فيلم ياباني ينقل واقع اللاجئين الأكراد إلى الشاشة الفضية
فن- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
نظرة سينمائية على التجربة الكردية في اليابان
هناك حوالي 2,000 كردي يعيشون في اليابان، من ضمنهم العديد ممن هم في مرحلة التقديم لطلب الحصول على صفة اللاجئ. وهذا الأمر بمثابة خلفية للفيلم الجديد الذي نحن بصدده، (My Small Land) أو (أرضي الصغيرة). حيث تدور أحداث القصة حول الفتاة ساريا البالغة من العمر 17 عامًا، والتي تؤدي دورها أراشي لينا، جاءت إلى اليابان مع والديها اللاجئين الأكراد عندما كانت لا تزال صغيرة جدًا. والآن هي طالبة في المرحلة الثانوية، تفكر في الانتقال إلى الجامعة، ولكن في المنزل عليها المساعدة في رعاية شقيقها الأصغر وأختها بدلاً من والدتها المتوفاة، بالإضافة إلى العمل بدوام جزئي في متجر صغير للمساعدة في تدبير نفقاتها. وباعتبارها عضو في الجالية الكردية في اليابان وتجيد اللغتين اليابانية والكردية، كان عليها أيضًا أن تعمل كمترجمة لأولئك الذين لا يتحدثون اليابانية، وبالتالي فإن حياتها مليئة بالعمل من أجل الآخرين.
وفي المدرسة، على الرغم من أن لديها أصدقاء مقربين، إلا أنها لم تصرح لهم أبدًا بحقيقة خلفيتها. غير أنها تشاطر مشاعرها بشأن صراعاتها حول هويتها الكردية مع (سوتا) الذي يؤدي دوره (أوكودايرا دايكن)، زميلها الذي التقت به من خلال عملها المؤقت. وفي هذه الأثناء، يتم رفض طلب الأسرة للحصول على صفة اللاجئ، وتتم مصادرة بطاقات الإقامة الخاصة بهم. ويتم وضعهم تحت الإفراج المؤقت، مع وضع قيود صارمة على تحركاتهم.
المخرجة كاواوادا إيما هي نجمة صاعدة في شركة المخرج وصانع الأفلام كوئريدا هيروكازو الإنتاجية (بون-بوكو). وأول اهتمام لها بالشأن الكردي كان تقريبًا في عام 2015، عندما صُدمت من صور مجندات يقاتلن في صفوف الميليشيات الكردية ضد مسلحي داعش. حينها علمت أن هناك جالية كردية في اليابان، وقد ألهمتها زياراتها لهم لبدء العمل في فيلمها. حيث بدأت مقابلات واسعة النطاق في عام 2018، وكانت النتيجة فيلمها الأول، الذي كتبت السيناريو الخاص به بنفسها.
فيما يلي تتحدث كاواوادا وأراشي عن الفيلم وتناقشا تجاربهما التي ألهمتَهما المشاركة فيه.
ألستُ يابانية؟
كاواوادا إيما: أردتُ أولاً أن يكون طاقم الفيلم الرئيسي من الأكراد. لكنني قررت أن أعدل عن ذلك لقلقي من أن يكون الظهور في فيلم درامي أمر قد يحمل رسالة اجتماعية قد تُستخدم ضدهم في وضعهم الحساس وهم بصدد التقدم بطلب للحصول على صفة اللاجئ. لذلك ، بدأت في إجراء اختبارات الأداء لأشخاص من خلفيات متنوعة من بلدان أخرى.
وكان من بين المشاركين لينا، التي بدأت حياتها المهنية كعارضة أزياء في المجلات. وهي طالبة في المدرسة الثانوية تعود جذورها إلى خمسة بلدان مختلفة، من ضمنهم بلدان من الشرق الأوسط.
أراشي لينا: لقد بدأتُ الظهور على تطبيق تيك توك لأنني أردت أن أكون عارضة أزياء، وقد أدى ذلك إلى اختياري من قبل مديري الحالي. وعندما رأيت عارضات أزياء أخريات في الوكالة يُمثلن، اعتقدت أنني أرغب في تجربة الأمر بنفسي ذات يوم، لكنني لم أفكر مطلقًا في أنني سأحصل على هذه الفرصة بهذه السرعة.
كاواوادا: في تجربة الأداء الخاصة بلينا، تحدثت عن صراعاتها مع هويتها. وكانت هذه الكلمات عاملٌ أساسي في سبب اختياري لها، لأنني شعرت بالتشابه مع الوضع المعقد الذي يحيط بالشعب الكردي وشخصية ساريا.
أراشي: ولدت في اليابان لأم يابانية، لكن الناس ما زالوا يسألونني طوال الوقت ”من أي بلد أنتِ؟“. وعندما كنت في المدرسة الابتدائية، كان الأطفال من حولي ينادونني بـ gaijin (غيجن)، أو ”الأجنبي“. الأمر الذي جعلني أعاني من هذه الفكرة حول ما إذا كنت في الواقع دخيلة على المجتمع، وما إذا كان من المقبول أن أطلق على نفسي يابانية.
كاواوادا: والدي بريطاني وأمي يابانية، وكان يُطلق علي أيضًا اسم (هافو) (مصطلح يستخدم للإشارة إلى شخص عرقيًا نصف ياباني ونصف غير ياباني) عندما كنتُ طفلة. وعندما كنت أذهب أنا ولينا إلى أحد المطاعم سويًا، كان الناس يقولون أشياء مثل ”أوه، ها هم بعض الأجانب!“ ويضحكون متسألين، ”من أين أنتم؟“ قد لا تكون النوايا سيئة، وأنا أعلم أن الناس فقط يحاولون إجراء محادثة، لكن كلانا يتحدث عن شعوره كما لو كان هناك خطًا رُسم فجأة بين ”نحن“ و ”هم“.
أراشي: في المدرسة، حاولت دائمًا عدم لفت الانتباه. وكنت أريد حقًا الانضمام إلى اتحاد الطلاب، لكنني عدلت عن الفكرة حيث لم تتملكني الشجاعة لأخذ زمام المبادرة لفعل ذلك. بعدها عندما بدأت الدخول في مجال عرض الأزياء للمجلات في نهاية المرحلة المتوسطة، أكسبتني الإطراءات والأحاسيس التي كنت في أمس الحاجة إليها إلى الشعور بالثقة. الأمر الذي قادني للانضمام لاتحاد الطلاب طوال السنوات الثلاث من المرحلة الثانوية! [تضحك] حتى ذلك الحين لم أكن أعبر عن أفكاري الخاصة، وحاولت فقط التأقلم، ولكني الآن أريد أن أسمع من الأطفال الآخرين الذين تملكهم نفس الشعور الذي شعرُت به.
كاواوادا: ساعدني موقف لينا حيال الاهتمام بالآخرين على تجسيد شخصية ساريا. حتى أنني أجريت بعض التعديلات على النص الحواري ليتناسب مع شخصيتها بشكل أفضل. ففي البداية، تخيلتها كشخص أكثر تمردًا على ثقافة والدها. لكن أثناء الحديث مع لينا، ورؤية كيف كانت منسجمة مع عائلتها، اعتقدت أنه قد يكون من الطبيعي بالنسبة لها أن تلعب دورًا يركز بشكل أكبر على تمردها الداخلي. وكانت النتيجة أن اكتسبت القصة زخمًا أعمق، وأعطتني لينا بعض التوجيهات التي أسهمت في صياغة القصة.
أراشي: قالت لي المخرجة ألا أفكر في شخصية ساريا كشخص آخر. بالطبع، بيئتها ووضعها مختلفان عني، لكنني أشعر وكأنني واجهت نفس الصراع مع ساريا في محاولتي التأقلم على الحياة كيابانية بينما يعتبرني الناس أجنبية بناءً على مظهري.
كاواوادا: وحتى الآن، أعتقد أن الكثير من الأشخاص الذين لديهم جذور من خارج اليابان يتشاركون مع شخصية ساريا في أشياء كثيرة. وعليهم أن يتخذوا قرارات في كل موقف. ففي المدرسة، يحاولون التكيف مع الأجواء اليابانية، بينما في المنزل يتأقلمون مع أسرهم. ولا يمكنهم دائمًا أن يصرحوا عما يجول في خاطرهم بشكل علني. وعليهم الاحتفاظ ببعض هذه الأفكار لأنفسهم. وهناك أشياء يريدون إخبار والديهم بها، لكن لا يمكنهم ذلك. الأمر الذي جعلني أغير قصة هذا الفيلم تدريجيًا لأُظهر كيف تتحرر هذه الأفكار في النهاية.
عالم بلا حدود
أراشي: نشأت ساريا في اليابان، محاولة توسيع آفاقها، الأمر الذي يضعها في صراع مع والدها، الذي يريدها دائمًا أن تتذكر هويتها الكردية.
كاواوادا: قام بأداء أدوار عائلة ساريا في الفيلم والد وأخت وشقيق أراشي الحقيقيين. حيث تم اختيار الجميع بناءً على تجارب الأداء. وفي الواقع لم نكن أبدًا ننوي اسناد الأدوار إلىى عائلتها الحقيقية، ولكن في النهاية اتخذنا القرار بعد أن رأينا كيف كان أداؤهم سويًا. وفي نهاية المطاف، كانت أفضل تعبيرات لينا ومشاعرها الطبيعية تظهر مع والدها، في الوقت الذي كانت فيه مختلفة تمامًا مع الممثلين الآخرين.
أراشي: في تجارب الأداء، أردت أن أحاول التعبير عن المخاوف الحقيقية للأشخاص ذوي الخلفيات المختلفة من خلال أدائي. إنه لشرف كبير أن أكون قادرة على لعب دور مثل شخصية ساريا، التي تنتمي إلى هذا العالم. لقد كانت تجربة فريدة ، وأنا على يقين أنها ستساعدني في أدواري التمثيلية المستقبلية.
كاواوادا: كان العمل مع لينا في أول فيلم لي تجربة قيّمة للغاية. قد تبدو قصة عائلة كردية تسعى للحصول على صفة اللاجئ في اليابان بعيدة عن الأمور المعتادة التي يواجهها معظم أفراد الجمهور، لكنني متأكدة من أن العديد من الأشخاص، بغض النظر عن جذورهم، قد عانوا من صراعات مماثلة مع الهوية والمكان. واعتقد أنه من خلال جعل الشخصية الرئيسية طالبة في المدرسة الثانوية مقبلة على مرحلة النضج وتواجه العديد من المشاكل في العمل ومع الأسرة، فإنها ستكون قصة يمكن أن يرتبط بها الكثير من الجمهور.
إنها إلى حد كبير قصة عن الشباب ومرحلة النضوج، لكن قضية اللاجئين الأكراد في اليابان موجودة دائمًا في خلفية القصة. هذه القضية، مثلها مثل جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، تدفع الناس إلى مواجهة معنى الحدود.
قد يكون من المستحيل ألا تختفي الحدود بين الدول أبدًا، لكنني أعتقد أن حدود القلب التي نحملها بداخلنا يمكن إعادة رسمها. وآمل أن تشجع مشاهدة هذا الفيلم حتى ولو على قدر قليل من التغيير. فهو يجمع بين أفراد من الجالية الكردية، فضلًا عن لينا وعائلتها، وفريق العمل في اليابان وفرنسا، كلهم لخلق شيء يتخطى فكرة الحدود حرفيًا.
أراشي: أعتقد أحيانًا أنه إذا لم تكن هناك حدود بين الدول، فإن الحروب والتمييز الذي نراه في كل مكان سيختفي. لقد تحدثتي للتو عن ”حدود القلب“، ولكن في حياتي، أريد أن أحافظ على هذا الوعي بأننا جميعًا مجرد بشر، حتى لو كانت لا تزال لدينا تلك الحدود الفعلية ونأتي من بلدان مختلفة. فهناك عرقيات مختلفة من الناس، من جميع أنواع الخلفيات والجذور. وأريد أن يكون هذا العالم مكانًا يمكننا فيه قبول بعضنا البعض، بدلاً من رسم خطوط لمجرد اختلاف الناس عنا.
(النص الأصلي نُشر باللغة اليابانية، والترجمة من اللغة الإنكليزية. الحوار والمادة النصية من إعداد ماتسوموتو تاكويا من فريق عمل Nippon.com. صورة المقابلة بعدسة كاواموتو سييا)