تعرف على تحديات طباعة النصوص اليابانية قبل عصر الكومبيوتر
سياحة وسفر
لايف ستايل- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
أعداد هائلة من حروف الكانجي
قد تبدو قراءة اللغة اليابانية أمرا شاقا للكثير من الطلاب الذين يتعلمون اللغة بسبب العدد الهائل من حروف الكانجي التي يجب تعلمها. في الأبجدية الرومانية، هناك 52 حرفا متضمنة الحروف الكبيرة والصغيرة. أما اللغة اليابانية فتحتوي على 46 حرفا أبجديا من كل من الهيراغانا و الكاتاكانا ليصبح مجموعهم 92 حرفا صوتيا. ولكن عدد حروف الكانجي أكثر من ذلك بكثير حيث تشمل أكثر من 2000 حرف كانجي شائعة الاستخدام ”جويو“ التي يمكن رؤيتها في الصحف والكتب المدرسية.
وليس من المستغرب أن تكتسب اللغة اليابانية سمعة بأنها لغة يصعب إتقانها مع وجود هذا الكم الكبير من الحروف. وليس من غير المألوف أن يكون متعلمو اللغة قادرين على التحدث بها بثقة بينما يواجهون صعوبات في كتابتها. جعلت أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية عملية تحويل الكانا إلى كانجي أسهل، ومع ذلك يمكن أن تبدو شاقة بالنسبة لمن يراها لأول مرة.
قد يتساءل البعض كيف كانت الكتب والصحف اليابانية تطبع قبل العصر الرقمي. ومع انتشار النشر المكتبي اليوم، أصبح بالإمكان إنجاز جميع المهام بدءا من إدخال النص وتغيير الخطوط وأحجامها إلى تعديل التنسيق، على جهاز كمبيوتر. ولكن قبل ذلك كانت الطباعة بالحروف النافرة هي النهج السائد وظلت كذلك حتى وقت قريب نسبيا. وتعتمد هذه الطريقة على استخدام حروف طباعية مصنوعة من قضبان من الرصاص منقوش عليها بشكل معاكس الحرف المراد طباعته. يمكن تغيير مكان تلك الحروف الطباعية لتصف ضمن لوحة بحيث تكون بنفس ترتيبها في المخطوطة المكتوبة.
وبسبب ضرورة استخدام أعداد كبيرة من الحروف في اللغة اليابانية عمدت الصحف ودور النشر إلى تطوير عمليات خاصة. يحافظ مصنع إيتشيغايا للطباعة بالحروف النافرة في شينجوكو بطوكيو على تقنيات الطباعة الرائعة هذه. يعرض المتحف الذي تم افتتاحه عام 2020 ويدار من قبل شركة داي نيبون للطباعة معدات الطباعة بالحروف النافرة التي كانت تستخدم حتى عام 2003 بالإضافة إلى السماح للزوار فعليا بتجربة الطباعة.
تحديات اختيار حروف الكانجي النافرة
تعتبر عملية اختيار الحروف النافرة ”بونسين“ إحدى المهارات الرئيسية في طباعة النصوص اليابانية. فهي تنطوي على اختيار حروف الكانجي الفردية من بين أعداد هائلة منها ثم صفها ضمن قالب الطباعة وفق ترتيب يتوافق مع النص.
يقول ساساكي آي من DNP إن زوار المتحف الأجانب غالبا ما يندهشون من عملية بونسين. لأنه بالنسبة للغات التي تحتوي على أبجدية واحدة، يمكن إكمال عملية اختيار الحروف النافرة وترتيبها في مكان واحد. وهذا ما ساعد على التحول إلى الطباعة الآلية في مراحلها الأولى، وفي أواخر القرن التاسع عشر أصبح من الممكن جمع الحروف باستخدام لوحة مفاتيح.
أما في اللغة اليابانية فيتعين على الفنيين اختيار الحروف النافرة من بين رفوف تحتوي على حوالي 2500 قطعة بما في ذلك أيضا الأرقام والرموز من مختلف الأحجام والخطوط. هناك حوالي 10 قطع لكل حرف كانجي في مصنع إيتشيغايا للطباعة بالحروف النافرة وبضع مئات من القطع الأخرى الشائعة الاستخدام مثل حروف الهيراغانا の، し، て، を.
مهارات لتسهيل عملية الطباعة
بدأت طباعة النصوص اليابانية بالحروف النافرة مع إدخال التقنية الأوروبية في أواخر القرن التاسع عشر. تأسست شركة شويئيشا التي أصبحت فيما بعد DNP عام 1876. وفي العام التالي، نشرت أول كتاب في اليابان باستخدام الطباعة بالحروف النافرة مع غلاف على النمط الغربي. ولايزال خط شوئيتاي الذي اكتمل تطويره من قبل الشركة في عام 1912 يستخدم بشكل كبير في طباعة اللغة اليابانية بعد مرور أكثر من قرن. وعلى الرغم من أن الشركة تفخر بابتكارها التقني إلا أن ساساكي يقول: إن طريقة اختيار الحروف الطباعية لم تتغير منذ وقت تأسيسها ما يعكس تحديات اللغة اليابانية.
طور فنيو بونسين طرقا للمساعدة في الاختيار السريع والدقيق لقطع الحروف الطباعية. حيث توضع حروف كانا المستخدمة بشكل متكرر في مكان يسهل الوصول إليه في وسط الرف العلوي بينما ترتب حروف الكانجي الأقل استخداما على نهايات الرف السفلي. ويتم تجهيز مجموعات كثيرة الاستخدام مثل أسماء الأشخاص وحروف كانجي معا لزيادة كفاءة العمل.
يستغرق اختيار حرف واحد بالنسبة للعمال المهرة حوالي 1-2 ثانية بما يعادل حوالي 1500 حرف في الساعة. وبهذه الوتيرة يتطلب إنجاز كتاب ذو غلاف ورقي ”بونكو“ مكون من 200 صفحة وحوالي 100 ألف حرف حوالي 67 ساعة عمل.
بعد اختيار عدد من الحروف تأتي مرحلة تنضيد الحروف المطبعية والتي تتضمن إضافة علامات الترقيم و حروف نطق الكانجي الأقل شيوعا ”روبي“ بالإضافة إلى ضبط المسافات بما يتناسب مع العدد المحدد من السطور والأعمدة.
وبعد الطباعة التجريبية للنص عدة مرات يعطي المحرر تعليمات لإجراء التعديلات مثل استبدال الحرف المطبوع أو تعديل الهوامش وذلك قبل الطباعة النهائية.
التخلي عن الطباعة بالحروف النافرة
أدى انتشار تنضيد الحروف المطبعية المحوسب في السبعينات إلى إحالة الطباعة بالحروف النافرة والتي تتطلب وقتا وعملا كبيرين إلى التقاعد على نطاق واسع. كما أدى الانتشار السريع للنشر المكتبي في أواخر التسعينات إلى تقليص وجودها بشكل أكبر.
ومع انتشار النشر المكتبي أصبح بالإمكان إكمال كل شيء على شاشة الكمبيوتر، لذا لم يعد هناك حاجة تقريبا للتعامل مع النص. ونظرا لوجود أشخاص سريعين قادرين على كتابة 5000 حرف في الساعة أيضا، فإن مهارات فنيي بونسين لم تعد مطلوبة.
وبالرغم من التقدم التقني ظل عدد من الناشرين متمسكين بشدة بالطباعة بالحروف النافرة حتى عام 2003. وحتى الوقت الحالي لا يزال هناك عدد قليل من الشركات تفضل الطباعة بالحروف النافرة للكتب ومعظمها لأسباب جمالية. يشعر المرء بجهود حرفية أثناء قراءة النص المطبوع بالحروف النافرة، فمثلا يمكن ملاحظة بروزات من الحروف بسبب اختلاف سماكة الحبر كما أن وجود غباشة طفيفة في العناوين تعطي شعورا مميزا. ولكن ساساكي يقول ”بالرغم من أن اختيار الحروف الطباعية لم يعد يدويا وأن الكثير من المهام أصبحت تنجز على أجهزة الكمبيوتر، إلا أن العاملين في الطباعة النافرة لا يزالون يبذلون قصارى جهودهم لتوظيف كل مهاراتهم وحماسهم في طباعة الكتب“.
يتيح مصنع إيتشيغايا للطباعة بالحروف النافرة معرضا يشبه الألعاب يجمع بين الرفوف الحقيقية وتقنيات الفيديو تسمح للاعبين باختيار الحروف الطباعية بأنفسهم، بالإضافة إلى جولات للاطلاع على عملية البونسين وتنضيد الحروف المطبعية. يدعو المتحف الزائرين إلى الابتعاد عن عالم أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية لفترة وجيزة للتعرف على تاريخ تقنيات الطباعة وتقدير عمق اللغة اليابانية كلغة مكتوبة.
مصنع إيتشيغايا للطباعة بالحروف النافرة
- العنوان: طوكيو، شينجوكو، إيتشيغايا كاغاتشو 1-1-1
- ساعات العمل: أيام الأسبوع من الساعة 11:30 صباحا حتى 8:00 مساء، عطلة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية من الساعة 10:00 صباحا حتى 6:00 مساء
- يغلق يومي الاثنين والثلاثاء من كل أسبوع (ماعدا العطل القومية)
- رسوم الدخول: مجانية (يتعين الحجز مسبقا)
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. المقابلات والنص من قبل نيبون دوت كوم. الصور من قبل هاناي توموكو)
تكنولوجيا اللغة اليابانية الكانجي التكنولوجيا التعليم الياباني