اليابان تقترب من إطلاق شبكات الجيل الخامس 5G
اقتصاد علوم تكنولوجيا- English
- 日本語
- 简体字
- 繁體字
- Français
- Español
- العربية
- Русский
طريقة جديدة لمشاهدة الألعاب الرياضية
كمشجع لكرة القدم، يمكنني تخيل كيف ستكون مشاهدة المباريات في صيف عام 2020.
وصل منتخب اليابان لكرة القدم تحت 23 عاماً إلى الدور النهائي من دورة الألعاب الأوليمبية للمرة الأولى في تاريخه. وعلى استاد الملعب الأوليمبي الذي انتهى تشيده قبل بضعة أشهر في شينجوكو بطوكيو امتليء بالمشجعين الحريصين على مؤازرة فريقهم.
وخلافا لمشاهد الملاعب المألوفة اليوم، فعيون المشجعين ليست موجهة صوب أرضية الملعب. حيث تلقى نظرة خاطفة ذهابا وإيابا بين ميدان الملعب وأجهزة الكمبيوتر اللوحية (التابليت) والهواتف الذكية. أمامهم شاشة عالية الوضوح تعرض المباراة في وقتها الفعلي، ولكن زواية الرؤية أو هيئة اللاعبين تختلف حسب الجهاز المستخدم. (وعلى افتراض انخفاض الأسعار، سوف يمكن مشاهدة الفيديوهات بتقنية 4K و8K على التابليت والهواتف الذكية). حيث ستُبث فيديوهات مباشرة متعددة على حسب الاختيارات المفضلة للمستخدمين. فهناك المشجع الذي يفضل اللاعب الذي يسدد، وآخر يفضل حارس المرمى الذي يصد التسديدة، وثالثا يراقب الطيور بأرجاء الميدان.
والمفاجأة الأكبر هي أن الناس خارج الملعب يشاهدون بشكل متزامن بث مباشر لفيديوهات متعددة. وفي مناطق المشاهدة العامة بجميع أنحاء المدينة، يتابع أيضا المشجعين المتجمعين أمام الشاشات العملاقة المباراة من زوايا رؤية مختلفة على أجهزة التابليت والهواتف الذكية وهم يهتفون بحماس
كل ذلك يمكن تحقيقه من خلال تقنية الجيل الخامس للشبكات المحمولة، التي ستمثل المعيار الجديد المرتقب للاتصالات السلكية واللاسلكية.
وبالعودة إلى الواقع الحالي، تتمثل إحدى خصائص الجيل الخامس في القدرة على عرض بث لعدة فيديوهات عالية الوضوح من خلال الشبكات المحمولة الاسلكية التي كانت لا يمكن نقلها في السابق إلا بواسطة البث الفضائي متعدد القنوات.
وفي حين لا يزال يتعين تحديد المواصفات بالتفصيل، يجري العمل حاليا على استكمال المعايير الدولية لخدمة الـ 5G بحلول عام 2020. وهناك توافق في الآراء يرى أن الجيل الخامس سيتجاوز بكثير قدرات شبكات الهواتف النقالة الحالية بحيث سيتمكن من إرسال واستقبال كميات كبيرة من البيانات بسرعات عالية في فترة كمون (فترة استجابة) قصيرة للغاية، حيث ستتاح سرعة اتصال من 10 إلى 100 ضعف أسرع من المعدلات الحالية، وسوف تفتح خدمة الجيل الخامس الباب لبث فيديوهات عالية الوضوح ومعالجة بيانات ضخمة بصورة فورية، وذلك خلافا للهواتف النقالة الحالية التي يكون إرسالها ضعيف في المناطق المزدحمة، حيث ستُمكن خدمة الجيل الخامس من الاتصال الفوري لمليون جهاز في كل كيلومتر مربع.
هذا الابتكار التقني لديه القدرة على القضاء على الحاجز المنيع الذي يفصل بوضوح بين البث الإذاعي القائم على الترددات والاتصالات السلكية واللاسلكية تحت مظلة القوانين الناظمة، والتراخيص المطلوبة، والمشغل. وهناك تخوف من بعض هيئات البث تجاه بدء تشغيل خدمة الجيل الخامس التي ستكون بمثابة مسألة حياة أو موت، حيث ستكشف بالفعل عن أساليب عمل جديدة.
السباق نحو القمة
وضعت إن تي تي دوكومو عينيها على دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو، ولكنها ليست الطامح الوحيد في تسويق خدمات الجيل الخامس. حيث تبذل شراكات الهواتف النقالة الرائدة في العالم مجهودات شرسة وراء الكواليس للظفر بالميدالية الذهبية في كونها أول من يقدم الخدمة التجارية على أرض أوطانهم.
وحاليا هناك سبع شركات عملاقة تخوض غمار هذا السباق: ايه تي أند تي و فيريزون في الولايات المتحدة، كيه تي في كوريا الجنوبية، الثلاثي الصيني المكون من تشاينا موبايل، تشاينا تلكوم، وتشاينا يونيكوم. و إن تي تي في اليابان.
وقد أعلنت شركتا الولايات المتحدة عن خطط لبدء تقديم خدمات الجيل الخامس في جميع أنحاء الولايات المتحدة في وقت مبكر من عام 2018. إلا أن خدمة الجيل الخامس هذه لن تكون شبكة لاسلكية متنقلة. ولكنها ستعتمد على أجهزة لاسلكية ثابتة توضع في المكاتب والمنازل. وبالنسبة للعديد من المنازل اليابانية، فيتم توفير تقنية استخدام النطاق العريض من خلال نقاط اتصال الواي فاي المرتبطة بشبكة من الألياف البصرية. وبما أن الولايات المتحدة لا تملك شبكة واسعة النطاق من الألياف البصرية بسبب اتساع رقعتها جغرافيا، فإنها ستستخدم شبكة لاسلكية عوضا عن ذلك. وبما إنها ليست في الواقع شبكة لاسلكية متنقلة، فإن العديد من المراقبين يستبعدوا هذه الخطط من السباق لتكون أول مشغل لتقنية الجيل الخامس المتنقلة.
وسارعت إن تي تي دوكومو للإعلان عن خطط لبدء التشغيل التجاري لخدمات الجيل الخامس المتنقلة بما يتزامن مع دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو في عام 2020. وتستعد الشركات الصينية الثلاث لاستثمار حوالي 5 تريليون ين من أجل البنية التحتية لتقنية الجيل الخامس بحلول عام 2020، ويتوقع أن تبدأ الخدمات التجارية خلال ذلك الوقت.
ويبدو أن شركة كيه تي الكورية الجنوبية عاقدة العزم على تحقيق المركز الأول عالميا. ولقد اعتمدت مبدئيا نفس الجدول الزمني لـ إن تي تي دوكومو لإطلاق الخدمة، لكنها غيرت فجأة سياستها في مطلع عام 2017 وأعلنت أنها ستبدأ خدمة الجيل الخامس قبل عام واحد من الموعد المحدد ليصبح في 2019. وذكرت صحيفة (كوريا إيكونمك دايلي) أن هذا التغيير جاء متأثرا بالرأي القائل بأنه لا يمكن أن تقبع كوريا خلف اليابان والصين في سباق الجيل الخامس.
وشركة إن تي تي دوكومو لديها أيضا منافسين على المستوى المحلي. فهناك شركة (كي دي دي أي) و شركة (سوفت بانك)، ثاني وثالث أكبر مشغلي شبكات الهواتف النقالة في اليابان، واللتان قد ابدتا اهتمامهما هما الأخريان بتقنية الجيل الخامس.
ويتمسك السيد ناكامورا تاكيهيرو، رئيس المكتب الترويجي لخدمة الجيل الخامس التابع لشركة إن تي تي دوكومو بالموقف العام للشركة المتمثل في إطلاق تقنية اتصالات عالية السرعة والكفاءة في الوقت الذي ستكون الحاجة إليها على أشدها في عام 2020. وستكون مناطق الخدمة بالقرب من مرافق الألعاب الأوليمبية والباراليمبية وعواصم المحافظات وهو أمر أساسي للتنشيط الإقليمي. وفي التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني ومع إعلان شركة نوكيا، الشركة المصنعة الفنلندية لمعدات الاتصالات بتوصلها إلى اتفاق مع إن تي تي دوكومو لتزويدها بالمعدات اللازمة للبنية التحتية لتقنية الجيل الخامس والتي اشارت إلى أن الاستعدادات تجري على قدم وساق. فلن يكون أمرا مستبعدا إذا غيرت إن تي تي دوكومو من استراتيجيتها وأعلنت عن موعد إطلاق في وقت سابق للموعد المحدد حتى لا تتخلف عن منافسيها. وقد يؤدي هذا إلى أن تحد الشركة من مساحة الخدمة المبدأية.
لماذا تريد إن تي تي دوكومو أن تكون في الصدارة؟
لماذا تصر إن تي تي دوكومو على أن تكون أول من يطلق خدمة الجيل الخامس؟
وبصورة متسقة استندت الشركة على قدراتها التكنولوجية المثيرة للإعجاب، والتي يعود تاريخها إلى وقت ما كانت شركة عامة. وقد أخذت الشركة زمام المبادرة في وضع المعايير الدولية وإطلاق الخدمات التجارية للجيل الأول (الهواتف المحمولة التناظرية)، والجيل الثاني (الهواتف المحمولة الرقمية)، والجيل الثالث
(W-CDMA/HSPA). هذه التقنيات الرائدة تراجعت مع وصول الجيل الرابع (LTE-Advanced). حينها كانت أسواق الهواتف المحمولة الضخمة تتطور في الاقتصادات الناشئة في الدول ذات الأعداد السكانية المرتفعة كالصين والهند، في الوقت الذي كان فيه المصنعون اليابانيين يفقدون القدرة التنافسية في كلٍ من البنية التحتية والهواتف النقالة. وقد رأت شركة إن تي تي دوكومو بعدم وجود الحاجة للمخاطرة بعدم الامتثال للمعايير من خلال إطلاق خدمة جديدة قبل تشكيل رأي توافقي، وأقرت بأنه سيكون من الكافي الانضمام إلى المجموعة الرائدة في وقت لاحق.
ومع تقنية الجيل الخامس، تهدف إن تي تي دوكومو مرة أخرى لتكون صاحبة السبق. وبالنظر إلى ازدحام الطيف الترددي المتنبأ به للخدمات اللاسلكية المتنقلة الحالية، قررت إن تي تي دوكومو إعادة الانضمام إلى خضم المعترك لنيل رضا العملاء اليابانيين الذين يفضلون الخدمات المتنقلة الرائدة.
المجالات الواسعة النطاق لخدمات الجيل الخامس
مع بزوغ عصر الذكاء الإصطناعي وإنترنت الأشياء، فإن تقنية الجيل الخامس لديها القدرة على إحداث تغيير كبير في الحياة اليومية وعالم الأعمال بما تتميز به من سرعة ومقدرة فائقة على نقل البيانات والاتصال الواسع النطاق بصورة متزامنة. ولا يتسع المجال هنا للاستفاضة في دراسة كل الإمكانيات التي يمكن أن تحققها تقنية الجيل الخامس، ولكن إحدى المجالات التي يمكن ملاحظة تحولها هو قطاع السيارات، الذي يقف عند نقطة تحول رئيسية منذ 130 عاما عند اختراع محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين.
وأولا فمن المؤكد أن تقنية الجيل الخامس ستُستخدم كثيرا لتوفير المعلومات التي تحتاجها أنظمة مساعدة السائق. ويمكن أن تشمل هذه المعلومات أحدث خرائط الطرق وأماكن الكوارث الطبيعية والحوادث والمعلومات المحيطة عن الأجسام الساقطة على الطرق السريعة والمشاة المجاورين. ويمكن استخدام هذه التقنية أيضا لمواكب السيارات على الطرق السريعة، حيث أن المركبات تتبع تلقائيا السيارة التي تسبقها على هيئة سرب يشكل موكب، أو كرادار للمساعدة على ركن السيارات.
ثانيا، ستوسع تقنية الجيل الخامس من إمكانيات تعقب المركبات المسروقة وتوفير معلومات بشكل موسع عن خدمة مشاركة المركبات (ridesharing) (خدمة لنقل أكثر من راكب في مركبة واحدة).
ثالثا، سوف تتغير الطريقة التي يقضي بها الناس أوقاتهم داخل المركبات. فمع تقنية الاتصالات التي توفرها خدمات الجيل الخامس، سيكون من السهل عقد مؤتمرات عبر الفيديو عالية الجودة والتي يمكنها ربط مئات من المواقع.
رابعا، سوف يصبح من الممكن القيام بعمليات معقدة عن بعد، وهي إمكانيات واعدة ليست فقط لخدمة قيادة المركبات ولكن أيضا للتعامل مع الحوادث التي تقع في المناجم أو مواقع البناء. وقد بدأ تطوير المعدات الطرفية والبرمجيات بجدية في الصناعات ذات الصلة.
وبما أن تقنية الجيل الخامس من المرجح أن تجد نطاقا عريضا من التطبيقات، فيجب إطلاق الخدمات التجارية من قبل الشركات المتنافسة من أجل التقاط والإحتفاظ باللإشارات اللاسلكية المتنقلة التي من المتوقع أن تنمو بسرعة، فضلا عن تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الألعاب الأوليمبية، وعليه فإن هذه الخدمات والتطبيقات الجديدة قد تكون بمثابة عامل محفز لتغيير نمط الحياة اليومية وعالم الأعمال. ويبدو أن التطورات المحيطة بتقنية الجيل الخامس من المرجح أن تتصدر العناوين لبعض الوقت في المستقبل القريب.
نبذة للتعريف بالشركة
إن تي تي دوكومو هي شركة يابانية رائدة في مجال الهواتف النقالة مع حصة في السوق المحلي بنسبة تصل إلى 46٪ (اعتبارا من 30 سبتمبر/ أيلول 2017). وقد حققت أعلى نسبة مشتركين جدد في شركات مشغلي الهواتف المحمولة الثلاثة الكبرى في اليابان في السنوات الثلاثة الماضية. والشركة الحالية كانت في السابق الشركة اليابانية العامة للتلغراف والهاتف. وبعد الخصخصة في عام 1985، وبالتحديد في عام 1992 أصبحت الأعمال المتعلقة بالهواتف النقالة كيانا منفصلا عن الأعمال المتعلقة بالخطوط الأرضية. وقبل الخصخصة كانت أول شركة تطلق خدمات الاتصالات بالهواتف النقالة المزودة بالمركبات في عام 1979. وقد ساهمت إن تي تي دوكومو في انتشار الاتصالات اللاسلكية المتنقلة كما ظهر جليا من خلال إطلاق هاتف i-mode في عام 1999، حيث كان أول هاتف نقال مزود بخدمة الإنترنت في العالم.
(النص الأصلي نشر باللغة اليابانية في 26 يناير/ كانون الثاني 2018. والترجمة من اللغة الإنكليزية. صورة العنوان: رئيس شركة إن تي تي دوكومو السيد يوشيزاوا كوزوهيرو يناقش الخطط المستقبلية لتقنية الجيل الخامس في لقاء للإعلان عن بعض المنتجات الجديدة في مايو الماضي. حقوق النشر: لـ رودريجو رييس مارين/ أفلو)