«شباب فوق 100 عام»... كبار السن في اليابان ظاهرة خارقة للطبيعة!
مجتمع ثقافة لايف ستايل رياضة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
رياضة كبار السن في اليابان أصبحت ظاهرة متزايدة الشعبية وهي تجربة رائعة لتسلية وتحفيز الأشخاص المسنين على ممارسة الرياضة والحفاظ على لياقتهم البدنية. تشمل هذه الرياضات مجموعة واسعة من الأنشطة الرياضية المختلفة مثل السباحة، المشي، اليوغا، الكاراتيه، رياضة القوس والسهم، والعديد من الألعاب الأخرى.
تُنظم مسابقات خاصة لكبار السن في مختلف المجالات الرياضية لتعزيز الصحة واللياقة البدنية وتشجيع التواصل الاجتماعي بين كبار السن. هذه المسابقات توفر فرصة للمشاركة والمنافسة للأفراد من جميع الأعمار المتقدمة، وتعزز من شعورهم بالإنجاز والاستمتاع بالحياة.
بالإضافة إلى الجوانب الرياضية، تساعد هذه الأنشطة على بناء روابط اجتماعية وصداقات جديدة بين كبار السن، مما يعزز شعورهم بالتفاؤل والسعادة في مرحلة الشيخوخة.
تشجيع ممارسة الرياضة لدى كبار السن في اليابان يعكس الاهتمام المتزايد بصحة المسنين وتحسين جودة حياتهم بشكل عام، ويبرز أيضًا الدور المهم للنشاط البدني في الحفاظ على الصحة العامة والعافية لدى جميع الأعمار.
نجم فوق الـ 100عام !
كان ملتقى انترناشونال غولد ماسترز 2013 الذي أقيم بمدينة كيوتو اليابانية في الخامس والسادس من أكتوبر/تشرين الأول حافلاً بالرياضيين الكبار في السن القادمين من شتى أنحاء العالم. فقد كان هذا الملتقى المكان الذي حقق فيه الرياضي ميازاكي هيديكيتشي البالغ 103 سنة إنجازه في سباق الـ 100 متر. ففي تمام الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة صباحا من يوم 6 من أكتوبر/ تشرين الأول، اطلقت طلقة البداية لسباق الـ 100 متر لفئة الرجال الأكبر سناً في هذا الملتقى (أي للرجال الذين هم في الثمانينات ومافوق). وكان ميازاكي الذي ركض في الحارة الثانية هو العداء الوحيد الذي كان قد تعدى المئة عام. أما بقية العدائين فكانوا في الثمانينات من أعمارهم وبالطبع توجهت الأنظار إلى ميازاكي الذي يحمل في جعبته خبرة قرن من الزمان. حيث كانت عدسات الكاميرات تراقب كل تحركاته وسرعان ما انطلق ميازاكي نحو خط النهاية مستخدما كل مخزوناته من الطاقة، وحينما اقترب من خط النهاية، ارتفعت تصفيقات الجمهور الحارة التي كادت تصم الآذان.
أنهى ميازاكي السباق بوقت قياسي يبلغ 34.10 ثانية. لكن بسبب سرعة الرياح التي تجاوزت الحد المسموح به (وهو 2 متر بالثانية) لم يتم اعتماد الرقم بشكل رسمي. ومع ذلك يعتبر هذا الرقم إنجازا حيث أنه تمكن من تحطيم رقمه السابق والبالغ 36.77 الذي حققه في الدورة الـ 34 لبطولة الماسترز اليابان لألعاب القوى التي أقيمت في مدينة ساغا قبل شهر. وفي تعليق على انجازه في هذه البطولة قال ميازاكي الذي بدت عليه معالم الرضا: ”أنا سعيد جدا“. ولد ميازاكي في 22 سبتمبر/أيلول 1910، وقد شارك بالسباق في ساغا في ٧ سبتمبر/أيلول حين كان مايزال عمره 102 سنة. فلذلك يعتبر تمكن ميازاكي من تحسين رقمه بـ 2.67 ثانية في مسقط رأسه كيوتو بعد مضي 14 يوماً من عيد ميلاده الـ 103 شيئاً يدعو للفرح.
كان ميازاكي في التسعينات عندما شارك لأول مرة في بطولات الماسترز لألعاب القوى. وقد بدأ بالتدريب لفعاليات مختلفة تضم دفع الكرة الحديدية (وزنها 3 كغ) وهو في الـ 92 من عمره وعندما بلغ المئة سنة في 2010 أنهي مسافة الـ 100 متر بزمن وقدره 29.83 ثانية ويعتبر هذا الرقم العالمي (لفئة M100 أي الرجال من أعمار 100-104). كما استطاع في ملتقى كيوتو غولد ماسترز هذه السنة دفع الكرة الحديدية مسافة تبلغ 3.48 مترا، كذلك وصلت المسافة إلى 3.83 عندما بلغ عمره المئة عام واستطاع تجاوز الأربعة أمتار وحقق مسافة قدرها 4.02 متراً وذلك بعد بلوغه سن الـ 101. أما في ساغا فقد رمى الكرة مسافة قدرها 3.43 مترا وهو مايزال في الـ 102 سنة من العمر.
لقد بدأ ميازاكي بالمشاركة في بطولات الماسترز عندما أصبح كبيرا في العمر ولم تكن رحلته الرياضية سهلة وسلسة بل تعرض للعديد من الحوادث والإصابات كما عاني من أمراض خطيرة. حيث دخل المستشفى سنة 2007 لمدة ثلاثة أشهر بسبب كسر في رجله وإضطر حينها إلى التنقل بكرسي متحرك. ومع ذلك فقد عمل بجد وإصرار في جلسات إعادة التأهيل وتمكن من العودة تدريجيا للمشاركة في فعاليات ألعاب القوى. وكان شعاره طوال تلك الفترة : ”عليك المتابعة باستمرار“.
حلم الوصول إلى أوليمبياد الماسترز لكبار السن
كان ميازاكي أكبر الرياضيين في ملتقى كيوتو غولد ماسترز الذي شارك فيه حوالي 870 متسابق ومتسابقة قدموا من 11 منطقة في اليابان وأنحاء العالم. وتم إقامة هذا الحدث الرياضي في كل من مسبح كيوتو أكوا إريا واستاد نيشيكيوغوكو لألعاب القوى وكانت أعمار كل المشاركين في هذا الملتقى تتجاوز الـ ٤٥ عاماً.
كانت هذه المرة الثانية التي يقام فيها هذه الحدث الرياضي في مدينة كيوتو التي سبقت وأن استضافت الحدث عام 2009. وقد أصبح هذا الحدث أكثر من مجرد ملتقى رياضي بل أصبح يهدف إلى تشجيع كبار السن علي توسيع دائرتهم الاجتماعية وفي نفس الوقت الحفاظ على صحتهم والاستمتاع بالرياضة. وتعد اليابان من أكثر البلدان التي ترتفع فيها نسبة المعمرين، وتأمل أن يؤدي انتشار دورات الماسترز بها إلى إقامة أوليمبيا الماسترز لكبار السن في المستقبل القريب.
البيض النيء مصدر الطاقة
يعتبر ملتقى كيوتو ماسترز خطوة مهمة في مجال رياضات كبار السن. إلى جانب ميازاكي تسلط الضوء على المتسابقة موريتا ميتسو البالغة 90 عاماً من العمر. وقد حازت موريتا التي جاءت من محافظة كوماموتو على اهتمام الإعلام وتم عقد مقابلات معها من قبل ما لا يقل عن 19 وسيلة إعلامية أغلبها من محطات التلفزيون. ووصل الأمر إلى حد أن بعض هذه المحطات غطت كل حركة قامت بها بالتفصيل الممل. وموريتا هي صاحبة الرقم العالمي للـ 100 متر والبالغ 19.83 ثانية في فئة W85 (أي السيدات من 85 ـ 89 سنة)، وصاحبة رقم الـ 200 متر والبالغ 40.87 في فئة W80 (أي 80 ـ 84 سنة) وأخيرا رقم الـ 200 متر في فئة W85 بزمن قدره 45.65.
وفي 29 يونيو/ حزيران 2013 بلغت موريتا سن الـ 90 وفي اليوم التالي بملتقى الماسترز لألعاب القوى بناغاساكي ركضت الـ 200 متر بزمن قدره 55.62 ثانية في فئة الـ W90 (أي فئة سن الـ 90 ـ 94) محطمة بذلك الرقم السابق وهو 56.46 ثانية. وقد قالت إنها : ”عازمة على تحقيق نتيجة أفضل من ذلك في كيوتو“. وحققت في أول يوم من البطولة وذلك في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول نتيجة جيدة حيث ركضت الـ 200 متر في فئة سن (90 ـ 94) بزمن 55.90 ثانية. على الرغم من أنها لم تستطع تحطيم رقمها الذي حققته في ناغازاكي إلا أنها استطاعت تتجاوز أرقامها السابقة مرتين هذا الموسم. وبعد هذا السباق بثلاث ساعات وعشرين دقيقة ركضت بخفة وحيوية الـ 60 متر لنفس الفئة بزمن 13.63 وسوف تدخل موسوعة الأرقام القياسية كحاملة للرقم الياباني.
وفي اليوم الأخير يقام أكثر السباقات إثارة ألا وهو سباق الـ 100 متر. وانطلقت موريتا منذ بداية النصف الأول للسباق بقوة وهي تركض بطريقتها المميزة المعروفة بأرجحة واسعة لأذرعها واندفاعها القوي. وكان الزمن الذي حققته 23.15 متمكنة من تحطيم رقمها السابق الذي بلغ 23.18 ثانية والذي صمد لمدة عشرة سنوات. وكانت موريتا قد بدأت بالمشاركة في المسابقات منذ 21 سنة عندما كانت في الـ 69 سنة من العمر. وتقول أن مصدر طاقتها هو البيض النيء الذي تتناوله في الصباح.
منافسة تتجاوز عتبة الزمن
كما قدمت ناكانو يوكو من طوكيو والبالغة 77 سنة من العمر أداءا مميزا ونالت جائزة الغولد ماسترز للسيدات. وقد تمكنت من تحقيق رقم البطولة البالغ 3 دقائق و20.88 ثانية في سباق الـ 800 متر لفئة W75 (سن 75 ـ 79)، كذلك حققت رقم سباق الـ 1500 متر بزمن قدره 6 دقائق و55.49 ثانية. وكان هذا الرقم أول الأرقام العالمية التي تسجل في هذه البطولة منذ سبعة سنوات. لطالما كانت ناكانو محبة للرياضة فقد ذهبت إلى أصقاع العالم لتتزلج على الثلج. وبلوغها سن السبعين كان حافزا لها للمشاركة في بطولات الماسترز. فركضت مارثون هونولولو في سن الـ71 وأنهت السباق بزمن خيالي قدره ٤ ساعات و44 دقيقة و44 ثانية.
كان غينتارو نائب رئيس ماسترز اليابان لألعاب القوى الذي تأسس في أبريل/نيسان 1980، وهو الآن نائب الرئيس الفخري. ولا يزال حتى الآن يتنافس في فعاليات سباق الـ 60 متر ودفع الكرة الحديدية ورمي القرص. ويهدف أن يركض سباق الـ 400 متر بزمن يعادل عمره (أي 96 ثانية). عندما كان غينتارو في الثمانين سنة 1998 ركض السباق بزمن 77.85 ثانية متجاوزا بذلك عتبة سعته الهوائية.
وقد صرح ابنه كازو قبل بدء السباق :”أريد أن أحطم أرقام والدي الذي ركض سباق الـ 100 متر بـ13.5 ثانية والـ 200 متر بـ 28.8 ثانية عندما كان في الـ 66 سنة من عمره“. إلا أن كازو جاء في المركز السادس في سباق الـ 100 متر بزمن 13.74 ثانية وحل في المركز الخامس في سباق الـ 200 متر بزمن قدره 29.15 ثانية. على الرغم من أنه لم يستطع أن يهزم أباه إلا أنه يقول: ”إنه من المؤسف أنني لم أستطع التغلب عليه ولكنني سأستمر بالمحاولة وسأغلبه عاجلا أم آجلا“.
زوج يتغلب على السرطان
وقد شارك أزواج آخرون في سباقات لا تحمل نفس الحدة في روح التنافس. فكل من إيشيكاوا تاداشي وزوجته يوكو (80 عاما) عضوان في ماسترز محافظة إيواتي لألعاب القوى. وقد شاركا في فعاليات بطولة الماسترز 2013 لألعاب القوى وذلك بعد تجاوزهم الصدمة التي عانيا منها جراء كارثة زلزال شرق اليابان. وهذه هي المرة الـ 26 التي يشاركان فيها في هذا الحدث، بالإضافة لكارثة الزلزال المدمر فقد مرت عليهم خلال تلك الأعوام أوقات عصيبة، حيث اضطر كلاهما إلى الخضوع لعملية جراحية لمعالجة السرطان. ففي ملتقى كيوتو حل تاداشي في المركز الثاني بسباق الـ 60 متر بزمن9.37 ثانية، والمركز الثالث في سباق الـ 100 متر بزمن 15.32 ثانية وذلك في فئة M80 (سن 80 ـ 84). أما يوكو فقد حلت في المركز الثاني في كل من مسابقة دفع الكرة الحديدية (2 كغ) وحققت مسافة قدرها 3.95 متر ورمي القرص (0.75 كغ) وحققت مسافة 7.82 متر. وقد تمكن هذا الثنائي من حصد ٥٨ ميدالية حتى نهاية السنة الماضية. وقد صرحا بأنهما يأملان في حصد المزيد من الميداليات والاستمرار بالمشاركة في المسابقات.
ماضي ومستقبل ماسترز اليابان لألعاب القوى
المنظم الرئيسي لـ (انترناشونال غولد ماسترز 2913) بكيوتو هي الاتحاد الوطني لماسترز اليابان لألعاب القوى. تم تأسيس الإتحاد من قبل أودا ميكيو عام 1980 وتقلد منصب رئيس مجلس الإتحاد. وكان أودا من أوائل من سجلوا اسمائهم في كتب التاريخ فهو أول ياباني حاز على الميدالية الذهبية بمسابقة الوثب الثلاثي في أوليمبياد امستردام عام 1928. لقد مر 33 عاما على بطولة الماسترز لألعاب القوى، ويتقلد منصب رئيس المجلس كونوئيكي كيوشي (76 سنة) من محافظة واكاياما. وهو الرئيس السادس للإتحاد، ويعتبر الجندي المجهول الذي عمل للحفاظ على قوة المؤسسة ونجاحها.
وقد تم إقامة أول بطولة ماسترز بوكاياما عام 1987 إلا أنه تم تأسيس الإتحاد بعد عامين من ذلك. فبالإضافة إلى تولي كونوئيكي للأمور الإدارية فهو مايزال يلعب ويشارك كأحد الرياضيين. ففي ماسترز كيوتو، حاز على المركز الأول في فئة M75 (سن 75 ـ 79) بمسابقة الوثب الطويل (المسافة 3.81 متر). وقد أحبط عندما حل ثانيا في سباق الـ 80 متر حواجز بزمن 17.19 ثانية (على الرغم من أن هذا الزمن أفضل من الرقم القياسي السابق). لقد شارك كونوئيكي بـ19 بطولة عالم متتالية وهو أكثر من أي رياضي آخر في اليابان.
يرى كونوئيكي أن هذه البطولات هي الطريقة المثلى للحفاظ على طاقته وتحمله. ويحلم بأن تقام أوليمبياد الماسترز في يوم من الأيام، ويهدف لأن يستمر بالركض حتى لو أصبح عمره مئة سنة. وكونوئيكي هو واحد من 10 آلاف رياضي موجود في اليابان، ويعتبر هؤلاء الماسترز وسيلة تعطيهم سببا للحياة وتحقيق الأحلام. وإني أعتقد أن أداءهم على المضمار والميدان يلهمنا للعمل الدؤوب.
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية)