ازدهار مدن الملاهي في اليابان

نجاح ديزني لاند ينطلق بقوة

تشتهر اليابان بأنّ لديها مجموعة قياسية من المنشآت الترفيهية الكبرى، مثل حدائق الحيوان، أحواض السمك، المتاحف، والمتنزهات. وإضافة إلى وجود العديد من مدن الملاهي. فإن هناك أيضا أماكن تقدم خبرات غير متوفرة في المتنزهات العادية، مثل المشي في الشوارع المستنسخة من بلاد بعيدة أو اللعب فرحا في مجموعات تمت إعادة صياغتها من أفلام شهيرة. لكن الحدث الأضخم لمدن الملاهي في اليابان الذي حصل عام ١٩٨٣ من خلال افتتاح طوكيو ديزني لاند (الموجود فعليا في محافظة تشيبا، شرقي طوكيو)، والذي كان نجاحاً ساحقاً ألهم تفعيل سلسلة كاملة من الممالك السحرية الأخرى.

وكان أولها ”عالم الفضاء“، التي افتتحت عام ١٩٩٠ في مدينة كيتاكيوشو، محافظة فوكوؤكا. تلاها ”هيوس تن بوش“ (الهولندية لـ ”بيت في الغابة“)، التي افتتحت عام ١٩٩٢. وهناك يمكن للزوار أن يختبروا قليلا من الحياة في هولندا القديمة التي أعيدت صياغتها على مساحة شاسعة في مدينة ساسيبو، بمحافظة ناغاساكي. حيث أنّ هيوس تن بوش هي خليفة من نوع ما للقرية الهولندية في ناغاساكي، التي أدارتها نفس الشركة من مكان قريب من عام ١٩٨٣ ولغاية عام ٢٠٠١. وفي عام ١٩٩٤ افتتحت قرية شيما أسبانيا في محافظة ميئي، وبعد ثلاث سنوات في محافظة أوكاياما، تم افتتاح منتزه كوراشيكي تيفولي المستوحى من حدائق تيفولي في كوبنهاغن. ثم جاء إدخال رئيسي آخر في هذه السلسلة، وهو أيضا استيراد آخر من الولايات المتحدة، بدأ تشغيله في أوساكا عام ٢٠٠١ تحت مُسمى يونيفرسال ستوديوز اليابان.

قوة بوتر: يونيفرسال ستوديوز اليابان

خلال السنوات التي تلت افتتاحها، عملت يونيفرسال ستوديوز اليابان على تحسين جاذبيتها الباهتة من البداية لدى شريحة الأطفال في سوق الترفيه. وذلك عن طريق إضافة المزيد من الألعاب الجديدة، حيث تطورت إلى مؤسسة ترفيهية تحمل جاذبية ”يونيفرسال“، وتجذب الصغار والكبار، الذكور والإناث على حد سواء. وقد حققت ألعاب ”هاري بوتر“، التي ظهرت لأول مرة عام ٢٠١٤، نجاحا كبيرا فبعد مرور عام على افتتاحها، ارتفع معدل الدخول بنسبة ٢٨٪، ليصل إلى ١٣.٥ مليون شخص. ومن المقرر أيضاً أن يبدأ العمل قريبا على إقامة فندق شاهق جديد في الجوار. كما يقال إن مشغل يونيفرسال ستوديوز اليابان يخطط لبناء مدينة ملاهي أخرى في محافظة أوكيناوا، سيما وأنّ النجاح الذي تحقق في أوساكا قد دفع للمضي قُدماً في ذلك وربما يتم البناء على أراضٍ تابعة لحديقة المعارض بأوكيناوا التي تديرها الدولة في موتوبو.

”عالم السحرة هاري بوتر“ الجذاب في يونيفرسال ستوديوز اليابان.

احرص على عودتهم

الآن وقد أكملت طوكيو ديزني لاند عقدها الرابع بعد أن اجتذبت عشرة ملايين زائر في عامها الأول، وأصبحت مصدر الجذب الترفيهي الأكثر شعبية في اليابان منذ ذلك الحين. وتعززت مكانتها المهيمنة في عام ٢٠٠١ مع افتتاح متنزه طوكيو ديزني سي المجاور وفي السنة المالية ٢٠١٤ اجتذب هذان المنتجعان - طوكيو ديزني - حوالي ٣١.٤ مليون زائر و لا تزال المتنزهات تجتذب الحشود بواسطة العروض الماهرة والألعاب الجديدة التي تعزز من صورتها كأماكن ساحرة. عبر تقديم أفلام ذات شعبية وغيرها من استراتيجيات ديزني بشكلٍ مميز وبأسلوب تتسم به ديزني، يكمن في التركيز على تقديم خدماتٍ عالية الجودة، تؤدي إلى عودة الناس مرة أخرى: حيث أن ٩٠٪ من الزبائن هم من الأشخاص الذين يكررون زياراتهم المَرَّة تِلوَ الأُخرى.

حشود من الطراز العالمي

وقد سَجل البعض من المنتزهات الأكثر شعبية في اليابان أعلى أرقام الحضور من أي مكان آخر وذلك. وفقا للتصنيفات التي جمعتها الجمعية المتخصصة في الترفيه، حيث أن ثلاثا من الملاهي الخمس الأكثر جذبا للزوار على مستوى العالم تقع في اليابان.

المصدر: الجمعية المتخصصة في الترفيه

وفي الصين، فإنه من المتوقع أن يتم في الوقت نفسه، افتتاح إضافة جديدة لامبراطورية ديزني في شنغهاي خلال النصف الأول من عام ٢٠١٦. ومن المتوقع أن تكون تلك المنشأة، التي ستشتمل في نهاية المطاف على ثلاثة ملاهي منفصلة، أكبر موقع لديزني في آسيا.

ويجدر القول إنّ المنافسة شديدة في مشهد الملاهي في اليابان، الذي تهيمن عليه مؤسسات ديزني ويونيفرسال ستوديوز سيما وأنّه يمكن أن تكون الاستثمارات الهائلة المطلوبة خانقة، علماً بأنّ عدداً غير قليل من الملاهي يواجه صعوبات مالية. ومع الإشارة مرة أخرى إلى أن بعضها مزدهر حيث حققت هيوس تن بوش انتعاشا مقنعا بدعم من وكالة السفر اليابانية H.I.S.، كما أبلت قرية شيما إسبانيا بلاءً حسنا عن طريق توجيه جاذبيتها الفريدة نحو شريحة مركزة من السوق. من خلال تقديم وترويج بلا هوادة لألعاب جديدة ولمناسبات خاصة ومتميزة، وهكذا تجذب الملاهي الناجحة زوارا جدد جنبا إلى جنب مع الزوار المتكررين بأعداد متزايدة.

قريبا: سنوبي ومومين

وهنالك أيضا نماذج جديدة من المتنزهات التي هي قيد التطوير والإنشاء فمن المقرر افتتاح متحف سنوبي طوكيو في منطقة روبّونغي بالعاصمة في مارس/ آذار ٢٠١٦. وقد صُمم كمعرض مؤقت يتم تشغيله لمدة ٣٠ شهرا، حيث سيؤدي المتحف دوره كأول فرع خارجي لمتحف ومركز أبحاث تشارلز شولتز الشهير في سانتا روزا، كاليفورنيا. ومن المقرر أيضاً في عام ٢٠١٧ افتتاح ملاهي مستوحاة من شخصيات خيالية فنلندية معروفة باسم مومين، التي لها شعبيتها في اليابان، وذلك على شواطئ بحيرة ميازاوا في هانّو، بمحافظة سايتاما. وستكون بذلك أول مدينة مومين ترفيهية خارج فنلندا وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على بناء نسخة يابانية من ليغو لاند في ناغويا، التي ستكون ثاني ملاهي ليغو في آسيا. ويتنبأ مشغل الملاهي الجديدة، المتوقع افتتاحه في ربيع عام ٢٠١٧، بأنه سوف يستقطب ٢ مليون زائر سنويا.

المبيعات والحضور أعلى من أي وقت مضى

وربما يكون معلوما أن مدن الملاهي تمثل إحدى نقاط الضعف في اليابان، لكن رغم ذلك فإنّ أرقام الحضور في منتجع طوكيو ديزني والتي تجاوزت ٣٠ مليون شخص سنويا. تلفت النظر وكذلك عندما جذبت طوكيو ديزني لاند ١٠ ملايين زائر في عامها الأول، نسب الخبراء الفضل إليها في نشوء تأثير اقتصادي تراكمي وصل إلى ١.٥ تريليون ين. وهو الأمر الذي أدى إلى ازدياد أهمية الملف الخاص بصناعة التسلية والترفيه في البلاد بشكل كبير.

ووفقا لمسح أجرته وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، فقد سجلت مدن الملاهي في اليابان مبيعات قُدِّرت بـ ٦٢٨.٩ مليار ين في السنة المالية ٢٠١٤، متخطية بذلك حاجز الـ ٦٠٠ مليار ين للمرة الأولى كما كان رقم المبيعات في عام ٢٠١٤، والذي تخطى إجمالي العام السابق بنسبة ٦.٨٪، هو الأعلى على الإطلاق منذ بدأ المسح السنوي عام ٢٠٠٠.

إلا أنّ الحضور انخفض قليلا في أعقاب زلزال شرق اليابان العظيم عام ٢٠١١ ولكنه انتعش مجددا في العام التالي، ويرتفع بشكل مطرد منذ ذلك الحين، معززا بذلك من دون أدنى شك ظاهرة التدفق المتزايد للسياح من بلدان أخرى. كما تظهر الإحصاءات الحكومية أيضا ارتفاعاتٍ ملحوظة في نسب نفقات الأسر المحلية المخصصة لدخول المتنزهات ومدن الملاهي والمشاركة في الألعاب فيها.

وهكذا فإنَّ لدى مدن الملاهي على ما يبدو، حيث يتسنى للناس الابتعاد عن همومهم اليومية، القدرة على جذب وسحر الزوار من جميع الأعمار القريب منهم والبعيد على السواء.

(النص الأصلي باللغة اليابانية بتاريخ ٢٥ أغسطس/آب ٢٠١٤، إعداد هيئة التحرير في nippon.com. الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: مراسم في منتجع طوكيو ديزني احتفالا بوصول الزائر الـ ٦٠٠ مليون في ١٢ أبريل/ نيسان عام ٢٠١٥. جيجي برس)