كيف تسببت بوكيمون غو بهوس غير مسبوق في عالم الألعاب؟

اقتصاد

هيراباياشي هيساكازو [نبذة عن الكاتب]

مستشار ومحلل ذو خبرة واسعة في مجال الألعاب الإلكترونية يناقش المنهج الإبداعي الذي مهد الطريق لانتشار حمى البوكيمون غو ويستكشف تأثير هذا التطبيق على مستقبل الألعاب الإلكترونية.

الهواتف الذكيةكم من مليار كرة بوكيمون افتراضية قد قذفت منذ إطلاق لعبة بوكيمون غو في يوليو/ تموز من هذا العام؟ لقد أثارت هذه اللعبة ضجة عالمية لا مثيل لها في تاريخ ألعاب الهواتف الذكية حول العالم. وقد تواردت التقارير الإعلامية حول هذه الظاهرة، كاشفة النقاب عن مجموعة كبيرة من الحوادث ذات الصلة، بعضها مزعج والبعض الآخر طريف. إلا أن معظم تلك التقارير قد غابت عنها الإشارة إلى أهمية حمى بوكيمون غو بالنسبة لصناعة الألعاب الإلكترونية. فيما يلي أقدم رؤيتي فيما يتعلق بالنجاح الهائل للعبة وتأثيراتها على المستقبل.

شخصيات فاتنة

خلال أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، كانت هناك عدة مناسبات تمكنت فيها من العمل مع المطورين من الشباب الموهوبين لدى شركة جيم فريك، المنشأة لسلسلة بوكيمون نينتندو. باعتباري محرر لمجلة ألعاب الفيديو، كثيراً ما كنت أطالبهم بكتابة مقالات للنشر وقد تعلمت منهم الكثير في تلك الأثناء.

بفضل الشراكة بيني وبين عمالقة هذه الصناعة، اكتسبت رؤية قيمة للمسار الإبداعي الذي مهد الطريق نحو ظهور البوكيمون مع إصدار ”Pocket Monsters: Red and Green (وحوش الجيب: الحمراء والخضراء)“ عام ١٩٩٦ لجهاز وحدة التحكم المحمولة Game Boy من نينتندو.

بالنسبة لي فإن أكثر جوانب هذه العملية إثارة للإعجاب هو كم المهارة والعناية التي رأيتها خلال مرحلة خلق شخصيات اللعبة. تتمحور بوكيمون حول الإمساك بمخلوقات سحرية متعددة وتدريبها لأغراض المبارزة، وتعتمد شعبية اللعبة على الجاذبية الفردية لكل واحد من هذه ”الوحوش“.

ما الذي يجري في أثناء تطوير مثل هذه الشخصيات؟ يظن البعض أنه بمقدور أي شخص خلق بوكيمون ببساطة عن طريق إضافة بعض العناصر الخيالية إلى رسمة حيوان حقيقي. هذا مفهوم مغلوط تماماً. إن السمات السطحية لأي شخصية من شخصيات اللعبة تقل أهمية بكثير عن صفاتها الداخلية. خلق مجموعة مقنعة ومؤثرة من ”وحوش الجيب“ يستلزم تكوين عالم كامل من الخيال، يكمله نظام بيئي بالإضافة إلى خلفية درامية، ومن ثم إفساح المجال لهذا العالم الخيالي كي يحدد السمات الفردية المميزة لكل شخصية. خلافاً للشخصيات السطحية التي تشبه التعويذة والتي تعرف في اليابان باسم ”يورو كيارا“ فإن كل شخصية من شخصيات بوكيمون موهوبة بمجموعة من السمات الذاتية الثابتة والمحددة وأيضاً شديدة التطور.

في ذلك الوقت، قام المشاركون في تطوير بوكيمون بعقد مقارنة بين شخصيات اللعبة وبين المخلوقات والآلهة التي تعيش في الأساطير اليونانية. إن السبب وراء وجود أصداء للأساطير اليونانية مستمرة مع الناس حتى يومنا هذا ورغم مرور آلاف السنين هو أن الآلهة والمخلوقات الأسطورية فيها تتمتع بسمات شخصية محددة ومعروفة. وهكذا فقد كان صناع بوكيمون يسعون إلى ابتكار شخصيات تتميز ببعض من هذه الجاذبية الخالدة.

ملمح آخر وثيق الصلة بالأساطير اليونانية القديمة، ألا وهو الظهور المتكرر للحيوانات الهجينة مثل الكمير ”يجمع بين ملامح الأسد والماعز والثعبان“ والحصان المجنح بيغاسوس. الناس مولعة بفكرة وجود مخلوق يجمع بين سمات أشكال الحياة المختلفة في تحد لقوانين الطبيعة. استغل صناع بوكيمون هذا الولع ولكنهم أدخلوا بعض التحسينات على ”وحوشهم“ المهجنة لتجميلها وتحويلها إلى مخلوقات محببة التي وجدت طريقها إلى قلوب الأطفال. وقد نتج عن هذا الأسلوب شخصيات محبوبة وخالدة مثل بيكاتشو، ”الفأر المضيء“.

تم إصدار لعبة بوكيمون الأصلية في عام ١٩٩٦ وكانت تلعب على جهاز الـ Game Boy المحمول ذو الشاشة الصغيرة بسمك خمسة سنتيمترات مربعة وكانت تعرض بالألوان الأبيض والأسود. وفي ظل تلك الظروف، قد يبدو السعي وراء لعبة تصمد أمام اختبار الزمن نوعاً من الطموح السخيف. ولكن فعلياً كانت كل جهود صناع اللعبة منصبة على تطبيق المباديء الأساسية لخلق الشخصيات بصرامة وإتقان.

الصفحة التالية: براعة ترويجية

كلمات مفتاحية

هاتف ذكي

هيراباياشي هيساكازوHIRABAYASHI Hisakazuعرض قائمة المقالات

رئيس شركة إنترأكت ومحلل ألعاب. ولد عام ١٩٦٢. تخرج من جامعة أوياما غاكوئين في عام ١٩٨٥. عمل لدى دار النشر JICC (تاكاراجيماشا حاليا). شغل منصب رئيس التحرير الأول لمجلة ألعاب فيديو. أسس شركة إنترأكت الاستشارية في عام ١٩٩١. من بين أعماله ”Gēmu no daigaku“ (جامعة الألعاب، مشارك في التأليف) و”Gēmu no jiji mondai“ (القضايا الحالية في الألعاب).

مقالات أخرى في هذا الموضوع