العبقري فوجي سوتا يعيد كتابة تاريخ لعبة ’’الشوغي‘‘
مجتمع- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
نجم بين العباقرة
فوجي سوتا الذي لا يجاوز العشرين عاما هو الملك الشاب لعالم الشوغي الحديث. يعيد هذا الشاب ذو الوجه الجديد كتابة تاريخ اللعبة الذي يربو عن 400 عام، حيث يبرهن كم هو لاعب استثنائي. وفي هذه المقالة سأسرد مقدمة آمل أن تساعد أي شخص على الفهم بغض النظر عن إلمامه باللعبة.
شوغي هي لعبة لوحية يتنافس فيها لاعبان. تكسب المباراة عندما تنجح في محاصرة قطعة تماثل حجرة الملك في الشطرنج تدعى ’’غيوكو‘‘ الخاصة بخصمك. اللوح مقسم بشكل شبكي ويضم 81 مربعا 9×9، يتوزع على تلك المربعات 40 قطعة. وبخلاف لعبة الشطرنج أو الألعاب المماثلة، تتميز لعبة الشوغي بحقيقة غير عادية مفادها أنه بإمكانك نشر القطع التي تستحوذ عليها من خصمك إلى جانبك.
تحظى لعبة الشوغي بالكثير من المشجعين الشغوفين بها والذين يعتقدون أنها الأكثر إثارة للاهتمام في العالم. وتشير التقديرات إلى أن عدد لاعبيها النشطين حاليا يصل إلى ملايين الأشخاص. ويمكن للاعبين الأقوياء بشكل خاص أن يكسبوا لقب ’’كيشي‘‘ وتعني أنه لاعب شوغي محترف معتمد، والذي لا يلبث أن يصبح محط إعجاب واحترام عشاق اللعبة. من الصعب جدا الحصول على هذا اللقب، حيث يتطلب الأمر فوزا متواصلا في منافسات شرسة. وكقاعدة عامة، يمكن لأربعة أشخاص فقط أن يصبحوا كيشي سنويا، وحاليا ولا يوجد سوى 170 كيشي تقريبا نشطين مهنيا.
من بين هذه المجموعة من الحاصلين على لقب كيشي – والتي تعرف بمجموعة العباقرة – يبرز في القمة اللاعب الحالي فوجي سوتا.
مراحل تطور فوجي إلى كيشي
أصبح فوجي أصغر لاعب كيشي على الإطلاق بعد شهرين من عيد ميلاده الرابع عشر في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016. أظهر أعظم اللاعبين الذين صنعوا لأنفسهم أسماء نقشت في تاريخ اللعبة موهبتهم في سن مبكرة، تقريبا بلا استثناء. ولكن فوجي بدأ نجاحه الكبير في مرحلة شبابية غير مسبوقة.
في المرحلة التي ظهر فيها فوجي لأول مرة، كانت لديه قوة لاعب بكامل مهارته.
كان فيما سبق عندما يبدأ اللاعبون الموهوبون في الانخراط في اللعبة كانوا يعانون في المراحل الأولى من حياتهم المهنية، حيث يمكن للخبرة أن تحدث فرقا كبيرا. ولكن فوجي لم يرتكب أي أخطاء تقريبا وكان قادرا على السيطرة في المراحل المبكرة إلى المتوسطة من اللعبة. لقد كان يقرأ خصومه بدقة ولم ينهر أبدا في منتصف اللعبة أو نهايتها. كان في كل مباراة يقوم بحركات رائعة لم يفكر فيها أي شخص آخر. وأكثر مكان كان يتألق فيه فوجي بشكل لامع كان في اللحظات الأخيرة من اللعبة والتي تقرر إن كان غيوكو محاصرا أم لا. لم يعرف فوجي الاستسلام حتى في المباريات النادرة التي تبدأ اللعبة في أخذ منحى سيئا بالنسبة له، بل كان يحافظ على إصراره. وكان على الدوام يقلب الطاولة على خصمه ويحرز انتصاره.
في بداية ظهور فوجي لم يخسر ولا مباراة واحدة وظهرت ’’حمى فوجي‘‘ بين الجمهور. وفي نهاية المطاف أحرز 29 انتصارا متتاليا، محققا رقما قياسيا جديدا في عدد مرات الفوز من غير انقطاع. ومع هذا الرقم القياسي الجديد، تحول إلى ما يشبه بطلا قوميا.
ليس من غير المألوف أن يعاني عبقري شاب من الغطرسة ويتوقف عن التطور، في أي مجال كان. ولكن فوجي لم يُظهر أيّا من ذلك. وبغض النظر عن عدد المباريات التي يفوز بها، دائما ما تكون تعليقاته متواضعة، كما أنه لم يهمل دراسته الحالية.
بات عالم الشوغي الحديث يركز بشكل متزايد على استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل المراحل المبكرة والمتوسطة من اللعبة، ما أدى إلى تغيير كبير في طريق إحراز الفوز. ولم يتأخر فوجي عن هذا الركب أيضا.
ولكن نقاط قوته الأساسية تطورت بشكل لا يمت بصلة إطلاقا للذكاء الاصطناعي. وحتى بدون مساعدة حاسوبية، كانت مواهب فوجي المتدفقة ستظل موجودة.
ألقاب كثيرة للبطل
هناك 8 ألقاب رئيسية يسعى المتنافسون في عالم الشوغي للفوز بها وهي: ’’ريوؤ‘‘ و ’’مييجين‘‘ و ’’أوي‘‘ و ’’إييو‘‘ و ’’أوزا‘‘ و ’’كيو‘‘ و ’’أوشو‘‘ و ’’كيسيي‘‘.
تقام كل سلسلة بطولة مرة واحدة في كل موسم لعب، ولكل مباراة في البطولة هناك بطل حالي يحمل اللقب. ويتعين على المتحدِّي الفوز في سلسلة من المباريات في بطولة أو دوري لنيل فرصة للفوز باللقب، ثم يواجه حامل اللقب في بطولة مكونة من خمسة أو سبع مباريات.
لم يفز حتى الآن سوى عدد محدود من المحترفين رفيعي المستوى بألقاب الشوغي تلك، وإنه لشرف عظيم أن تُسجل أسمائهم في التاريخ.
في عام 2020 نجح فوجي البالغ من العمر آنذاك 17 عاما في التأهل لتحدي واتانابي أكيرا على لقب كيسيي، ليصبح أصغر لاعب في التاريخ يفعل ذلك. ثم فاز بالبطولة المكونة من 5 مباريات ليصبح أصغر حامل لهذا اللقب أيضا.
وواصل فوجي مشواره ليفوز بألقاب ’’أوي‘‘ و ’’إييو‘‘ و ’’ريوؤ‘‘ و ’’أوشو‘‘، على الترتيب. ثم في مارس/آذار عام 2023 فاز بلقب ’’كيو‘‘ أيضا. وفي 1 يونيو/تموز عام 2023، انتزع لقب ’’مييجين‘‘ ليحقق رقما قياسيا آخر باعتباره أصغر حامل لألقاب 7 بطولات من البطولات الكبرى الثماني.
يُمنح الحاصلون على لقب كيشي رتب دان وفقا لإنجازاتهم، تستخدم كتسميات من قبل أولئك الذين لم يحصلوا على لقب بعد. عندما يتأهل اللاعب رسميا ليصبح كيشي، فإنه يكون حاصلا على 4 دان ’’يودان‘‘. ثم يتقدم إلى الدان الخامسة والسادسة وهكذا إلى التاسعة أو ’’كودان‘‘.
أصبح فوجي في عام 2021 أصغر لاعب يصل إلى رتبة دان التاسعة وهي الأعلى على الإطلاق في سن الثامنة عشرة. ولكن لم يتسنَ إطلاقا تسميته بفوجي ’’كودان‘‘، لأنه من الشائع استخدام الألقاب الأعلى التي يحملها كيشي بدلا من رتب الدان.
يحمل فوجي اليوم سبعة ألقاب في نفس الوقت، ولكن مناداته بكل أسماء تلك الألقاب يأخذ وقتا طويلا جدا. لذلك غالبا ما يُطلق عليه اسم فوجي ’’ناناكان (7 تيجان)‘‘، في حين أن اللقب الرسمي له في معظم الأوقات هو فوجي مييجين. من بين الألقاب الثمانية المحددة في لعبة الشوغي، يعد اللقبان ’’ريوؤ‘‘ و ’’مييجين‘‘ هما الأعلى في المستوى، ويُعتبران من الدرجة الأولى، ويستحقان أن يكونا ألقاب كيشي بمفردهما.
في مايو/أيار عام 2023 تحدى فوجي خصمه واتانابي أكيرا في بطولة مييجين المكونة من سبع مباريات. إن مييجين هو لقب يعود تاريخه إلى فترة إيدو (1603-1868) عندما كان يُمنح لشخص واحد فقط في كل مرة وكان يُعتبر قمة عالم الشوغي. وحتى عند إدخال نظام البطولات الحديث في عام 1935 حيث يسُمح للاعبين بالمنافسة على لقب مييجين، لم يتمكن سوى عدد قليل من اللاعبين من المطالبة به.
وعندما نجح فوجي في انتزاع لقب مييجين هذا الموسم حيث كان يبلغ من العمر 20 عاما، أصبح مرة أخرى أصغر لاعب يفعل ذلك على الإطلاق.
هل يحرز فوجي الألقاب الثمانية؟
لم يتمكن حتى الآن سوى لاعب واحد آخر من الفوز بسبعة ألقاب وهو هابو يوشيهارو (حاليا يبلغ من العمر 52 عاما). في عام 1996 – عندما كان هابو يبلغ من العمر 25 عاما – حصل على سبعة ألقاب، وهي جميع الألقاب آنذاك. وقد أدى ذلك أيضا إلى ’’حمى‘‘ غير مسبوقة بين الجماهير.
لم يخسر فوجي أي بطولة لقب حتى الآن. وإذا استمر بنجاح في الدفاع عن ألقابه والفوز بألقاب أخرى، فسيكون مستعدا لتحقيق الحلم وحيازة جميع الألقاب الثمانية مرة واحدة.
من غير المألوف في عالم الشوغي أن تبلغ نسبة الفوز السنوي للاعب 80% بغض النظر عن مدى قوة الكيشي. حتى أن هابو الذي كان يطلق عليه اسم أقوى لاعب في التاريخ، تجاوز نسبة 80% ثلاث مرات فقط. ولكن فوجي حافظ على نسبة 80% سنويا في السنوات الست منذ ظهوره الأول. ومن غير المرجح أن يكون هناك أي شخص آخر غير فوجي يمكنه أن ينجح تماما في تحطيم جميع الأرقام القياسية الكثيرة التي أحرزها هابو.
إن بطولة التحدي للتنافس على اللقب الثامن المتبقي ’’أوزا‘‘، جارية حاليا. فوجي حاليا في المراكز الثمانية الأولى. وإذا وصل إلى قمة هذه الفئة، فسوف يتحدى ناغاسي تاكويا على اللقب. تبدأ في معظم السنوات سلسلة التنافس على لقب أوزا المكونة من 5 مباريات في سبتمبر/أيلول، وقد تكون فرصة يحاول فيها فوجي أن يصبح أول بطل على الإطلاق يحصل على 8 تيجان.
تسود في الوقت الحالي قناعة ضمن عالم الشوغي بأن انتصار فوجي أمر مسلم به. فبالنظر إلى نجاحاته التي حققها حتى الآن، من الصعب ألا تكون لديك هذه القناعة. لكن الحياة بالطبع ليست بهذه البساطة أبدا. وهناك من لا يريد أن يرى مثل هذا الإنجاز المذهل يُحرز بسهولة.
وحتى مع تطور فوجي نفسه، يرتفع المستوى العام للعبة من قبل كل هؤلاء اللاعبين الذين يتطلعون إلى التغلب عليه. ومهما حدث، يمكننا جميعا توقع رؤية رحلة فوجي إلى قمة الألقاب الثمانية مليئة بالمباريات التي ستدخل التاريخ.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: فوجي سوتا يبتسم للكاميرا بعد أن أصبح أصغر بطل يحرز 6 ألقاب بفوزه ببطولة لقب كيو السنوية الثامنة والأربعين في 20 مارس/آذار عام 2023 في نيكّو بمحافظة توتشيغي. جميع الصور © جيجي برس)