنفس المحرك تحت غطاء محرك السيارة، فإن الفروقات في الهيكل والتعليق وعوامل أخرى تؤثر بشكل كبير على تجربة القيادة. فيجب تحسين كل مكون إلى أفضل وضع من أجل تحسين راحة القيادة أو زيادة السرعة وهو ما يتطلب تنسيقا كبيرا بين جميع أفراد الفريق من التصميم الأولي وحتى الإنتاج النهائي. والأمر الذي يجعل من الموديل ناجحا أو فاشلا هو قدرة الشركة المصنعة على اختبار وتطويع الأجزاء المختلفة وتجميعها في جسم واحد يعمل بسلاسة.

وبالنظر إلى السيارة ليف، فقد قامت نيسان بتوسيع مسافة القيادة لطرازها الجديد من خلال زيادة كفاءة محركها وبطارية الليثيوم أيون الخاصة بها في الوقت الذي حافظت فيه تقريبا على نفس حجم البطارية. وقد تم هذا من خلال تنسيق وثيق مع فرقها في مجال المراقبة والمواد والهندسة الميكانيكية لتحسين التصميم الديناميكي الهوائي وتقليل وزن قطع السيارة وتحسين نظام التعليق.

توفر السيارات التي تعمل بالشحن الكهربائي مساحات جديدة للابتكار، وقد واجهت نيسان تحديات جديدة مع دواستها الإلكترونية التي تجمع بين وظيفتي التسريع والفرملة ونظامها الخاص بشحن البطارية مع الفرملة. وهاتان الخاصتان تشهدان على البراعة التقنية التي اكتسبتها الشركة بجد، على الرغم من أن الشركة قامت بعمل توازن دقيق بين التقنيات والتكلفة الإجمالية لتجعل من سيارتها ليف قابلة للاستمرار على الصعيد التجاري. فالوزن والأداء والتصميم جميعها كانت عوامل مؤثرة في تحقيق توازن كفء من الناحية الاقتصادية، وهو أمر ليس من الممكن تحقيقه بموديل من السيارات قائم على التجميع ببساطة.

إعادة التموضع

على الرغم من التطوير السريع للسيارات الكهربائية إلا أنها لا تزال تواجه بعض العوائق الكبيرة، ليس أقلها مسافة القيادة التي يمكن أن تقطعها السيارة بشحنة واحدة. الموديل الجديد من ليف يقطع مسافة 400 كيلومتر بشحنة واحدة وهو مناسب للطرق اليابانية. ولكنه أقل جاذبية على الطرق السريعة الألمانية وغيرها من الطرق حيث السرعات الأعلى والمسافات الأطول ستؤدي إلى استنزاف البطارية وتقصير مسافة القيادة.

كما أن زمن شحن البطارية هو مجال آخر التقدم فيه بطيء. تسمح السيارة ليف الجديدة إجراء شحن سريع بزمن قدره 40 دقيقة، ولكن عملية إعادة الشحن العادية ستستغرق بين 8-10 ساعات. كما أن هناك مخاوف من أن تفرغ البطارية أثناء القيادة. ولمعالجة هذه المشكلة، تملك بعض السيارات الكهربائية محركات إضافية تدعى مطولات نطاق القيادة وهي مخصصة لتوليد الطاقة. وتلك المشاكل من بين قضايا أخرى توضح أنه على الرغم من أن السيارات تمضي قدما نحو تصميمات تعمل فقط بالكهرباء، إلا أن صناعة السيارات ستبقى تعتمد على تقنيات نموذجية في المستقبل المنظور.

تقف السيارات على عتبة تحول مهمة في تاريخها الذي يمتد إلى 130 عاما. فالتقدمات التقنية تغير بسرعة مجال المنافسة فيما يتعلق بالأداء وطرق التصنيع. ولكن حتى السيارات الكهربائية ذات التقنية العالية لا يمكن تجميعها بسهولة مثل الكمبيوترات والهواتف الذكية وغيرها من أدوات تقنية المعلومات ولا يزال هناك تبديد المخاوف المتعلقة بالسلامة والثقة ضمنيا بدورها الرئيسي كسيارة لنقل الركاب. ولهذا السبب ستحتفظ شركات التصنيع العريقة بميزة تنافسية على الشركات الجديدة مع مضي سوق السيارات الكهربائية قدما.

ويتوقع سايكاوا ارتفاع عدد الشركات الناشئة في مجال صناعة السيارات في السنوات القليلة القادمة ويقول إن نصف العقد الممتد بين عامي 2020 و2025 ستكون فترة النجاح أو الفشل. ولا يزال من المبكر القول ما إذا كانت نيسان وشركات رائدة أخرى ستبقى على القمة أم أن شركات جديدة مبدعة ستقود هذه الصناعة.

(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية في 20 سبتمبر/أيلول. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: سيارة نيسان المحدثة ’’ليف‘‘ والتي تعمل بالكامل بالكهرباء عند إطلاقها في اليابان في مجمع المعارض ماكوهاري ميسّي بمحافظة تشيبا في 6 سبتمبر/أيلول 2017. الحقوق لجيجي برس)

كلمات مفتاحية

نيسان سيارة

مقالات أخرى في هذا الموضوع