مراسم تنصيب إمبراطور اليابان الجديد
مجتمع- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
مراسم على غرار طقوس عصر هييان
لم تشهد اليابان في تاريخها الحديث إلا حالات صعود أباطرة جدد إلى العرش بعد وفاة أباطرة البلاد، وبسبب ضرورة الدخول في حالة حداد لمدة عام كامل فكان على الدوام يمر عام أو أكثر قبل إقامة احتفالات خلافة العرش الرئيسية. لكن في هذه المرة بسبب تنحي الإمبراطور الأب أكيهيتو عن العرش، ستقام احتفالات تنصيب الإمبراطور ناروهيتو تلك في نفس عام صعوده للعرش.
سيقام حفل التنصيب ”سوكويريي سيئيدين نو غي“ في 22 أكتوبر/تشرين الأول، والذي حُدد عطلة قومية لمرة واحدة فقط. وستقام المراسم الاحتفالية التي ستكون بسيطة ولكنها راقية على غرار المراسم التي تظهر في لفافة عليها طباعة ملونة تعود إلى عصر هييان (794-1185)، في القاعة الرئيسية ’’ماتسو نو ما‘‘ داخل القصر الإمبراطوري. وسيتم اتباع نفس الإجراءات التي اتبعت في المرة الأخيرة التي أقيمت فيها هذه المراسم في عام 1990.
وسيعتلي الإمبراطور الجديد الذي سيرتدي ملابس إمبراطورية رسمية، منصة تبدو عليها الأبّهة تسمى ”تاكاميكورا“ حيث سيعلن للشعب توليه العرش. وتاكاميكورا هو اسم العرش الياباني المستخدم منذ عصر هييان. إن عرش تاكاميكورا الحالي مبني أساسا في عام 1915 لمراسم تنصيب الإمبراطور تايشو. يبلغ ارتفاعه 6.5 متر ويزن 8 أطنان. أما الإمبراطورة الجديدة التي سترتدي ثوبا فيه الكثير من الطبقات ”جونهيتوي“ فستدخل منصة أصغر تدعى ”ميتشوداي“ تقع بجوار منصة الإمبراطور. كما سيحضر أفراد بالغون من العائلة الإمبراطورية المراسم مرتدين ثيابا متقنة الصنع من فترة هييان.
وسيحضر المراسم مبعوثون خاصون من 195 دولة – وهذا الرقم أكبر بـ30 وفدا مقارنة مع مراسم التنصيب السابقة – إلى جانب حوالي 2500 من كبار الشخصيات المحلية والأجنبية (في آخر مراسم تنصيب كان هناك 2200 شخصا). وسيقف في الخارج ضمن أراضي القصر أمام قاعة ”ماتسو نو ما“ أعضاء وكالة البلاط الإمبراطورية مرتدين ملابس تقليدية وحاملين سيوفا طويلة وأقواسا وسهاما وأشياء أخرى مثل شعارات إمبراطورية، سيقفون أمام مجموعة من الرايات الملونة.
بانزاي: كلمة مثيرة للجدل
عقب إعلان الإمبراطور عن اعتلائه العرش، سيلقي رئيس الوزراء آبي شينزو بصفته ممثلا عن الشعب الياباني كلمة تهنئة ثم يقود الأشخاص المجتمعين في ثلاث صيحات متتالية بكلمة ”بانزاي“. في مراسم التنصيب التي أقيمت في عام 1990 – وهي الأولى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية – أثير بعض الجدل حول دور رئيس الوزراء في المراسم والهتاف بكلمة بانزاي، وامتد الجدل ليشمل ما يجب على رئيس الوزراء ارتداؤه ومكان وقوفه.
تمت مراسم تنصيب الإمبراطور شووا التي جرت في عام 1928 في ظل دستور مييجي الذي يعود لفترة ما قبل الحرب. وقد ارتدى تاناكا غيئيتشي رئيس الوزراء آنذاك ملابس رسمية تقليدية، وبعد إلقاء كلمات تهنئة رسمية خرج إلى أرض القصر واستدار بحيث يواجه العرش الإمبراطوري وهتف ”تينّو هييكا بانزاي (يعيش الإمبراطور)“.
قبل مراسم التنصيب في عام 1990، أثير جدال كبير حول دور رئيس الوزراء فيها. وقد أصر المحافظون على وجوب اتباع الإجراءات التقليدية، لكن أحزاب المعارضة اعترضت متذرعة بأنها تتنافى مع مبادئ دستور ما بعد الحرب وسيادة الشعب.
وبعد مشاورات بين الحكومة ووكالة البلاط الإمبراطوري، ارتدى رئيس الوزراء كايفو توشيكي نفس المعطف الرسمي الطويل الذي يرتدى في المناسبات الحكومية وظل واقفا في قاعة ”ماتسو نو ما“ عندما صرخ هاتفا ”تهانينا على صعود الإمبراطور إلى العرش، تينّو هييكا بانزاي“. ومن المتوقع أن يتبع رئيس الوزراء آبي تلك الإجراءات في مراسم التنصيب الحالية.
وبعد المراسم التي ستستمر 30 دقيقة تقريبا، سيقوم الإمبراطور والإمبراطورة بتغيير ملابسهما ويرتديان ملابس غربية وسيستقلان سيارة مكشوفة في موكب احتفالي تسير في طريق طوله 4.6 كيلومتر من القصر الإمبراطوري إلى مقر إقامة أكاساكا. عندما صعد الإمبراطور الأب العرش، كان موكبه مكون من 44 سيارة وحيّاه 120 ألف شخص على طول الطريق.
مراسم دايجوساي
أكثر المواضيع سخونة والتي أثيرت في مراسم التنصيب السابقة كانت تتعلق بمراسم ”دايجوساي“ والتي أثبتت مرة أخرى أنها مثيرة للجدل. كل عام يؤدي الإمبراطور طقوس الصلاة من أجل السلام والحصاد الوفير. وتُعرف أول مراسم تقام في بداية أي عهد إمبراطوري باسم دايجوساي وهي شعائر يتم الإعداد لها جيدا على نحو خاص. وبسبب الطبيعة الدينية لتلك الشعائر، شكك ولي العهد الأمير فوميهيتو وهو الشقيق الأصغر للإمبراطور ناروهيتو في الحكمة من دفع تكاليف تلك المراسم من الأموال العامة في إشارة إلى أن ذلك قد يتعارض مع مبدأ الفصل بين الدولة والدين، وذلك في مؤتمر صحفي عُقد في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
ستبدأ مراسم دايجوساي من مساء 14 نوفمبر/تشرين الثاني وتستمر طوال الليل. وعلى غرار المراسم السابقة، ستجري الطقوس في مجمع من المباني المشيدة خصيصا لهذا الغرض يُعرف باسم دايجوكيو. وسيشق الإمبراطور الجديد طريقه نحو وسط القاعة المقدسة ”يوكيدين“ التي ستقام فيها أكثر الشعائر أهمية، مرتديا ملابس احتفالية ذات لون أبيض نقي وذلك عبر ممر يحتوي على مشاعل تخفق النيران فيها. وسيتبع الإمبراطور في سيره الإمبراطورة وأعضاء آخرون من العائلة الإمبراطورية، جميعهم يرتدون ملابس بيضاء أيضا.
يدخل الامبراطور بمفرده إلى غرفة الخلوة الواقعة في أعمق مكان داخل المجمع. وهناك سوف يقدم رسميا إلى آلهة الشمس أماتيراسو وغيرها من الآلهة قرابين مثل الأرز وخمر ساكي أبيض وأسود وحلزون أذن البحر المسلوق. وبعد ذلك سوف يقرأ من لفافة شكرا لاستمرار السلام للأمة وشعبها ولوفرة المحاصيل. وتختتم الطقوس بتناول الإمبراطور نفس الطعام الذي قدم للآلهة.
وبعد هذه المراسم التي تستمر 3 ساعات، يخلد الإمبراطور لاستراحة. وسيكرر الإمبراطور الطقوس عند الفجر صباح اليوم التالي في سوكيدين، وهو مبنى آخر ضمن المجمع. وهذه الطقوس الرسمية لها جذور عميقة في ثقافة الزراعة التقليدية لليابان.
شعائر لا تمنح الإمبراطور منزلة إلهية
أدت السرية المحيطة بهذه المراسم وحقيقة وجود مكان ”خلوة للنوم“ داخل المجمع المشيد خصيصا إلى بعض التكهنات بأن الإمبراطور يكتسب منزلة إلهية من خلال النوم مع سلفه إلهة الشمس. وقد دحضت وكالة البلاط الإمبراطوري مثل هذه الشائعات في مراسم دايجوساي الماضية قائلة إن الغرفة كانت مكان استراحة رمزي لأماتيراسو ولا يوجد بها سرير، وعلى أي حال لم يدخلها الإمبراطور قط.
تضمن قانون البلاط الإمبراطوري قبل الحرب بنودا تتعلق بمراسم دايجوساي، ولكن ألغيت بعد الحرب ولا توجد حاليا أية قوانين أو لوائح متعلقة بتلك المراسم. عندما تم تنصيب الإمبراطور الأب، لم تحدد الحكومة دايجوساي باعتبارها مراسم قومية وذلك التزاما ببنود الدستور الذي ينص على وجوب امتناع الدولة من الانخراط في أي نشاط ديني. ولكن هذه المرة تؤكد الحكومة أن دايجوساي جزء من المراسم التقليدية لخلافة العرش والتي يعود تاريخها إلى القرن السابع والإمبراطور تينمو. وبما أن الدستور يعلن أن منصب الإمبراطور هو منصب وراثي، وأن دايجوساي هي شعائر تقليدية من ضمن مراسم التنصيب الإمبراطوري، فإن تمويلها باستخدام الأموال العامة أمر قانوني على الرغم من مظاهرها الدينية. وبناء عليه سيتم دفع تكاليف دايجوساي للإمبراطور الجديد من ميزانية البلاط الإمبراطوري المخصصة للأنشطة العامة.
ولكن ولي العهد الأمير فوميهيتو دحض هذا الموقف في مؤتمره الصحفي واقترح أن يتم دفع تكاليف هذه المراسم من الميزانية الشخصية للإمبراطور. وتكشف فيما بعد أن الأمير فوميهيتو مضى أبعد من ذلك، فقد قدم مقترحا محددا لوكالة البلاط الإمبراطوري لإقامة المراسم في شينكادين وهي منشأة موجودة بالفعل مخصصة للاحتفالات والمناسبات الإمبراطورية، وذلك للحد من تكاليف تشييد دايجوكيو، مجمع المباني الخاص الذي يقتصر استخدامه على مراسم دايجوساي فقط.
سوف تقوم وكالة البلاط الإمبراطوري بتطبيق بعض التدابير لخفض التكاليف، حيث سيكون دايجوكيو أصغربـ20% تقريبا مقارنة مع المجمع السابق وسيتم تشييد أجزاء من المجمع من مواد مسبقة الصنع بدلا من الخشب. وسيتم سقف يوكيدين وسوكيدين بألواح خشبية بدلا من القش التقليدي، وسيتم تخفيض عدد الضيوف من 900 إلى 700 شخص. ومع ذلك، فإن التكلفة المتزايدة للموارد البشرية والمواد تعني أن التكلفة الإجمالية لدايجوساي سوف تتجاوز 2.7 مليار ين، بزيادة قدرها 470 مليون ين عن ميزانية مراسم دايجوساي السابقة.
كان دايجوكيو في الأصل مجموعة من المباني المؤقتة التي تشيد من أجل مراسم تستمر ليلة واحدة ليتم تفكيكها على الفور بعد ذلك. ولكن بموجب دستور ما قبل الحرب، تضخمت تكلفة تشييد المجمع بسبب الأهمية التي تعلق على وظيفته في منح الإمبراطور منزلة إلهية. يقول الضيوف الذين حضروا مراسم دايجوساي الأخيرة إنه على الرغم من إعجابهم بالأجواء المهيبة، إلا أنهم لم يتمكنوا من رؤية الكثير مما كان يحدث، وكان الجو باردا، وعدد الأشخاص الذين غادروا مبكرا ليس بالقليل. ولكن على الرغم من هذا وفي حين أنها لا تزال غير مفهومة بشكل كبير من قبل الشعب الياباني، إلا أن مراسم دايجوساي ستجرى مرة أخرى.
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: الإمبراطور أكيهيتو والإمبراطورة ميتشيكو في مراسم التنصيب في قاعة القصر الإمبراطوري الرئيسية ’’ماتسو نو ما‘‘ في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1990. إلى اليسار يشاهد رئيس الوزراء كايفو يقود الهتاف بكلمة ’’بانزاي‘‘. حقوق الصورة لجيجي برس)