الاختباء خلف قناع الحياة الطبيعية الزائف في اليابان

مجتمع

يناقش الطبيب النفسي سايتو ساتورو ظاهرة خلل عقلي تتسبب في عسر قراءة لدى الشخص والتعثر بالتعريف أو التعبير عن عواطفه نتيجة إجباره نفسه على الظهور أمام الآخرين بشكل طبيعي. ويلفت الطبيب الانتباه لذلك من خلال خبرته المهنية الشخصية وكذلك من سرد رواية ”كومبيني نينغين“ (أشخاص الكومبيني) للكاتبة موراتا ساياكا والتي حازت بموجبها على جائزة ”أكوتاغاوا“ لعام ۲٠١٦.

كسر تعويذة الحالة الطبيعية

يزور مثل هؤلاء الأشخاص عيادتي من وقت لأخر، وهم يظنون بالخطأ أنهم يعانون من الاكتئاب. ومنهم كانت حالة خاصة تتعلق بربّة منزل أتت للعلاج والتي قد تركت عملها بعد فترة قصيرة من الالتحاق به فور تخرجها من كلية درست بها ٤ أعوام لأنها وجدته مملاً. ثمّ بدأت بعدها العمل بملهى ليلي لأنشطة جنسية سادية الطابع وبدوام جزئي، واستمتعت به لدرجة أبقتها في ممارسته لمدة ٤ أعوام. ثم تركت العمل قبل أن تتم عامها الـ٣٠، ظناً منها بأنه سيجب عليها ترك هذا العمل عاجلاً أم أجلاً. وتزوجت بعد قيامها بالبحث عن زوج. ولم يمضِ الكثير بعد أن أنجبت وبدأت في حياة ”طبيعية“ حتى وجدت نفسها تقضي معظم الوقت في النهوض والذهاب للسرير.

كان الرجل الذي تزوجته يعاني من حساسية مفرطة بمختلف أنواعها – جلدية – أنف – ربو – وكذلك عقدة ارتباط بأمه فقام بتطليقها سريعاً حين أدرك أن زوجته الجديدة لن تعطيه الاهتمام الذي يريده. لذا أتت المرأة إلى عيادتي ولم يمضِ بعد شهر واحد على وقوع الطلاق.

ربما قد يقوم بعض الأطباء النفسيين الأخرين بتشخيص حالتها كاكتئاب أو اضطراب (ويسمى أحيانا اكتئاب تغيرالحالات أو الاكتئاب التفاعلي) ويوصون بمضادات الاكتئاب. ولكني أدركت أن لديها رغبة قوية في أن تكون ”طبيعية“ وهو ما أجبرها على قمع شخصيتها ورفض الأشياء التي وجدتها مثيرة بالنسبة لها.

وقد بدا أن العمل في نادٍ ليلي من النوع المشار اليه آنفاً كان خطراً ولكنه شيقا في ذات الوقت، ونشأت الإثارة من كون عملها كان ”غير عادي“ بشكل كبير حيث ان الحالة الطبيعية، ليست في الواقع إلا مجرد شيء مثالي أو وهمي يتمثل في شكل مختلف من شخصٍ لآخر.

وقد قالت لي ”عمري الآن ٣٥ عاماً ولا أستطيع العودة لتلك الحياة مرة أخرى“. لم أكن لأجادلها، ولكن أعتقد أنها تحتاج إلى استعادة معنى الإثارة الذي كانت تشعر به. وتلخص عملي في أن أقوم بوضعها من جديد في تلك الأجواء من المشاعر العاطفية الأولية لتمكينها من إدراك عدم حاجتها لارتداء قناع الحالة الطبيعية.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ١۸ نوفمبر/ تشرين الثاني عام ۲٠١٦. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان : ديزاين بيكس/ أفلو.)

كلمات مفتاحية

المجتمع الياباني هيكيكوموري الصحة النفسية

مقالات أخرى في هذا الموضوع