منافسات لعبة البطاقات ورحلات الشعر الكلاسيكي
لايف ستايل- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
فن قتالي على حصيرة التاتامي
عندما كنت طالبة جامعية مارست لعبة الكاروتا التنافسية لفترة من الزمن. أدت شعبية قصة مصورة ’’مانغا‘‘ بعنوان تشيهايافورو إلى زيادة مستوى الاهتمام بهذه التسلية بشكل كبير خلال العقد الماضي أو نحو ذلك. ولكن هناك عدد قليل جدا من ممارسي هذه اللعبة التي تتطلب منهم مطابقة النصف الثاني من القصائد المكتوبة على بطاقات موزعة أمامهم مع النصف الأول الذي يُقرأ بصوت عالٍ. وعلى عكس ألعاب مثل ’’غو‘‘ أو ’’شوغي‘‘، لا توجد جوائز مالية في لعبة كاروتا، لذلك على الرغم من تتويج بطل وبطلة في هذه اللعبة كل عام، إلا أنهم عادة ما يكون لديهم وظائف أخرى لكسب قوتهم.
قد لا يكون هناك أي متخصصين يكسبون لقمة العيش من خلال مواهبهم، ولكن لا ينبغي عدم احترام المتسابقين رفيعي المستوى في كاروتا. هذا مستوى مختلف تماما عن التسلية البسيطة التي يتم الاستمتاع بها عادة في اليابان في العام الجديد أو كنشاط مدرسي لتلاميذ الصفوف الابتدائية. الحد الأدنى للمشاركة في اللعبة هو الحفظ عن ظهر قلب لجميع القصائد المائة - والتي تأتي من مختارات هياكونين إيشّو الكلاسيكية حيث يتم ترتيب قصائد من شعر ’’واكا‘‘ لمائة شاعر مختلف - ولكن هناك عقبات كبيرة أخرى. فعلى وجه الخصوص، لا بد للمرء أن يعلم عند أي نقطة يمكنه أن يكون متأكدا أي قصائد واكا تتم قراءتها. فعلى سبيل المثال، هناك 8 قصائد تبدأ بأصوات فريدة مثل ’’مو‘‘ و ’’سو‘‘، ولكن في حالات أخرى مثل القصيدتين اللتين تبدآن بـ’’كيمي غا تامي‘‘ من الضروري انتظار المقطع السادس لمعرفة بشكل مؤكد أي القصيدتين تتم قراءتها. يُعرف عدد الأصوات المطلوبة لكل بطاقة باسم ’’كيماريجي (الأحرف الفاصلة)‘‘.
يمنح في المنافسة كل من اللاعبين الاثنين 25 بطاقة لوضعها في الترتيب المفضل لكل منهما، بشكل استراتيجي بحيث يسهل تذكر أماكنها، ولكنها تكون غير عادية بدرجة كافية بحيث يصعب على الخصم معرفتها. ثم يكون لديهم 15 دقيقة فقط لحفظ الأماكن التي توجد فيها جميع البطاقات الخمسين التي يتم اللعب بها، بالإضافة إلى أماكن البطاقات الخمسين الفارغة. وما إن يبدأ القارئ في ترديد القصائد يجب على اللاعبين أن يتحركا بسرعة بمجرد أن يتأكدا من القصيدة المقروءة ويلمسا البطاقة الصحيحة أو يسحباها إلى جانب الطرف الآخر. يجب أن يكون الانتباه السمعي لكبار اللاعبين جيدا وأن تكون ركبهم قوية وردود أفعالهم خاطفة وذاكرتهم مذهلة وعندهم القدرة على التحمل للحفاظ على تركيزهم خلال المباريات التي تستمر لأكثر من ساعة. يُطلق على لعبة الكاروتا التنافسية اسم ’’فنّا قتاليا على حصير التاتامي‘‘، وهذه ليست مبالغة. فعندما يتنافس الخبراء في اللعبة، لا تستغرق عملية سحب بطاقة جانبا إلا جزءا من مائة جزء من الثانية.
لعبت الكاروتا عندما كنت في برنامج تبادل طلابي في جامعة واسيدا منذ عام 2011 بعد أن عثرت على كشك نادي هواة اللعبة أثناء جولة تعريفية. وبعد حضور إحدى المنافسات كمراقبة، اتخذت قراري على الفور بالانضمام للنادي واندفعت لتعلم القواعد وحفظ الكيماريجي بعد الانضمام. تعلقت باللعبة بشدة خلال سنتي التي قضيتها في اليابان، وافتقدتها بشدة عندما عدت إلى تايوان في عام 2012. في العام التالي عندما عدت إلى اليابان في برنامج دراسات عليا، بذلت قصارى جهدي للعثور على شقة فيها غرفة تقليدية مع حصير تاتامي، حيث يمكنني ممارسة كاروتا. كان هذا هو مدى جنوني باللعبة - حتى لو كان العثور على مكان بإيجار معقول يعني أنني في النهاية اضطررت للتخلي عن أحلامي.
في مشهد شهير لمانغا تشيهايافورو، يُطلب من الشخصية تايتشي تكريس شبابه للكاروتا. ولكن لسوء الحظ لم أتمكن من القيام بالشيء ذاته بنفسي. واصلت التدرب على اللعبة لفترة بعد بدء دراساتي العليا، لكنني وجدت أنني لا أمتلك القوة البدنية الكافية وكنت مشغولة بالدراسة ولم أستطع التكيف مع أجواء اللقاءات الرياضية، لذلك توقفت عن الذهاب إلى جلسات التدريب. لدي الآن فقط ذكريات ضبابية عن الكيماريجي والجوانب الأخرى للعبة.
أكثر إيلاما من الموت
بالمناسبة مجموعتي المفضلة من هياكونين إيشّو هي القصيدة 50 لفوجيوارا نو يوشيتاكا.
كيمي غا تامي
أوشي كارازاريشي
إينوتشي ساي
ناغاكو موغانا تو
أوموي كيرو كانالك،
سأمنح حياتي
حتى حياتي.
ولكن الآن أتمنى
أن أعيش لسنوات كثيرة
بسبب وجود قصيدة أخرى تبدأ ببيت ’’كيمي غا تامي‘‘، تعد هذه القصيدة واحدة من البطاقات الست الخاصة في كاروتا حيث يلزم الاستماع لستة أصوات قبل تحديد البطاقة بشكل نهائي. ولكن هذا ليس سبب إعجابي بها. لقد كتبها الشاعر بعد قضاء الليلة مع امرأة، لذا فهي قصيدة واكا عن الحب، لكني أستمتع بشكل خاص بالمفهوم غير العادي. فالقصيدة بشكل عام تعني شيئا مثل ’’اعتقدت أنني لن أهتم على الإطلاق بالتخلي عن حياتي، لكنني الآن أرغب في العيش معك أطول فترة ممكنة‘‘.
هناك الكثير من القصائد الصينية الكلاسيكية عن الحب، وليس من المستغرب أن تجد تلك التي تقول ’’سأموت من أجلك‘‘، أو ’’أريد أن أبقى معك حتى نهاية العالم‘‘. ولكن على حد علمي، لا توجد قصائد تجمع الفكرتين معا. قد يقول المرء إن هذه طريقة تفكير يابانية صرفة.
غالبا ما يُعتبر الموت في النظرة الصينية للعالم على أنه الحالة النهائية التي يجب أن يواجهها البشر، لذا فهو نقطة مرجعية فعالة عند إعلان المرء عن حبه. هذه الفكرة الواضحة موجودة في الكثير من الشعر الياباني أيضا. ولكن يمكن القول إن قصيدة يوشيتاكا قلبت هذه الفكرة رأسا على عقب حيث يتم وضع الموت والرغبة في الموت على أنهما حالة افتراضية أكثر من كونها حالة نهائية. يميل شعر الواكا إلى تقديم الحياة الطويلة باعتبارها أكثر إيلاما من الموت في التعبير عن الحب. هناك شيء يمس القلب في التعبير عن طول العمر يحمل معه كل يوم رغبة غامضة في النسيان، وأعتقد أن هذا من بين أفضل قصائد الحب.
حج إلى معبد أومي
تتملكني محبة كبيرة لهياكونين إيشّو، وربما ذلك عائد إلى أنني لعبت كاروتا تنافسية على الرغم من معرفتي القليلة بشعر واكا. أفكر دائما في زيارة الأماكن المذكورة في المجموعة - جبل أوغورا، وأمانوهاشيداتي وجبل أمانوكاغو وجزيرة أواجيشيما ونهر أوجي - وأشعر بالإثارة المفاجئة إذا صادفت موقعا ذا صلة بها في رحلاتي. قد تبدو مقاربة تافهة إلى حد ما للأدب الكلاسيكي.
المكان المفضل لدي من بين جميع الأماكن التي زرتها مع هياكونين إيشّو هو ضريح أومي في محافظة شيغا، المكان الذي تدور فيه أحداث مانغا تشيهايافورو وقد زرته في عام 2014.
كان منتصف شهر مارس/آذار وكان الجو لا يزال باردا لأن تتفتح أشجار الكرز. لقد غيرت القطار عند محطة أوتسوكيو. كان ذلك مع بدء خط كيهان أوتسو المحلي تشغيل قطارات مزينة بمواضيع متعلقة بمانغا تشيهايافورو، وقد بدأ للتو في تشغيل تلك القطارات المزينة بتصميمات لأنيميه (الحب، تشونيبيو وأوهام أخرى). لقد أحببت كليهما، لذلك كان أمرا رائعا. اشتريت تذكرة ركوب قطارات ليوم واحد ما مكني من ركوب القطارات المحلية والنزول منها مرارا وتكرارا. كنت محظوظة لأنه لم يكن هناك سياح تقريبا وكانت القطارات والأرصفة شبه فارغة.
في وقت لاحق نزلت في محطة أوميجينغوماي وسرت عبر الشوارع السكنية الهادئة حتى رأيت بوابة توري العظيمة للمعبد. وراء بوابة توري، تقود الدرجات الحجرية المهيبة إلى بوابة البرج القرمزي - في جو من الهدوء - وهي البوابة التي رأيتها مرات عديدة في تشيهايافورو.
شُيد معبد أومي حديثا نسبيا في عام 1940، وهو مكرس للإمبراطور تينجي الذي كتب أولى القصائد المدرجة في هياكونين إيشّو في القرن السابع.
أكي نو تا نو
كاريهو نو إيو نو
توما أو أرامي
واغا كورومودي وا
تسويو ني نوريتسوتسوالقش الخشن
لكوخ حصاد في
حقل أرز خريفي
أكمامي تكبر
مبللة بالندى
ولذلك يرتبط الضريح ارتباطا وثيقا بهياكونين إيشّو وكاروتا التنافسية، وهو الموقع الذي تقام فيه مباريات البطولة كل عام. وعلى غرار استاد كوشيئن للاعبي البيسبول الشباب، فهو مكان يقصده مشجعو كاروتا، ناهيك عن عشاق تشيهايافورو.
يوجد حول المكان العديد من المعالم الأثرية منقوش عليها قصائد، وعندما ذهبت كانت هناك غرفة فيها معروضات من واكا من هياكونين إيشّو على لفائف معلقة. كان يوجد نسخة تشيهايافورو من أوميكوجي (أوراق الحظ) تستند إلى هياكونين إيشّو ونسخة عادية باستخدام قصائد واكا أخرى. كانت متاحة أيضا تميمة أوماموري تهدف إلى تشجيع التطوير الفني، مع صورة للإمبراطور تينجي وقصيدته مخيطة عليها.
تقام بطولة كاروتا في مبنى يسمى أومي كانغاكوكان. عندما ذهبت إلى هناك في منتصف شهر مارس/آذار لم يكن الوقت آنذاك موسم البطولة، لذلك لم يكن هناك أي مؤشر تقريبا على وجود الحياة في منطقة الاستراحة أو غرفة التاتامي الخاصة بالمباريات. كان من الغريب الاعتقاد أنهما ستكونان ممتلئتين باللاعبين خلال المنافسات بكل ما ينتابهم من توتر وإثارة. ليس لدي اهتمام بلعبة البيسبول أو كرة القدم أو الرغبي، لكني أود أن أشاهد مباراة كاروتا تنافسية.
بالمناسبة فإن عنوان مانغا تشيهايافورو مستوحى من قصيدة هياكونين إيشّو لأريوارا نو ناريهيرا.
تشيهايابورو
كامييو مو كيكازو
تاتسوتاغاوا
كاراكوريناي ني
ميزو كوكورو تو والم يُسمع حتى
في عصر الآلهة
مياه
تاتسوتاغاوا
تتحول إلى القرمزي
تمكنت أخيرا من زيارة نهر تاتسوتاغاوا بعد ست سنوات في خريف عام 2020. كان ذلك في موسم الأوراق القرمزية التي تطفو على سطح المياه في القصيدة. كما يقول المثل ’’أزهار كرز يوشينو، أوراق خريف تاتسوتاغاوا‘‘. هذه هي مدى أهمية تغير لون أوراق الأشجار في منطقة نارا، لذلك أردت الذهاب إلى هناك.
قمت بالتحقق قبل الذهاب ووجدت أن متنزه تاتسوتا بجانب النهر كان مكانا جيدا بشكل خاص لمشاهدة أوراق الأشجار. ركبت سيارة أجرة من محطة أوجي على أقرب خط سكة حديد، لكن السائق لم يعرف على الفور مكان المتنزه. فهو على ما يبدو ليس وجهة سياحية معروفة. وعندما وصلت إلى هناك بدا أن جميع الأشخاص الذين مررت بهم في المتنزه الطويل والضيق هم من السكان المحليين، وكثير منهم كانوا يتمشون مع كلابهم أو أطفالهم. يبدو أنني كنت الوحيدة التي قامت برحلة خاصة لمشاهدة معالم المدينة.
لسوء الحظ لم يكن هناك الكثير من أوراق الشجر التي كنت أتمنى أن أجدها. لم يكن المشهد مماثلا للوصف في قصيدة أريوارا نو ناريهيرا. حتى وفقا لمعايير محافظة نارا، يبدأ موسم تغير أوراق الشجر في متنزه تاتسوتا متأخرا في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني. اتضح أن موقع ما يعرف الآن باسم تاتسوتاغاوا يختلف أيضا عن وقت كتابة القصائد القديمة مثل تلك الموجودة في هياكونين إيشّو.
روعة ثقافة البلاط
ربما مهد نجاح مانغا تشيهايافورو الطريق لظهور لعبة كاروتا التنافسية في سلسلة المحقق كونان. كان عنوان فيلم عام 2017 ’’المحقق كونان: رسالة الحب القرمزية‘‘ متأثرا بشكل واضح بنفس القصيدة التي كتبها أريوارا نو ناريهيرا في عنوانها. وكما قد يتوقع المرء، كان تصوير لعبة كاروتا أقل واقعية بكثير من تصوير تشيهايافورو. ومع ذلك، فقد وقعت في حب أغنية الشارة الرئيسية لكوراكي ماي بعنوان ’’توغيتسوكيو، التفكير بنفسك‘‘، وعلى الرغم من أن هياكونين إيشّو لعبت دورا صغيرا في الفيلم، إلا أنني فكرت في جسر توغيتسوكيو كموقع ذي صلة. كما أقول، تافه جدا.
يمر الجسر العظيم توغيتسوكيو فوق نهر كاتسوراغاوا في كيوتو، ومن غير العادي الوقوف فوقه ومشاهدة المياه وهي تندفع من اتجاه تلال أراشيياما الملونة بألوان الخريف. ذهبت إلى هناك في رحلة جانبية من نارا، ولكن كموقع سياحي مشهور فقد كان مزدحما حتى بعد ظهر أيام الأسبوع من أشخاص معظمهم طلاب في رحلات مدرسية.
في منطقة كاميياما بمنتزه أراشيياما القريب، توجد العديد من المعالم الحجرية مع قصائد من هياكونين إيشّو منقوشة عليها. كان من الممتع حقا التجول والقراءة وتذكر روعة ثقافة البلاط القديمة. وفي ضوء هذا، كانت هناك قصيدة صينية حديثة من تأليف تشوان لاي، والتي أتذكر أنها أوقعتني في الارتباك كما لو كنت قد سافرت عبر الزمن. علاوة على ذلك، من خلال مسار غابة القصب الخضراء المورقة والهادئة، بدأ معبد تينريوجي للتو الموسم المثالي لألوان أوراق الخريف. كان التباين بين اللون القرمزي والأخضر رائعا. انتهى بي المطاف بالبقاء هناك لفترة طويلة، مما يعني أنني تأخرت بضع دقائق في الوصول إلى موقع هياكونين إيشّو الرئيسي، ما تبقى من شيغوريتيي في معبد جوجاكّوجي حيث يقال إن فوجيواورا نو تييكا قام بتجميع المختارات الشعرية. كان المعبد مغلقا، لذا لم أتمكن من زيارته. أتمنى أن أعوض عن غلطتي المؤلمة وأن أزوره مرة أخرى ذات يوم.
أدت جائحة كوفيد-19 إلى إلغاء الكثير من منافسات كاروتا في عام 2020. وحتى عند استئنافها كانت هناك قيود حيث كان على اللاعبين ارتداء كمامات وكان من غير المسموح إصدار أصوات مرتفعة أثناء المباريات. تصعّب الكمامات من التنفس أثناء الجولات الطويلة، كما أنها لا تتناسب مع الأزياء الراقية للفعالية. أكتب هذا المقال في نهاية عام 2020، وأتطلع إلى تحسن الوضع في العام المقبل. وسأنهي هذه المقالة مع مقطع من قصيدة مألوفة تقرأ قبل منافسات كاروتا، على أمل ببداية جديدة.
نانيوا-زو ني
ساكو يا كونو هانا
فويو غوموري
إيما أو هاروبي تو
ساكو يا كونو هانافي خليج نانيوا،
تتفتح الزهور
بعد سبات شتوي.
لقد حان الربيع
والزهور تتفتح.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 13 فبراير/شباط عام 2021. الترجمة من الإنكليزية. جميع الصور بإذن من الكاتبة. صورة العنوان: التباين الصارخ بين أوراق الخريف الحمراء وخضرة غابة القصب.)