على أمواج التقاليد: اكتشف سحر 3 من أشهر مهرجانات سباق القوارب اليابانية

ثقافة

تجتمع القوارب في منافسة حامية للفوز بلقب أسرع قارب، وسط أجواء مليئة بالحماس والإثارة. لكن ما يميز هذه السباقات ليس فقط المنافسة الشرسة، بل أيضًا الطابع الثقافي والديني الذي يرافقها، حيث تؤدى بعض الشعائر التقليدية التي تضفي على الحدث روحًا من التراث العريق، ممزوجة بأجواء التنافس الرياضي. إنها لحظة تجمع بين روح الرياضة وجوهر الثقافة، لتخلق تجربة فريدة من نوعها.

بين الأسطورة وتأثير الثقافة الصينية

بفضل موقعها الجغرافي المحاط بالبحار من جميع الجهات، وثرائها بالعديد من الأنهار والمستنقعات، تعد اليابان موطناً للعديد من المهرجانات التي تشمل سباقات القوارب. ومن بين أقدم هذه المهرجانات يبرز مهرجان ”موروتابوني“، وهو أحد الطقوس الدينية التابعة لمعبد ميهو في محافظة شيماني.

تعود أصول هذا المهرجان إلى أسطورة ”كونيوزوري“ أو ما يُعرف بحادثة ”نقل الأرض“ من منطقة إيزومو. يُعيد المهرجان تمثيل حدث أسطوري حيث أبحر قارب على متنه العديد من المجذفين في رحلة لاستقبال رسول من السماء. مع مرور الزمن، تطور هذا الطقس إلى سباق يعبر عن الامتنان ويقدم الشكر على وفرة صيد الأسماك والمحاصيل الزراعية، حيث أصبح يُنظر إليه كفرصة للتعبير عن الاحترام والامتنان للطبيعة والبحر اللذين يشكلان جزءاً لا يتجزأ من الحياة والثقافة اليابانية.

بالإضافة إلى كونه مهرجانًا تقليديًا، يساهم ”موروتابوني“ في تعزيز الروابط الاجتماعية بين المجتمعات المحلية ويعمل كوسيلة للحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة. كما يسلط الضوء على الأهمية الكبيرة التي توليها اليابان للبحر كمصدر للغذاء والرخاء وللروح الجماعية التي تتمتع بها المجتمعات الساحلية في الاحتفال والامتنان للطبيعة.

تقام مراسم مهرجان موروتابونى شينتو في 3 ديسمبر/ كانون الأول في ميهونوسيكي.(© مكتبة هاغا)
تقام مراسم مهرجان موروتابونى شينتو في 3 ديسمبر/ كانون الأول في ميهونوسيكي.(© مكتبة هاغا)

وقد شهدت اليابان تطوراً وانتشاراً لطقوس مشابهة تتضمن سباقات قوارب يشارك فيها العديد من المجدفين في منافسات حامية. من بين هذه الطقوس، يبرز **مهرجان هاري** في أوكيناوا، الذي تعود أصوله إلى سباقات قوارب التنين الصينية. تتميز هذه السباقات بضرورة أن تتمتع طواقم التجديف بمهارات عالية وقدرة فائقة على التنسيق والدقة في التجديف، حيث يمكن لأي اختلال في توقيت التجديف من قِبل أحد الأعضاء أن يؤدي إلى تباطؤ القارب بشكل كبير.

تحرص الفرق على تدريب أعضائها الجدد بشكل مكثف تحت إشراف المجدفين ذوي الخبرة، لضمان تمكُّن الجميع من التحرك بسلاسة ككتلة واحدة، مع الحفاظ على الإيقاع الموحد. هذه الفعاليات، التي تحمل في طياتها جوانب دينية، تساهم أيضاً في تعزيز التضامن بين القائمين على خدمة المعابد، مشكّلة رابطاً قوياً بين المشاركين يُعزز من الانتماء الجماعي.

وفي هذا المقال، سنسلط الضوء على ثلاث مهرجانات تعد فخراً محلياً للمناطق التي تحتضنها، حيث تعكس هذه الفعاليات روح التعاون والتفاني لدى المشاركين، وتجسد التراث الثقافي العريق لليابان.

سباق قوارب التنين على أحد روافد نهر ميلوى في الصين. يزين مقدمة القارب تمثال لرأس تنين.(© مكتبة هاغا)
سباق قوارب التنين على أحد روافد نهر ميلوى في الصين. يزين مقدمة القارب تمثال لرأس تنين.(© مكتبة هاغا)

إيتومان هاري

يقام في اليوم الرابع من الشهر الخامس حسب التقويم التقليدي، إيتومان، محافظة أوكيناوا

في الوقت الحاضر يتم تنظيم السباق بشكل أساسي باستخدام قوارب الصيد التقليدية.(© مكتبة هاغا)
في الوقت الحاضر يتم تنظيم السباق بشكل أساسي باستخدام قوارب الصيد التقليدية.(© مكتبة هاغا)

تُعد سباقات هاري في أوكيناوا، التي تُقام بين قوارب الصيد التقليدية، من أبرز الفعاليات السنوية التي تجذب انتباه السكان المحليين والسياح على حد سواء. يُنظم هذا الحدث في أوائل الصيف، وتحديدًا في اليوم الرابع من الشهر الخامس وفقًا للتقويم التقليدي الياباني، والذي يوافق 9 يونيو/حزيران 2024.

تُقام سباقات هاري في أكثر من 20 موقعًا مختلفًا، بما في ذلك الجزر الأصغر التي تُشكّل سلسلة جزر أوكيناوا المترامية الأطراف. وأشهر هذه السباقات هو السباق الذي يُقام في مدينة إيتومان، الواقعة في الطرف الجنوبي للجزيرة الرئيسية لأوكيناوا. يعود تاريخ هذا السباق إلى أكثر من 600 عام ويُعرف محليًا باسم ”هاري“.

يُعتبر مهرجان هاري فرصة للاحتفال بالتقاليد البحرية والثقافية لأوكيناوا، حيث يجتمع السكان لإحياء ذكرى تراثهم العريق وتقدير الصيادين والمجتمع المحلي الذين يعتمدون على البحر في حياتهم اليومية.

ثلاثة مجموعات تتنافس في إيتومان هاري.(© مكتبة هاغا)
ثلاثة مجموعات تتنافس في إيتومان هاري.(© مكتبة هاغا)

توجد العديد من الروايات حول أصول مهرجان هاري، وأبرزها تلك التي ترتبط بالفترة التي كانت تُعرف فيها أوكيناوا بمملكة ريوكيو. وفقًا لهذه الرواية، يعود تاريخ المهرجان إلى حوالي عام 1400، عندما كان حاكم مملكة نانزان، أحد الممالك الثلاث التي سبقت توحيد مملكة ريوكيو، يدرس في الصين. خلال دراسته في **نانجينغ**، حضر حاكم نانزان سباق قوارب التنين وتأثر بشدة بجمال وعظمة هذا الحدث. دفعه إعجابه الكبير إلى تنظيم مهرجان مشابه عند عودته إلى منطقته، مما أدى إلى بدء تقليد سباق القوارب في أوكيناوا.

على مر الزمن، أصبح هذا المهرجان حدثًا وطنيًا يُحتفل به في أنحاء مملكة ريوكيو، خاصة في الفترة من 1429 إلى 1879. ومع ذلك، بعد ضم المملكة إلى اليابان في عام 1879، حظرت الحكومة اليابانية المهرجانات الدينية التقليدية مثل مهرجان هاري، مما أدى إلى توقف السباقات المائية.

ومع رغبة السكان المحليين في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي، لجأوا إلى حل مبتكر؛ قاموا بوضع القوارب على عجلات وجرها للتسابق بها على اليابسة بدلًا من المياه. استمر هذا الشكل البديل للمهرجان لما يقرب من قرن، إلى أن أُعيدت إحياء السباقات المائية بعد معرض أوكيناوا الدولي للمحيطات الذي نُظم عام 1975. منذ ذلك الحين، استأنفت أوكيناوا تقاليدها البحرية القديمة، وعادت سباقات هاري إلى المياه، حيث أصبحت رمزًا للتراث والثقافة المحلية في أوكيناوا.

مع اقتراب يوم السباق ، يتردد صدى أصوات أجراس الهاري في جميع أنحاء المدينة.(© مكتبة هاغا)
مع اقتراب يوم السباق ، يتردد صدى أصوات أجراس الهاري في جميع أنحاء المدينة.(© مكتبة هاغا)

يتنافس 60 فريقًا من ثلاثة أحياء في سباق إيتومان هاري، حيث يفوز الفريق الذي يحقق أعلى مجموع من النقاط. كما يجتمع ممثلو الأحياء الثلاثة في الصباح الباكر عند مكان للعبادة على تلة في مراسم يقودها كاهن نورو، أين يقدمون الشكر لإله البحر ويصلون من أجل تحقيق الوفرة والازدهار للجميع وطلب الحصول على صيد سمك وفير.

سليل العائلة المكلف بالمهمة من قبل ملك نانزان يلوح بعلم بداية المهرجان.(© مكتبة هاغا)
سليل العائلة المكلف بالمهمة من قبل ملك نانزان يلوح بعلم بداية المهرجان.(© مكتبة هاغا)

بعد انتهاء المراسم التقليدية، يُرفع علم الانطلاق على قمة التلة، مُعلناً بدء سباق الأوغان هاريفي ميناء إيتومان الصيفي، والذي يقع في الأسفل. يشارك في هذا السباق 13 مجدفًا، جميعهم أعضاء في أقسام الشباب التابعة لتعاونيات الصيد المحلية. يبحر المتسابقون في قوارب صيد خشبية تقليدية، ويستعرضون مهاراتهم العالية في التجديف والتنسيق بين أفراد الفريق.

بمجرد انتهاء السباق، يجتمع طاقم كل قارب في ضريح الإله المحلي القريب من الميناء. هناك، يقدمون شكرهم وتقديرهم من خلال غناء أغنية الهاري التقليدية وأداء رقصة الكاتشا الكرنفالية. تعتبر هذه الأغاني والرقصات جزءًا من القرابين غير المادية التي تقدم للإله المحلي، تعبيراً عن امتنانهم للسلامة ووفرة الصيد والمحاصيل. هذه الطقوس تعزز الروابط بين المجتمعات وتُظهر التزامهم بالحفاظ على تقاليدهم القديمة وإحياء روح التعاون والمشاركة.

تأدية الرقصة الفلكلورية والغناء مع رفع المجازف عالياً.(© مكتبة هاغا)
تأدية الرقصة الفلكلورية والغناء مع رفع المجازف عالياً.(© مكتبة هاغا)

لا يتوقف المهرجان عند هذا الحد؛ بل تتواصل الفعاليات في الميناء بإقامة المزيد من السباقات التي تجمع بين فرق الشباب، وطلاب المدارس الثانوية، وبعض الموظفين من مختلف القطاعات والمؤسسات. هذه السباقات توفر فرصة للمشاركة المجتمعية وتعزز روح التنافس والمرح بين السكان.

من أبرز ما يميز هذا الجزء من المهرجان هو سباق الكونوكاسي، حيث يتم قلب أحد القوارب عمداً في وسط السباق، مما يتطلب من أفراد الطاقم استخدام مهاراتهم وقوتهم لإعادة القارب إلى وضعه الطبيعي بسرعة، ثم استئناف التجديف نحو خط النهاية. هذا التحدي الفريد يضيف عنصرًا من الإثارة والمغامرة إلى المهرجان، مما يجعله تجربة غير عادية لسباق القوارب، ويبرز المرونة والتنسيق العالي بين أعضاء الفريق.

هذا النوع من السباقات يجذب الكثير من المتابعين ويضيف نكهة خاصة إلى المهرجان، حيث يشاهد الحضور كيف يتعامل المتسابقون مع التحديات غير المتوقعة، مما يعزز من روح الفريق ويُظهر القدرة على التحمل والعمل الجماعي تحت الضغط.

لحظة قلب القارب عمداً، ويستخدم هذا الجزء من المنافسة كنوع من التدريب لمواجهة الحوادث التي قد تتعرض لها قوارب الصيد.(© مكتبة هاغا)
لحظة قلب القارب عمداً، ويستخدم هذا الجزء من المنافسة كنوع من التدريب لمواجهة الحوادث التي قد تتعرض لها قوارب الصيد.(© مكتبة هاغا)

خلال فترات الاستراحة بين السباقات، تقوم الفتيات على متن قارب صيد بالرقص على أنغام موسيقى شيماأوتا الفلكلورية.(© مكتبة هاغا)
خلال فترات الاستراحة بين السباقات، تقوم الفتيات على متن قارب صيد بالرقص على أنغام موسيقى شيماأوتا الفلكلورية.(© مكتبة هاغا)

وتختتم المنافسات بالسباق الأخير المعروف باسم ”أغاي سوبو“، وهو سباق سرعة حاسم تتوقف عليه سمعة وهيبة الأحياء الثلاثة المتنافسة. يبلغ طول السباق 2150 مترًا، حيث تتنافس ثلاثة قوارب، يمثّل كل منها حيًا من الأحياء الثلاثة. يتسابق القوارب بالدوران حول الميناء ثلاث مرات، مما يضيف تحدياً إضافياً يتطلب مهارة عالية في التجديف والتنسيق بين أعضاء الطاقم.

دائمًا ما يتميز سباق ”أغاي سوبو“ بروح تنافسية عالية وحماس كبير بين الفرق، مما يخلق أجواءً مثيرة ومشوقة تجذب الجمهور والمتابعين. بعد نهاية السباق، تُختتم فعاليات المهرجان باحتفال سكان الحي الفائز، حيث يعبرون عن فرحتهم بالانتصار من خلال الغناء والرقص، في أجواء تعكس روح المجتمع والتآلف بين الأهالي، وتعبّر عن الفخر بالإنجازات المشتركة التي تحققت خلال المهرجان.

في الختام يحتفل المتفرجون من خلال تأدية رقصة كاتشاشي. (© مكتبة هاغا)
في الختام يحتفل المتفرجون من خلال تأدية رقصة كاتشاشي. (© مكتبة هاغا)

مهرجان ميفوني، معبد كومانو هاياتاما

يقام يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول في شينغو، محافظة واكاياما.

يشارك في السباق تسعة قوارب تقليدية. (© مكتبة هاغا)
يشارك في السباق تسعة قوارب تقليدية. (© مكتبة هاغا)

يمتد الطريق المقدس في شبه جزيرة كيى على طول نهر كومانو من مصب النهر الذي يوجد به معبد كومانو هاياتاما إلى غاية معبد كومانو هونغو. هذا المسار هو جزء من مواقع الحج المقدسة في جبال كي، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. أين يُقام مهرجان ميفوني وهو سباق قوارب يُجرى في اليوم الثاني من مهرجان معبد كومانو هاياتاما السنوي على هذا النهر.

السفينة الاحتفالية ذات اللون القرمزي”الشينكوسين“، وهي تقترب ببطء من الشاطئ من خلال سحبها بواسطة أحد قوارب التجديف.(© مكتبة هاغا)
السفينة الاحتفالية ذات اللون القرمزي”الشينكوسين“، وهي تقترب ببطء من الشاطئ من خلال سحبها بواسطة أحد قوارب التجديف.(© مكتبة هاغا)

يبدأ السباق في منطقة غونغينغاوارا، شمال شرق معبد هاياتاما بالقرب من جسر شين كومانو. بعد نقل الميكوشي، وهو مجسم معبد، إلى سفينة الشينكوسن، تنطلق القوارب التي تمثل تسعة أحياء في سباق لمسافة 1.6 كيلومتر ضد التيار، تدور خلالها حول جزيرة ميفوني ثلاث مرات، ثم تعود إلى خط النهاية على الضفة المقابلة في أوتومو.

يتميز هذا السباق بمدة محددة تقارب 16 دقيقة، ينجز خلالها المجدفون 600 تجديف فقط. يخلق تناغم التجديف صوتًا قويًا يتردد على ضفاف النهر. ومع اقتراب القوارب من خط النهاية، تصطدم بعضها ببعض في محاولة للتفوق، مما يضفي أجواءً مثيرة وجذابة تثير إعجاب المتفرجين.

كل قارب يحمل على متنه إحدى عشر رجلا يجدفون ضد التيار بكل قوة. (©مكتبة هاغا)
كل قارب يحمل على متنه إحدى عشر رجلا يجدفون ضد التيار بكل قوة. (©مكتبة هاغا)

القوارب تتنافس على الصدارة أثناء دورانها حول الجزيرة. (© مكتبة هاغا)
القوارب تتنافس على الصدارة أثناء دورانها حول الجزيرة. (© مكتبة هاغا)

بعد الانتهاء من الالتفاف حول الجزيرة تستأنف القوارب السباق. وبحلول الوقت الذي تصل فيه سفينة الشينكوسن التي تحمل مجسم الإله إلى أوتومو، يكون قد حل الليل فيتم وضع مجسم الإله في ضريح مؤقت مبني من أوراق شجرة الأرز الطازجة، ثم يقوم الحاضرون بتأدية رقصة تقليدية لتهدئة الروح الإلهية تحت ضوء النار، مما يخلق جوًا غامضًا بعيدًا عن حماس السباق الذي كانت أصواته تملأ المكان قبل الغروب.

يتم تشكيل الضريح المؤقت بشكل يشبه الضريح الأصلي القديم. (© مكتبة هاغا)
يتم تشكيل الضريح المؤقت بشكل يشبه الضريح الأصلي القديم. (© مكتبة هاغا)

مهرجان هيغاشينو سوميوشي

يقام يوم 13 أغسطس/آب، في أوساكي كاميجيما تشو، محافظة هيروشيما.

قوارب تقليدية مزينة بخطوط رفيعة وحادة تشبه السيوف اليابانية.(© مكتبة هاغا)
قوارب تقليدية مزينة بخطوط رفيعة وحادة تشبه السيوف اليابانية.(© مكتبة هاغا)

تُعتبر سباقات الكايدينما جزءًا من التراث الثقافي في جزيرة أوساكي الواقعة في بحر سيتو منذ أجيال. خلال فترة موروماشي (1336-1568)، كانت الجزيرة معقلًا للقرصنة تحت قيادة عشيرة كوباياكاوا من منطقة بيتشو، التي تشكل جزءًا من محافظة أوكاياما الحالية. استخدم القراصنة قوارب الكايدينما الصغيرة والسريعة لنقل الرسائل والبضائع بين السفن الرئيسية والقوات البرية، مما ساعدهم في السيطرة على المياه في تلك الفترة. تطورت هذه القوارب تدريجيًا لتأخذ شكلها الحالي.

يُذكر أن الجزء الشمالي الشرقي للجزيرة يتميز بوجود معبد سوميوشي، الذي تم دمجه لاحقًا مع معبد هاشيمان، الذي يُعتبر حامي البحار. منذ عام 1827، بدأت قوارب الكايدينما في قيادة السفينة التي تحمل مجسم معبد ميكوشي خلال المهرجان السنوي. وفي أواخر القرن التاسع عشر، تحول هذا الموكب إلى سباق سرعة مصحوب باشتباكات تُعيد إلى الأذهان أيام القراصنة. ومع الخمسينيات من القرن الماضي، تحول السباق إلى منافسة رياضية تركز على الأداء الرياضي.

تساعد دقات الطبل المجدفين في الحفاظ على توقيت متزامن ودقيق أثناء التجديف.(© مكتبة هاغا)
تساعد دقات الطبل المجدفين في الحفاظ على توقيت متزامن ودقيق أثناء التجديف.(© مكتبة هاغا)

يشارك اليوم في هذا السباق أربعة أحياء محلية، حيث يحرصون على إدخال تعديلات مستمرة على قواربهم لتحقيق أي ميزة في السرعة، حتى وإن كانت طفيفة. تعمل الفرق جنبًا إلى جنب مع صناع القوارب الماهرين لتحسين تصاميم قواربهم، والتي يتم الحفاظ على سرية تفاصيلها بدقة من قبل كل منطقة.

تتميز هذه المنافسة بامتلاكها مهارة خاصة في كيفية التجديف. يقوم المجدفون بالانحناء إلى الأمام، ثم يغمسون مجاديفهم عموديًا في الماء مع دفع أجسادهم إلى الخلف لتحقيق أقصى قدر من الدفع نحو الأمام. يتطلب هذا النوع من التجديف قوة بدنية وتنسيقًا دقيقًا، مما يجعل جلسات التدريب تستغرق عدة أشهر لإتقان هذه المهارة.

أثناء السباق، يشهد الحضور عروضًا مدهشة من التنسيق والقدرة البدنية، حيث تبرز قدرة الفرق على تحقيق سرعة عالية رغم التحديات. يعد السباق مناسبة اجتماعية هامة حيث يجتمع السكان المحليون للاحتفال بروح المنافسة والمهارة التقليدية، مما يعزز من روابط المجتمع ويفخر بالتراث الثقافي للمنطقة.

يحمل كل قارب 16 مجدفاً، ويوجد بمقدمة القارب صبي يتولى مهمة تشجيع فريقه.(© مكتبة هاغا)
يحمل كل قارب 16 مجدفاً، ويوجد بمقدمة القارب صبي يتولى مهمة تشجيع فريقه.(© مكتبة هاغا)

في المهرجان تتنافس هذه القوارب في أربع جولات، ويحسم السباق بفوز القارب الذي يحصل على أعلى مجموع نقاط. يحمل كل قارب 14 مجدفًا، وطبالاً يتولى ضبط الإيقاع لفريقه، وقائد قارب يستخدم مجدافًا كبيرًا لتوجيه مسار القارب، بالإضافة إلى فتيان صغار متمركزين في مقدمة ومؤخرة القارب لتشجيع الفريق وشحذ همته.

قدرة قائد القارب على قراءة وفهم التيار، هي من تحدد الفوز أو الخسارة.(© مكتبة هاغا)
قدرة قائد القارب على قراءة وفهم التيار، هي من تحدد الفوز أو الخسارة.(© مكتبة هاغا)

في رحلة العودة تتصادم القوارب المتقدمة ببعضها البعض أثناء المنافسة على الصدارة، مما يتسبب في فقدان السرعة واحتمالية تجاوزها من قبل القوارب المتأخرة. لذلك تتطلب هذه المنافسة التمتع بقوة بدنية ومهارة عالية مع عزيمة كبيرة على الاستمرار في التنافس، كما تلعب الاستراتيجية أيضًا دورًا كبيراً في تحقيق الفوز بالسباق.

إن مشاهدة الفرق وهي تجدف في انسجام تام وتدفع قواربها بأقصى سرعة، يثير حماس المتفرجين على الشاطئ. وحفاظاً على استمرار هذا التقليد ينظم سباق كايدنما للأطفال من عمر 11 عامًا فما فوق، مما يساعد على تنشئة الجيل القادم من المتسابقين.

عروض الألعاب النارية تضيء السماء ليلاً خلال الاحتفال. (© مكتبة هاغا)
عروض الألعاب النارية تضيء السماء ليلاً خلال الاحتفال. (© مكتبة هاغا)

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. التواريخ المذكورة هي المواعيد التي تقام فيها هذه المسابقات. صورة العنوان © مكتبة هاغا)

اليابان ثقافة مهرجان