عالم لحم البقر الياباني
اقتصاد ثقافة- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
يحتل اللحم المرمري وهو نوعٌ من اللحوم المأخوذة من الأبقار اليابانية المدللة مكانة خاصة في المطبخ الياباني. وقد أدى ازدهار الطعام الياباني في جميع أنحاء العالم إلى حدوث طفرة في الطلب على لحم البقر الطري. فقد دخلت كلمة واغيو (حرفيا ”الماشية اليابانية“) إلى معجم الطهي في عدد متزايد من الدول. ودفع هذا إلى التوسع في سوق لحوم الواغيو مما دفع بمربي الماشية في أستراليا إلى اتباع أساليب الإنتاج من نظرائهم اليابانيين.
وقد استطاع بعض مربي الماشية التوصل إلى درجة عالية من الدقة في توليد نسج وعروق تسري فيها دهون غير مُرسّبَة تشابه الواغيو الذي تنتجه اليابان. وقد مكنهم ذلك من تأمين موطئ قدم في السوق الياباني إضافة إلى تلبية الطلب على لحوم بقر الواغيو في أسواق أخرى. كما أن النتائج الناجحة لمفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ ستفتح الأسواق اليابانية أمام استيراد لحوم البقر واغيو.
هيمنة لحوم الواغيو الأسترالية خارج اليابان
تشتمل ماشية أبقار الواغيو التي تربى في اليابان على أربع سلالات وهي: اليابانية السوداء (كوروغيه واشو)، اليابانية البنية (أكاغيه واشو)، اليابانية عديم القرون (موكاكو واشو)، واليابانية ذات القرن القصير (نيهون تانكاكو واشو). وهذه السلالات الأربعة هي نتيجة لعملية التهجين التي تتم منذ القرن التاسع عشر بين السلالات العريقة في اليابان والسلالات التي أُدخلت حديثاً.
وتعد السلالة اليابانية السوداء المصدر لحوالي ٩٥٪ من أبقار الواغيو في اليابان، ولذا فإنها هي السلالة التي عادة ما يربطها الناس بالواغيو. لحوم البقر اليابانية السوداء والتي طرية للغاية وغنية جِدَّاً في عروق الدهون البيضاء ضمن العضلات المتداخلة والتي تتسبب في ظهور تلك العروق المرمرية. كما أن كل السلاسل الثلاث من أبقار الواغيو التي تحظى بتقدير كبير هي من لحوم الأبقار اليابانية السوداء. ومن المثير للاهتمام، أن الثلاثة يحملون أسماء أماكن إنتاجهم وهي: كوبي (محافظة هيوغو)، ماتسوزاكا (محافظة ميئي)، وأومي (محافظة شيغا).
ويرجع بدء الصادرات اليابانية من لحوم أبقار واغيو إلى عام ١٩٩٠، وذلك بعدما تذوق المستهلكون الأثرياء في جنوب شرق آسيا الطعم المميز لذلك اللحم. ولكن الطلب الناشئ على أبقار واغيو اليابانية في جنوب شرق آسيا تبدد في أعقاب ظهور مرض الحمى القلاعية في اليابان عام ٢٠١٠ وكذلك إثر كارثة محطة فوكوشيما النووية عام ٢٠١١. حيث دخل آنذاك مربو الماشية الأستراليون الأسواق المعنية لملء الفراغ، وذلك من خلال تصدير لحوم أبقار الواغيو إلى جنوب شرق آسيا. فاستحوذوا على ما يقرب من ١٠٠٪ من الطلب على لحوم الواغيو في المطاعم الراقية لا سيما في كل من سنغافورة، وتايلاند، وهونغ كونغ، وغيرها. وبهذا لم يعد مصطلح واغيو مقصوراً على المنتج الياباني بل أصبح يشير بشكل عام إلى لحوم الأبقار عالية الجودة، ذات العروق المرمرية وذلك بغض النظر عن بلد المنشئ.
وتجدر الإشارة إلى أن السيد أوئيمورا كويتشيرو، المدير العام للشركة المحدودة لتجارة اللحوم بالجملة ومقرها طوكيو، يقر بالخطوات التي قام بها مربو الماشية الأسترالية. حيث يقول ”لقد اقتربوا بشكل هائل من الواغيو التي تربى في اليابان“، ثم يٌكمل عبارته ”أي فيما يتعلق بالعروق المرمرية.“
وقد حددت ”الجمعية اليابانية لتصنيف اللحوم“ الدرجات القياسية للحم الذبيحة في أربعة معايير لتقييم لحوم أبقار الواغيو على النحو التالي:
- وفرة العروق المرمرية و درجة اكتنازها في اللحوم
- لون اللحوم ودرجة لمعانها (زاهية)
- الصلابة وأنسجة اللحم وأليافه (خشن - كثيف الالياف)
- الوان الدهون ولمعانها ووجودتها (بياض - تصافي)
وهكذا يجري تقييم لحوم أبقار الواغيو على درجات من ١ (ضعيف) إلى ٥ (ممتاز) لكل معيار، ويُعد كل ما يتعلق بالعروق المعيار الأهم في تحديد جودة لحوم الواغيو.
ويعرب أوئيمورا من شركة اللحوم عن دهشته من التقدم الذي حققه الأستراليون في زيادة العروق في لحوم أبقارهم. ”إذا أشرنا إلى المعايير لدى اليابانيين من حيث كثرة العروق بمقدار ١٠٠، فسيكون الواغيو الأسترالي حوالي ٥٠. وقد يبدو هذا وكأنه فجوة كبيرة، إلا أن تخطي عتبة الـ ٥٠ يدل على إحراز تقدم باهر“.
كما تقوم الحكومة اليابانية بتنفيذ مجموعة من التدابير اعتُمدت عام ٢٠١٣ لتعزيز صادرات الواغيو. وتشمل عقد ندوات ودورات للتذوق في أماكن مختلفة حول العالم. كما تتضمن أيضاً نشر شعار رسمي لتحديد أبقار الواغيو اليابانية إلاّ أنَّ إعادة الاستحواذ على حصة الأستراليين من السوق سيكون أمراً صعباً للغاية. حيث أن تكلفة أبقار الواغيو الأسترالية تعادل نحو نصف تكلفة المنتج الياباني بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج. وهذا إلى جانب التقدم المستمر الذي يحرزه الأستراليون في تضييق الفجوة النوعية، مما يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة لمربي الماشية اليابانيين.
اثنان من الرواد في عولمة الواغيو
بدأ مربو الماشية الأسترالية في استيراد الواغيو عام ١٩٨٩. وكان مربو الماشية في الولايات المتحدة والجامعات قد قاموا في وقت سابق باستيراد بعض ماشية الواغيو الحية لأغراض البحث وتربية الحيوانات، وقام الأستراليون بتوفير أول واغيو على شكل السائل المنوي للثور والأجنة المجمدة المستوردة من الولايات المتحدة.
وكانت الوجهة لحوالي ٨٠٪ من السائل المنوي والأجنة في العقد الأول من الواردات الأسترالية مزرعةً كان يديرها ديفيد بلاكمور. وهو مزارع من الجيل الخامس، قاد بلاكمور عملية النمو والتطوير لصناعة الواغيو الأسترالية. كما تعرّف على مربي الماشية في هوكايدو تاكيدا شوغو عام ١٩٩٢ ثم وسرعان ما بدأ استيراد السائل المنوي وأجنة الواغيو من مزرعة تاكيدا. وقد صدّر تاكيدا أبقار الواغيو الحية إلى الولايات المتحدة في سلسلة شحنات استمرت حتى عام ١٩٩٦. كما أبرم عام ١٩٩٤ مع بلاك مور اتفاقاً حول تصدير واستيراد السائل المنوي والأجنة.
وقد شرع تاكيدا في تصدير جينات الواغيو مدركا المهمة وراء ذلك: حيث كان عاقداً العزم على نشر نداء الواغيو اللذيذ في جميع أنحاء العالم. لكن زملائه من مربي الأبقار في اليابان كانوا مذعورين مما اعتبروه تخلياً عن جواهر التاج لصناعتهم. فقد وجهت جمعية تسجيل الواغيو تحذيراً إلى تاكيدا لوقف صادراته من جينات الواغيو ثم طردوه عام ١٩٩٧ بعد أن رفض الامتثال لِلطلب.
وقد أثارت صادرات تاكيدا من السائل المنوي وأجنة الواغيو ردود فعل وتقييمات متباينة. فمما لا شك فيه أنها لم تنتهك أي قانون أو لائحة، لكن لا بد وأنها قد أثارت قلق نظراء تاكيدا اليابانيين. لكن تاكيدا لاقى استحساناً في بعض الأوساط بوصفه رائداً في نشر ثقافة الطهي اليابانية دولياً إلا أنه تعرض أيضا لهجوم بسبب قيامه ببيع ملكية فكرية ثمينة نظرا لإمكانية اعتبارها رصيداً مشتركاً.
وكان بلاكمور قد عرف بالواغيو للمرة الأولى خلال زيارة فام بها إلى مزرعة الأبحاث التابعة لجامعة تكساس A&M عام ١٩٧٧. وقد أسرت الماشية خياله، وصمم على تربيتها في أستراليا. بدأ بلاكمور بتربية ماشية واغيو ”أصيلة“ - النقية بنسبة ٩٣.٥٪ على الأقل بسبب نقص أجنة ”الدم الكامل“ والنقية بنسبة ١٠٠٪، والذي تحول تركيزه في وقت لاحق إلى الواغيو ذات الدم الكامل وندما إمداد كاف من الأجنة أصبح متاحاً. بنهاية التسعينيات، كان بلاكمور يبني قطيعاً من الواغيو ذات الدم الكامل.
كما بدأ عدد من مربي الماشية الأسترالية تربية الواغيو في أواخر الثمانينيات، وأسسوا جمعية الواغيو الأسترالية عام ١٩٩٠ لتعزيز مصالحهم المشتركة. وتحافظ تلك الجمعية، مثل نظيرتها اليابانية، على معايير الجودة الصارمة للحوم أبقار الواغيو وتقدم دعماً متنوعاً يهدف إلى تعزيز التقدم في مجال تربية الواغيو والزراعة. وتشير التقارير الصادرة عن جمعية الواغيو الأسترالية إلى أن عدد أبقار الواغيو في أستراليا وصل إلى نحو ثلاثمائة ألف، أي حوالي واحد في المئة من إجمالي عدد الأبقار في البلاد.
التركيز المحلي وتعريف ضبابي لواغيو الولايات المتحدة
ولربما يتسأل المرء كيف سمح مربو الثروة الحيوانية في الولايات المتحدة للأستراليين بالاستحواذ على معظم أسواق الواغيو العالمية خارج اليابان .سيما وأن الولايات المتحدة كانت أول دولة تستورد أبقار الواغيو الحية من اليابان. حيث كان ذلك عام ١٩٧٦ عندما حصلت جامعة كولورادو على أربعة ثيران اثنين منهما من النوع الياباني الأسود والاثنين الآخرين من الياباني البني.
ومن ثم قام المزارعون في الولايات المتحدة بتهجين الأبقار المستوردة مع السلالات المحلية. وأدى التهجين المتكرر بين الواغيو ذات الدم الكامل والسلالة مختلطة الدم إلى رفع تركيز الواغيو وراثيا. وفي نهاية المطاف حقق مزارعوا الولايات المتحدة تركيز السلالة النقية بنسبة ٩٣.٥٪ على الأقل.
وقد ساعد استمرار مساهمة اليابان على تغذية جهود التربية في الولايات المتحدة لمدة ٢٢ عاماً بعد واردات الواغيو الأولى عام ١٩٧٦. وخلال تلك الفترة، صدر المزارعون اليابانيون ٢٤٧ رأساً من ماشية الواغيو و١٣٠٠٠ جرعة من السائل المنوي المجمد للواغيو إلى الولايات المتحدة. ثم قطع اليابانيون الصادرات في عام ١٩٩٩، ولكن بهدف الحفاظ على سيطرتهم الحصرية على السلالات.
ولعل ما دفع واردات الولايات المتحدة لذلك يرجع إلى فكرة خدمة السوق الياباني بالمنتجات الأمريكية من لحوم أبقار الواغيو. وبرغم ذلك فقد أثبت المنتج الأمريكي عدم قدرته على المنافسة في السوق اليابانية. لذلك تخلى منتجو أبقار الواغيو في الولايات المتحدة عن أملهم في الحصول على موطئ قدم في اليابان وتحول اهتمامهم إلى السوق المحلية ومنذ ذلك الحين أخذوا يركزون على الترويج للحوم أبقارهم كخيار ذي قيمة مضافة عالية للمائدة الأمريكية.
هذا وتشير التقارير الصادرة عن جمعية أبقار الواغيو الأمريكية إلى أن إنتاج الولايات المتحدة من الماشية التي تحمل نفس الاسم ولحوم البقر يتركز في خمس ولايات وهي تكساس، كاليفورنيا، أوريغون، ميسوري، وواشنطن، وأن إجمالي قطيع أبقار الواغيو الأمريكية يتألف من ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ رأس ماشية ذات الدم الكامل، وكذلك ٥٠٠٠ إلى ١٠٠٠٠ رأس ماشية نقية السلالة، وحوالي ٤٠٠٠٠ رأس ماشية يصل تركيز دماء الواغيو فيها إلى ٩٣.٤٪. حيث تتكون هذه الأخيرة أساساً من سلالة هجينة بين الواغيو والأنغس، وفقا للجمعية. تشير الأرقام الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية إلى أن إجمالي قطيع الولايات المتحدة من جميع السلالات بلغ نحو ٨٨ مليون رأس من الماشية اعتبارا من ١ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٤. وبالتالي فإن نسبة ماشية الواغيو على أحسن تقدير هي أقل بكثير من ٠.١٪ من المجموع.
كما تعد كل من الأنغس - وخاصة الأنغس السوداء - وهيريفورد - سلالة شعرها أبيض وأحمر على أنها هي المصادر الرئيسية للحوم البقر في الولايات المتحدة. وقد حصلت السابقة على سمعتها لكون لحمها طرياً الذي يمثل توازناً جذاباً بين عروق الدهون البيضاء والعضلات الحمراء. حققت الواغيو جاذبية قوية في السوق الأمريكي بنعومتها وعصاريتها وتعرقها أكثر من الأنغس. وقد امتزجت هذه الجاذبية بشكل جيد مع الاهتمام الأمريكي المتزايد بالمطبخ الياباني.
وهناك مسألة مثيرة للقلق في سوق الواغيو الأمريكي من وجهة نظر الأصوليين وهي تعريفها الغامض للحوم. فقد اعتادت المطاعم في الولايات المتحدة على تقديم اللحوم تحت اسم ”واغيو“ أو ”لحوم بقر كوبي“ في حين كونها من ماشية تصل نسبة دماء الواغيو فيها بالكاد إلى ٥٠٪. وهذا النوع من العلامات المضللة في تقديم أفضل وصف كان وسيكون غير وارد في أسواق الواغيو المؤسسة على نحو أفضل في كل من اليابان وأستراليا.
الواغيو الصينية
وقد حرص مربو الماشية الصينيون بدورهم على الإلقاء بقبعاتهم داخل حلقة الواغيو. حيث كان أبرزها، لحوم التنين الثلجي الصينية التي حازت على الاهتمام بعرضها المسمى واغيو. يقوم فيه مزارعو الواغيو اليابانيون بمزج قش الأرز مع علف الماشية كوسيلةٍ مساعدة في عملية الهضم. للشركة الأم للحوم التنين الثلجي تحت اسم مجموعة داليان إكس يولنغ الصناعية والتي هي أكبر مورد أجنبي لقش الأرز إلى اليابان، كما أن التبادل مع صناعة لحوم البقر في اليابان ولد فكرة تربية ماشية الواغيو في الصين.
وقد طَوَّرت مجموعة داليان إكس يولنغ الصناعية (الترجمة الحرفية لـ إكس يولنغ هي ”التنين الثلجي“) سلالة التنين الثلجي عن طريق تزاوج أبقار فوزهو البلدي الصفراء مع ثيران الواغيو الأسترالية ذات الشعر الأسود عير التلقيح بسائل منوي مستورد. كما أن شركة لحوم أبقار التنين الثلجي الفرعية ترعى قطيعاً مكوناً من حوالي ٣٠٠٠٠ رأس ماشية في مواقع في مدينة داليان بمقاطعة لياونينغ، ويانتاي بمقاطعة شاندونغ. لإنتاج لحوم أبقار التنين الثلجي وتحاكي الممارسة اليابانية من تدليل الماشية بمسكن نظيف، وموسيقى في الأنابيب، والتدليك، واتباع نظام غذائي غني بالذرة والحبوب يُستكمل بالطبع مع قش الأرز حيث تنعم الأبقار بالتدليل لمدة ٢٢ شهراً قبل مواجهة مصيرها.
تجهز مجموعة داليان إكس يولنج الصناعية مشروعا مشتركا في داليان في عام ٢٠٠٥ بالتعاون مع بيت التجارة الياباني شركة كانيماتسو معالج اللحوم الياباني كامي إيتشيكو لتعزيز مكانتها في مشروع الواغيو. المشترك، حيث تدير هذه المجموعة مصنعاً لمعالجة اللحوم يضم خبرات كامي إيتشيكو ويتولى التوزيع والتسويق وبحيث يدمج أيضا خبرات كانيماتسو.
”إن تشريح اللحم يكشف عن تعرّق مثير للإعجاب حقا،“ يتعجب أوئيمورا من شركة اللحوم. ”لقد جاءوا بلحم بقري يأتي تصنيفه في الدرجة ٤ (على تصنيفنا لدرجة التعرق والمكون من ٥ درجات). هذا يمثل تحدياً حقيقياً للمنتجين اليابانيين“.
وحسب وجهة نظر أوئيمورا فإن الطلب المحلي الشره في داخل الصين يشكل حماية ووقايةً لمنتجي الواغيو باليابان في الوقت الحاضر من تحديات منتظرة سيما وأن لحوم أبقار التنين الثلجي والمنتجون الصينيون الآخرون منصرفون كُليا إلى خدمة السوق المحلية. لكن المزارعين اليابانيين سيواجهون خطراً حقيقياً في الوقت الذي يحول فيه الصينيون انتباههم إلى السوق اليابانية.
التهديد الذي تشكله اللحوم الحمراء
ازداد التركيز على كثرة العروق بين منتجي الواغيو اليابانيين وكنتيجة لتحرير التجارة. في أبريل/ نيسان ١٩٩١، استبدلت اليابان حصصها الاستيرادية على لحم البقر بالتعريفات، التي تعهدت بخفض زيادات بمقدار ١٠٪، وبدأت السماح لتجار الجملة وتجار التجزئة المحليين باستيراد لحوم البقر مباشرة من المنتجين الأجانب وكانت وكالة حكومية قد احتكرت الواردات في إطار نظام الحصص وحافظت على أرضية مرتفعة السعر للحوم البقر المستوردة المخزنة في خزاناتها.
وتحرير التجارة في اليابان يعني بدوره ازدياداً في حجم لحوم البقر المستوردة وانخفاضاً في أسعار التجزئة. وقد تصبح لحوم البقر المنتجة محليا غير قادرة بالمعايير القياسية على المنافسة مع واردات منخفضة الأسعار. لذا رهن منتجو لحوم البقر في اليابان بقائهم على الواغيو الراقية، حيث بوسعهم التأكيد على ميزة تنافسية في الجودة، والتي تتميز فيها لحوم البقر بتَعَرّقٍ من الدرجة ٤ أو أعلى وتُشّكِّل حاليا نحو ٦٠٪ من الإنتاج الياباني.
ولم يكد منتجوُ لحوم البقر اليابانيون أن يحبطوا الانقراض من خلال التركيز على التعرق حتى نصدى لهم تهديدٌ جديد وهو تزايد عدد اليابانيين ممن ينموا لديهم الاستمتاع بتذوق اللحوم الحمراء الخالية من العروق. كما تظهر لحوم أبقار الواغيو عادة على قوائم الطعام كجزء من مجموعة متوازنة مصورة بعناية من الأطباق ولكن مطاعماً بدأت تظهر في جميع أنحاء البلاد تُقدَم وجبات بسيطة تتمحور دون تحفظ على شرائح اللحم الحمراء التي تصل إلى ٥٠٠ غرام.
ولعل شرائح اللحم المعروضة في سلسلة ستيك هاوس ”إيكيناري! ستيك“ هي نموذجية من الاتجاه الجديد في استهلاك لحوم البقر. وتلك السلسلة، تديرها خدمة بيبر فود ومقرها طوكيو، وقد افتتح أول فرع لها في منطقة جينزا بطوكيو في ديسمبر/ كانون الأول عام ٢٠١٣ ثم نمت لتشمل ٥٠ منفذاً بحلول يوليو/ تموز عام ٢٠١٥. والطعام الأساسي لديه هو اللحوم الحمراء من الأبقار التي تتغذى على الحبوب وتربت في أستراليا والولايات المتحدة خصيصاً للسوق اليابانية.
”فالمطاعم عادة ما تقدم شريحة لحم الواغيو الـ ٥٠- أو ٦٠ غرام في سياق تناول الطعام المتعدد“ حسب ما يوضحه أوئيمورا من شركة اللحوم ويضيف: ”لحوم البقر هي طعام لذيذ علينا أن نستمتع به، وليست مجرد شيء تبتلعه الناس. ولا بُدّ لشخص لديه شهية للحصص الضخمة أن يفضل النكهة الأصغر حجماً مع اتساق اللحوم الحمراء“.
كما يواجه الواغيو تحدياً متزايداً من اللحوم الحمراء في أسواق التصدير. حيث يمثل المتناولون الأثرياء المستهلك الرئيسي للحوم الواغيو خارج اليابان. وهؤلاء عرضة بشكل متزايد لعرض العروق الغنية للواغيو من حيث النسبة العالية من الدهون، وتجنب اللحوم على هذا الأساس.
وبذلك فإن اللحوم الحمراء تشكل خطراً على لحوم الواغيو على جبهات متعددة. كما أن هناك تحولٌ آخر فيما يفضله المستهلكون من لحوم أبقار بدون دهن ويمكن أن يكون ذلك بمثابة قرع ناقوس الخطر لتوقعات سوق لحوم الواغيو في اليابان وحول العالم.
استراتيجية تركز على النكهة من أجل استعادة الواغيو إلى اليابان
وينّوه أوئيمورا بالقول ”يعتمد تصنيف الواغيو حالياً وبشكل رئيسي على المعايير البصرية“، ثم يضيف ”إلا أن المستهلكين مهتمون بنكهة اللحوم، وليس بمظهرها. لذا يعمل منتجي الواغيو اليابانيين على التوصل للحوم يجب أن يعتبرها المستهلكون أكثر لذة. وهذا الأمر الذي يتطلب تحاليلاً علمية لمستويات كل من اللزوجة، والحلاوة، والنعومة، حيث لكل منها نكهته عند تذوق اللحوم كما أننا بحاجة أيضاً إلى توضيح الآلية التي تنشأ بها رائحة لذيذة عند طهي لحوم أبقار الواغيو. حيث أنّ أيّ تقدم يتم إحرازه في مسألة زيادة جاذبية اللحوم من خلال هذه الأساليب من شأنه أن يقطع شوطاً لا بأس به في تعزيز مكانة سوق الواغيو“.
ومع تقلص عدد سكان اليابان، فسوف تكون تلبية الطلب الخارجي أمراً ملحاً بالنسبة لمنتجي الواغيو في البلاد. ولعل إنشاء أسواق في مجال لحوم أبقار الواغيو ذات التعرق لا سيما في معاقل اللحوم الحمراء في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا سيكون مهمة شاقة. ولكن حتى في تلك الأسواق الواعدة التي يكمن بها طلب هائل محتمل للحوم أبقار الواغيو، فإن مسألة بقاء صناعة الواغيو اليابانية على المدى الطويل سيكون متوقفاً إلى حد كبير على مدى نجاح المنتجين في الاستفادة من هذا الطلب.
وكما يؤكد أوئيمورا قائلاً ”هناك الكثيرون ممن يتلهف إلى الواغيو اليابانية الأصلية في جميع أنحاء العالم“. ويضيف ”السوق المحتمل [للمنتجين اليابانيين] هو أكبر بكثير من مجرد اليابان. هناك ضرورة لوجود منظور عالمي لبقاء صناعة الواغيو اليابانية. وسوف نرى تدفقاً متزايداً للحوم الأبقار الأمريكية إلى اليابان، لكن من الممكن أيضاً أن يحدث نمو في الطلب الخارجي على لحوم البقر الياباني. إذا أُلقيت نظرة على السوق العالمية، لكن سرعان ما سترى جميع أنواع الطلب التي لم يتم تلبيتها.وفي هذا الإطار يُعتبرالإنتاج الزراعي بحد ذاته تماماً مثل المنتجات المصنعة“.
(النص الأصلي باللغة اليابانية بقلم ناغاساوا تاكاأكي من nippon.com بتاريخ ٢٧ أغسطس/آب، ٢٠١٥. صورة العنوان: شريحة لحم ميازاكي. جيجي برس.)