ملك ”التنبورا“ كوندو فوميو
ثقافة لايف ستايل المطبخ الياباني- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
تعد التنبورا كما هو الحال بالنسبة للسوشي من مأكولات الوجبات السريعة الشعبية التي كانت تعد على عربات الطعام بشكل أساسي. ولعل الذي زاد من شهرة هذا الطعام في العالم هو سعي الطباخين الدائم لأن يكون الطعام ”أكثرَ وأكثرَ شهيةً“ واستمرارهم في البحث عن لذة طعم لا تنتهي.
إنه مطعم ”كوندو للتنبورا“ الموجود بحي الجينزا بطوكيو. وربما تم التوصل لهذا المذاق نتيجة لإبداع العقل الباحث لصاحب المطعم السيد كوندو فوميوو الذي اضفى قيمة حقيقيةً على التنبورا. لقد عرّف البلد بالكامل على الفندق الذي كان يعمل به في السابق بأنه: ”إذا كان الأمر يتعلق بأكل التنبورا، فهنا هو المكان المناسب“. وحتى بعد إنفصاله عن الفندق، استمر شعار (إذا ذُكرت التنبورا، ذُكر ”كوندو“) محبوبا لدى الذواقة.
يقول السيد كوندو فوميو ضاحكاً: ”إن الاستمتاع بلذّة الطعام هي لغة يفهمها العالم أجمع“. لذا حاورنا السيد كوندو الذي كرس حياته لمعرفة ”التنبورا“ وسألناه عنها.
السر في الوصول للطعم ”الخفيف“
السؤال: ما هى خصائص تنبورا ”كوندو“؟
كوندو فوميو: إن التنبورا لدينا، خفيفة للغاية. فهى ليست دسمة. ولذلك شهد لنا الأشخاص من كبار السن الذين لا يطيقون الطعام الدهني أنهم ”يستطيعون تناول تنبورا كوندو“. أيضا السيدات اللاتي يملن لتجنب الأطعمة الدهنية، يأتين لمطعمنا بكثرة. منذ عدة أيام قمنا بتجربة لإعداد التنبورا في برنامج تلفزيوني، وقمنا بالمقارنة بين التنبورا من تحضيرنا والتنبورا المحضرة في المنزل، إتضح لنا أن خاصتنا تحوي نصف كمية السعرات الحرارية. ويقول السيد كوندو ضاحكا، الفضل في ذلك يرجع إلى أن الدقيق الذي نستخدمه عند قلي التنبورا لا يمتص كثيرا من الزيت. وهذا هو احد اسرار الحرفة.
يبدو أن الناس يعتقدون أن التنبورا ما هي إلا ”طعام مقلي“، لكني أعتقد أنها ليست كذلك فقط ولكنها أيضا ”طعام مطهي بالبخار“. فبعد أن يتم قليه بالزيت بفترة قليلة، يعمل البخار الناجم عن الحرارة المتبقية على تبخير محتوى الأكلة المغطاة بالدقيق. وهذا ما يبرز الطعم المميز لهذا المحتوى. لذلك يجب عند القلي أخذ المدة الزمنية اللازمة للطهي ببخار الحرارة المتبقية بعين الإعتبار فمن دون ذلك، لا تصبح التنبورا لذيذة الطعم.
السؤال: من المؤكد أن درجة نار الطهي مهمة جدا. فقد كان الغلاف من الدقيق محمرّاً جيدا في حين كان القلب نصف مطهي وطري في آن واحد، وكان كذلك حتى في المأكولات البحرية. وحتى بالنسبة للخضروات التي نعرف طعمها جيدا، كثيرا ما يقال ”لم نكن نتخيل أن لهذه الخضروات مثل هذا الطعم“.
كوندو فوميو: عندنا في المطعم، نعد الكثير من تنبورا الخضروات. ولكن في الأساس في عالم التنبورا تعتبر الخضروات دخيلة على ذلك العالم – عالم التنبورا - حيث كانت الخضروات تستخدم كإضافات لمجرّد التزيين بدرجة محدودة مثل تنبورا البطاطا والشيتاكيه (فطر ياباني). حتى التنبورا التي تطورت في عصر إيدو، كانت عبارة عن طعام قائم على قلي الأسماك التي تم اصطيادها من البحر أمام مدينة أدو ولكن لم يقوموا بقلي الخضروات. اما بالنسبة لي، فقد ظل هذا سؤال يلح علي دائما. حيث كنت تواقا لتجريب الخضروات في تحضير التنبورا بشكل أكبر لاسيما وأن الكثير من الخضروات اللذيذة تزرع في اليابان.
حتى بالنسبة للبطاطا، فقد كان يتم قليها في شكل حلقات رقيقة، ولكني أكره ذلك. ولم أكن أعتقد أنها لذيذة بهذه الطريقة. أليست البطاطا الشهية هي التي يتم شويها؟ لذا فكرت في تحضير تنبورا البطاطا التي تفوق في طعمها البطاطا المشوية. ونتيجة لذلك أصبحت تنبورا البطاطا على شكلها الحالي حيث يتم الاحتفاظ بالماء وحلاوة طعم البطاطا عند قليها لمدة ٣٠ دقيقة في الزيت بشكل جيد وذلك بعد أن تُقَّطع على شكل أعواد رفيعة بطول نحو ١٠ سنتيمترات للعود الواحد. وهذه الطريقة لا تجعلها ناشفة. أليس كذلك؟ في البداية تناولها نقاد الطعام فنقدوها بشدة قائلين: ”إنها ليست جيدة“ ولكن حظينا بإعجاب كل زبائننا بفضل هذا الطعم الجديد. أعتقد أن بهذه الطريقة نستطيع الوصول للطعم الشهي الحقيقي.
بالنسبة للزبائن، الأمر الأهم هو المذاق إذا ما كان لذيذا أم لا، فلا يهتمون بطريقة التحضير. فالطعام أمر بسيط وسهل التذوق.
السؤال: حتى لو كان هناك آراء لا تفضل هذه الطريقة، فإنك لم تحيد عن الاسلوب الذي تعتمده؟
كوندو فوميو: إذا كنت تعرف مدى أهمية ومعنى العمل الذي تقوم به وتعتقد أن ما تقوم به ليس تقليدا للآخرين، فلابد أن يكون لديك إيماناً لتستطيع الإستمرار. لقد رغبت في تتبع التنبورا وودت أن يعرف الجميع المذاق الحقيقي لها. بالإضافة إلى أن الطعام المعد لا يخضع لآراء النقاد بل لتقييم
الزبائن. فرغم حصولي على نجمة من هيئة ميشلان للتقييم إلا أنه ليس لدي النية لتغيير ايّ شيء بالمطعم للحصول على نجوم أكثر في المستقبل. أهم شئ بالنسبة لي هو الحصول على تقدير زبائننا وبأنهم تمتعوا بالطعم الحقيقي للتنبورا. حتى ان مٌوّرد الخضار المتعاقد معنا يقول لي: ”يجب أن تعد الطعم الحقيقي، الطعم الأفضل“. على سبيل المثال: نطلب منه دائما أن يمدنا بفروع من الكوسا التي تحتوي على عدد أقل من الثمرات حيث نطلب منه فرع بثلاث ثمرات بدلا من خمسة، فكلما قلَّ عدد الثمرات في الفرع كلما ارتفعت كمية المواد الغذائية التي تحتويها كل ثمرة وكلما زاد طعم الثمرة لذّة.
السؤال: ماذا تمثل التنبورا للسيد كوندو؟
كوندو فوميو: بالنسبة لي، التنبورا تحتل قمة أفضل الأطعمة. عندما كنت أعمل في مطعم للمأكولات اليابانية بالفندق، كنت أعد العديد من الأطعمة اليابانية الأخرى غير التنبورا. حينها استرعى انتباهي أن تحضير التنبورا يسمح بإظهار المذاق الخاص ببعض الأطعمة أكثر بمرتين أوثلاث مرات من مجرد السلق أو الشوي. لذلك لا يوجد معنى للطهي إذا لم يستطيع الناس تذوق لذة الطعام بعيدا عن طرق الطهى الأخرى. وهو ما دفعني إلى الاستمرار في طهي التنبورا حتى الأن.
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية، إعداد وكتابة ”ياناجيساوا ميهو“، المصور: ”أوزاوا أكيهيكو“)